مصدر أميركي لـ «الشرق الأوسط»: كيري في الخرطوم لكتابة قانون الكونغرس عن السودان
الشريكان يعقدان اجتماعات اليوم بالعاصمة السودانية بدعوة من أمبيكي وسط قلق شديد
واشنطن: محمد علي صالح الخرطوم: فايز الشيخ
قالت مصادر أميركية إن زيارة السيناتور جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، المفاجئة للسودان، الذي كان قد زاره في منتصف الشهر الماضي، لها صلة بمشروع قانون سلام واستقرار السودان، الذي كان قد قدمه في بداية الشهر الماضي.
وقال مصدر في لجنة العلاقات الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: إن كيري «يريد وضع اللمسات النهائية لمشروع القانون»، و«طبعا، يريد استشارة كل الأطراف المعنية قبل الإقدام على الخطوة التالية»، و«يأمل أن يصدر القانون الجديد ليكون أساس العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة والسودان».
وقال إن كيري، عندما زار السودان في منتصف الشهر الماضي، كان يود «حسم» مشروع القانون مع المسؤولين السودانيين، في الشمال والجنوب، «لكنه كان لا بد أن يعود للمشاركة في الحملات الانتخابية»، في إشارة إلى انتخابات الكونغرس التي أجريت الثلاثاء الماضي.
وأشار المصدر إلى تصريح سابق أدلى به كيري قال فيه: إن القانون سيضع في الاعتبار الاستفتاء المقبل في جنوب السودان، الذي سيختار الجنوبيون فيه الانفصال أو البقاء في سودان واحد.
وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن مشروع القانون يرجح انفصال الجنوب. ويدعو لتقديم مساعدات أميركية مكثفة للدولة الجديدة. ويسمح بصورة مؤقتة بتصدير النفط من «جنوب السودان» إلى «دولة السودان»، حتى قبل رفع العقوبات عن «دولة السودان».
وأشار المراقبون إلى أن كيري كتب في بداية الشهر الماضي في موقع تلفزيون «سي إن إن» رأيا عنوانه: «لا بد من استعجال الدبلوماسية والسودان يقترب من الانقسام».
وكتب فيه: «السودان في لحظة حاسمة. ويقول كل مصدر موثوق إن جنوب السودان سيصوت لصالح الانفصال، وتقسيم أكبر دولة في أفريقيا، وأخذ ثمانين في المائة تقريبا من احتياطيات النفط المعروفة السودانية».
وأضاف: «هذه فترة اختيار حرجة تواجه القادة في كل من الشمال والجنوب، ليختاروا بين مستقبل التعايش السلمي، أو العودة إلى الفوضى والحرب في دولة تعودت على ذلك لسنوات كثيرة».
وأضاف: «أميركا يجب أن تساعد شمال وجنوب السودان في البحث عن الطريق السلمي إلى الأمام».
وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن هذه ثالث زيارة يقوم بها كيري إلى السودان خلال السنتين الماضيتين. حيث كان قد سافر إلى الخرطوم في أبريل (نيسان) سنة 2009، وأيضا لمخيمات للنازحين بسبب أعمال العنف في دارفور.
في الوقت نفسه، انتقد فيليب كراولي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، اعتقال صحافيين وناشطين في السودان. وقال: «إن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق بسبب هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان». وأضاف أن المبعوث الأميركي الخاص بالسودان، سكوت غريشن، سيجتمع مع كبار المسؤولين السودانيين للتعبير عن هذا القلق.
وأصدرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، تصريحات قوية أدانت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السودانية. وقالت: «الولايات المتحدة تدين بشدة إغلاق مكتب الخرطوم لراديو (دبنقا)، واعتقال 13 من نشطاء حقوق الإنسان. هذه المحطة واحدة من وسائل الإعلام القليلة المتبقية من مصادر المعلومات عن الصراع في دارفور».
وأضافت رايس: «هذه الاعتقالات تشير إلى وجود نمط من المضايقة والترهيب من جانب حكومة السودان ضد المجتمع المدني قبل الاستفتاء في جنوب السودان». وقالت إنها ستجري اتصالات مع أعضاء مجلس الأمن حول ذلك. وأضافت: «الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء مثل هذه الأعمال. وتذكر الحكومة السودانية بالتزاماتها الدولية لاحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التجمع وحرية الصحافة».
وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن مشروع قانون السلام والاستقرار في السودان الذي قدمه السيناتور كيري يدعو إلى:
أولا: تعيين مسؤول رفيع المستوى لعملية السلام في دارفور.
ثانيا: تقديم مساعدات لقوات الأمن، والطيران المدني، والشرطة في جنوب السودان.
ثالثا: شحن النفط من جنوب السودان شمالا من دون الخضوع لعقوبات الولايات المتحدة.
رابعا: تعديل سياسة الولايات المتحدة تجاه المؤسسات المالية الدولية لتعزيز تنفيذ اتفاقية السلام الشامل.
خامسا: وضع استراتيجيات طويلة الأجل بشأن الوضع بين الشمال والجنوب ودارفور والمناطق الأخرى.
سادسا: حث حكومة جنوب السودان على الشفافية واستتباب الأمن ومراعاة حقوق الإنسان ومكافحة الفساد.
وكتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن هزيمة السيناتور روس فاينغولد (ديمقراطي من ولاية ويسكونسن)، رئيس اللجنة الفرعية لأفريقيا التابعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. وقالت الصحيفة إن السيناتور «قاد حملة في الكونغرس لوضع سياسة أكثر شمولا في الصومال، تركز على حل النزاع بدلا من مكافحة الإرهاب فقط. وساعد على إصدار قانون لمكافحة جيش الرب في جنوب السودان والدول المجاورة، وللضغط على حكومة السودان للالتزام بالاستفتاء في جنوب السودان».
وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن السيناتور فاينغولد سيظل في مناصبه حتى يناير (كانون الثاني) المقبل، عندما يبدأ الكونغرس الجديد. وأنه والسيناتور كيري يريدان إصدار قانون السودان قبل نهاية السنة، ليس فقط لأن الكونغرس الحالي سوف ينتهي، ولكن، أيضا، لأن استفتاء جنوب السودان سيجرى في يناير.
إلى ذلك، أشار المتحدث باسم الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «زيارة المسؤول الأميركي تأتي لمواصلة مشاوراته واتصالاته مع المسؤولين بالدولة حول جملة القضايا المطروحة فيما يتصل بإنفاذ ما تبقى من اتفاقية السلام الشامل، خاصة القضايا العالقة، التي من أبرزها قضية أبيي وترسيم الحدود»، وتستغرق زيارة كيري والوفد المرافق له 3 أيام، تبدأ الجولة من الخرطوم وتنتهي بجوبا.
في غضون ذلك، يعقد شريكا الحكم اليوم الأحد اجتماعات مهمة على مستوى اللجنة العليا المشتركة بدعوة من رئيس جنوب أفريقيا السابق تامبو أمبيكي لبحث القضايا العالقة وطبيعة العلاقات بين الشمال والجنوب في حالتي الوحدة والانفصال، بينما ينتظر أن تحدد نتائج الاجتماعات مصير القمة التي يفترض عقدها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقال نائب الأمين العام للحركة الشعبية وعضو المكتب السياسي ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط»: «إن تامبو أمبيكي دعا إلى عقد اجتماعات اللجنة العليا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية اليوم الأحد بالخرطوم». تأتي هذه الاجتماعات وسط اهتمام محلي وإقليمي ودولي. وأشار إلى أن الاجتماعات ستتناول القضايا العالقة حول تنفيذ الاتفاقية والإطار الشامل وطبيعة العلاقات في حالتي الوحدة أو الانفصال، وقضايا ما بعد الاستفتاء. وتوقع عرمان التئام اجتماعات مؤسسة الرئاسة بعد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة، وقال: «إن قيادة الحركة قامت بإجراء مشاورات داخلية واسعة حول الوضع السياسي الراهن»، مشيرا إلى أن «مؤشرات قوية لدى قيادة الحركة الشعبية بأن المؤتمر الوطني لا يحسن التعامل مع قضية الوقت، ومستمر في سياسة شراء الوقت، وتغييب الإرادة السياسية، مما يسهم في تعقيد الوضع السياسي وتضييع فرص حقيقية للوصول إلى استفتاء سلس وسلام دائم». وأكد عرمان أن وفد الحركة الشعبية سيأتي لهذه المشاورات برغبة تامة في الوصول إلى حلول نهائية والعبور لسلام دائم وإجراء الاستفتاء والمشورة الشعبية في مواعيدهما وستخضع الاجتماعات المقبلة لتقييم جاد من قبل قيادة الحركة الشعبية لإكمال تقييم الوضع السياسي الراهن وإعلان استراتيجية واضحة للشعب السوداني وللقوى السياسية. وأضاف: «هناك شعور عميق من القلق حول الطريقة التي يتعامل بها المؤتمر الوطني مع الوضع السياسي الراهن، من دون حساسية كافية وإرادة بينة للقضايا العالقة».. وحول موعد القمة المرتقبة بأديس أبابا قال عرمان: «من المؤمل أن تمهد المشاورات الحالية الطريق للقمة في أديس أبابا».