نساء الجنوب: نصوت للانفصال لنتحرر من العمل كخادمات
حملت عملية التصويت مشاهد درامية مثيرة للدهشة، ففي تمام الساعة الواحدة فجر اليوم الاول مرت سيارة تحمل جنودا من الجيش الشعبي من المكلفين بمهمة تأمين الاقتراع. صادفتهم سيدة متوسطة السن تقف في فناء احد المراكز، نزل رجلان من السيارة وسألاها عن سبب تواجدها في هذا الوقت المتأخر من الليل، فاخبرتهم انها ترغب في ان تكون اول من يدلي بصوته للانفصال.
تمهتن معظم النساء في الجنوب مهنا شاقة، حيث تقع الكثير من اعباء الانفاق في الاسرة على عاتقهن خاصة في الريف. استيلا مثلا بائعة شاي في حوالي الخامسة عشر من العمر لم تزر المدرسة في حياتها، وذلك بسبب الحرب الضروس التي حتمت على اسرتها النزوح الى دول الجوار الافريقي. اقامت الاسرة في يوغندا في احدى ضواحي كمبالا، ثم تمكنوا من العودة الى الجنوب بعد توقيع اتفاقية سلام نيفاشا وكانت استيلا وقتها في التاسعة من العمر. وبما انها من اسرة فقيرة عانت من التشرد قررت العمل للتمكن من مساعدة اسرتها على قضاء حاجات المعيشة.
وعن خيارها أمام صندوق الاقتراع قالت استيلا: \”صوت لأجل الانفصال حتى تتمكن النساء الجنوبيات من التحرر من الخدمة في بيوت الشماليات في الخرطوم وكل مدن الشمال، فنحن منذ تفتحت اعيننا للحياة لم نرى امهاتنا وجداتنا سوى خادمات في المنازل، والان نطمح لأن تعمل الجنوبيات في وظائف حكومية حرمن منها من قبل، وان يصبحن ذوات مناصب كما الشماليات.\”
ويذكر أن 90% من النساء الجنوبيات يعانن من الامية والجهل، وذلك حسب قول مولي موغين، إحدى عضوات اتحاد نساء السودان الجديد، والذي يطالب بمشاركة واسعة للمرأة الجنوبية في السلطة، وتوزيع منصف للموارد. وتشرح مورغين أن الكثير من النساء الجنوبيات يخضعن لعادات الزواج من سن مبكرة قد تكون في الثانية عشرة، وعندها يصبح دورها الاساسي الذي تؤديه هو انجاب الاطفال، اي ان الواحدة منهن عندما تبلغ من العمر 28 عاما ربما يكون لديها 8 اطفال.
أما المحامية الشابة اواي ريبان من النساء الجنوبيات اللوات ينشأن على اعراف مجتمعات اخرى بسبب الحرب والنزوح. تلقت تعليمها في الكونغو ونيجريا، وهما دولتان متقدمان من حيث اوضاع النساء. تقول إن اندفاع النساء الجنوبيات للتصويت بهذه الكثافة المدهشة والحماسة لتقرير المصير جاء نتيجة لحرب دامت 21 عاما متواصلة، ابعدت الازواج عن زواجتهم مما اضطرهن للعمل في المزارع ورعاية قطعان الماشية، ومع عودة هؤلاء الأزواج بعد وضع السلاح من الطبيعي أن تكون هناك المطالب تخص تحسين الأوضاع الاجتماعية. وتضيف ريبان: \”نحن لا نرفض تقاليدا بقدر ما نرغب بالمزيد من الحقوق، ونبذ الضار منها.\”
تصر نساء الجنوب على تنظيم صفوفهن، لاسيما في فترة ما قبل وما بعد الاستفتاء . فنساء ولاية غرب بحر الغزال على سبيل المثال استطعن تقديم مذكرة للوالي يطالبن فيها بمنع تعاطي الخمور ايام الاستفتاء في جميع انحاء الولاية، وذلك لتجنب اي مضايقات قد تحدث اثناء فترات الاقتراع. وبالفعل تمت الاستجابة لمطلبهن، الأمر الذي اعتبرته سيلنيا اكور، احدى حاملات المذكرة، تقدما ملحوظا في نظرة الحكومة للنساء ومطالبهن، وبشرة خير تزرع الأمل في وضع قوانين عامة تحفظ حقوق النساء في الجنوب.