يبدو أن إصرار الحكومة السودانية على تنفيذ إستراتيجيتها الخاصة بإقليم دارفور التي تشتمل على إجراء استفتاء لاختيار الوضع الإداري سيصب الزيت على نار يسعى الجميع لإخمادها.
في مقابل ذلك، يبدو أن الحركات المسلحة وبعض قوى المجتمع المدني والأحزاب السياسية لن توافق على أي خطوة من شأنها تنفيذ ما تنوي الحكومة القيام به “حتى ولو أدى ذلك لتزايد حالة الحرب التي لم تتوقف بعد”.
وبينما يقول غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية والمسؤول عن ملف دارفور إن الحكومة ماضية في تنفيذ استفتاء دارفور الذي تراه مناسبا لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، ترى الحركات المسلحة أن خطوة الحكومة -إذا ما نفذت– من شأنها أن تنسف كافة الجهود التي بذلت لاحتواء الأزمة وحل القضية بوجه سلمي.
في الأثناء، يرى خبراء سياسيون ينتمون للإقليم أن استفتاء أعلنته الحكومة من طرف واحد لن يصب في مصلحة السلام الذي تنادي به جهات كثيرة داخلية وخارجية، معتبرين أن تنفيذ إستراتيجية الحكومة قبل الاتفاق عليها سيمنح المتمردين مسوغا جديدا للحرب.
خطوة خاطئة
يصف علي حسن تاج الدين الخبير السياسي ومستشار رئيس الجمهورية السابق قرار تغيير الوضع الإداري للإقليم عبر الاستفتاء وإصرار الحكومة عليه بالخطوة الخاطئة، مرجحا أن يساهم إصرار الحكومة في زيادة المشاكل والمواجهات القبلية.
ويقول إن توحيد الإقليم أصبح مطلبا شعبيا لسكان دارفور والحركات المسلحة التي تتفاوض مع الحكومة في العاصمة القطرية الدوحة “الأمر الذي يساهم في تخفيض الكم الهائل من الوظائف الدستورية”.
وأكد تاج الدين أن الاستفتاء لزيادة عدد ولايات الإقليم قد يرضي طموحات قبلية معينة “لكنه لن يكون في مصلحة السودان” لأن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد لا تساعد على ذاك.
وأعلن أن لجنته قدمت مقترحا للحكومة تتمثل في العودة للإقليم الواحد وعودة الولايات الشمالية إلى ستة أقاليم مع الاحتفاظ بالولايات الحالية بجانب تقليص الهيكل التنظيمي الحالي، مشيرا إلى أن إجراء الاستفتاء يعني غلق باب الحوار بين الحكومة والحركات المسلحة بالإقليم.
استهلاك واستنزاف
وتابع أن الحكومة ظلت تستجيب لثلاث أو أربع أقليات “لتنشئ لها ولاية أو محافظة دون النظر إلى مآلات تلك الخطوات وما يمثله ذلك من استهلاك واستنزاف لطاقات السودان”.
وتساءل تاج الدين -الذي كان يتحدث للجزيرة نت- عن الأسباب التي تدفع الحكومة لإنشاء ولايات جديدة في دارفور رغم الرفض الشعبي العام لذلك “ولمصلحة من يتم هذا؟”.
غير أن الخبير السياسي محمد عيسى عليو أكد أن الرغبة في زيادة عدد ولايات الإقليم بجانب إجراء استفتاء حول ذلك “ظهرت بعد قيام الحركات المسلحة” رغم أن أهل الإقليم ضد تقسيمه إلى عدد من الإدارات التي تستنزف ما بقي فيه من موارد.
وقال إن إجراء الاستفتاء من وراء ظهر الحركات المسلحة التي تتفاوض مع الحكومة في الدوحة يعني سلوكا غير مقبول “أما إذا رفعت الحركات المسلحة فسيبقى حينها لكل مقام مقال”.
وأكد عليو للجزيرة نت أن الحكومة ما تزال تعتمد على مخرجات اتفاقية أبوجا التي ماتت بخروج مني أركو مناوي، منبها إلى أن ذلك من شانه أن يقود إلى عدد من المشكلات التي لن تتمكن الحكومة من السيطرة عليها.
وذكر أن أهل دارفور أصبحوا “طرفا ثالثا” لا تتم مشورتهم في القضايا التي تخصهم “وبالتالي فإن الذهاب لاستفتاء الإقليم لن يكون أقل من تلك الأسباب التي أدت لاندلاع الحرب في الإقليم من قبل”.
المصدر: الجزيرة
تقرير /عماد عبد الهادي-الخرطوم :