كتبت في مقال سابق عن مرارة الزيارة التي قام بها شباب 25 يناير المصرية للسودان
وكنت قد قلت بان الزيارة تعتبر طعنة مميتة وقاتلة للثورة السودانية وتعتبر خيانة لمبادئ الثورة في مصر وخيانة للثوار في كل مكان ،لان شباب ائتلاف ثورة 25 يناير يعلمون تماما أن الأجواء في السودان مهيئة لقيام انتفاضة شعبية مماثلة في السودان ؟! رغم ذلك قصدت هذه الشلة ان تزور النظام الدكتاتوري المنتهي صلاحيته في الخرطوم ، والتي تحاول من خلال هذه الزيارة ، ان تلتف حول الثورة بحثا عن شرعية ثورية مفقودة ، حقيقة كانت الزيارة ضربة في خاصرة الثورة السودانية من الشقيقة مصر، مع ان الجميع يعلم ان لا مبرر او منطق موضوعي لهذه الزيارة التي ليست لها اي معني ، لانها جاءت في توقيت حرج ومستفذ للشباب السوداني الذي يسعي للتغيير .
ما ألمتنا كثيرا هو ان الزيارة جاءت بعد ثورة 25 يناير المجيدة التي رفضت الظلم وقدمت في ذلك شهداء ودماء عزيزة وغالية علي المعني السامي لكلمة الحرية والديمقراطية وكرامة الانسان ، لذلك رفضنا الزيارة ووصفناها بالخيانة العظمي للثورة والثوار في كل مكان ويجب ان لا تمر مرور الكرام .
مجملا الزيارة الغير مدروسة الذي قام بها عصام شرف رئيس الوزراء المصري وما تبعه من زيارة مماثلة قام بها مجموعة متسرعة من شباب الثورة دون اي دراسة للخطوة المستنكرة والمشينة للسودان وشعبه ولكل الثوار في العالم ، خلف اعتقااد سائد لدي كافة الشباب السوداني بان النظام السابق مازال يعايش الثورة المصرية روحا وفكرا وخططا .
الدور المصري المفقود في المنطقة :
مصر دولة عظيمة ومهمة في محيطها الاقليمي والدولي لذلك عليها ان تستفيد من اخطاء النظام السابق ، وعليها كذلك ان تستعيد دورها الطليعي والبارز المفقود في المنطقة العربية ، بعيدا عن الانجرار وراء الانظمة المستبدة التي تقهر شعوبها ، ويجب عليها ان تلعب دورا وسطا ومتوازنا لكافة القضايا السودان و المنطقة .
جميعنا نعلم ان لمصر مصالح استراتيجية مع بعض الدول من بينها السودان يقتضي منها ان تحافظ علي علاقتها معها ولكن ، يجب ان تراعي هذه المصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين في مصر والسودان ” ! لا مصالح الحكومات ، لانها زائلة
تظل الشعوب حاضرة وباقية ولها كلمتها الاخيرة ، لذلك اري انه من المهم جدا ان تراجع مصر دورها في المنطقة وتحافظ علي المسافة المهمة التي تجعلها رائدة، لا ان تتسرع في مواقفها وقراراتها التي دائما ما تاتي في صالح الانظمة وعلي حساب الشعوب .
لا يختلف اثنان حول الضرر الذي وقع علي عاتق الشعب السوداني سواءا كان في اقصي غرب البلاد او اقصي شماله من نظام في مبارك السابق بل وتعدي الضرر الا ابعد ، من ذلك من خلال مشاركة طائراته في قزف مناطق وقري امنة في دارفور .
من المؤسف حقا ان تستمر هذه المواقف بعد ثورة 25 يناير ، الذي كنا نعتقد ان تتغيير مصر وتغير من سياستها الخارجية المبنية علي المصلحة الاحادي الجانب .
التقارير الحكومية وتأثيراتها علي مواقف مصر :
واضح ان مصر تاثرت كثيرا لانها تعتمد في تقاريرها عن السودان من الطرف الحكومي فقط و تبني مواقفها علي هذه التقارير الزائفة فكانت الحصيلة انفصال الجنوب : وفي هذه النقطة وصف الدكتور زكي البحيري أستاذ التاريخ بتربية المنصورة في حديث له حول الدور المصري المتراجع بشأن قضايا السودان بالموسمية بمعني : فكلما ظهر مشكلة يتحرك الجانب المصري دون تخطيط ودون تنظيم أو برنامج عمل ووجهة نظر محددة مع عدم استغلال للكوادر المتخصصة في الملف السوداني مع الاعتماد علي التقارير الحكومية مما جعل الدور المصري أضعف كثيرًا من أدوار دول أفريقية الاخري ، وبالتالي ادي ذلك الي هذا الدور المتخاذل الذي نشاهده الان ، وان دل ذلك انما يدل علي ان هنالك تراجعا ملحوظا للدور المصري بالنسبة كافة قضايا السودان وبالاخص قضية السودان في دارفور وخاصة بعد ثورة 25 يناير ، سواء من خلال الانباء والتثريبات بطرد عناصر من المعارضة السودانية من مصر ، او من خلال بعد المواقف التي لا تتناسق معها بعد بعد ثورة 25 يناير المجيدة .
دور مصر الاقليمي والدولي مهم جدا لانها تمثل الركيزة الاساسية في المنطقة العربية والافريقية لما لمصر من موقع جغرافي يؤهلها لقيادة شمال افريقيا والعالم العربي ، ولكن ما نشاهده الان من مواقف متسرعة لا تتناسب مع مبادئ الثورة العظيمة في مصر ، وتشكل خطرا عليها لانها بدأت تفقد بريقها تدريجيا من خلال النهج الغير مدروس التي تبنتها من خلال هذه المواقف المذكورة ، سواءا بالزيارة التي قام بها عصام شرف وابناءه للنظام الدكتاتوري في السودان ، ام بتصريح ممثل مصر في اجتماعات نيويورك .
ظل الشعب السوداني يعيش في حالة يرثي لها منذ ما يقرب ال50 عاما مكتويا بنارين : نار الحكومات المستبدة والظالمة في الداخل ، وبلهيب المواقف المصرية التي غالبا ما تاتي ضد مصالح الشعب السوداني في كل مواقفه وقضاياه، مساندا لتلك الانظمة ، من المؤسف حقا الحكومة في مصر تتعامل مع الشعب السوداني وفقا لمصالحها ، ولا اري ضير في ذلك بقدرما اتمني ان تراعي ايضا مصالح شعب البلدين اكثر من مصالح الحكومتين ، ويجب أن لا تبني هذه العلاقات علي حساب الشعوب المحبة للحرية ومتطلعة للحياة الكريمة ، لا تحاملا علي الموقف المصري بالنسبة لقضايا السودان ، لاننا نعرف ان هذه المواقف لا تعبر عن نبض الشارع المصري الحي، الذي دائما ما نجده حاضرا ، فالشعب المصري شعب طيب ومضياف ومحب للسودان وشعبه ، ولا جدال حول ذلك ولكن العلة في الحكومات التي تساند بعضها علي حساب الشعوب المقهورة .
مصر بعد 25 يناير ما لها وما عليها وهل من استغراب :
لم استغرب كثيرا للموقف المصري في اجتماعات واشنطن الخاصة بديون السودان والتي عقدت على هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الجمعة والسبت الماضيين عندما اعترضت مصر على ادراج قضية دارفور ضمن شروط الاعفاء من الديون بعد ان اشترط المجتمعون بحل قضية دارفور وانفاذ اتفاقية السلام الشامل شرطا لاعفاء السودان من الديون
حقيقة لا ندري ان كان ممثل مصر هذا؟ !!! ام ممثل السودان ! عندما يقول : ( ان الدول الدائنة ممكن ان تركز على انفاذ نيفاشا كشرط ولكن دارفور (صعب) ) ، لا ندري ما الصعب في ذلك !! ؟ ، ربما يقصد هذا ان لا تعطي دارفور حقوقها !!؟ ام ليس من حق دارفور ان تعيش في سلام وامن واستقرار، لماذا تتحفظ مصر في هذا الموقف الذي اري انه موقفا سليما وحكيما من تلك الدول التي تلعب دورا كبيرا في الوقوف الي جانب المظلومين والمقهورين من جور الانظمة المستبدة والفاسدة التي تدعمها الجامعة العربية وبعض الدول باسم العروبة والاسلام في تغييب تام ، للدور العربي والاسلامي المفقودين في هذه القضية الانسانية .
، شماعة الامن القومي المشترك والتدخل السافر في القرارات الدولية المساندة لمصالح الشعب السوداني
لا ادري ولكن يجب علي مصر ان لا تجعل من السودان بوابة جنوبية كما تقول لان السودان دولة وليست بوابة لدولة اخري ، او ان تربط امنها القومي معها لان السودان بلد ذات سيادة وتعرف مصالحها ،وكثيرا ما تتضرر من مثل هكذا تدخلات من دول الجوار الاقليمي من خلال المساندة العمياء للنظام السوداني الهش الذي تسبب في انفصال الجنوب السوداني ومازال يرتكب الجرائم والاخطاء المتكررة التي تسهم في انشطار السودان ، بسبب سياساته العرجاء .
عودة الي حديث ممثل مصر وموقفه المتحامل علي شعب دارفور الذي اعترض على ادراج قضية دارفور ضمن شروط الاعفاء من الديون ، تاتي من ضمن المواقف المخزلة والمتآمرة علي شعب السودان في دارفور .
، دارفور علي مدي 8 سنوات ظلت دائما غائبة وليست من ضمن اولويات الدول العربية ، لان هذه الدول تنظر الي هذه القضية بمنظار التدخل الدولي والصهيونية والمصالح الامريكية واطماعها علي السودان ، واعتقد ان هذه تعتبر من اكبر المعضلات التي توأد القضية الدارفورية رغم عدالتها بانحسارها في التدخل الدولي واطماع دولية علي السودان فقط ، رغم ما حصل من هول المأساة الانسانية التي ارتكبت ، بالاضافة لجرائم التطهير العرقي وجرائم ابادة الجماعية المنظمة التي ارتكبها نظام البشير العنصري باسم العروبة الزائفة ، تحت ستار شماعة التدخل الدولي لكسب التعاطف الاقليمي الذي نراه الان من خلال المواقف المصرية والعربية المساندة لحكومة الابادة الجماعية في الخرطوم في كافة المنابر الدولية .
الجامعة العربية :
في تصريحات غريبة لمنسوب النظام البائد في مصر / الدكتور مصطفي الفقيه رجل مبارك الذي اختلف معه ، الاختلاف الذي لا يفسد في الود قضية ،ومارس الدور الذي يمارسه الان الطيب مصطفي عندما يتحدث عن ملفات الفساد في النظام السوداني مع العلم ان الطيب مصطفي واعوانه هم من يديرون النظام العنصري في السودان ، لكي لا اخرج من سياق حديث مصطفي الفقيه فى أول رد فعل للنظام السوداني على ترشيح الفقيه لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية عندما رد : وقال : ( إن الرئيس عمر البشير يتميز بعفة اللسان، ومهما كان انفعاله فإنه لا يخطئ فى حق مصر بكلمة واحدة ) ، بالاضافة لقوله المردود علي نفسه عندما قال : لا أظن أبدا أن هناك من يجادل فى عشقى للسودان، وقد كنت أحد أشد المدافعين عن سيادة السودان وكرامته، أمام إفتراءات المحكمة الجنائية الدولية، وإذا قدر لى، وتوليت الجامعة العربية فسوف أتصف بالموضوعية الكاملة، للاسف هذا هو القادم لقيادة الجامعة العربية ، يقول افتراءات المحكمة الجنائية الدولية وهو يعلم ان النظام في السودان هو النظام الفاسد والفاشل الذي افتري علي شعب دارفور وقزفهم بطائرات الانتنوف والميج دون اي وجه حق وقتل انسانه واغتصب نساءه ودمر بيئته وبنيته التحتية ومستقبله ، فلا ادري من هو المفتري ! ؟ هذا النظام ؟ ام الذي يريد ان يطبق القانون! لطالما ان لا قانون او قضاء يتصف بالنزاهة في السودان !!!؟
والاكثر ايلاما ان الفقيه مرشح مصر القادم لرئاسة الجامعة العربية يخضع لضغوط وابتزازات الحكومة السودانية منذ الوهلة الاولي ، قبل ترشحه ، فلا ادري كيف يقود هذا الشخص الضعيف الجامعة العربية التي نعتقد انها ضعيفة من اصلها وولدت لتموت ، لانها جامعة خلقت لتقف مع الانظمة المستبدة وتحمي الرئساء المستبدين في العالم العربي علي حساب الشعوب المقهورة ، لذلك لا خير في عمرو ولا في الفقيه الذي اصبح من ضمن كوكبة 25 يناير جزافا وافتراءا ، ولا يخفي علي الجميع مدي ارتباطه بنظام مبارك السابق علي مدي 30 عاما ، وما خلافه السابق مع النظام الا ( اختلاف الراي الذي لا يفسد في الود قضية كما اشرت سلفا ) ، لذلك انا اعتقد ان مصر بها كفاءات عظيمه وقادره علي تحمل المسؤليه ، لا ان توكل هذا المنصب للذي يخضع لضغوط وابتزازات من قبل توليه المنصب ، واذا لم تجد مصر من بين 80 مليون : الا الفقيه لترشحهه لهذا المنصب ! ساضم صوتي الي الاصوات التي تنادي بترشيح شخص اخر من دولة اخري عضوه في الجامعة العربية لهذا المنصب .
في ختام مقالي هذا اود ان اقول وعلي مدي 8 سنوات من عمر النضال ، ومعارضتي له ، لم اجد نفسي يوما متفقا معه في شئ ! سوي موقفين اثنين : _
الاولي : كان من موقف نظام مبارك السابق المتحامل علي السودان في المباراة التي اقيمت بين مصر والجزائر ،” ( ويا ما سمعنا العجب العجاب من الصحفي المصري ابراهيم حجازي ، حينها اتفقت مع النظام ولكن لا لسواد عيون النظام ، انما حبا في في بلدي وسيادته ، من حديث فارغ في المحتوي والمضمون من اله اعلامية رسمية .
والمرة الثانية هو موقفي الرافض لترشيح الدكتور مصطفي الفقية لمنصب الامين العام للجامعة العربية ، حقيقة اتفقت مع نظام المؤتمر الوطني في حاتين الموقفين ولكن من منظور مختلف ، وانا اعلم تماما لماذا رفض السودان ترشيح الفقيه لانه انتقد النظام في اكثر من ندوة اقيمت في القاهرة ، اخرها كانت ندوة في مقر جريدة الجمهورية التي جمعت ما بين الفقية والشريكي نيفاشا وكنت حاضرا حينها ولكي اكون منصفا كان الفقيه تحدث حديثا موضوعيا ووصف سياسات النظام تجاه الجنوب ودارفور فاشلة ولكي لا اكون متناقضا في الحديث : نقطة خلافي مع الفقيه هو في حديثه ضد المحكمة الجنائية وموقفه المساند لنظام البشير بعد تحفظ السودان علي ترشيحه اي بمعني ان الرجل اصبح يخضع لضغوط النظام السوداني ابتزازاته قبل توليه المنصب .
مع علمي التام ان الجامعة هي مجرد جامعة بلا قرارت او مواقف ( لا بتجدع ولا بتجيب الحجار) علي رأي المثل السوداني ، فهي مجرد جهاز شكلي لا ديمقراطية فيه ولا تاثير لها علي السياسة العربية او الدولية ، حيث في غالب قممها تجتمع وتتفق علي ان لا تتفق ، وتصبح الجامعة مجرد ظواهر صوتية للاستهلاك ومجرد ديكور اعلامي ليس الا … ، فهي خلقت لتظل ميتة .
إذن أن يكون المنصب لعمرو او الفقيه فلا خير في هذا ولا ذاك ، ما لم تكن هنالك اصلاحات جزرية في بنية وتركيبة الجامعة في جوهرها واهدافها التي قامت من اجلها ، بحيث تتواءم وتلامس قضايا الشعوب المقهورة وتتبني قرارات مساندة لها في المنطقة العربية .