مريم تشعل المحكمة نورا والخليفة يطفئ اخر شمعة في ظلام الشريعة

حسن اسحق
من غرائب العجائب في زمن غرائبية الدولة الدينية ان تنسي الدولة مشاكل انسانها في الغلاء والحرب، والجفاف ، وتنسي احد اركان محطمات الدولة، ومنها الفساد الذي ضرب كل بقاع الوطن من مكاتب الولاية الخرطومية، ودهاليز وزارة العدل في فساد الا راضي،وشركة الاقطان، وفشلها في الخروج بتحقيق نزيه حول مقتل طالب جامعة الخرطوم في مارس الماضي، وفشلها في التحقيق حول ضحايا سبتمبر، وهذا اذا نسينا دارفور وجبال النوبة وما ادراك ما الانقسنا ، وتورط ابناء وزراء فاسدين ومتورطين من اسرة الرئيس في فساد مكتب الولائي وابنه ونسيبه وعضو كبير في المؤتمر الوطني، وفشل تسميم ملازم اول غسان عبدالرحمن في مكتبه، لاطفاء اخر شعلة للفساد، بدلا من إشعال نارا لاظهار الفاسدين. قالوا ان القاضي لايحكم الا بالمستندات التي توضع علي طاولة المحكمة، وبهذا حكم عباس الخليفة بمحكمة الحاج يوسف علي الطبيبة مريم يحي بالاعدام يوم الخميس الماضي تحت المادة 126و146 بالردة والخروج عن الاسلام والزنا، رغم انها متزوجة من امريكي، وانكرت امام القاضي عباس الخليفة انها ليست مرتدة، بل هي مسيحية، وهذا حقها في إعتناق ماتراه مناسبا من دين، ورغم حديث الغوغاء ليس من حقها، وهي مسلمة (كسر) رقبة، اذا ارادت ذلك او لم ترد. المنحرفين في عهد الشريعة المزيفة لهم الصوت الاعلي، لان الدولة تريد ابواقا دينية، ولذا تسمح لهم باداء ادوار تضليلية في الساحات العامة، لنشر الزيف الاسلا مي. كانت مريم يحي مثل النور المشتعل في قاعة الضلال العدلي، وكان الحضور الكثيف المؤيد لموقفها والرافض للاحكام الجائرة ضدها، وقابلته هتافات تكبيرية والهية مغيبة عن الساحة السياسية، ولم تري في قضية مريم الا كلمات نصوصية مبتذلة، من بدل دينه فاقتلوه، ومتناسين ان دستور 2005 الذي انتج اتفاقية نيفاشا بين الحركة الشعبية صاحبة المشروع العلماني والمؤتمر الوطني صاحب المشروع الاسلامي المخادع، تكفل نصوصه حق الاعتقاد الديني.. ان مريم اكدت انها علي حق، لم ترتجف امام المقصلة الاسلامية، فهي النور الذي اشتعل في قاعة الظلام، واطفأ القاضي آخر شعلة في محطة القضاء السوداني. ان من لهم مواقف وحقوق دينية من اجلها قد يواجهون فوضي الشريعة والاعدام، لكن ذلك لا يعني الوقوف الاخير في وجه الظلم والاضطهاد في بلاد تنزف كل يوم دماء بأسم المشروع الحضاري الاسلامي. انها الاسلاك الشائكة التي توضع كل ثانية علي طريق حرية الاعتقاد الديني، انها الاسلاك التي تمترس بها جماعات الهوس الديني في بلادي..
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *