من مُذكرات محمد عبد الله عبد الخالق ( 6 – 20 )

بسم الله الرحمن الرحيم

من مُذكرات محمد عبد الله عبد الخالق ( 6 – 20 )

شاركتُ فى كل الأعمال التى تقوم بها قوات فتح فى هذه المنطقة ، من تدريبات إضافية والمُناورات العسكرية التى يُجمع لها الوحدات العسكرية من جميع كتائب قوات فتح المُختلفة لإختبار مقدرتها وفنونها القتالية .كنت مُنضبطاً فى أداء واجبى حتى لفت إنتباه زُملائى اللذين يكنون لى كل إحترام وتقدير ، لكن هنالك أشياء لفتت إنتباهى بان القضية على أرض الواقع ليست بالمستوى التى يتحدث عنها أجهزة الإعلام المُختلفة ، المُناضلون يتحدثون عن مُعاناتهم الاُسرية وحياتهم الخاصة أكثر من حديثهم عن القضية الفلسطينية ، التى على أساسها نحن موجودون فى المنطقة التى يستهدفها الطيران الإسرائيلى ليلاً ونهاراً ، فى إنتهاك واضح وفاضح للمجال الجوى اللبنانى تُغير فيه على معظم المعسكرات التابعة للفصائل الاُخرى عدا فتح ، نسبة للإتفاقية السرية المُبرمة بين فتح وإسرائيل ، التى تم على أساسها وقف العدائيات بينهما ومن ثم أثمرت إتفاقية اوسلو عام 1993 م .هنالك تناحر وخلافات بين قادة كتائب قوات فتح بصورة مُستمرة تصل أحياناً إلى معارك للاسباب الاتية : – 1 – كل كتيبة عبارة عن تكية لعشيرة معينة مهيمنة عليها إدارياً .2 – الإستقطاب المُتعمد من الكتائب فيما بينها ، حيث يطمع كل قائد كتيبة فى تكبير كومه على حساب الكتيبة الاًخرى .3 – التسابق للحصول على الإمتيازات والتقرب من القيادة العُليا بتونس على حساب الآخرين ، حتى ولو بالوشاية على بعضهم البعض .بعد سبعة أشهر من إلتحاقى بكتيبة أبو جهاد الوزير أوفى قائد الكتيبة بوعده الذى حفزنى به لدراسة الكمبيوتر ، تم إخطارى بذلك رسمياً وتم نقلى من منطقة وادى الليمون إلى رئاسة الكتيبة بمعسكر مِية المِية ، قام المسؤل المالى للكتيبة بإكمال إجراءات قبولى بمعهد اُمبرس لدراسة الكمبيوتر بصيدا .من المواقف الحرجة التى مرت بى أثناء فترة وجودى هنا ، إعتراض مجموعة تابعة لكتيبة الهمشرى لعربتى عند حاجز مستشفى الهمشرى أثناء عودتى من المعهد ، حيث تم نقلى لرئاسة إستخبارات الهمشرى بمعسكر عين الحلوة ، نتيجة لخلاف نشب مع قائد كتيبتى وكتيبة الهمشرى  فى رئاسة قوات فتح ، تم وضعى فى ( زنزانة ) مليئة بالماء فى يوم شتوى بارد ، لكنى إستغليت الجلوس على ( جزمتى ) التى دخلت بها ، لكن فى أقل من ساعة حضر قائد كتيبة الهمشرى وأخرجنى من الحبس مُعتذراً ومُوبخاً أفراده على هذه الفعلة الشنيعة .عند وصولى لمقر إستخبارات كتيبتنا وجدتهم فى حالة إستنفار تام يريدون مهاجمة مكتب قوات الهمشرى وإخراجى بالقوة ، لأنهم عرفوا الموضوع من أحد الاشخاص الذى رأى المشهد كله من البعد أثناء إعتراض عربتى وأخذى بالقوة إلى معسكر عين الحلوة .خلال هذه الفترة التى قضيتها لم نقم بعملية واحدة ضد إسرائيل ، كل العمليات التى تنفذ على الحدود اللبنانية الإسرائيلية كان يقوم بها عناصر تابعين لحزب الله والسبب فى ذلك يرجع للهُدنة المُوقعة بين فتح وإسرائيل لذا تجد المُناضلون هنا فى هّمٍ دائم نتيجة للظروف الصعبة التى يعيشها اُسرهم تحت تاثير العوامل الاتية : -1 – القيود المفروضة عليهم بعدم مُغادرة المُعسكرات وبالذات عناصر فتح المحرومين من الذهاب إلى بيروت التى يسيطر عليها الجيش السورى .2 – عدم مقدرة منظمة الأونروا ( هى إحدى منظمات الامم المتحدة المسئولة عن الفلسطينيين ) من توفير الإحتياجات التى تُلبى طموح ورغبات الشعب الفلسطينى من سكن ، ماكل ،علاج ، تعليم وعمل .3 – ضيق الغرف التى تُخصص للاسر ، وهى غرفة واحدة صغيرة مهما كبرت الاسرة .4 – تدهور صحة البيئة داخل المُخيمات .5 – إطلاق الرصاص بصورة عشوائية داخل المُخيمات من قِبل الشباب المتهورين .6 – الإصطدام داخل المُخيمات بين الفصائل الفلسطينية المُختلفة .7 – إنتشار ظاهرة تعاطى المُخدرات بصورة واسعة داخل المُخيمات .هذه العوامل مُجتمعة أثرت تاثيراً كبيراً فى التكوين النفسى للشباب الفلسطينى ، مما إنعكس سلباً على قضيتهم الاُم ( تحرير فلسطين ) بالإضافة لطول عمر القضية التى قللت من حماس الشباب للإنخراط فى صفوف المُقاومة ، حتى أصبح الكثيرون منهم يعتبرونه مضيعةً للوقت وفتح باب لثراء غيرهم من قادة الكتائب وأقربائهم .بعد عام إمتد من أغسطس 1989 م – 27 / 7 / 1990 م قررت إنهاء تطوعى والرجوع إلى بيروت ومنها إلى إرتريا لمُواصلة الكفاح المُسلح لتحريرها ولكسب المزيد من فنون القتال والحرب ، لانى أحسست بان الديمقراطية هذه المرة لابد لها من الحماية الحقيقية وليست مُجرد مواثيق تكتبها الاحزاب السياسية وتعلقها على الجدران مثل ( مِيثاق الحفاظ على الديمقراطية الذى كُتب عقب إنتفاضة رجب أبريل عام 1985م ) .محمد عبد الله عبد الخالقEmail :[email protected]

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *