منابر التسلية الاسبوعية

حسن اسحق
هذه الايام ليس لدي شئ اكتبه سوي الاحداث المريرة التي اتالم منها كل يوم،ولا تحقيق ولا جدية من قبل الحكومة في الخرطوم،وكأن الاغتصابات والقتل اليومي في مناطق الموت،ليس شئ يجعل الاخرين يلتفتون للمصابين في حياتهم،وكل من يتسلق منبر،ويخطب امام الناس،يخدعهم بحجج انه يريد مصلحتهم،وما اجتهاده الا لهم،قد يتسلق كل واحد منهم منبر،في اي يوم من الايام المفتوحة،ويقول ما يشاء وما يحلو له ان يقوله،ويحلو لحزب المؤتمر الوطني سماعه،وكل من يحلق في المنبر،يري انه الوصي علي الاخرين،ينتقدهم ويسبهم ،ان سبب الازمة التي هم فيها ،ابتعادهم عن كذا وكذا ،والغلاء والحرب والهجرة والتشرد والضائقة المعيشية،كل هذا سببه هم ،اي المواطن العادي،والحكومة حمل وديع ،والاغتصاب وقتل المدنيين بالطائرات،والاعتقالات والهجوم ليلا علي داخليات البنات،كل هذا بما قمنا نحن به،وليس هناك من يوجه الي اللوم والانتقاد…
خرج كائن غريب، من غرائب الانقاذ المؤتمر الوطني،هو خطيب القصر الجمهوري،وهذه الصفة وحدها تكفي،ان كان مثل هذا الغريب ليس شخصا محايدا،لكن بامكانه ان يركب موجبة الحياد،وفي القصر يتنعم.مخاطبا المصلين في القصر،ان ملاك الكليات والجامعات الخاصة،هدفهم الاول والاخير جني المال والربح،من دون ان يوفروا البيئة الصالحة للدراسة،وكأن القضايا الحالية وقضايا الساعة في البلاد هي موضوع الكليات والجامعات الخاصة فقط،وليس هناك اشياء تستحق السرد والطرح في المجال العام الموبوء بالاغتصاب الحكومي،والقتل بالطيران اليومي،وسياسة الارض المحروقة،باتباع منهج احمد هاورن مطلوب الجنائية الدولية(اكسح كسح وقشو قش،ما تجيبو حي، لا اسير ولا جريح )…
وهذا هو تصويب خطيب مسجد القصر الجمهوري انتقادات عنيفة إلى الجامعات والكليات الخاصة ووصف ملاكها بالتجار؛ مشدداً على ضرورة مراجعتها وإلزامها بتوفير البيئة الدراسية السليمة للطلاب وقال الخطيب في خطبة أمس الجمعة إن ملاك الكليات لخاصة يكنزون مليارات الجنيهات من الطلاب ولا ينفقون منها شيئاً في تحسين البيئة الدراسية والصحية والمواصفات المطلوبة للتعليم العالي وقال: والله لو الأمر بيدي لأصدرت قراراً بإغلاقها فوراً وأضاف أن آلاف الطلاب من الجنسين تجدهم في مكان ضيق وأنفاسهم في بعض ولا يجدون البيئة السليمة….
ان مثل هؤلاء الخطباء في القصر وكافوري والجامع الكبير ،كلهم من طينة انهم مع امير المؤمنين ،لم يأمر بمعصية،ولا فجور وفسوق وغيره،انهم معه ،ما دام مالك للقوة والبطش والمال،ويحقق لهم مصالحهم في زمن التجارة الدينية المربحة في البلاد ،هم لا يقولون له لا تقتل ، لا تغتصب ، لا تحرق القري ،لا تشرد الابرياء ، وهو من جانبه يوفر لهم كل شئ ،منظمات الاغاثة الاسلامية تدعمهم،وترسل لهم الاموال من دون محاسبة ولا مراجعة،وهذا ما يجعل رجل دين يدعي الخلق والتمسك بمبادئ الاسلام ان يرفض المراجع العام ،حتي لا تنكشف عورته المتسترة بالدين والاكلة باسم الفقراء،والناهبة باسم الكتاب….
ومثل هذا الخطيب كان عليه باعتباره الاقرب الي قلب امير المؤمنين ان يلمح له ان ماحدث في تابت كل الاعراف المحلية والوضعية والمواثيق الدولة لا تقبله،ولا ترفضه،ويطالبه باعتباره الاقرب الي قلبه،ان يقوم بواجبه.لكن المعركة دارت في طريق اخر،بعيدا عن القضايا المهمة والحساسة،واصبحت قضايا الساعة في العالم،وكل المنظمات الدولية تطالب بفتح تحقيق عاجل وضروري، وكشف الجناة المتورطين في جريمة تابت ،وهو يريد ان يقود معركة لوحده من منبر يكفل له حق العلاج والترحيل والسكن والاعاشة وكفالة اولاده،وكل هذا الذي يتنعم به من عرق ضرائب من يموتون في هيباب وتلودي ودلامي ،ويابوس ،شالي الفيل،وفي جنوب طوكر ،والشمال،ودارفور ،وكردفان ، كان عليه ان يتكلم عن مآسيهم ،ويريد ان يتحدث عن ملاك الجامعات والكليات الخاصة،وهل الكليات،عند انشاءها هل كان القصر الجمهوري،لم يكن له علم بها،وانه يجنون اموال طائلة من هذا،والبيئة الجامعية ليست مهيأة للدراسة،ان اصحاب هؤلاء الكليات،هم اصحاب اموال،وصاحب هو قريب للحكومة،وهي من صدقت له بناء الكلية او الجامعة،كان عليه ان يصوب سهامه الي امير القصر باعتباره هو المسؤول الاول عن الفوضي التعليمية. ..
وهذا كهذا نوع من الهاء الناس عن الاوضاع الجارية في كل من الامن والاستقرار والسلام والاكل والشرب،وايقاف الحرب ،والاغتصاب والقتل اليومي للاطفال،كان علي رواد المنابر ان ينتبهوا ان الناس الذين يقتلون كل يوم يجب عليهم تذكير ذلك الحاكم بشناعة جرمهم ،وإخبار الناس عن الجرائم،بدلا من الحديث عن بشار الاسد الذي قتل السنة علي حساب الشيعة،وغزة والانتصار علي اسرائيل،فبشار ليس في دمشق وحده انه معنا في الخرطوم. ..
كل رجال الدين الذين تدفع لهم الدولة مرتبات من ضرائب مزارعي الجزيرة،والنيل الابيض ،واصحاب مزارع النخيل في كل مكان .انتم تدفعون لهم،وهم يسايرون الحكومة عندما تقتل يجدون لها المبرر،وعندما تغتصب يصمتون جميعا،وعندما يقتل الاطفال في دلامي لا تجد لهم صوتا،وعندما يموت الناس بالجوع في شرق السودان،يتحدثون عن ان الاسلام مستهدف،عندما مات الناس في كجبار وطرد المناصير ،تجدهم يتحدثون عن ان اسرائيل تريد تهويد القدس،انهم يستهلكون زمن البسطاء في المنابر،ويخدعونهم من هذه المنابر،ويكذبون عليهم ايضا ،وعندما مات الناس في هبة سبتمبر،اين كانوا هم ؟.
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *