بقلم : أحمد قارديا خميس.
[email protected]
لعله من المبكر الكتابة عن مصفوفة الاصلاح الذي دعا اليه حزب المؤتمر الوطني في السودان بالامس عن انعقاد سلسلة من اجتماعات ابتداء من يوم الاربعاء القادم لاجازة مصفوفة الاصلاح بصورتها النهاية , خاصة أن صدي كلمات الخطاب الذي القاه السفاح عمر البشير في يوم الاثنين الماضي للامة السودانية لاصلاح الازمة السودانية لم يغادر جدران قاعة الصداقة التي القيت فيها الكلمات . غير أن الحجة السابقة , لا يمكن لها أن تصمد في مواجهة الحاجة الي مقاربة مستقبل (مصفوفة الاصلاح) بما يمثله من هدف عاجل في فتح بوابة لمسار حل سياسي للازمة السودانية.
مع قرب عرض المصفوفة ومناقشتها والتداول حولها وتتم اجازتها النهاية من قبل مجلس الشوري المؤتمر الوطني في يوم الجمعة لايجاد حل لأزمات الشعب السوداني وهو مثل سابقتها , تتزايد وتيرة الاتصالات والدعوات بين أطراف كثيرة من الاحزاب السياسية السودانية والمنظمات الاقليمية والدولية العاملة بالسودان , ليس حرصا في رأيي علي ايجاد حل لمشكلة السودانية, ولكن لكسب اكبر قدر من الوقت وتقسيم الغنائم علي حساب الشعب السوداني بين بعض الاحزاب وحزب المؤتمر الوطني, وبذلك تصبح قضية الشعب السوداني المسكين وحقه في اسقاط المؤتمر الوطني مصيره ومستقبله لبعض الاحزاب السياسية. فرصة مناسبة لتصفية حسابات بين بعض هذه الاحزاب السياسية والمؤتمر الوطني, يكون الشعب السوداني هو الذي يدفع الفاتورة في النهاية .
ان مصفوفة الاصلاح التي يجيزها المؤتمر الوطني لم يقرر مستقبل الشعب السوداني فحسب, انما يقرر مستقبل حزب المؤتمر الوطني وقدرته علي القيام بأهم أدواره التي أنشئت من أجله وهو تفيذ المشروع الحضاري الظلامي (التمكين). ونحن هنا بدورنا كشعب سوداني نتسأل: وماذا بعد كل ذلك ؟. لقد حققت كثير من الاحزاب السياسية التي تفتعل الأزمات أهدافها من خلال ازمة الشعب السوداني , فمن هذه الاحزاب من كان هدفه أن يبقي النظام الاستبدادي في السودان حتي وان اقتضي ذلك تصفية الشعب السوداني عن بكرة أبيه , لأن هذا النظام يمثل لها الثقل السياسي وبقاءها مرهون ببقاء المؤتمر الوطني في الحكم. ومن هذه الاحزاب من حققت هدفها في أن يصبح لها دور سياسي في السودان .ومن هذه الاحزاب من كان هدفها ابقاء علي هذا النظام الغاشم لتستفيد من النواحي المالية.. وهكذا , وكأن ازمة الشعب السوداني كعكة يجري تقاسمها بينهم, وازمة يجري علي حسابها عقد الصفقات وابرام الاتفاقيات وتضليل الشعب بخطابات الوهمية من الوثبات والمصفوفات (السرية بين المؤتمر الوطني وبعض الاحزاب السياسية). والآن يأتي الفصل الآخير للعبة بين الاحزاب علي حساب ازمة الشعب السوداني, وهي الازمة التي كان يجب أن تكون محور الاهتمام الاحزاب السياسية منذ البداية. ولكن يبدو أنه ليس لهذه الازمة أي أهمية لبعض الاحزاب التي تدعي أنها تريد حل للشعب السوداني , ولذا سوف يضع الجميع علي المحك والمصداقية الحزبية السياسية وبكشف النوايا الحقيقية تجاه ازمة الشعب السوداني. ان كان هناك المصداقية لبعض الاحزاب الكبري لكانت راس النظام في لاهاي (المحكمة الجنائية الدولية).
أ بَعد كل ما اقترفه المؤتمر الوطني من جرائم الحرب بالاسلحة الفتاكة والسلاح الجوي بحق الشعب السوداني , وتشريد الملايين من قراهم حتي وصلت هذه القضايا الي المحكمة الدولية و دعت اليه كثير من منظمات حقوق الانسان بالقبض علي مجرمي الحرب في السودان . أ بَعد هذه كله يحق لحاكم ديكتاتوري دموي أن يكون موضع نقاش في اتفاقيات السرية بين الاحزاب ! وبذلك ينقلب ميزان العدل في السودان. ويضييع حق الشعب السوداني في تقرير مصيره في خطابات الخاوية والمصفوفات مخدوعة . اذا كان المتحاورون مع المؤتمر الوطني سوف يساوون بين الجلاد والضحية فدعونا منذ الآن نترحم علي بعض الاحزاب السياسية ونقرأ عليهم الفاتحة ان كانوا يستحقون !
أقول لا أحد يستطيع اجبار الشعب السوداني علي قبول بابقاء المؤتمر الوطني في الحكم – فإما أن يكون الشعب السوداني وقواه الوطنية بمختلف أطيافها هو الممثل الحقيقي لشعبه وتكون له الكلمة العليا في حل مشاكله, اما أن يعترف المؤتمر الوطني ومن اذياله بأن النظام فشل قبل (تقديم وثبات و مصفوفات) . وعليهم أن يرحلوا من حيث جاءوا ! بعد ذلك يتحمل السفاح عمر البشير النتائج المترتبة من خطابه ومصفوفته, علي فشل تقديم مبادرات واصلاحات للازمة السودانية لان ذلك يعني بقاء الوضع كما هو عليه منذ خمسة وعشرون عاما , والشعب السوداني ان تواصل ثورتهم, وللسفينة التي يقودها المؤتمر الوطني قد تغرق في النهاية.