مستقبــل التسوية السياسية والعدالة الإنتقالية في السودان ..!!؟

وليـــد تقـــل
تقول النظرية العلمية أن لأي فعل رد فعل مماثل له في القوة ومعاكس له في الإتجاه..وبالطبع يتجاوز رد الفعل أحايين كثيرة الفعل ذات نفسه لعوامل شتى من بينها أثر الوقع وغيره من العوامل.
ولما كان الواقع السوداني المأزوم ملئ بالإختلالات ؛ فليس من المقبول أن تأتي الحلول غير متناسبة ومتناسقة مع الأفعال .ذلك أن إزهاق الأنفس بغير حق ، جريمة تورث الآثام وتوجب الإعدام لمرتكبيها؛ وفوق ذلك هو حق أصيل لذوي الضحايا لا وكيل عنهم فيه ولا سلطان عليهم.
الآن ونحن نشاهد فصول عبثية من مسرحيات العجين السياسي التي تعتريها المنقصة ويفتقد عارضوها للأهلية القانونية والأخلاقية ، يجد الشعب السوداني نفسه في بحر لجي من التلاعب بالمواقف والإفراط بالخطب الرنانة التي لا تبقي ولا تذر وكل ما يقال عن عقد النية والعزم على إجلاء أسباب الصراع من الغبار والرماد الكثيف العالق عليها ماهو الا نوع من الملهاة العبثية ونوع من الضلال السياسي الذي يحرق المراحل المهمة من الأزمة أمامه .. هذا ليس توصيف وقول هراء إنما تؤكده الشواهد التالية :ـ
في خضم مناداة نظام الانغاذ للمختصمين معه (بالحق) ظل يمارس النظام فهلوة واستعباط تؤكدان مدى عدم صدقيته وتماديه في القتل وترويع الامنين وتضييق الحريات العامة والشخصية (قصف الطائرات للقرى ومخيمات اللجوء والنزوح ــ مصادرة الصحف ــ إعتقال الناشطين والسياسيين ــ الإغتيالات) وهذه الأساليب القمعية تعزز القناعة بعدم أهلية النظام للحديث معه بالتي هي أحسن وهو ما يقول به النظام صراحة لا ضمناً بأن من يريد إزاحتنا فذلك لا يتثنى له الا بالقوة!!.
النقطة الثانية :ـ هي حرب الإبادة (التجويعية) التي يمارسها النظام ضد الشعب ؛ وهي وإن كانت نتاج إصطراع داخلي وحرب ملفات داخلية بين مكونات النظام ؛ الا أنها واحدة من الأساليب الغذرة التي لايرضاها ذو ضمير وقلب وروح لشعبه . فقد تطاولت الازمة الإقتصادية المتطاولة أصلاً منذ مولد الإنغاذ وطحنت حتى الذين كانوا ذوي أملاك وأغنياء ليستوي كل الشعب الا بضع منه هم المتنعمين .فإن ساقتك خطاك الى حيث الغابات الأسمنتية التي تدير الشأن الإقتصادي السوداني من قلب العاصمة الخرطوم ؛ لرأيت عجائب المغالطات مابين تقاطعات مصالح القبيلة والأمن والسوق ــ كما وسمها الكاتب تجاني عبد القادر من قبل ــ وبين الفساد المادي والأخلاقي الذي ترعاه أجهزة الأمن لهدفين:ـ:
الاول: سيطرة الأمن على المشتغلين والمتعاونين في الشأن الإقتصادي لضمان عدم تسريبهم لما يدور في أروقة حواضن الفساد ؛ عن طريق توريط القطط الثمان والرساميل الكبيرة بملفات اخلاقية من دعارة ومخدرات ؛ ليعرضوا عليهم التوثيقات الحية من فوتوغراف وفيديوهات ؛ ومن ثم يستكتبونهم ويملوا شروطهم فيصار الحال الى إذعان كامل لتنفيذ ما يطلب .
الثاني :ضمان التحكم بمصدر الثروات ومعرفة السيولة النقدية المتداولة لضمان حجب اي نموء اقتصادي وسيولة مالية يمكن أن تذهب الى حيث المعارضة وتمويل أنشطتها ؛ الشئ الذي يقوي عودها ويعجل بذهاب النظام الفاسد.وهذه النقطة يتفق فيها مع النظام بعض قادة المعارضة ويقتسمون مع قادته جزء من فوائد الارباح
.
* النقطة الثالثة :ـ هي عدم رغبة طيف واسع من المعارضة التي تسمي نفسها سلمية ـ وهي ليست كذلك ـ عدم رغبتها في التغيير الذي لا يمر بمطابخها غير عابئة بالمعاناة التي يتحرق بها العامة والسواد الأعظم . وما التفاعلات الأخيرة الا نوعاً من التلاعب والكيد السياسي القابل للتأرجح وهو ما يعيه النظام ويحاول توظيفه جيدا في إدارة الأزمة التي يمر بها ؛ فمثلا هو يعلم عندما يلوح بالإنتخابات أن من بين المعارضين الكبار ما يمكن أن يعود للحظيرة ويخوض الانتخابات بكل نواقصها ومنقصاتها لإضفاء شرعية على النظام كما هو مجرب في الانتخابات الفائتة .
* النقطة الرابعة :ـ هي موقف المجتمع الدولي أو قل أمريكا وحليفاتها من الأزمة والنظام ؛ إذ أن الموقف المعلوم هو الإبقاء على النظام ولو جزئياً لسهولة النيل من الوطن عبر بوابة النظام المفتوحة على مصراعيها ولا يضيرهم في ذلك أن يقتل الفاً من البشر أو مائة الف ، إنما طالما كل المطلوبات منفذة فلا تثريب . وما يؤكد ذلك هو تبني أمريكا لمصطلح (الهبوط الآمن ) للنظام مقرون بالتفكير في يمييع قضية اللاجئين والنازحين وتحويلهم الى مدن صفيح طالما أن الضغوطات الحقوقية وضغوط نشطاء حقوق الانسان في المجتمعات الغربية قد خفت بريقها وأصبح لا يتوالى للضغط على حكومات تلك الدول عبر مواطنيها لتتبنى مواقف وقرارات تسند الأزمة وتعيد الحقوق لأصحابها
الآن ونحن نعايش هذه الاضظرابات في المواقف نستقرئ مستقبل يجافي الحقيقة والواجب فيما يلي التسوية السياسية والعدالة الانتقالية في السودان . فالذي رشح من داخل دوائر النظام ومفاكراتهم مع الوسيط الافريقي وآليته رفيعة المستوى ما هو الا عروض تسوية ناقصة يجري إجبار كافة الأطراف لقبولها كما هي ـ استلهاماً لسابقة نيفاشا وقبولها ــ ثم فاليذهب الجميع الى الجحيم تطاردهم اللعنات من قبل الثكالى والمحرومين الركع السجود .
وما رشح حتى الان هو :
1ـ إجبار القوى المسلحة على التنازل عن (العدالة الإنتقالية) مقابل تنفيذ كل مطلوباتها في السلطة والثروة .. فأي مطلوبات تلك التي تساوي أنهر الدماء التي أريقت ؟؟؟
2ـإجبار النظام على التخلي عن فكرة الوطنية التي تتلبسه ويدعيها وإجباره على نقل مائدة التفاوض الحواري ــ هكذا سموه تهجيناً بين الحوار والتفاوض ــ الى خارج السودان برعاية اممية في نسخة الالية رفيعة المستوى .
3ـ إجبار التحالفات السياسية الأخرى بالقبول بوجود النظام ضمن التسوية والتخلي عن شعار اسقاط النظام واقتلاعه ؛ وربما سيتم إستصدار قرار اممي يحاسب ويجرم اية حالة فلتان من هذه التسوية وربما يتم تجريم حتى المحايدين.
كل هذه مقروءة مع تاكتيكات ومناورات في ظل أزمة لا تقبل التسويف والمناورة السياسية.. فإذا ثبت ذلك وبات واقع ركن له النظام ومناوئوه فعلى الحقوق والعدالة السلام … والسلام.
[email protected]
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *