حاوره: فتح الرحمن شبارقة..تصوير: شالكا
تزامن موعد حواري مع مبارك الفاضل -ظهيرة الثلاثاء الماضي- مع مؤتمر صحفي للرجل عقده بمنزله بشارع البلدية للحديث عن عدم شرعية الحكومة، ولما لم يترك الفاضل جنباً من الشرعية للحكومة لتتكيء عليه، فقد تجاوزنا هذه القضية الى ما سواها، ودلفنا عقب ذلك المؤتمر لطرح تساؤلات مباشرة عن ملتقي جوبا الذى يرأس لجنته التحضيرية ، وعن علاقته مع حزب الامة القومي، ورؤيته للاتفاق الذي وقعه السيد الصادق المهدي مع حركة العدل والمساواة. لم يخلُ بعضها من إتهامية ماضوية، وربما استفزاز. ولكن الفاضل وضع عقب كل علامة استفهام ما تتطلب من إجابات، وترك بعدها متسعاً لوضع علامات التعجب وربما الإعجاب، فإلى مضابط الحوار:
—
* إلى أين وصلت الترتيبات لعقد مؤتمر جوبا؟
– الترتيبات من حيث الرؤى والأوراق اكتملت.
* ما هي أبرز الأجندة المطروحة في الملتقى؟
– اتفقنا على ستة محاور، محور السلام والأمن والوحدة، محور التحول الديمقراطي، محور السلام الاجتماعي والأمن القبلي، محور دارفور، محور المصالحة الوطنية والعدالة، ومحور علاقات السودان الخارجية، ونحن اتفقنا على كل هذه المحاور وانبثقت عنها حوالى «9» أوراق عمل ستناقش في الملتقى للتوصل الى رؤى حولها بين القوى السياسية وتشكل برنامجاً.
* وصفت انعقاد الملتقى في جوبا بأنه نقلة نوعية ونفسية.. الى أي مدى يمكن ان يكون الإشكال النفسي واقعاً في صراعكم كقوى سياسية مع المؤتمر الوطني؟
– أعتقد انه إذا كانت هنالك مشكلة فهي من طرف المؤتمر الوطني، فدائماً تخلق نزعته للإحتكار والانفراد تنافراً عند الاطراف الأخرى، وأنا شخصياً في تناولي للقضايا لا أتأثر بردة الفعل، وأحاول أن أتجاوز الجانب النفسي الى الجانب الموضوعي في القضايا، لكن بدون شك الطريقة التي يتناول بها المؤتمر الوطني القضايا ويتصرف بها مع الآخرين يترك عندهم مردوداً نفسياً سالباً، وحتى على مستوى الأشخاص إذا أنت تعاليت على زميلك وحاولت تسفيه رأيه فإن موقفه سيكون عدائياً تجاهك.
* وماذا بشأن الجنوب؟
– بالنسبة لمجمل العلاقة بين الشمال والجنوب، فدائماً كان ينظر الى الجنوب بصورة دونية ويحمل في إطار السودان دون أن يؤخذ في الاعتبار وضعه الثقافي والسياسي، والآن إذا رجع الناس الى الجنوب ليجدوا الحلول للقضايا السودانية القومية، فإن في هذا رد اعتبار للجنوب والجنوبيين واعتراف بأنهم بدأوا يتبوأون مكانتهم في الساحة السياسية ويلعبون دوراً أساسياً في إيجاد مخارج لأزمات البلاد.
* هناك اعتراضات على رئاستك للجنة التحضيرية لملتقى جوبا؟
– عندما سميت لهذا الوضع، كان ذلك في اجتماع رؤساء الاحزاب في دار المؤتمر الشعبي، وحصل الترشيح والتثنية وإجماع على ذلك.
* هل كان حزب الأمة القومي وقتها ضمن الأحزاب التي أجمعت على ترشيحك؟
– نعم، كان هناك تمثيل من اللواء فضل الله برمة ناصر، والاستاذ علي قيلوب والدكتورة مريم الصادق.
* ولكن الدكتورة مريم كان لها اعتراض واضح على رئاستك للجنة؟
– عندما جاء اجتماع السكرتارية لاختيار اللجنة حصل أيضاً إجماع وقرروا أن يضيفوا لي لجنة كانت قائمة أصلاً للتحضير للملتقى، طالبت الدكتورة مريم بأن تُضاف الى اللجنة فهي لم تكن ضمنها، وبعد نقاش أضيفت، وعقدت اللجنة اجتماعاتها، وجاءت د. مريم برؤية للأجندة مخالفة لرأي الجماعة، والجماعة رفضت اجندتها وأقرت أجندة مختلفة عن الرؤية التي قدمتها، وهي في النهاية قبلت، وكلفت بتحضير الأوراق، لكنها رجعت فيما بعد وأثارت هذه القضية في اجتماعات السكرتارية ومع القوى السياسية فهي حاولت أن تنقل قضية داخلية في إطار التنافس على قيادة حزب الأمة، ولكن التحالف قال لهم: هذه قضية داخلية لا علاقة لنا بها وإذا نحن قبلنا رأي أي طرف في الطرف الآخر فلن يكون لدينا تحالف، لأن هناك احزاباً كثيرة حدث فيها انقسام.
* هل لديك إحساس بأنك رجل محسود سياسياً؟
– الغيرة السياسية موجودة طبعاً، لأن الشعور بأن هناك مساحة كاملة كان يحتلها حزب الأمة القومي أصبح يحتلها حزب الأمة الذي نقوده نحن.
* الى أين انتهى اعتراض حزب الأمة القومي على رئاستك للجنة؟
-حصل تراجع من حزب الأمة القومي في إطار التنافس السياسي وتم تجاوز هذا الأمر وهم الآن يشاركون في اللجنة بصورة عادية لأن التحالف رفض الخوض في هذه القضية من حيث المبدأ.
* بعض الناظرين الى تاريخ مبارك الفاضل لا يتفاءلون كثيراً بنجاح ملتقى جوبا الذي ترتب له؟
– بشيء من الغضب قال:
ليه؟ تاريخي مالو؟
* يشير تاريخك الى أنك شخصية خلافية وبأنك السبب الرئىسي في حالة الاحتضار التي عاشها التجمع منذ أن سحبت منه حزب الأمة وعملت على شرذمته و..؟
– قاطعني –
– هذه مسألة مبالغ فيها وفيها تجني، لأنه إذا كان هنالك فضل لشخص في جمع صف المعارضة شمال وجنوب لنظام الإنقاذ لأول مرة في تاريخ السودان فيرجع لي لأنني لعبت دوراً أساسياً في ذلك. وإقراراً بالدور الذي لعبته لم يرشحني حزب الأمة للتجمع، فقد رشحني الحزب الشيوعي وثنتني القيادة الشرعية وقد كان ذلك مفاجئاً لي، وتم اختياري بالإجماع، فأنا واصلت عملي ولعبت دوراً أساسياً في دفع قضية المعارضة بالخارج.
* ولكنك تحاول فيما يبدو إنكار أن لك يداً في الإسهام في تفتيت التجمع؟
– المشاكل التي حدثت في التجمع لا علاقة لها بي أنا.
* لها علاقة بمن إذن؟
– لها علاقة بخلافات تاريخية بين القادة، وبمنافسات بينهم وبتناقضات حدثت في الرؤى السياسية. يعني مثلاً حزب الأمة تبنى الحل السلمي الديمقراطي من جنيف وجيبوتي، وآخرون كانوا يرون الاستمرار في المواجهة فحصل تناقض ما مسؤول منو أنا.
* برأيك من المسؤول عن ذلك التناقض؟
– مسؤول منه الخط الذي أخذه حزب الأمة.
* ملتقى جوبا هل يمكن ان يكون بعثاً جديداً للتجمع؟
– يمكن ان تقول ملتقى جوبا هو «أسمرا تو» وممكن تقول إنه إحياء لمؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية وتطوير هذا الالتقاء حول قضايا وبرنامج تطويره الى أرض الواقع والتطورات السياسية التي حدثت من 1995 الى 2009م، فيمكن ان ينقلنا الملتقى نقلة كبيرة جداً الى مرحلة جديدة ويخلق ديناميكية تفرض نفسها على الساحة.
* يبدو أنك تتعمد غض الطرف عن «14» سنة فاصلة بين «أسمرا ون» و«أسمرا تو» مرت فيها الكثير من المياه تحت الجسر ووقعت فيه الحركة على اتفاقية مع المؤتمر الوطني ما زالت ملتزمة بإنفاذها رغم تقاربها أخيراً مع القوى السياسية؟
– إذا تم تنفيذ الاتفاقية، ما في مشكلة، ولن تكون هنالك حاجة الى ملتقيات، فالإتفاقية غير المكاسب التي حققتها للجنوبيين جاءت بمكاسب قومية منها إنهاء الحكم الشمولي وتحقيق تحول ديمقراطي عبر انتخابات ودستور ديمقراطي وفر الحقوق والحريات، وأصلاً إذا تم تنفيذ الإتفاقية من جانب المؤتمر الوطني فلا يوجد إشكال وسنرفع قباعتنا وعممنا إحتراماً له.
* القائمة النهائية للأحزاب المشاركة في الملتقى هل أجيزت؟
– لم تُجز بعد، ولكن طبعاً أحزاب التحالف ستشارك والحركة الشعبية سيكون لديها رأي لدعوة جهات اخرى.
* مثل من؟
– جبهة الشرق، حركة تحرير السودان برئاسة مناوي وقوى أخرى مشاركة في الحكومة يمكن ان يكون هناك رأي بدعوتها.
* ما الذي حدث في موضوع إتفاق الاحزاب المعارضة على مرشح واحد ضد الرئيس البشير في الانتخابات المقبلة؟
– هنالك أفكار طرحت، ولكنها حتى الآن لم تناقش هذه القضية ولم يتم الإتفاق، فهناك أحزاب ترى أنها تريد أن تدخل الانتخابات منفردة، واخرى ترى ضرورة التحالف ونحن لم نصل هذه القضية بعد، ونحن الآن نتحدث عن البرنامج، فإذا وصلنا الى برنامج سيسهل الإتفاق على الآليات.
* ما هي أبرز العقبات التي تقف في طريق إتفاق أحزاب المعارضة على برنامج موحد؟
– العقبة الآن، أن الأسس والأرضية للتحول الديمقراطي لم توضع، وأنا في تقديري إذا أزيلت هذه العقبة فالمؤتمر الوطني ممكن يكون جزءاً من التركيبة وما في داعي يتحالفوا ضده، لكن إذا المؤتمر الوطني قال أنا ما بديكم حقوقكم والناس عايزة حقوقها طبيعي جداً أن يتكتل الناس ضده.
* ألا تعتقد بأن فكرة الإتفاق على مرشح واحد للمعارضة غارقة في الرومانسية السياسية؟
– أصلاً، حتكون في دورتين في انتخابات الرئاسة، والمتوقع ان لا يحقق أي مرشح في الدورة الأولى الأغلبية المطلوبة، وأنا في تقديري سيترشح ناس لديهم قيمة وسند سياسي واجتماعي وحيترشحوا «ناس ساكت» في الجولة الأولى، وفي النهاية ستفرز الجولة مرشحين،والمرحلة الثانية يمكن تشهد الاتفاق على مرشح بعد تصفية المنافسة على اثنين.
* السيد مبارك الفاضل هل سيكون ضمن المرشحين للرئاسة؟
– والله أنا الى الآن على المستوى الشخصي لم أقرر ذلك، لكن على مستوى الحزب، فإنه أخذ قراراً في المؤتمر العام بترشيحي كرئيس للحزب للإنتخابات.
* في تحقيق صحفي أجرته «الرأي العام» تبين أن هناك أزمة حقيقية في اتفاق المعارضة على مرشح يمكن ان يكون مقنعاً لدى الجميع وله حظوظ وافرة للفوز؟
– السودانيون عموماً لا يحبون الاتفاق على الشخصيات القوية. ودائماً يحبون الاتفاق على الشخصيات الضعيفة، وهذه طبيعتهم وحدث ذلك في 1964م و1985م، لكن أنا في تقديري أن الظروف السياسية تغيرت، فجيل الستينيات كله ستواجهه مشكلة للترشح في الإنتخابات، وبدون شك جزء منه سيبتعد عن المنافسة وسيفكر جزء منه في المنافسة ولكن ستواجهه مشكلة أجيال، والآن أغلبية السكان أقل من«40» سنة. ثانياً في تقديري المعطيات الحاكمة غير مرتبطة فقط بالقوى السياسية الشمالية، فأنا أعتقد أن الجنوب سيكون عاملاً مهماً جداً، فالذي يريد أن يجد إجماعاً لابد أن يبدأ بسند سياسي واجتماعي قوي في الشمال ويستطيع ان ينافس في الدورة الأولى ويستطيع ان يحوز على تأييد الجنوب إذا لم يكن في الجولة الأولى ففي الجولة الثانية باعتباره خيار المرشحين.
* هل تتوقع ترشيح سلفا كير للإنتخابات المقبلة؟
– وارد، وإذا ترشح فنحن نؤيده لأننا نريد كسر القاعدة القديمة الموجودة وتأمين وحدة البلد.
* هنالك تسريبات صحفية عن ترشيح الحركة لمشار؟
– أنا أتصور أنه من الصعب أن ترشح الحركة في ظل التوازنات القبلية في الجنوب غير رئىسها.
* هل سمعت بالشائعة التي تقول إن الحركة تزمع ترشيحك في الانتخابات المقبلة؟
– لا، لم أسمع بذلك.
* دعنا نفترض صدقية هذه الشائعة؟
– مثلما قلت لك، أنا حزبي أخذ قراراً بترشيحي، وأنا لم آخذ قراراً نهائياً، وهذا يعتمد على تقييم الأوضاع وقتها.
* إذا مضت الأمور على ما هي عليه الآن؟
– طبعاً إذا كنت أنا أصلاً مترشحاً وجاييني دعم من قوى جنوبية مؤثرة مثل الحركة فإن هذا سيكون محل ترحيب.
* من يجلس على مقاعد الترشيح للرئاسة برأيك؟
– نتوقع ترشيحاً من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومن حزب الأمة القومي ومن الجنوب ومن اليسار.
* هل تتوقع أن يترشح مولانا محمد عثمان الميرغني؟
– وارد.
* وإن لم يفعل من سيترشح من الاتحادي؟
– أحد أبنائه.
* من حزب الأمة القومي؟
– السيد الصادق المهدي.
* وإن لم يفعل، هنالك تسريبات لاسم مريم الصادق المهدي؟
– لا، لا، مريم ما زال أمامها الكثير، فهي لديها قدرات وحس سياسي كويس لكن تقاليد حزب الأمة تجعل من الصعب الدفع بامرأة في قيادته، ثم إنها الآن تنهل من أنها ابنة الصادق المهدي ووجودها قائم في أنها ابنة الصادق وليس لأنها مريم التي أثبتت وجوداً في الساحة السياسية. فالمطلوب من كل شخص أن يثبت كسبه الشخصي ثم يرتقي بعد ذلك لمراتب القيادة ولكن لا يمكن أن يرتقي على أكتاف أبيه.
* من تتوقع أن يكون مرشح اليسار؟
– نقد كنوع من التمثيل وحفظ الأصوات ويمكن أن ينسحب في الدورة الثانية.
* وإن اعتذر نقد؟
– ممكن اليسار يتفق على شخصية لها ملامح قومية يسارية يتفق على ترشيحها، وقد ورد اسم الأستاذ محجوب محمد صالح في دوائر اليسار كشخصية محايدة تمثل اليسار في الترشيح لرئاسة الجمهورية.
* مبارك الفاضل متهم بالاستقواء بالحركة الشعبية من أجل قضاء مصالح آنية وتصفية حسابات شخصية مع ابن عمك الصادق المهدي؟
– الأجندة المطروحة هي المحاور التي ذكرتها لكم، وهذه فيها مآرب وطنية تخرج السودان من أزمة الحكم الحالية وليس فيها مآرب شخصية.
* لكن الأجندة الشخصية في الغالب لا تطرح في الهواء الطلق؟
– أي عمل ناجح يكون له مردود على أصحابه، وليس أنا وحدي. فإذا نجح ملتقى جوبا فالمعارضة ستجيئها علامات إضافية في صالحها لأنها أنجحت المؤتمر، وأين القضايا الشخصية هنا؟، فمؤتمر جوبا لن ينتخب زول لي حاجة وإنما المطلو ب منه أن يتوصل لبرنامج وطني يحل مشاكل البلد.
* عبد الله مسار يقول إنك لا تحرص على العلاقات حتى في الإطار الأسري، دعك من لم شمل الأحزاب على برنامج موحد كما تزعمون في ملتقي جوبا؟
– لا أعتقد أن هذا تقدير صادق لأن التواصل الأسري بيني وبين السيد الصادق المهدي قائم واليوم كان معاي في البيت، والأخ عبد الله مسار نفسه عندما توفى والده أنا اتصلت به في الفردوس وعزيته هو وإخوانه، فأي واجب يحدث ما قاعدين نقصر فيهو والأخ مسار يمكن أن يقول ما يشاء فهو يعتبر إن ترقيته داخل الإنقاذ وكسبه فيها يقوم على مناهضته لنا فنحن سامحين له وإذا كان بمثل هذا الحديث يزيد نقاطه لدى الإنقاذ فنحن قابلين بأن يصعد على أكتافنا.
* هو يقول كذلك إنك بمثل هذه التصرفات خربت التجمع وشيعته الى مثواه الأخير؟
– الأخ مسار أصلاً لا علاقة له بالتجمع ولم يعاصر هذه الفترة، وهو جاء لحزب الأمة من خلفية اتحاد اشتراكي وعندما جاء معانا في الإصلاح أنا أشكره لصراحته ووضوحه فعندما جئنا لنحلفه القسم، قال لنا، يا جماعة أنا بحلف بشرط «لو لقيت حاجة أحسن منكم بفوت» فلذلك هو يبحث عن الأفضل وليس عن المبدأ، وإذا هو بفتكر أن مبارك الفاضل خصم للإنقاذ وبالإساءة لي تعطيه الإنقاذ شرايط ودبابير زيادة فنحن سعيدون جداً أن يترقى مسار من شاويش الى ضابط.
* هل يعاني السيد مبارك الفاضل من عزلة؟
عدل جلسته ثم تساءل:
– عزلة اجتماعية أم سياسية؟
* أي منها؟
– ما أعتقد أننا عندنا أية عزلة، فمنذ أن خرجنا من الحكومة شغالين مع القوى السياسية ومع تحالف المعارضة وعلاقاتنا الإقليمية والدولية قائمة ومتواصلة.
* من الملاحظ أنك أصبحت قليل السفر الى الخارج الذي يمثل أحد مصادر قوتك؟
– لكن الخارج أصبح قاعد معانا هنا، والآن المسؤولون الغربيون كلهم قاعدين يجونا هنا وسفاراتهم موجودة ، فأنا لا أسافر إلا في ظروف اضطرار للسفر، والسفر ليس دائماً هو دليل على نشاط.
* للسيد الصادق المهدي حديث هنا فهو يقول إن التحركات الأخيرة لك مردها إحساسك بعزلة جعلتك تفكر حتى في الانضمام للحركة الشعبية؟
– هذا الكلام يجئ في إطار التنافس على قاعدة وقيادة حزب الأمة، فأنا إذا عايز أترك حزب الأمة وانضم لجهة ثانية فمن سيبقى من حزب الأمة تاني؟ أنا شخصية مؤسِسة في حزب الأمة القائم الآن، وأعتبر قيادة أساسية في الحزب ومنافس على قيادته فكيف أكون عايز أنضم لجهة ثانية؟ فالإنسان يقوى أمام حلفائه بما لديه وليس بما لديهم، أنا جاي من سند سياسي واجتماعي قوي وأوظف هذا السند في بناء علاقات، وأنا الآن إذا ذهبت للحركة كفرد فسأقف في الصف مثل أي عضو آخر، لكن إذا تعاملت معها من منطلق قيادتي لحزب الأمة سيكون لهذا قيمة أكبر فالمنطق يقول إن هذا كلام مكايدة سياسية فقط.
*لديك تواصل اجتماعي مع القيادات التي انسلخت عنك «الزهاوي ومسار» مثلاً، ولكنه لا يفضي الى تفاهمات سياسية؟
– الظروف الموضوعية غير مواتية، فبالنسبة للإخوة في الحكومة لم يختاورهما بسبب خلاف حول مبدأ، فهم اختاروا هذا الوضع لأشخاصهم باعتبار أن هذا الوضع يناسبهم لذلك معظمهم الآن لا يتحدث في السياسة ويتحاشى إعلان مواقف صريحة في القضايا السياسية ويتخذ من الوضع السياسي هذا وظيفة وإذا لم ينتف هذا الوضع موضوعياً لن يكون هناك تلاقي لأننا ننطلق من موقف مبدئي سياسي وهم ينطلقون من موقف شخصي.
* تحدثت كثيراً عن المبدئية مع أن البعض ينظر الى مواقف مبارك الفاضل باعتبارها مواقف ثلجية سرعان ما تذوب عندما تسطع عليها الشمس؟
– الفيصل في هذا تاريخ الزول السياسي، فعندما قام النظام كنت مصنفاً جبهة إسلامية لأني كنت رئيساً للجنة التي فاوضت الجبهة الإسلامية وأدخلتها الحكومة عندما حدث الإنقلاب كان الشئ الطبيعي إذا أنا كنت غير مبدئي أن اجىء مع الناس المحسوب عليهم واستلموا السلطة في وضع كبير ولكني غامرت وطلعت بالصحراء.. وإذا لم أكن مبدئياً كنت أكون الى الآن في السلطة وأنوّم موقفي السياسي مثل كثيرين.
* لكن البعض عدّ خروجك ذاك هروباً من السجن وجبناً من المواجهة، فأين المبدئية هنا وأنت كنت وزيراً للداخلية ولم تسجل موقفاً في حماية النظام الديمقراطي؟
– هل الشجاعة في أن تسلم نفسك لخصمك أم تغامر بالخروج من البلد رغم أنفه ثم تؤسس المعارضة ضده؟
* دعنا ننتقل الى محور آخر، برأيك ما الذي يستفيده السيد الصادق المهدي من توقيعه لاتفاق مع حركة العدل والمساواة؟
– السيد الصادق المهدي صاحب دعوة لإجماع وطني وواحدة من المشاكل التي تؤخذ عليه أنه يجنح الى جمع المتناقضات، فما تم لا يرقى لمستوى الاتفاق وإنما مذكرة تفاهم، الجديد في الأمر أنه تم مع حركة العدل والمساواة بعد إدانته لهجومها على أمدرمان وهذه فضيلة تحسب له لأن هذا الموقف حسب ضده وسبب له مشكلة في القاعدة وأراد أن يصحح هذا الوضع، والشئ الجديد الوحيد تغير موقفه المتناقض من الجنائية حيث أكد عدم الإفلات من العقوبة دون أن يستثني من ذلك أحداً هذه المرة.
* ما هي الأسباب التي ربما حملت الصادق للإقدام على هذه الخطوة؟
– هذا الموقف منطلق من حالة رد فعل ويأس من المؤتمر الوطني الذي دخل معه في اتفاق ولم ينجزه، وقد كانت له تصورات لهذا الاتفاق لم تحدث، وتعبر عن يأسه من هذه التصورات والتقديرات التي مضى فيها.
* ما الذي يخسره السيد الصادق المهدي من توقيعه مع خليل؟
– أنا بفتكر أنه سيكسب الخروج من مستنقع المؤتمر الوطني الذي كلفه الكثير بدون ثمن.
* كيف توصف الحالة الصحية للتراضي بعد التوقيع؟
– التراضي مات باعتراف أصحابه، فهو كان قائماً على افتراضات غير موجودة، وإذا كان السيد الصادق استفاد من تجربتنا ونحن عملنا تقريراً عنها وسلمنا الصادق وقيادات الأحزاب نسخة منها ما كان دخل في هذا المطب، فالتراضي لم يأت بثمن الحبر الذي كُتب به.
* نهاية التراضي هل تقربكم من السيد الصادق المهدي أم تبعدكم؟
– أنا أفتكر انها تقربنا لأن التراضي عندما جاء نسف الوحدة وانهياره يوحد الموقف السياسي ويبقى الاتفاق على الموقف التنظيمي وأحدثت تفاعلات في حزب الأمة بعد المؤتمر السابع جعلت الظروف كلها مواتية للوحدة.
* هل تتوقع أن تتم الوحدة بينكم والسيد الصادق في موسم الانتخابات المقبلة؟
– الإنتخابات طبعاً عامل ضاغط.
* بشكل محدد ما هي أبرز العقبات في طريق الوحدة بعد هذه اللهجة الجديدة؟
– تجاوز الحاجز النفسي.
* الحاجز النفسي من جانبك أم من جانب الصادق؟
– من جانب الصادق أنا ما عندي حاجز نفسي.
* كأنك تريد أن تقول إن السبب أصبح نفسياً وغير موضوعي؟
– نعم.
الرأي العام