من اجل بناء مجتمع متحضر؛ لابد من محاربة العادات والتقاليد الضارة

من اجل بناء مجتمع متحضر؛ لابد من محاربة العادات والتقاليد الضارة
 
لا شك ان الزواج يعتبر من اهم الركائز التي تسهم في نشأة وبناء المجتمعات والشعوب اذ انه يمثل دعامة اساسية للانتاج البشري فلذا من الضرورة بمكان تشجيع الشباب عليه وذلك بمحاربة العادات والتقاليد التي تدفع بالراغبين فيه ولا سيما الشباب الى الامتتناع والعزوف عنه بسبب تكاليفه الباهظة والصرف البذخي في المناسبات التي باتت ظاهرة يجب علينا التصدي لها ومحاربتها بكل الوسائل اسوة بختان الاناث كعادة من العادات الضارة بصحتهن؛ بالرغم من ان لا توجد هنالك احصائية دقيقة ولكن على الارجح 25% في المئة من حالات الوفاة بين النساء اثناء الولادة؛ سببها الختان
 
والعزوف عن الزواج في مجتمعاتنا السودانية كظاهرة باتت تؤرق الكثير من الاسر وتهدد مستقبل الشباب لا يمكن النظر اليها بمعزل عن الاوضاع المعيشية القاسية والصعبة التي تحياها بلادنا منذ عقود خلت والى الان؛ نتيجة لعدم الاستقرار السياسي واستشراء الفوضى والفساد المالي والاداري الذي يتمثل في المحسوبية والقبلية والعنصرية ولا يمكنك الحصول على وظيفة في بعض الدواوين والمؤسسات الحكومية بل حتى المنظمات الانسانية التي دخلت البلاد مؤخرا نتيجة لسياسة دويلة الاقلية الجلابية مالم تنحدر من عرق وقبيلة معينة ولو استوفيت الشروط الاكاديمية والصحية التي تؤهلك لشغلها
 
وبما ان استمرارية الحياة الزوجية مرهونة بالاستقرار المعنوي والمادي فان خلق فرص عمل واجب اخلاقي يتعين على الحكومة مراعاته من اجل بناء مجتمع سليم ومتحضر يشارك بفعالية في عملية التطور الذي ينتظم العالم اليوم؛ حيث لا تزال شعبونا تعتمد على المنح والهبات والتكنلوجيا؛ التى تاتي غالبا من دول اوروبا وامريكا الشمالية في تسيير شئونها بينما اراضينا تحوي الكثير من الكنوز التي لو استغلت بشكل سليم لما كنا اليوم نعاني الفقر والجوع والمرض ولكن قبل كل شئ علينا بتطوير العقل المجتمعي بتحريره من القيود الغيبية والهوس الميتافيزيقي
 
ان الشعوب تستطيع ان تتقدم وتبتكر وتكون منتجة باحترامها للمبادئ الاساسية المنصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يمثل اليوم مرجعية متفق عليها دوليا ونحن ملزمون بها طالما اننا جزء لا يتجزا من المنظومة الدولية فلذا يتعين علينا تطبيق تلك القوانين وانشاء اليات للمراقبة والتقييم بحيث نستطيع عبرها معرفة مكامن الخلل واصلاحه وتحديد القصور مع ضرورة محاسبة من المتسبب فيه لضمان عدم اختراقها لترسيخ مبدأ المحاسبية وسيادة حكم القانون كثقافة تفتقر اليها مجتمعاتنا السودانية
 
ان القبيلة في مجتمعنا السوداني واقع لا يمكن الغاءه او تجاوزه البتة بل يجب الاحتكام اليها في اطار ادارة التنوع ولكن ان توظف من اجل الكسب السياسي الرخيص؛ او الحصول على امتياز بفضلها امر مرفوض جملة وتفصيلا لكونه يؤجج الفتنة ويخلق توترات مما تسبب في عدم الاستقرار الذي يقعد عملية التنمية ويبدد طاقات المجتمع في صراعات داخلية لا طائل منها سوى مزيد من التخلف والجوع والمرض نحن في غنا عنه يكفينا ما نحن فيه الان؛ لذا من الضرورة بمكان اشاعة ثقافة التسامح والاحترام المتبادل عبر تفعيل دور الادارة الاهلية وحصره فقط في هذا الجانب وفصلها تماما عن الدولة اسوة بالدين لترسيخ مبدأ المساواة بين كافة الاعراق والاديان؛ الامر الذي يخلق بيئة صالحة تساعد في النهضة والتقدم والابتكار
 
وحتى نتمكن من العبور ببلادنا ومجتمعاتنا الى بر الامان لابد من اسقاط هذا النظام الجلابي العنصري وتفيكيك دولة الثقافة العربية -الاسلامية الاحادية؛ وعقد مؤتمر دستوري يؤسس لنظام ديموقراطي تعددي يعترف بكل العناصر المكونة للدولة السودانية وهويتها الافريقية بالميلاد؛ يجب التذكير بان ولا اللغة او حتى الدين يمكن ان يتخذا مرجعية في تحديد هوية الفرد او الدولة كما تدعي الاقلية الحاكمة في الخرطوم
 
ابراهيم ابوندولوك
مركز السودان المعاصر للدراسات والانماء
 
يونيه/26/2012ف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *