الخرطوم – لندن: «الشرق الأوسط»
أوضح المستشار الأميركي لدارفور دين سميث، أن التمويل لإعادة إعمار إقليم دارفور الذي تمزقه الحرب، معرض للخطر إذا لم تخفف الحكومة القيود على العاملين في مجال الإغاثة الدولية.
وأضاف سميث أن الميليشيات «خارجة على السيطرة على ما يبدو»، وهي ضالعة في الهجمات على قوات حفظ السلام، إلا أن الحكومة لا تبدي اهتماما كبيرا في محاكمة منفذي تلك الهجمات، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وتعاني دارفور الواقعة غرب السودان من تسع سنوات من النزاع منذ التمرد ضد حكومة الخرطوم التي يهيمن عليها العرب.
ورغم انخفاض حدة العنف عن ذروته، فإن أكثر من مليون شخص ما زالوا مشردين في مخيمات، بينما تم تدمير قرى كاملة.
ومن المقرر عقد مؤتمر دولي لجمع الأموال من أجل إعمار دارفور مطلع العام المقبل في الدوحة بموجب اتفاق سلام جرى التوقيع عليه في العاصمة القطرية العام الماضي بين الخرطوم وتحالف من الفصائل المتمردة في دارفور.
وقال سميث إن المانحين، ومن بينهم الولايات المتحدة، يواجهون «صعوبات متزايدة» في إدخال الموظفين إلى دارفور لتقييم مشروعات الإغاثة والإشراف عليها.
وصرح في آخر زيارة له إلى السودان مع انتهاء مهمته التي استمرت عامين بأنه «يجب حل مسألة الدخول إلى دارفور، فهي تهدد مؤتمر الدوحة للمانحين المقرر أن يجري العام المقبل».
وقال: «يجب حل هذه المسألة بشكل إيجابي»، مضيفا أن الكثير من موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) يواجهون صعوبات في الحصول على تأشيرات دخول، وعند وصولهم الخرطوم «يواجهون مصاعب جمة في الحصول على تصاريح سفر» إلى دارفور. وأضاف: «وقد رأينا قيودا على منظمات الأمم المتحدة التي توفر الدعم الأساسي في دارفور».
وفي 31 يوليو (تموز) الماضي، أعرب مجلس الأمن الدولي عن «قلقه العميق من زيادة القيود والعوائق البيروقراطية» أمام حركة عناصر القوة الأفريقية الدولية (يوناميد) في دارفور.
إلى ذلك، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية أمس، إن القوات الحكومية السودانية تقتل مدنيين في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون بقصف عشوائي تستخدم فيه «براميل متفجرة» بدائية الصنع مملوءة بالمسامير وقطع المعادن. ونفى عضو في الحزب الحاكم في السودان تقرير المنظمة ووصفه بأنه «لا أساس له بالمرة»، حسبما ذكرت وكالة رويترز أمس.
واندلع التمرد في ولاية جنوب كردفان في يونيو (حزيران) العام الماضي قبل وقت قصير من انفصال الجنوب، ثم امتد التمرد إلى ولاية النيل الأزرق في أكتوبر (تشرين الأول). ومنذ ذلك الوقت أدى القتال إلى تشريد مئات الآلاف من السكان بالولايتين. واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي مقرها نيويورك، في تقريرها، القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات من بينها القصف العشوائي بالمدفعية والقصف الجوي الذي أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين.
وقالت المنظمة في التقرير الذي اعتمد على خمس رحلات إلى مناطق يسيطر عليها المتمردون في السودان، وإلى مخيمات لاجئين في جنوب السودان: «القوات الحكومية أغارت على القرى وأحرقت ونهبت ممتلكات المدنيين، واحتجزت أشخاصا بشكل تعسفي، واغتصبت نساء وأطفالا».
وقالت المنظمة إن السودان أسقط قنابل غير موجهة من طائرات شحن روسية الصنع من طراز «أنتونوف» وطائرات تطير على ارتفاعات عالية. وأضافت أن باحثيها وجدوا أدلة على استخدام الجيش السوداني للبراميل المتفجرة – وهي عبوات ضخمة مملوءة بالمتفجرات والمسامير وقطع المعادن – في ولاية النيل الأزرق.
وقالت المنظمة إن القوات البرية والميلشيات الموالية للحكومة السودانية، ومن بينها قوات الدفاع الشعبي شبه العسكرية، هاجمت القرى دون تفرقة بين المدنيين والمقاتلين. وقاتل المتمردون في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق – المعروفون باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال – إلى جانب قوات جنوب السودان خلال الحرب الأهلية، لكن التقسيم أبقاهم في الشمال. ويقول المتمردون إنهم يقاتلون من أجل حماية الأقليات العرقية من القمع، بينما تتهمهم الخرطوم بنشر الفوضى بدعم من رفاقهم القدامى في جنوب السودان.
وقال ربيع عبد العاطي العضو البارز في حزب المؤتمر الوطني الحاكم إن تقرير «هيومن رايتس ووتش» لا أساس له ومنحاز للمتمردين. وقال إن المتمردين لا الجيش السوداني هم الذين يرتكبون الانتهاكات ويستهدفون المدنيين، وأشار إلى مرات قصفت فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان. وقال إن قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال لا تهاجم جيش السودان، وإنما تهاجم المدنيين فقط، وهذا هو السبب الذي يدعوه إلى القول إن هذا التقرير غير صحيح بالمرة.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» إنها استمعت إلى تقارير عن انتهاكات قام بها المتمردون، مثل القصف العشوائي، لكنها لم تتمكن من دخول المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية لتأكيد تقاريرها.