مشروع الخلاص الوطني في السودان

بسم الله الرحمن الرحيم
مشروع الخلاص الوطني في السودان
(حزب الأمة القومي)
15 أبريل 2012م
مقدمة:
اتفاقية سلام نيفاشا نصت على ثلاثة أهداف عليا: السلام، الوحدة الجاذبة، التحول الديمقراطي.
ولكن تكوينها وتطبيقها هزم تلك الأهداف.
الوحدة الجاذبة استحالت لأربعة أسباب:
•    تقسيم البلاد بموجب بروتوكول ميشاكوس على أساس ديني.
•    تخصيص 50% من بترول الجنوب للجنوب ما يجعل الانفصال جاذباً ليحتفظ الجنوب بكل ثروته، والأجدى أن ينسب نصيب الجنوب للثروة القومية.
•    ثنائية الاتفاق بين طرفين: المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وبينهما شرخ أيديولوجي كبير.
•    الرعاة الدوليون سيما الولايات المتحدة تنظر للطرفين بأعين انتقائية ما يشجع الاتجاهات الانفصالية.

السلام استحال لأن الاتفاقية بموجب بروتوكول أبيي، وبروتوكول جنوب كردفان، وبروتوكول جنوب النيل الأزرق؛ ربطت السلام بإجراءات مستقبلية غير متفق على معطياتها ما جعل أمرها قنابل موقوتة تفجرت عندما انفصل الجنوب.
ومع أن الاتفاقية سميت اتفاقية السلام الشامل، فقد أبرمت في وقت فيه الاحتراب مشتعل في دارفور. وجعلت اتفاقية السلام مرجعا لكافة محادثات سلام دارفور، وهي مرجعية تحكمية لأن فصائل دارفور لم تكن طرفاً في اتفاقية السلام المذكورة.
التحول الديمقراطي استحال لأن الاتفاقية أبقت على قوانين وأجهزة الشمولية إلى حين استبدالها دون النص على حد زماني، ومع احتفاظ المؤتمر الوطني بالأغلبية التشريعية استطاع أن يحافظ على تلك القوانين القمعية حتى يوما هذا.
انطلاقا من هذه الخلفية فإن حزب الأمة يرى ضرورة الدعوة لمؤتمر سلام يتصدى لكل أسباب النزاع بما في ذلك أزمة السلطة في البلاد. مؤتمر يقوم على إعلان المبادئ التالي:
أولا: اعتبار تحيكم أبيي مرجعيا وإبرام بروتوكول تعايش بين سكان المنطقة بالصورة التي تراعي تحفظات الأطراف المعنية وبما يحافظ على مصالحهم.
ثانيا: أن تنال ولايتا جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وضعا خاصا بصلاحيات فيدرالية يتفق عليها، ونصيباً محدداً في السلطة والثروة بحجم سكانهما ويتفق على مصير قواتهما المسلحة في إطار القوات المسلحة القومية.  على أن ينص على حقوقهما في دستور البلاد الذي يشارك ممثلوهما في كتابته.
ثالثا: يلتزم مؤتمر السلام لأهل دارفور بالحقوق المنصوص عليها في إعلان المبادئ المقترح الذي يلتزم بما تحقق في الدوحة ويتجاوزه لتحقيق سلام عادل شامل لدارفور.
رابعا: يتفق مؤتمر السلام على أسس علاقة خاصة بين دولتي السودان على نحو ما اقترحناه في مشروع التوأمة، وبصفة خاصة يتفق على الآتي:
•    البترول هو أكثر الملفات حساسية، يحسم أمره على أساس:
–    أن منشآت البترول في الجنوب تخصص له، كذلك المنشآت في الشمال تخصص للشمال.
–    الخدمات التي تقدمها منشآت الشمال لخام البترول وهي: المعالجة، والتكرير، والنقل، والتخزين، والشحن في الميناء تقدم مقابل (11 إلى 14 دولار أمريكي للبرميل، حسب الكمية المنتجة)، كما أوصت لجنة خبراء سوادنيين (كونها حزب الأمة القومي)، وإذا لم يقبل الطرفان هذا الحل يستأنف ضخ البترول، وتقدم الخدمات المطلوبة ويوضع إيراده في حساب خارجي مقفول إلى حين الاتفاق، وإذا رفض الطرفان مقترح الخبراء السودانيين يمكن اللجوء للتحكيم بواسطة البنك الدولي، أو مبادرة الشفافية في الصناعات التعدينية، أو آلية التحكيم التابعة لمحكمة العدل الدولية في لاهاي.
–    كافة القضايا التي استحال الاتفاق عليها تسند لمفوضية حكماء يختارون قوميا ليعملوا في فترة زمنية لا تقل عن سنتين لتقديم قراراتهم التحكيمية.
خامسا: نتائج اتفاقيات السلام هذه تضمن في دستور البلاد المنشود، وهو دستور ينبغي أن تضعه هيئة قومية جامعة ويدرس ويجاز عبر آليات ديمقراطية، وتراعي في وضعه المعايير العالمية وأهمها: التشاركية لكافة قطاعات الشعب ومجموعاته، والشفافية بحيث تكون عملية وضع الدستور معلنة التفاصيل وخالية من شبهات الفساد، والشمول بحيث تحيط العملية بكافة القضايا المحورية بالبلاد.
سادسا: حكم البلاد في المرحلة الانتقالية إلى حين اكتمال الإجراءات المذكورة يكون بموجب إعلان دستوري انتقالي في ظل حكم قومي يشرك جميع الأطراف إلا من أبى يتفق على سياساته وهياكله ومكوناته بحيث تحل دولة الوطن محل دولة الحزب.
هذه السياسات القومية يكون على رأسها برنامج إصلاح اقتصادي يضعه مؤتمر قومي اقتصادي يدرس مخرجات المؤتمر الاقتصادي الذي دعا إليه حزب الأمة القومي ويصدر قرارات ملزمة.
كذلك تشمل السياسات كفالة حقوق الإنسان المنصوص عليها في القوانين الدولية والحريات العامة وتصفية القوانين والأجهزة المقيدة للحريات.
وتشمل السياسات اتفاقا على المساءلة عن التعديات الماضية بما يوفق بين المساءلة والاستقرار المنشود على نحو ما اقترح حزب الأمة كما تشمل تكوين آلية للحقيقة والإنصاف.
وتشمل السياسات التزاما بسياسة خارجية تقوم على التعاون الدولي والسلام متجنبة التبعية والعداء ومحققة لعلاقات خاصة بدول الجوار وبالعوالم العربية والأفريقية والإسلامية.
سابعا: علينا أن نعمل على أن تقبل كافة الأطراف المعنية هذه الخريطة على أن تحظى كذلك بمباركة الأسرة الدولية.
هذه الخطة السلامية ممكنة بل واجبة والإقدام عليها يوجب أمرين: تجاوب كافة الاطراف الوطنية معها. ونزع فتيل التأزم الحالي.
نزع فتيل الأزمة الحالية يوجب:
أولا: انسحاب كافة القوات المسلحة المعنية إلى مواقعها في يوليو 2011م.
ثانيا: وقف شامل لإطلاق النار.
ثالثا: السماح لمراقبين دوليين للمراقبة في مناطق التوتر.
رابعا: السماح فورا لضحايا الاقتتال بالتجمع في معسكرات نازحين ليسهل تقديم المأوى والخدمات الإنسانية لهم والسماح لمنظمات الاغاثة الإنسانية بتقديم الخدمات لهم.
خامسا: من يرفض الالتزام بإستراتيجية السلام هذه ينبغي أن يعبأ ضده الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي.
سادسا: نعلن تأييد القوات المسلحة السودانية في تصديها للعدوان الحالي ونطالب بأن تقف عند حد جلاء الغزاة دون تصعيد المهام العسكرية، ونرى ضرورة فتح أبواب المشاركة القومية في القوات المسلحة السودانية والتخلي عن سياسة التمكين، ورد اعتبار العناصر العسكرية المبعدة لأسباب غير موضوعية.
سابعا: نسعى مع الأسرة الدولية لإلزام دولتي السودان بالتزامات محددة نحو السلام، ونحو كفالة حقوق الإنسان. الموقف الدولي المنشود يطالب كافة أطراف النزاع بالوفاء بالتزاماتها نحو القانون الدولي الإنساني المفصل في اتفاقيات جنيف الأربع، والبروتوكولات الثلاثة الملحقة بها، ويطالب الأطراف المعنية بالالتزام بالامتناع عن شن الحرب مع إعلان إجراءات عقابية ضد من يخالف تلك الالتزامات بما في ذلك المساءلة الجنائية الدولية.
ختاما: إن إدارة الازمة الحالية بالوسائل المعتادة غير مجدية، بل إنها فرصة لتحقيق سلام عادل شامل- وتحول ديمقراطي كامل- وتطبيع العلاقات مع الأسرة الدولية.
يهيب حزب الأمة بكافة الأطراف الوطنية دراسة هذا المشروع بهدف الاتفاق على ما يحقق مقاصده. وبالله التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *