( الاحداث )
أبدى القيادي بحزب الأمة القومي السيد مبارك الفاضل المهدي ارتياحه لنتائج اجتماع الهيئة المركزية الأخير لكونها صوبت الخط السياسي للحزب، كما وضعت وحدة الجزب في قائمة أولويات المرحلة المقبلة.
وقال في حوار مع الأحداث “ما تحقق في اجتماع الهيئة المركزية يعد نجاحا خاصة أنها انعقدت في زمن ضيق إلا أنها صوبت الخط السياسي للحزب باختيارها معارضة النظام وتبنيها لوحدة الحزب”.
وقال مبارك المهدي ان كثيرين من أعضاء الحزب المخضرمين باركوا خطوة نصر الدين المهدي عندما وقع اتفاقا مع الجبهة الثورية .
وأشار إلى أن خطاب رئيس الحزب الصادق المهدي غابت عنه بعض العناصر المهمة في تشخيص مستقبل السودان كما أنه لم يكن موفقا في بعض النقاط، بينها تخويفه للجماهير من الانتفاضة والمعارضة السلمية. وألمح إلى أن هذه الدعوة تطرح أمام الجماهير خيارين إما الاستسلام للنظام الحاكم وهو خيار غير مقبول لحزب معارض أو دفعها لحمل السلاح والانضمام للمعارضة المسلحة.
وأشاد باختيار د.إبراهيم الأمين أمينا عاما للحزب لجهة أنه كادر معروف وله تاريخ نضالي وعرف بأنه شخص وفاقي وقال إن اختيار إبراهيم تصويب للخطأ الذي وقع فيه الحزب عندما اختار الفريق صديق إسماعيل أمينا عاماً.
( نص الحوار ادناه )
حوار: شوقي عبد العظيم
طلبنا أن نجري معه حواراً قبل اجتماع الهيئة المركزية، إلا أنه فضل ولمصلحة الحزب أن نرجيء الحوار إلى ما بعد الاجتماع، أمس الأول جلسنا إلى مبارك الفاضل، فقدم لنا تحليلاً لكل ما جرى في الاجتماع، والمدهش أنه كان راضياً كل الرضى عن الاجتماع بل بدا متفائلاً بمستقبل الحزب في ظل التغيرات التي حدثت، رغم أنه رهن اكتمال النجاح بمواقف القيادات في المستقبل، مبارك لم يتحفظ في هذا الحوار وتحدث صراحة عن أسباب خروج الأمين العام السابق صديق إسماعيل، وعن العوامل التي ساعدت في فوز د. إبراهيم الأمين، وكشف أثناء الحوار عن جوانب مهمة في شخصية الأمين العام الجديد وبين أن له مواقف تحسب لصالحه قد تساعده في أداء مهمته، ولعل من المهم أن نشير إلى أن مبارك قدم قرأة وتحليلاً وافياً لخطاب رئيس الحزب أمام الهيئة، ووقف عند نقاط أساسية قال إنه لم يوفق فيها ووضح الأسباب، ومن هذا وذاك قدم لنا رؤية متكاملة لمستقبل حزب الأمة القومي ما بعد اجتماع الهيئة المركزية وإلى أين سيتجه، حال بدل خطه السياسي الحالي وحال بقيَ كما كان يراوح مكانه في الخطة (أ) على حد تعبيره.. فإلى تفاصيل الحوار.
-هل تعتقد أن قرار مقاطعتكم للهيئة المركزية كان موفقاً؟
قبل كل شيء، القرار لم يكن اختيارياً، لأن التكتيك الذي اتخذه الصادق ومن معه أن نكون خارج أجهزة اتخاذ القرار وأن نمنع من حضور الهيئة المركزية، وذلك برفضهم لإعمال مواد في دستور الحزب ترفع الهيئة المركزية لمؤتمر عام، وهم منعونا خوفاً من أن نغير المسار ولكن في الواقع المسار تغير دون أن نحضر، وتأثيرنا كان واضحا، وحضورنا كان حضوراً فكرياً وغيابنا لم يكن له أثر، وعلمت أن الفريق صديق قال لبعض خاصته «أنا سقطني كلام مبارك في المؤتمر الصحفي» وإن تمسكنا بالحضور كانت ستحدث احتكاكات لا داعي لها وفقط عملنا على تحقيق رؤيتنا.
-في المؤتمر الصحفي الذي سبق الهيئة المركزية كانت لكم مطالب من بينها تغيير خط الحزب السياسي، ووحدة الحزب هل ترى أن ذلك تحقق؟
نعم بقدر كبير، وفي تقديري أن تصويت الناس ضد الفريق صديق إسماعيل وإبعاده عن الأمانة العامة كان تعبيراً عن هذين المطلبين، ومن جهة أخرى رفض صديق يعني رغبة جماهير الحزب في إسقاط النظام وعودة الحزب موحداً وفاعلا، فهو في نظر الجماهير يمثل رأس الرمح في العلاقة مع المؤتمر الوطني وكان حتى آخر لحظة رسول الوطني للحزب وبالعكس، وظل متمسكاً بالحوار مع الحكومة بطريقة غير منطقية، كما إنه كان ضد لم الشمل والوحدة وسعى لمنع عودة قيادات مهمة لصفوف الحزب وأعتقد حتى ما كان يقوم به في هذا الجانب لا يبعد كثيراً عن ما يريده المؤتمر الوطني، وهنالك عدد من الأعضاء صوتوا برفضه وسافروا قبل أن يختاروا بديلاً له وهمهم أن يبعد صديق من الأمانة كتعبير عن رفضهم للخط السياسي في عهده ولفشله في جمع صفوف الحزب، ولما وصل إليه حال جماهير حزب الأمة.
-هل يعني تنحي صديق وفوز د. إبراهيم الأمين نهاية العلاقة الحالية بين الوطني والأمة وعودة الحزب موحداً؟
قبل كل شيء يجب أن نشير لمشكلة في دستور حزب الأمة الأخير لعام 2009م جرد الأمين العام من الصلاحيات وأصبح فقط أمين تنظيم، وفي ذات الوقت كرس السلطة السياسية والتنفيذية في يد رئيس الحزب، وفي السابق كان الرئيس مسؤولاً عن السياسات الكلية للحزب بينما كانت السلطة التنفيذية بيد الأمين العام، أما الأمين العام الجديد الدكتور إبراهيم فهو أمام مسؤولية كبيرة، لأن اختياره تم في ظروف معقدة جداً بالنسبة للحزب وللبلد، واختياره كان على أساس أنه شخصية وفاقية وله تاريخ سياسي ويدرك أشواق جماهير الحزب ورغبتها وكذلك يعي الظرف الذي تمر به البلاد. لذلك مطلوب منه كأمين عام أن يؤثر في كابينة القيادة لتنفذ قرارات الهيئة المركزية في ما يتعلق بالخط السياسي المعارض للنظام وبوحدة الحزب، وإن واجهته إشكالات ولم يتمكن من التأثير ولم يميز موقفه حتى ولو بتقديم استقالته، فلن يختلف مصيره من مصير الفريق صديق.
-هل تتوقع له النجاح في مهمته كأمين عام؟
الأخ إبراهيم عرف بأنه شخصية وفاقية، وله تاريخ ووعي سياسي، ونشاط وصلات مع الأحزاب السياسية وحضور في المجتمع وعلم بمكوناته، وكما أشرت سابقاً هو الآن أمين عام والحزب يعيش مرحلة صعبة وكذلك السودان، إلا أن اختياره كان كتصحيح لخطأ اختيار الأمين العام السابق فهو اختيار على أساس السجل الحزبي ككادر وقيادي ملتزم وله تاريخ معروف وهذا ما لم يكن متوفراً في الأمين السابق، وثانياً أُختير على أساس موقفه السياسي الذي يتوافق مع رغبة جماهير الأمة، وثالثاً على أساس شخصيته الوفاقية وسعيه لجمع شمل الحزب ويمكن أن نقول إن اختيار إبراهيم تصويب لاختيار صديق، فمن قبل جرب الناس شخصاً غير كادر ومن خارج الحزب فأذاقهم الويل بمعنى يمكن أن يخترق وأن لا يكون مؤتمناً على مصالح الحزب وكذلك خطه السياسي غلط، كما إنه ضد الوفاق وضد لم الشمل لأسباب خاصة، والحقيقة أن د. إبراهيم في لجنة فضل الله برمة كان له موقف مختلف، ومتقدم على جميع أعضاء اللجنة، وفي اجتماع شهير في مجلس التنسيق، عندما أبلغ الصادق المهدي المجلس بأنه سيجمد موضوع التعينات حتى يجتمع معي، اقترح إبراهيم أن يدعى مبارك لحضور اجتماع مجلس التنسيق، الصادق أصر بأن يجتمع معي وحده، فما كان من د. إبراهيم إلا وأن قال له «بعد اجتماعك بمبارك منفرداً نسمع منك كلام ومن مبارك كلام مختلف، لذلك من الأفضل أن يكون الاجتماع في حضورنا». والشاهد أنه له مواقف مسجلة في التحديات التي تواجه الحزب، وأتصور أن يحرص الأخ إبراهيم على تاريخه ومستقبله كسياسي.
-هناك من يرى أن منصب الأمين العام من نصيب أولاد الغرب، والصادق عبَّر عن ذلك خلال اجتماع الهيئة المركزية، هل يمكن أن يكون لهذا تأثير في المستقبل؟
هذا اقتراح من د. عمر نور الدائم عليه رحمة الله عندما كنا في اجتماع القاهرة في عام 2000م، وقال الأمانة العامة كان فيها من قبل عبد الله بك خليل كنزي والأمير نقد الله دنقلاوي وكنت فيها أنا كاهلي لذلك أقترح أن تعطى هذه المرة لدارفور، ومن هذا المنطلق جاءت الأمانة العامة لأبناء دارفور وبعد رحيل د. عمر تم اختيار عبد النبي علي أحمد وبعد وفاته كان التركيز على أن يكون من يخلف عبد النبي من دارفور وهنا حدث الخلاف بين مجموعة التيار العام ومجموعة الصادق، ونتيجة لهذا الصراع جاء صديق إسماعيل، الآن ولم تعد شخصية الأمين العام أولوية بالنسبة لها، إنما الأولوية للخط السياسي، لذلك حصل تحالف هذه المرة بين ممثلي أبناء الغرب وأبناء النيل الأبيض والجزيرة، وهذا التحالف هو الذي أطاح بصديق وجاء بإبراهيم. وعندما حاول رئيس الحزب ترشيح شخص من الغرب وهو علي حسن تاج الدين رفض لأنه غير ملتزم سياسيا، وانتقل الترشيح لرئيس الحزب في شمال دارفور د. محمد آدم عبد الكريم وهو من العائدين من التيار العام وله خلاف طويل مع القيادة رفض، وهو من قام بترشيح د. إبراهيم الأمين، وعكس ما يظن كثيرون اختيار الأمين العام عبَّر عن تطور بإسقاط أحد أبناء الغرب واختيار أمين عام لاعتبارات الخط السياسي ومعايير مصلحة الحزب.
-ما تقييمك لاجتماع الهيئة المركزية؟
الاجتماع كان ناجحاً بدرجة كبيرة، وإعاد الحزب للمسار الصحيح، والتحدي أن تنفذ القيادة قرارات الهيئة المركزية، لتخرج الحزب والبلد من الأزمة الحالية، وبعد ذلك تكون المسؤولية على القيادة السياسية بإنفاذ ما تم في الهيئة، ولكن يحسب لها أنه قامت بعمل كبير في زمن ضيق، أولا صوبت خطاب الرئيس، ورفضت باقتراحه قفل الباب أمام الوحدة واعتبرت أن وحدة الحزب أولوية، ولم تقتنع بالخط السايسي في الحزب وطالبت بخط سياسي معارض وواضح.
-هل عبر خطاب رئيس الحزب عن مستقبل الحزب بصورة كافية من وجهة نظر مبارك؟
الخطاب في تقديري غاب عنه عاملين أساسيين في ما يتعلق بمجريات الأحداث ومستقبل السودان، وهما الانهيار الوشيك في الاقتصاد بسبب توقف نصف إنتاج النفط في هجليج، وتداعيات الحرب داخلياً وخارجيا، وهي عوامل ستؤثر حتى على التغيير، والخطاب لم يكن موفقاً في رفضه لمبدأ الانتفاضة بحجة أن النظام استعد بالعنف لمواجهتها وهذا أمر مفروغ منه، وكل الانتفاضات التي حدثت في السودان في 1964م وفي 1985م حدث فيها عنف، ووقع ضحايا، والآن في اليمن وفي سوريا وفي مصر ولا يمكن أن تصل للتغيير دون تضحيات، لذلك استبعاد خيار الانتفاضة وتخويف الناس من العنف له مردودات ونتائج سلبية جدا، وكأنك تطلب من الناس إما الاستسلام وإما الذهاب لحمل السلاح والانضمام للحركات المسلحة، وبمنطق آخر عندما تستبعد فعلاً محدداً يجب أن تطرح بدائل وفي دعوة الصادق إن كان بديل الانتفاضة الاستسلام فيعني هذا أنك غير معارض ومسلم للنظام القائم، وإن اخترنا البديل الثاني العمل المسلح فهذا يعني أنك هزمت موقفك في الجهاد المدني، لذلك لم يكن موفقاً في هذه النقطة وهناك تناقض عندما تحدث الخطاب عن تمييز موقف الحزب عن الانتفاضة الشعبية.
في الخطاب لم يرفض الصادق الخروج للشارع ولكنه رهن ذلك بتراكمية حتى يتحقق نجاح
أيضاً في هذه الجزئية يوجد خلل، لأن التراكم حصل منذ 1989م، برفض النظام ومقاومته ودخول بيوت الأشباح، ثم المقاومة العسكرية في الشرق، وكذلك في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، والإضرابات في المناصير والأطباء وغيرها وتعبيرات الرفض المختلفة، وهذه التعبيرات والمقاومة للنظام نجحت في أن يتراجع النظام من نسخته الأولى في 89 من الأحزاب وإدانتها إلى التحاور معها، وسقط المشروع الحضاري بتمسكه برؤيتها للإسلام وتصدير هذه الرؤية للخارج، وانهزمت مواجهته مع الغرب وسلم بانفصال الجنوب بعد حرب باسم الإسلام قتل فيها كثير من أبناء السودان، وكل هذا التراجع نتيجة لنضال تراكمي موجود، والعكس في ثورات الربيع العربي كان هنالك انفجار أكثر من كونه تراكما كما حدث في تونس ومصر وما يحدث اليوم في سوريا، والصادق يرى أن في الدعوة لإسقاط النظام قبل الاستعداد الجيد تهريج وهذا أيضا غير صحيح، ومثلاً حركة كفاية في مصر بدأت بعشرين نفراً أحياناً يضربوا وأحياناً يتركوا، ولكن من المهم أن ترفع الشعار ليتحول إلى عمل ويلتف الناس حوله، الجهاد المدني ليس من الممكن أن يكون هدفه سري، والعمل السري يكون في الإنقلابات والعمل المسلح، ولكن الانتفاضة تكون معلنة وأمام الجماهير، ولم يكن الصادق موفقاً في أن يقول إن الذين يدعون لإسقاط النظام يتكلمون كلاماً فارغا، لعلهم غير مستعدين لما يقولون هذا غير صحيح، وأهمية العمل المدني أن يكون معلنا، وحتى هذه التراكمية الصادق نفسه فعلها مثل مناهضة التطرف في المولد وموضع مناقشة مشروع القانون الأمريكي وهو مشروع يساعد في عزلة النظام لكن أنت فعلتها مرة واحدة والناس انفضوا.. ومناهضة انتهاك حريات حقوق الإنسان وحرية التعبير ومحاكمة الصحفيين أمثال فيصل محمد صالح والقراي ولبنى أحمد حسين ومصادرة الصحف، كلها تراكمية وكذلك الضغوط الخارجية وشباب الإنترنت كلها أمور يومية ومسترة كتراكمية للانتفاضة. والغريب أن يقول الخطاب إن حزب الأمة سيتبنى الاحتجاجات كأن حزب الأمة جهاز إعلامي أو منظمة، والمفروض أنت كحزب سياسي أن تفعل الاحتجاجات لا أن تتبناها، وهذا ما كان عليه الحزب قبل اجتماع اللجنة المركزية فمثلاً ذهب للمناصير لتبني الحل وفض الاعتصام، وما يكون أن أقوله في جزئية التراكمية هذه لتأخير الانتفاضة بأنها غير مقنعة، وانتظارك للتراكمية أثناء حوارك مع النظام هذا يعني أن تمسح بالشمال ما تكتبه باليمين ولا يستقيم الفعلان أن تفاوض وتعارض والتفاوض يجب أن يكون بأجندة زمنية واضحة ولها حدود.. وفي نقاش حضرته بين الدكتور جون قرنق والصادق قال له د. جون وسائل التغيير اثنان: الانتفاضة والعمل العسكري، والاثنان يقودا لحوار والحوار يفضي لاتفاق، إذن الحوار ناتج عن عمل وموقف، مثلاً بقاء الناس في الشارع وتظاهرهم في اليمن أجبر علي عبد الله صالح على التنحي، ولا يمكن أن تفاوض ثم تقول في وقت لاحق سننتقل إلى الحشود المليونية.
-قيادات في الهيئة لم تكن راضية عن موقف الخطاب من المعارضة وأحزاب التحالف؟
هذه أيضاً من النقاط التي لم يوفق فيها الخطاب، لأنه اتخذ موقفاً عدائياً من قوى الإجماع الوطني، واعتبرهم أصحاب كلام فقط، ووضع الذين يقدمون مذكرات داخل المؤتمر الوطني معارضة أكثر من قوى الإجماع، فقال إذا استثنينا الذين يدعون إلى إسقاط النظام بالقول لا بالفعل نجد أن المعارضة تلخصت في الآتي الجبهة الثورية المسلحة وحركات الشباب والمعارضة الخجولة لعضوية المؤتمر الوطني بالمذكرات وبهذا أستثني كل الأحزاب: الشيوعي والشعبي والأحزاب العروبية وكل أحزاب تحالف المعارضة والتجمعات النقابية من محامين وأطباء ومنظمات المجتمع المدني.. الخطاب في تقديري مراوحة في الخطة (أ) التي تعتمد الحوار طريقة للتغيير وهذه أحد أسباب عدم رضى القيادات وحتى الجماهير عن الخطاب وهو يضع الحزب وكأنه كما قال الصادق نفسه في وصف معارضين ينتظر من يهز له الشجرة ليلقط الثمر، فكيف ينتظر حزب أن يعتصم الآخرين ليتبنى الاعتصام وأن يتظاهر الآخرون ليتبنى التظاهرات وهو كحزب كبير عليه أن يقود الانتفاضة وأن يفعل الاعتصامات والتظاهرات وأن يقنع حاملي السلاح بأفضلية الجهاد المدني.
-اللجنة التي كلفت بقراءة خطاب الرئيس أضافت له نقاطاً أساسية من بينها خط معارض واضح ووحدة الحزب.. هل تعتقد أن هذه النقاط ستنفذ ويكون لها وجود حقيقي في المستقبل؟
هذا هو المطلوب، وفي تقديري لا يمكن تنفيذها إلا بعد إعادة نظر شاملة للرؤية داخل الحزب، الخط السياسي لا يمكن أن يكون جزئية منفصلة، فيجب أن ترتب بيتك من الداخل بأن تكون هنالك مصالحات مع كوادر مخضرمة وتفعل جسمك التنظيمي حتى يستطيع أن يقود هذا التوجه، وإن حدث هذا التغيير وعمل الحزب على إنفاذ توصيات لجنة خطاب الرئيس سترفع من أسهم القيادة وبالذات الصادق سيصبح محل إجماع ويرفع من قيمته الوطنية وكزعيم سياسي قومي ودولي وسيصبح زعيم يتحدث بفعل، وسيرفع من قيمته أمام المؤتمر الوطني كمعارض فاعل.
-وإن لم يحدث؟
ستكون محاولاته للتغيير عن طريق التوافق ستضعف، فلماذا سيستمع حزب حاكم لسياسي ضعيف منقسمة قيادته التي من حوله وحزبه غير فاعل، وإذن حتى الخط الذي يفضله الصادق فرص نجاحه أكبر في ظل فاعلية الحزب ووحدته، لأن القيادات المخضرمة لا ترفض مبدأ الحوار لكونها ترفض وتنتقد النهج، وتعطيل كل الخيارات لصالح خيار التفاوض دون سقف وحتى د. بشير عمر انتقد طريقة الحوار الجاري الآن.
-في الخطاب أمام الهيئة استخدم الصادق لغة حادة في الحديث عنكم.. هل يمكن أن يكون لذلك أثر في علاقة مبارك والصادق؟
كلام الصادق عننا يؤكد أثرنا على الأوضاع، وردة فعله لم تكن من فراغ بل من كون أننا مؤثرين، وبالتالي نحن ننظر للجانب الإيجابي باعتبار أننا أثرنا ورؤيتنا كانت حاضرة، ونطرح الموضوع الشخصي بعيدا، ونقول إنه شيء متوقع من شخص مثل الصادق كان حتى وقت قريب يأمر فيطاع وكلامه كان شبه منزل، والسفير الأمريكي الأسبق في السودان وندرسون كتب كتاباً عن الأحزاب السياسية في السودان صدر في 91 وقال إن حزب الأمة فيه قيادات ذكية وفاعلة ومتعلمة ولها قدرات، وذكر أمثلة الدكتور عمر نور الدائم والدكتور بشير عمر ومبارك الفاضل ولكن قال شخصية الصادق شخصية طاغية مما يحول هذه القيادات المتعلمة النابهة إلى حواريين أمامه. ثم عاد وقال هناك استثناء واحد وهو مبارك المهدي الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يقول للصادق أخطأت حين يخطيء، وفعلاً هو شخصية كاريزمية وله وجود في الساحة السياسية ورئيس وزراء مرتين وهذه الشخصية كانت تسيطر بالكامل، ولكن الآن الأمور اختلفت، والجسارة داخل الحزب زادت والأصوات المنتقدة والرافضة أمر عادي وواحدة من الأشياء التي يغضب منها الصادق المذكرات رغم أنها أمر ديمقراطي وموجودة ولكنه يرفضها لأنه لم يتعود عليها، ونأمل أن يكون كل ما حدث تمرين ديمقراطي حقيقي يخرج الحزب من سجاله الداخلي إلى قضية البلد الحقيقية.
-إن طلبنا منك توصيف حال حزب الأمة القومي بعد اجتماع الهيئة المركزية؟
الحقيقة الحزب في مفترق طرق، إما أن يأخذ بإرشادات وقرارت الهيئة المركزية لتلبية طموح جماهيرية بأن يتوحد ويفعل نفسه ويقود الموقف الوطني نحو التغيير، وإما أن تتمترس القيادة في موقفها القديم وتتجاوزها الأحداث وتتجاوزها الجماهير، وهو الآن أمام فرصة أن يختار أن يتجه يميناً أو يتجه يسارا، يتجه يميناً في اتجاه الوفاق وترتيب البيت وقيادة الموقف الوطني أو يتجه يساراً بأن يتمترس ويزيد شقة الخلاف.. وفي تقديري مصلحة القيادة في الوفاق كما إن خطاً غير الوفاق لن ينجح والهم الوطني أصبح يعلوا على الهم الحزبي، والجماهير تطالب بحزب فاعل لتغيير النظام وإن لم تجد من يحقق أهدافها ستتبع من يحقق لها هدفها، وكثيرون من أعضاء الحزب المخضرمين باركوا خطوة نصر الدين عندما وقع مع الجبهة الثورية، واليوم تحدث إلي كادر من تبوك بالمملكة العربية السعودية بأن اجتماع اللجنة/ الهيئة وما حدث فيه من تغيير أعاد إلينا الروح وأنقذ 70 من القيادات قرروا تجميد عضويتهم بسبب خط الحزب. وأكرر أن القيادة أمامها فرصة تاريخية بأن ترعى ما تم وتتركه يثمر، إما أن تحبطه ويفشل فتضيع على الحزب فرصة كبيرة.