موفد أوباما يُحقق «اختراقاً» بتسوية معظم الخلافات بين طرفي السلام السوداني

حقق الموفد الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن اختراقاً في الأزمة بين شريكي الحكم في البلاد حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، واقترب من تسوية القضايا العالقة في اتفاق السلام التي دفعت الحركة التي تحكم جنوب البلاد إلى تعليق مشاركتها في البرلمان ومقاطعة جلسة مجلس الوزراء السابقة. وينتظر أن يعلن الطرفان توصلهما إلى اتفاق في أي لحظة.

وعقد غرايشن محادثات طويلة مع أطراف الحكم السوداني ونجح بعد اتصالات مكوكية في جمع نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه ونائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن مبعوث الرئيس باراك أوباما نجح في نزع فتيل الأزمة بين طرفي الحكم وتوصل إلى تفاهمات. وأضافت أن حزب المؤتمر الوطني وافق على سن قانون للمشورة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق وقانون آخر لاستفتاء منطقة أبيي بين الانضمام إلى الجنوب أو البقاء في شمال البلاد، بعد أن كان المؤتمر الوطني رافضاً ذلك في السابق. واستمر التفاوض حتى ساعات ظهر أمس لمعالجة الخلاف على نتيجة التعداد السكاني بترجيح واحد من ثلاثة اقتراحات سبق أن تقدم بها طرفا الحكم وغرايشن.

وقال وزير شؤون رئاسة حكومة الجنوب لوكا بيونق إن النقاش بين الشريكين ما زال مستمراً، وتوقع أن يصلا إلى تفاهمات في شأن القضايا العالقة في أي لحظة. وأشار إلى وجود انفتاح في بعض القضايا رفض الإفصاح عنها، مؤكداً أن الطرفين يريدان أن يكون الاتفاق حزمة واحدة في كل القضايا الخلافية التي تشمل الاستفتاء على مصير أبيي والقوانين المرتبطة بالسلام والتحول الديموقراطي والاستفتاء على مصير الجنوب وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ونتائج التعداد السكاني وغيرها من الأمور الخلافية. وبيّن أن روح الرغبة في الوصول إلى تسوية للقضايا العالقة سيطرت على الطرفين.

وذكر بيونق أن الشريكين طرحا في الاجتماعات المشتركة بعض القضايا التي تتعلق بروح العمل والتي رأوا أنها تثير القلق.

إلى ذلك، قالت «حركة تحرير السودان» المتمردة في دارفور برئاسة عبدالواحد محمد نور إنها احتجزت طائرة تابعة للمبعوث الأميركي إلى السودان غرايشن في منطقة دربات في جبل مرة بدارفور لمدة ثلاث ساعات قبل السماح لها بالمغادرة. وكانت الطائرة تحمل وفداً يعتزم التحضير لعقد مؤتمر لتوحيد الحركات المتمردة في منطقة دربات الواقعة في ولاية جنوب دارفور.

وأكد الناطق العسكري للحركة نمر محمد عبدالرحمن أن حركته احتجزت أول من أمس طائرة أميركية تتبع لموفد الرئيس أوباما مدة ثلاث ساعات وأفرجت عنها بعدما تم الاتفاق على عدم عقد المؤتمر في منطقة دربات. وحذّر نمر الإدارة الاميركية من أن مناطق الحركة غير مسموح لأحد بدخولها، بما في ذلك غرايشن، «وإذا أصر على الحضور إلى دربات يتحمل مسؤوليته». وأضاف: «سيتم اعتقال جميع الذين سيحضرون معه لأن دربات منطقة تتبع إلى حركتنا، وبالتالي لن تسمح الحركة بأي تواجد في مناطقها».

وشدد نمر على أن حركته لن تتعامل مع المبعوث الأميركي في مساعيه لتوحيد الفصائل، وترفض عقد المؤتمر في أراضيها، مشيراً إلى أن غرايشن يبذل «جهوداً فارغة ولن يستطيع فرض رأيه على الحركة من أجل الوحدة». ووجه نمر رسالة إلى المجتمع الدولي والإدارة الأميركية بأن غرايشن غير مرغوب فيه، ويعمل لأجندة تخصه و «نحن لن نتعاون معه»، بحسب ما قال الناطق باسم الحركة المتمردة.

كما أعلنت «حركة العدل والمساواة» بدورها رفضها القاطع لـ «عقد أي تجمع أو مؤتمر أو لقاء مشبوه في المناطق والأراضي المحررة التابعة لها سواء كان ذلك في شمال دارفور أو غربها».

واعتبر قائد قوات «حركة العدل و المساواة» سليمان صندل حقار «أي تجمع أو مؤتمر للمجموعات المسماة حركات في أراضيها هو تجمع غير شرعي وضد إرادة أهل دارفور، كما هو عمل عدائي سافر من قبل النظام، إذ إن هذه المجموعات مصنفة لدى حركتنا بأنها عميلة لنظام الخرطوم، كما أنها فاقدة الشرعية ولا تحظى بأي سند جماهيري أو شعبي، وليس لها أي وجود على الأرض، وإلا كانت عقدت المؤتمر المشبوه في المناطق التي تسيطر عليها، ولكن هيهات».

وناشد حقار البعثة الأممية الافريقية المشتركة في دارفور «يوناميد» عدم التدخل في هذا الأمر والحفاظ على حيادها واستقلالها وطالبها بإبلاغه مسبقاً عن تحركاتها البرية والجوية وذلك في «نطاق الأراضي والمناطق المحررة التي تتبع إلى حركة العدل والمساواة»، وذلك «حفاظاً على سلامة أفرادها».

من جهة أخرى، حسم المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الجدل الذي دار خلال الأسابيع الماضية بعدما قلّص الحزب في مؤتمره الأخير عدد نواب الرئيس عمر البشير في الحزب إلى اثنين بدل ستة. واختار المكتب نائب الرئيس علي عثمان محمد طه نائباً له في الحزب للشؤون التنفيذية، ومساعد الرئيس نافع علي نافع نائباً له لشؤون الحزب.

وكانت توقعات برزت عن أن أحد رجلي الحزب القويين وهما طه ونافع سيفقد منصبه الحزبي لمصلحة أحد أبناء جنوب السودان أو غربه لتحقيق توازن جهوي، إذ إن البشير ونائبيه طه ونافع يتحدرون من شمال البلاد.

الخرطوم – النور أحمد النور
الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *