مستقبل الجبهة الثورية فى ضوء المتغيرات فى جوبا:

سيسعد نظام الخرطوم بالحرب الاهلية فى الجنوب ،، وسيدعم جبهة بور المعارضة:

دعونا نقرر بان الجبهة الثورية هى المتضررالاول من انقسام الجيش الشعبى ،، والحركة الشعبية فى دولة جنوب السودان ،، والضرر معنوى فى المقام الاول ،، على المشروع ،، ( مشروع السودان الجديد) ،، ووجه الضرر على المشروع يتمثل فى انه يكون قد حكم على نفسه بانه (مشروع تقسيم وليس مشروع وحدة وطنية) ،، بدليل انه تسبب فى تقسيم سودان المليون ميل ،، ثم الان يتسبب فى تقسيم جنوب السودان ،، وهذا سيفتح باب المخاوف ان تنسحب هذه الوصمة على الجبهة الثورية ،، المرشحة لان تكون بديلا لدولة الانقاذ المترنحة.
الجبهة الثورية تقاتل فى ارضها ،، ووسط شعبها ،، وتتمول عسكريا و لوجستيا من الحكومة:
حكومة الخرطوم تضخم من العنصر الخارجى الاقليمى والدولى فى حروبها الداخلية التى صنعتها بغبايها وحماقتها ،،ومساخة بعض حكامها الذين اخذهم الطوفان ،، طوفان بحر الدموع ،، والبكاء على لبن السلطة المسكوب ،، وذلك لتغطى على فشلها فى التصدى للاطراف المكونة للجبهة الثورية ،، عسكريا وسلميا ،، حيث انهزمت عسكريا امام المتمردين ،، وانهزمت سلميا حيث لصقت عليها عبارة ( نقض العهود) ،،
لقد زعمت الحكومة ان حركة العدل والمساواة سوف تموت اختناقا ،، عند محاصرتها شمالا باغلاق الحدود الليبية ،، وعند حصارها غربا باغلاق الحدود مع تشاد وافريقيا الوسطى ،، لقد مضى على اغلاق الحدود التشادية حوالى اربعة اعوام ،، وصمدت حركة العدل والمساواة ،، وصمدت للعواصف والمتغيرات صمود وادى هور وجبل مرة ،، وبرم غازى مسوول ملف دارفور (١٨٠ درجة) ،، وسبحان مغير الاحوال ،، وتلك الايام نداولها ،، وغازى متمرد قديم ،، وقد كان احد عناصر المرتزقة فى غزوة (٢ يوليو ١٩٧٦) القادمة عبر الصحراء من ليبيا الى دار الهاتف . ولعل نفسه تراوده للتمرد بعد هذه التجربة المريرة من ظلم ذوى القربى.
احذروا ان تحاصروا الجبهة الثورية فى زاوية ( زنقة كلب):
شاهدنا ،، ان جيش الجبهة الثورية يقاتل فى ارضه ،، ووسط شعبه ،، ويتمول من الحكومة ،، واذا تمت محاصرة الجبهة الثورية من كل الجهات فانها ستكون اقوى معنويا ،، وسوف تحارب من اجل البقاء،، وسوف تستهدف الحكومة اولا فى المدن الصغيرة وعواصم الولايات من اجل التموين العسكرى ،، ثم تتجه للخرطوم كخيار وحيد ،، احذروا ان تضعوا الجبهة الثورية فى ( زنقة كلب) ،، هذا امر معروف فى علوم العسكرية . تذكروا يا اهل الانقاذ ان ادريس دبى خرج من السودان (مطرودا) ،، بطلب من حسين هبرى ،، والخيار امامه كان فقط ( الدخول فى انجمينا وخلع حسين هبرى ) ،، هذه هى الحقيقة الغايبة عن كثيرين ،، وديبي وجبريل ،، و منى ابناء خالات ،، فالهم واحد ،، اذا حوصروا ،، سيدخولون الخرطوم ،، ولن يحوشهم الا البحر الاحمر ،، سيدقشون الخرطوم ،، ويزحفون حتى بورتسودان تحسبا لاى جيوب مقاومة.
الخرطوم (المستفيد الاول من الحرب الاهلية فى دولة جنوب السودان):
بغض النظر عن المجاملات الناعمة ،، والتلفونات الودية بين البشير ،، وسلفا ،، وبين نواب الرييسين فى البلدين ،، وتصريح الجامعة العربية المستعجل ،، فان حكومة الخرطوم (سعيدة) جدا لما يجرى فى دولة الجنوب من حرب اهلية (مرشحة – لا سمح الله -) ،، وكذلك الجامعة العربية التى لم تفعل شييا خلال الفترة الانتقالية لجعل الوحدة جاذبة ،، وحكومة الخرطوم فرحة لان اختلافات الجنوبيين ،، خاصة حينما تتطور لدرجة الحرب الاهلية ،، توكد نظرية اهل الخرطوم التى تقول بان الجنوب لا يتوحد الا تجاه الخرطوم ،، وما يجرى اليوم يوكد نبوءة اهل الخرطوم القايلة بان الجنوبيين سيتقاتلون فور حصولهم على الاستقلال!!
مع من ستقف حكومة الخرطوم؟؟ هل مع الشرعية فى جوبا / سلفا كير؟ ام مع المعارضة فى بور؟!
ظاهريا ،، وحتى الان ،، حكومة الخرطوم تدعم الشرعية فى جوبا وهى ادانت الانقلاب قبل ان تتبين هل هو ( انقلاب ام تمرد ؟) ،، ولكن ليس لدى ادنى شك فى ان حكومة الخرطوم سوف تدعم المعارضة الجنوبية بقيادة رياك مشار ( وارجو ان يخيب ظنى) ،، وسبب يقينى هو ان حكومة الخرطوم تعمل كل الاساليب ،، وتتمنى ان تصبح دولة الجنوب ( دولة فاشلة ) ،، وهذا يحقق لها ( امنية عودة الجنوب الى حضن الوطن الام) ،،، ليس حبا فى الجنوبيين الذين لوح لهم البشير بعصاته ،، كناية عن عصاة العبودية التى عناها المتنبي ،، ولكن لان اضعف الايمان فان الحرب الاهلية ستميع قضية ابيي ،، وتقود الى اضعاف الجبهة الثورية ،، ولو فى المدى البعيد ،،
الكل يعلم ان حكومة الخرطوم كانت تاوى د لام اكول ،، وان هناك اتهامات متبادلة بين دولتى الشمال والجنوب بتبادل ايواء المعارضة المسلحة.
ليس لدى دليل مادى ،، ولكن التحليل يقول : ان حكومة الخرطوم ستبادر الى الاتصال ودعم ريك مشار ،، وهو صديق قديم للخرطوم منذ اتفاقية الخرطوم للسلام (من الداخل) ،، لان الحكومة تريد توسيع الهوة بين الاطراف الجنوبية ،، ودعم المعارضة الجنوبية هو الذى يحقق لها هذا الهدف
خوفى هو ان حكومة الخرطوم سوف تسمسر مع الدول العربية من اجل جلب السلاح لدعم معارضات جنوبية مختلفة لتفتيت وهدم دولة الجنوب الوليدة ،، فالعقلية العربية الاسلامية لا تعرف البناء وانما تحسن الهدم ،، فالعرب الذين فشلوا فى المساهمة فى الوحدة الجاذبة يمكن ان يساهموا مساهمة فعالة وخطيرة فى تفتيت دولة الجنوب ،، وذلك بتوفير السلاح للمعارضات الجنوبية المختلفة،، خاصة وان مصر متازمة من مشاكلها مع دول حوض النيل بشان السدود،، وحصة المياه ،، وتريد سودانا موحدا تحت ابطها كما هو الحا فى نهاية الخمسينات من القرن الماضى حين كان السودان ومصر يجلسان ويتفقان على قسمة ( كل) مياه نهر النيل.
حكومة الخرطوم لديها مصالح مع جوبا ،، اعنى تنفيذ اتفاقية مرور البترول الجنوبى عبر انبوب الشمال ،، اعتقد ان حكومة الخرطوم سوف تسمح بمرور بترول الجنوب حتى اذا اختارت ان تقف (سريا مع المعارضة الجنوبية) ،، لان استمرار ضخ البترول الجنوبى يوجج الحرب بين الجنوبيين لان الحرب اساسا على البترول والمال ،، وتوقف ضخ البترول يساعد على توحد الجنوبيين ،، وهو ما لا ترغب فيه حكومة الخرطوم.
نكتة سياسية تقول : لم ياخذ الجنوبيون من الشماليين الا عيوبهم!!
انها نكتة سياسية ،، لم تاخذ المراة الجنوبية طوال فترة وجودها فى الشمال خلال فترة النزوح ،، لم تخذ الا عادة خفاض / ختان البنات القبيحة ،، ولم ياخذ الساسة الجنوبيون من الشمال ،، ومن الموتمر الوطنى الا عقلية عدم التسامح ،وقبول الاخر،، المختلف عرقيا او ثقافيا.
تاريخيا كنا نعتقد ان القبلية متفشية بين الجنوبيين اكثر منها بين الشماليين فيما بينهم ،، وقد كشفت فترة الانقاذ ان القبلية والجهوية حاضرة فى ذهنية اهل الشمال بنفس المستوى ،، وقد برع اهل المركز فى استخدام الجيش (القومى) فى الحرب الاهلية فى الشمال للقضاء على النزعات والتوجهات الجهوية المتظلمة من استعمار المركز ،، وتطالب باعادة هيكلة المركز ،، فبعد ذهاب الجنوب القديم ظهر جنوب جديد ،، كما ظهرت اتجاهات اخرى فى الشرق والغرب ،، وهذه الامور كلها تجسد مفهوم فشل دولة الشمال . الكلام الذى يقال فى هذا الصدد ،، ان دولة الجنوب الوليدة تحمل ذات الخصايص الجينية لدولة الموتمر الوطنى فى الخرطوم ،، ( تتجه نحو الفشل ،، او هكذا تريد الخرطوم) ، لان انشطار دولة الجنوب عن الشمال كان انشطار نواة ،، وقد تولد عن هذا الانشطار دولتان تحملان ذات الخصايص الجينية فى كل شيء ،، بدءا بتزوير الانتخابات ،، وظاهرة الفساد ،، والقبلية … الخ ،، الى ادق التفاصيل ،، فانقلاب البشير وطرد نوابه ،، ونافع وغيرهم ،، يشبه تماما ،، انقلاب سلفا كير على نايبه ،، وبقية كوادر الحركة الذين يوصفون احيانا (باولاد غرنق) ،، واحيانا تصفهم حكومة الخرطوم بالصقور المويدة والداعمة للجبهة الثورية.
خوفى ان لعنة الانشطار الجينى لدولتى الشمال والجنوب سوف تقود الى انقلاب فى الخرطوم باستخدام الجيش + الامن + المليشيات ،،يقوده المطرودون من كراسي السلطة ،، (على حين غرة) ،، لاحساسهم ان البشير وعساكره قد سرقوا دولتهم ،، و بددوا حركتهم الاسلامية ،، و مسخوا مشروعهم الحضارى.
الاثار الايجابية الغير مباشرة لتدهور الاوضاع فى دولة الجنوب الوليدة:
تدهور الاوضاع فى دولة الجنوب بشكل ذاتى ،، ( دون تدخل مباشر لحكومة الخرطوم) بشكل او باخر سيعيد ( ملف السودان ( بجنوبه وشماله) الى دايرة الاضواء من جديد) ،، هنالك اعتقاد بان دولة الجنوب التى نتجت عن عقلية امريكية دينية مسيحية ضيقة الافاق ،، ( المحافظون غالجدد) ،، دون مستوى عقلية المواطنة ،، وهى ( العقلية الامريكية المتهمة – تحت تحت -) بقتل الشهيد غرنق ،، لايمانه بدولة المواطنة التى تتجاوز افاق الذهنية الدينية (المسيحية والاسلامية ) الضيقة ،، وهى نفسها العقلية المتهمة – تحت تحت – بشكل مباشر او غير مباشربقتل الشهيد د خليل لرويته الوحدوية غير الانفصالية ،، لقد كانت العقلية الامريكية التى صنعت نيفاشا ،، وتابعت تنفيذ نيفاشا معنية فقط ( بانفصال الجنوب ) ،، وقليلة الاهتمام ،، بشركاء الجنوب من المهمشين الذين حاربوا مع الجنوبيين ،، اعنى بهم:
ابناء ابيي – دينكا نقوق –
شعب جبال النوبة
شعب الانقسنا فى جنوب النيل الازرق
شعب دارفور ،،
لعنة ارواح شهداء الهامش على العقلية الامريكية الضيقة على مقاس عقلية طالبان:
الحقيقة التى وضحت للكافة هى ان اهتمام امريكا وفرنسا ،، وغيرهما من الدول الغربية بملف دارفور كان اهتماما تكتيكيا مخادعا ،، القصد منه خلق جبهة بغرب السودان تضعف حكومة الخرطوم ،، وتسند التفاوض فى نيفاشا ،، وعندما تحقق انفصال الجنوب اعتطت امريكا ظهرها لكل شركاء الحركة الشعبية ودولة الجنوب ،، ( دينكا نقوق ،، النوبة ،، الانقسنا ،، اهل دارفور) وتحول شركاء الجنوب الى حليف يجب التخلص منه . الحقيقة ان من ضمن اسباب النزاع الداخلى بين الجنوبيين هو (تركة) شركاء الحركة الشعبية الذين وصلت على اكتافهم الى الاستقلال.
على الرغم من ان النزاع الحالى بين الجنوبيين يبدو انه حول السلطة والثروة فى جوبا ،، الا ان له ارتباطا غير قابل للانفصام مع روية د جون غرنق حول السودان الجديد ،، ووحدة السودان ،، وله ارتباط بعدم اهتمام امريكا والغرب عموما ،، بملف ابيي ،، ( بما يحفظ حقوق دينكا نقوق والمسيرية على السواء) وملفات شركاء الحركة الشعبية فى جبال النوبة والنيل الازرق وفى دارفور ،، الذين اهملتهم امريكا والغرب فى عملية تخالف قيم الحضارة الغربية ،، ولا تصدر الا من عقلية دينية متطرفة مشابهة تماما للعقلية الطالبانية فى الخرطوم .ما يجرى فى جوبا هو لعنة من الارواح الطيبة التى قاتلت من اجل مشروع السودان الجديد ،، لعنة من روح الشهيد غرنق ،، ولعنة من روح الشهيد يوسف كوة مكى ،، ولعنة من روح الشهيد داوود يحى يولاد ،، ولعنة من روح الشهيد د خليل ابراهيم ،، و لعنة من شعب دارفور ،، ومن النازحين الدارفوريين الذى استبشروا بزيارات كولن باول وكوندا ليزا رايس ،، وتركتهم امريكا لحكومة الخرطوم تبيدهم بطايرات الانتينوف ،، غير مبالية بمطالبات اهل دارفور بتنفيذ قرار حظر الطيران على اجواء دارفور اسوة باقليم كردستان فى عهد صدام.
.لدى كثير من ابناء ابيي ،، وجبال النوبة ودارفور قناعة ان امريكا قد ( اختطفت ) ملف الجنوب بملحقاته من الجنوبيين ومن الحركة الشعبية ،، كما اختطفت قضية دارفور من الدارفوريين ،، فكان طبيعيا ،، ان يتحقق المثل القايل : ( المشفوقة مدفوقة ) ،، اعنى امريكا معنية فقط ( بعظم دولة الجنوب ) وغير مبالية بشركاء دولة الجنوب ،، فكان طبيعا ان تنكب امريكا فى عظم دولة الجنوب نفسها لتعود لتصحيح اخطاءها الاخلاقية بشان شركاء دولة الجنوب من المهمشين الاخرين ،، فى ابيي،، جبال النوبة ،، والنيل الازرق ،، ودارفور الكبرى.
الحل فى حكومة انتقالية + انتخابات ديمقراطية مبكرة ( مراقبة دوليا)
ظاهريا ،، يبدو ان الشرخ كبير ،، ومن الصعب لم الشمل ،، لكن يبدو ان الحل فى تكوين حكومة انتقالية تشرف على انتخابات مبكرة ،، بحيث يتعهد الجميع باحترام نتايج الانتخابات ،، والتى تعنى الاحتكام الى الشعب فى جنوب السودان ،، والقبول بالديمقراطية ،، والتحول الديمقراطى من حركة الى دولة موسسات ،، بمقدورها محاربة الفساد ،، وبناء دولة التنوع فى جنوب السودان ،، وتفويت الفرصة على الاعداء المتربصين بدولة الجنوب وفى مقدمتهم حكومة الخرطوم الطالبانية ،، ومن خلفها الجامعة العربية البايسة.
ابوبكر القاضى
كاردف
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *