مضاربات إسلامويي الحكم و" إستحقاق" سقوط المشروع الإسلاموي سودانيا

مضاربات إسلامويي الحكم  و” إستحقاق” سقوط المشروع الإسلاموي سودانيا
محجوب حسين
خلال الآونة الأخيرة نشطت و بشكل غير مألوف مضاربات إسلامويي الخرطوم، فكانت المضاربة مرة في السودان الدولة ومرة أخري في الشعب لحسم الصراع حول منافع و مزايا السلطة السودانية إلا نفر منهم ،هؤلاء المضاربون الإسلامويون يتشكلون في فرع ثانوي من إسلامويين ناقميين و هامشيين و مهمشيين- حسب المسافة من السلطة و درجة ما من العرق و الجهة و حجم المال و المراجعة الفكرية و السياسية – و في فرع أساسي ملازم له من حاكمين و صف من الإنتحاريين هواة للقتل المستمر و حماة للحكم والحاكمين طوال ربع قرن إلا قليل عبر وقائع و مشاهد مسجلة و مفصلة و بشكل ممل لتقنية إنتهاك الإنسانية السودانية، هؤلاء أو – الوجه الآخر لعملة المضاربة- عرفوا أنفسهم مؤخرا ب” الإصلاحيين أو المجاهدين” دون تحديد ماهية ” وحي” الإصلاح الإسلاموي الجديد و أسسه الفكرية و منطلقاته ؟! و ما مشروعية من يطرحه؟! و لمن يتوجه به ؟!وهل من شرعية أخلاقية لذلك؟!، علما أنهم ما فتئوا يزعمون- جميعهم- علي المستوي السياسي و الإنساني و الشخصي إحتكار كل قيم الدين و ناصية الأخلاق و في أعلي درجاتها دون سند أو مثال أو ما يؤشر علي ذلك إن فحصنا الحقائق بالجملة أو القطاعي . هذه المضاربة السياسية و التي جاءت علي خلفية ما سمي” بمؤتمر الحركة الإسلامية”أو بالأحري مؤتمر التجار الإسلامويين لمناقشة أسعار البورصة الإسلاموية و الأتاوات و الجزية….. إلخ من التقنيات الجديدة للفساد لإستكمال شكل السرقة الإسلاموية الموصوفة و المسنودة بتبرير ديني كشأن التعذيب، هذا الإختلاف حول فائض قيمة الغنائم السودانية أدي إلي ما عرف ب” المحاولة التخريبية”أوالإنقلابية لتستأثر فئة إصلاحية أخري حاكمة عمليا ، هكذا ، الأمرين شكلا في ذات الوقت و في حدثين مجتمعين و مرتبطين مجالا جيدا لنشر بعض من الغسيل السياسي و الإقتصادي و المالي ، ايضا مع بعض من السياج الأمني و الحربي الوثيق الصلة بالحركة الإسلاموية و الحكم الإنقاذي المرتبط بمرجعية الأولي والتي عرفت نفسها و مع سبق الإصرار و الترصد و مع التمادي ب”الإسلامية” أو قل الربوية كما يذهب كاتب. و هذا معناه إنه عقل يرتكز علي توظيف” المقدس” لغاية الفائدة الربحية جاءت في الإقتصاد أو السياسية أو الحرب أو حتي العلاقات الإنسانية. إن العقل الإسلاموي السوداني هو عقل قائم علي إلغاء الإنسان بل ضده و ليس له علاقة بالسماء- علي الأقل في الحالة السودانية – وهو معطي لا يحتاج منا أن ندخل في عمق نقد التجربة ولا كرنولوجيا الأحداث و الوقائع و شواهدها و مشخصاتها والتي أصبحت معروفة و معلومة للخارج و الداخل الواقع رهن الإعتقال من طرف تيار الحكم و حراسه الإنتحاريين الطامحين و في طموح غير شرعي لإنتاج دكتاتورية إسلاموية جديدة يقودها ما عرفوا” بالوطنيين” الإنتحاريين أو الإصلاحيين الوطنيين علي إعتبار أن الحاكمين في الوجه المقابل لذلك أعداء و مرتزقة أو لا وطنيين أو لك ما تسميه ما شئت ، في حين المؤكد أن جميعهم عمد علي تشويه كل الأجندة الوطنية بل قام بتحويلها لأجندة تخدم السحنة و العرق و الجهة و المال و القتل و الحرب و الفساد و الإستبداد و الإقصاء . و بموازاة مع ذلك دعونا نطرح سؤالا برئيا- مع إستثناء نفر الحاكمين و قوم الإنتحاريين و أولئك الطامحين للحصول علي شيء ما من خلال لعبة الإنهيار فضلا عن فئة الجمع بالمال و هم كثر – هل هناك سودانيا في الغرب الكبير الذي يعاني من إبادة إسلاموية ممنهجة أو الشرق الذي ترك في العراء و المرض و الفاقة أو الشمال الذي هجر و طرد أو الجنوب الجديد الذي يمثل منطلق لحرب التحرير الوطنية و إنعكاسات ذلك ، جميعهم هل هناك من يصدق أو يثق أو من يصوت إلي ما يعرف بالمشروع الإسلاموي شخوصا و فكرة ، و حتي لا أستبق الإجابة فليطرح هذا السؤال من طرف معاهد دراسات إتجاهات الرأي لمعرفة موقف الجماهير السودانية دون أي مزايدة ، أما الربط بإستمرارية المشروع في شقيه الإصلاحي أو الحاكم و بقاء الدولة السودانية أو عدم بقاءها هو ربط مخل و شكل من أشكال الترهيب الإسلاموي للتحكم في الزمن السوداني القادم و التشبث حتي و لو كان عبر قراءة الفنجان أو شعوذة ” فكي” إنقلابي ، و الجدير بالإشارة هنا حتي و لو إفترضنا أن هناك” صحة” مجروحة في هذا الرابط الإسلاموي المتعمد بين الدولة و “الأنا” الأيدولوجية أو القبول بإنهيار الدولة ، هنا ثمة موقف آخر و له مشروعيته يقول فالندخل في هذه المغامرة الترهيبية ما دامت تنجز أولا المساواة في المواطنة عبر الخسارة و فيها الكل يربح خسارته ما دام الأمر هو جزء من حركية التاريخ للتحرر من منظومة و عقل الحكم الإنقاذي و التي فرضها نفر من الإسلامويين علي السودان. إذا ألإنهيار تحول من عنصر ترهيب و تخويف إلي مرحلة من مراحل التحرر و رغم عدم واقعية ذلك إلا أنه مقبول مع مضاربات الاسلاموميين.فالنضارب علي الإنهيار و الذي أولي نتائجه سوف يكون إكمال سقوط النظام و أيدولوجيته مع تجسيد اللحمة السودانية من جديد و تأسيس الدولة السودانية الجديدة و لكن هذه المرة بعيدة عن مضارباتهم مع حفظ حقوقهم كمواطنيين إلا من إرتكب جريمة في حق الشعب السوداني . حيث العدالة و الإنصاف هو عنوان أيضا للمرحلة القادمة كما ورد في كل المشاريع المطروحة سياسيا.
سقوط المشروع الإسلاموي سودانيا…
نعود ونقول ، المؤكد إن إستحضار تاريخ و زمان هذه المضاربة الإسلاموية السودانية القديمة و المعادة لفائدة تجديد الشرعنة و عبر سجالاتها و تداعياتها مقرونة بحقائق الواقع السوداني والذي ما زال في جزء منه واقعا في حكم المضاربة الإسلاموية الربع قرنية، هو حديث شائك و طويل في عمومه و الشارع السوداني ليس معنيا به ، أما في إختصاره فيضعنا أمام حالة إندحار لوطن وقع أسيرا و في غفلة تاريخية في أيدي المضاربين الإسلامويين السودانيين و التي إنتهت لعبتهم الإسلاموية إلي أمرين هامين ، الأول فيه كان وقوع الثبوت القطعي لسقوط أيدولوجيا الإسلام الحركي السوداني وحكمه و سيناريوهات إصلاحيه أو إنتحارييه و شرعة بقائهم سياسيا علي الأرض السودانية و هي الحقيقة التي لا تقبل كثير الجدال إلا إن كانت جزءا من كم و نوع المغالطات و دفوعاتها التبريرية و لي الحقيقة و إستنطاقها لتعطي بنتيجة عكس الحقيقة وفق منطوق ذهنية الفشل و تبريره في العقل الإسلاموي القائم علي إستدعاء الديني و الإلهي و التي صورت كارثة الهلاك السوداني في الرحلة الربع قرنية علي أنها “إبتلاءات” أتية من السماء وفق نظم العقل الملتحي .أما الأمر الثاني فهو يقول إن سقوط المشروع الإسلاموي جعل حكم الدولة لا يستند إلي أي مشروع و لا شرعية و لا أجندة وطنية ، كما أن شرعنة الحكم بإسم التحايل و تغيير الحقائق و فرق تسد….إلخ من منتجات العقل الإسلاموي كلها سقطت و لا سوق إستهلاكية لبيعها إلا في إطار التخطيط لغزو جديد و في موقع آخر ، و هذا معناه إشارة خضراء تعجل و بالقطع في تحقيق الإستحقاق التاريخي السوداني و الذي تأخر أكثر من نصف قرن و هو اليوم واقع لزوما و إلزاما و في الآجال القادمة تجاه متطلبات ماكنية التغيير الجذري و التي هي مطالبة “بكنس” كل تابوات اللامعقول التي تسيدت الواجهة السودانية إسلامويا و ثقافيا و فكريا و إجتماعيا و سياسيا .
إن التسليم بسقوط المشروع الإسلاموي بات هو المحدد الموضوعي و العنوان الأساسي في المشهد السياسي السوداني و هو المشهد الذي يصعب فيه بعد إكتمال السقوط و إنهاء كل أثاره من خضوع الشعب السوداني مجددا لمقصلة التجريب في حقل المضاربة الإسلاموي و لو جاء تحت أي لافتة ، علما أن ماكينزمات هذا العقل يجيد فنون التستر و الإختباء و الإختفاء في التقدم و الظهور علانية بمشروعهم السياسي و كأنهم يستشعرون مسبقا الخسارة في تسويق المضاربة الإسلاموية و الأدلة هنا عديدة . مجمل هذه المعطيات تضع الشعب السوداني و كذا مشروع الدولة المتعثرة تاريخيا أمام مساءلات ذاتية و وطنية و تاريخية و إجتماعية و دينية لإكمال فصول تقرير المصير أولا و من ثم التأسيس لمشروع وطني سوداني يشكل القطيعة مع كل فنون التلاعب بالجغرافيا السودانية و مكوناتها و محددات تشكيل الدولة السودانية دون أي تعمية مقصودة أو غير ذلك.
…. و صعود المشروع الوطني السوداني!!
في الختام ، جدير بالقول إن التضاريس السياسية السودانية الآن تحددها عملياتيا ثلاثة مشاريع سياسية و عبر آلياتها المختلفة لتحقيق غاياتها ، أولها هو المشروع الذي سقط عمليا و أصبح لا يحمل أي معني إلا عند طامحيه الحاكمين أو حراسهم من الإنتحاريين المتصارعين علي السجادة الحمراء ذات الثوب الإصلاحي و ذلك عبر المزيد من القمع و الإستبداد و إستباحة حقوق المواطنيين و في ذلك لم يعد مفيدا الحديث حتي و لو جاء عبر حقهم في التفكير لصناعة ملهاة لمضاربة إسلاموية جديدة جاءت تحت أي عنوان إصلاحي / إنتحاري أو تمثلت في البحث عن “خليفة ” للحكم أو سيناريو محاولة تخريبية أو صراع ديناصورات و إنتحاريين أو محاولات لجرد حساب بين أجنحة تيار المضاربة الإسلاموية و التي يطلقون عليها محاولات إنقلابية في نظام إنقلابي و في هذا جميعا يشكلون مشاهد لهذه الملهاة دون فواصل، أما الثاني فهو مشروع الجبهة الثورية المسلحة و الذي يقدم المعالجة التاريخية للدولة السودانية منطلقا من الأزمة البنيوية لمشروع الدولة السودانية علي ما نعتقد إلي حد كبير ، فيما الثالث و هو مشروع القوي السياسية الديمقراطية تحت إسم ” قوي الإجماع الوطني” و الذي لا يختلف كثيرا من حيث الجوهر عن برنامج الجبهة الثورية المسلحة إلا فيما يتعلق بالمعالجة البنيوية التاريخية للأزمة و الآلية المنتهجة و التي حددت فيها الجبهة كيفية بلوغ أهدافها و بواقعية ، و المؤكد أن حاصل جمع الثاني و الثالث زائدا طروحات القوي الشبابية و المرأة و الطلاب و المجتمع السوداني و كل قوي التغيير يشكلان معا المشروع الوطني السوداني الجديد و الذي هو البديل للمشروع الإسلاموي المنهزم و في مفارقة نهائية مع حكم الفسادوالأيدولوجيا الراعية له جاءت من حاكمين أو إنتحاريين ” وطنيين”!! و المتوقع أن يلتئم الثاني و الثالث إن لم يقع اليوم فسوف يقع بقانون الأمر الواقع عندما يقع الإسقاط و للأسف لن يقع إلا عبر قوة السلاح مهما تسامي و علل البعض و في ذلك فليتنافس المتنافسون أو حتي الرافضون و مع تخوفاتهم و توجساتهم و تحليلاتهم و إستقراءاتهم لإسترداد الدولة من أصحاب اللحى و الذي يعتبر اليوم جند من الأجندة الوطنية فرضه حراك التاريخ السوداني.
    
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *