عائلات ضحايا المدمرة الأميركية «كول» تقاضي السودان.. للمطالبة بمزيد من التعويضات
يتهيأ عدد من عائلات، البحارة الأميركيين الذين قتلوا في الاعتداء الذي تعرضت له المدمرة الأميركية (كول) في السواحل اليمنية عام 2000، لرفع قضية جديدة، ضد الحكومة السودانية، للمطالبة بمزيد من التعويضات، بعد أن أتاح قانون جديد في الكونغرس، الفرصة أمامها للحصول على تعويضات جديدة. لكن الخرطوم اعتبرت هذا الإجراء ابتزازا.
وكانت محكمة فيدرالية في «نورفولك» في ولاية فرجينيا الأميركية أصدرت حكما في مارس (آذار) 2007، يلقي بالمسؤولية على السودان في تفجير المدمرة كول، بناء على دعوى مرفوعة من 6 من أسر الضحايا، وقد تم تعويضهم بمبلغ 13 مليون دولار، تم دفعه بداية هذا العام من أموال الحكومة السودانية المجمدة في الولايات المتحدة، بسبب العقوبات. وكانت المدمرة الأميركية كول فجرت عام 2000 عند خليج عدن قبالة اليمن، وأسفر التفجير عن مقتل 17 بحارا أميركيا. واعتبر قاضي المحكمة الفيدرالية الأميركية وقتها أن المجموعة، التي قامت بتدمير المدمرة كول وتنتمي إلى تنظيم القاعدة، تلقت مساعدات لوجيستية من السودان ولولاها لما تمت العملية. وأعلن القاضي روبرت جي دومير، من محكمة «نورفولك» بولاية فرجينيا، الذي ينظر في القضية أنه سينظر في استئناف جديد من محامين يمثلون عائلات ضحايا المدمرة، يريدون مزيدا من التعويضات من حكومة السودان. وطلب القاضي من محامي حكومة السودان الرد على هذا الطلب الجديد. غير أن محامي الخرطوم غريغ ستيلمان اشتكى أمس بأن السفارة السودانية في واشنطن توقفت عن التعامل معه منذ أكثر من سنتين. وحذر الخرطوم بأنها ستتعرض لمزيد من العقوبات من القاضي في نورفولك. وقال ستيلمان «لم أجد أي شخص يرد على اتصالاتي التليفونية». وحذر من أن عدم الرد على طلب القاضي، سيكون معناه أن القاضي سيحكم لصالح عائلات الضحايا، وسيطلب مزيدا من التعويضات من حكومة السودان. أول مرة طلبت العائلات تعويضات بعد مرور أكثر من سنة على انفجار المدمرة «كول»، الذي وقع في ميناء عدن في اليمن، في أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2000. وقتل الانفجار 17 جنديا أميركيا. في وقت لاحق، بعد أن أصدرت لجنة تحقيق تقريرا بأن المسؤولين عن الانفجار كانوا في السودان، وأن السودان، بذلك، ساهم في العملية الإرهابية، رفعت عائلات الضحايا قضايا تعويض ضد حكومة السودان. وفي بداية هذه السنة، أمر قاض فيدرالي في نيويورك بنوكا أميركية كانت جمدت حسابات تابعة لحكومة السودان، بصرف 13 مليون دولار نقدا لثلاثة وثلاثين من ضحايا الهجوم، حسب قرار محكمة فيدرالية أخرى في سنة 2007. كانت المحكمة أمرت بتعويض ثمانية ملايين دولار، غير أن المبلغ زاد بسبب مرور الزمن وزيادة أعضاء العائلات المصابة، وبسبب زيادة سعر الفائدة خلال السنتين الماضيتين. وفي بداية الصيف، تسلم كل واحد من ثلاثة وثلاثين من أرامل وآباء وأمهات وأطفال الضحايا ما بين ربع مليون ومليون وربع المليون دولار. وكان القاضي قدر هذه المبالغ اعتمادا على حسابات عن الدخول التي كانت متوقعة لكل واحد من الضحايا خلال ما كان سيتبقى من حياته حسب العمر والمؤهلات والحالة الصحية.
لكن، كانت العائلات طلبت تعويضات تزيد عن مائة مليون دولار. وفي حملة علاقات عامة منظمة ومنسقة، وصلت العائلات إلى الكونغرس وأقنعته بإصدار قانون في سنة 2008، اسمه «قانون ضحايا إرهاب تؤيده حكومات».
ونص القانون، الذي وقع عليه الرئيس السابق بوش الابن، على السماح للعائلات، وغيرها، بالمطالبة بتعويضات عقابية بسبب ما لحق بهم من أذى ومعاناة نفسية. وألغى القانون الجديد قانونا قديما كان يمنع مثل هذا النوع من التعويضات عن المعاناة النفسية. غير أن القانون الجديد استثنى العراق، وذلك خوفا من رفع قضايا ضد القوات الأميركية هناك. بناء على القانون الجديد، عادت القضية إلى محكمة نورفولك التي أعلنت يوم الجمعة أنها ستعيد النظر في موضوع التعويضات عن المعاناة النفسية. وطلبت من حكومة السودان تقديم رأيها في الموضوع. وفي الخرطوم اعتبر مصدر رفيع في الحكومة السودانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قيام أسر ضحايا المدمرة الأميركية كول، برفع دعوى جديدة للحصول على تعويضات من الحكومة السودانية «تكريس للظلم الأميركي في العالم.. ونوع من التحايل والسرقة». وقال المصدر الحكومي إن الدعوى الجديدة ضد السودان بخصوص حادثة المدمرة كول جزء من أعمال تكريس الظلم في العالم من قبل الولايات المتحدة. وأضاف أن حادثة المدمرة كول لم تقع في السودان ولم تتم بأيدٍ سودانية «وليس للسودان صلة به من قريب أو بعيد».
وقال إن «السودان لديه أموال مجمدة في الولايات المتحدة بسبب العقوبات الأميركية، وعليه فإن ما يتم تحريكه من دعوى ضد السودان بشأن الحادثة تكتيك ذكي للحصول على أموال السودان دون وجه حق». وقال المصدر إنهم يرون أن الدعوى «نوع من التحايل والسرقة»، وأضاف أن الدعوى عمل يتم دون سند قانوني وهو جرم لا يقل عن الجرم الذي وقع في حق الباخرة ومن فيها».
واشنطن: محمد علي صالح الخرطوم: إسماعيل آدم
الشرق الاوسط