صلاح سليمان جاموس
[email protected]
تحركات بعض أحزاب الداخل وبعض منظمات المجتمع المدني ، إضافة لاجتماعات وسفر قيادات الجبهة الثورية بين بعض دول قارات العالم بمباركة ومشاركة الفاعلين الأساسين في القضايا السودانية من رموز ومنظمات المجتمع الدولي .. تدل علي قرب التوصل إلي صيغة (ما) علي مسرح السياسة السودانية ينتهي إلي تحقيق بعض مرامي المؤتمر الوطني وتطلعات المعارضة السلمية والمقاومة المسلحة، حاول الديكتاتور السوداني والمطلوب للعدالة الدولية الجنرال البشير رمي حجر في راكد السياسة السودانية في (شمفونية) منه (لتسييل) لُعاب خصومِه بتفهيمهم أنه قد نزع عن كاهِله جلد الثعبان وإستبدله بآخر ناعِم الملمس ، حيث أمر جنوده بإطلاق سراح المعتقلين (لم يطلق سراحهم جميعاً حتي الآن خاصة أهل دارفور وعموم الهامش السوداني).. بالرغم من أنه لم يضع حدود مُحرمّة للإعتقال حيث يمكن أن تقوم قواته بإعتقال المطلق سراحهم حديثاً أو غيرهم اليوم أو غداً. بالفعل قام البشير بإبعاد جميع الوجوه الأكثر (خبثاً) مثل علي عثمان طه والأوسخ لساناً مثل نافع علي نافع عن كابينة قيادة الدولة، ولكن هذا لا ينفي ثبات سياسة حكومته السابقة والتي لم يذكر أنه غيرها أو بصدد ذلك ( رغم ما يذاع من أسرار عن امتعاض السفاح للظلم الذي مارسته حكومته طيلة السنين الماضية للشعب) لدرجة تحدُثه سِراً لبعض (الوطنيين) بضرورة الوقوف بجانبة حتي يستطيع (كنس) كل رموز الفساد (علي حسب تعبيره).
حالة من المد والجزر تضرب الساحة السياسية بالبلاد لا تخرج من الإطار الكبير الرامي إلي حل مشاكل السودان والتي بالضرورة أن تكون مقرونة بحل الحكومة التي أوجدت أزمات البلاد التي مازالت قائمة والمتمثلة في القتل والتشريد وتوفير الخدمات لبعض المناطق دون أخري والتمييز في سوق العمل بين أفراد الشعب علي أساس قبلي وجهوي بغيض.
بالرغم من تساؤل البعض عن مناداة الوسيط الدولي إمبيكي بضرورة رفد خزانة الدولة الفارغ من آليات المجتمع الدولي الاقتصادية مما يصبح بمثابة شريان ينعش سياسات الحكومة.. إلا أن المشهد القائم الآن علي المسرح يوجد إنطباعاً بأن هناك إرادة ذات محركات داخلية وخارجية ترمي إلي قلب صفحة الحكومة القائمة الآن منذ سنين عددا بوجه عنصري منتن أوجد شرخاً في لُحمة نسيج الوطن الاجتماعي من الصعوبة أن يندمل قريباً .. ربما يكون التغيير القادم لصالح كل الشعب وبخاصة أهل الهامش منهم ، وبالضرورة ستشعر بعض الجيوب ببعض المظلمات التي أوجدتها بنفسها للشعب منذ سنين ولكن – حسب تقديري – أن التحدي الأكبر هو في إتفاق سكان الهامش وعدم تهميشهم لبعضهم في المرحلة القادمة التي يتحرك نحوها الجميع بمباركة المجتمع الدولي الذي بدأ يظهر بعض الجزرات لتشجيع أطراف الصراع السوداني السوداني. ومن التحديات الأخري والمهمة جداً وبالضرورة استصحابها من الآن هي كيفية طرد المستوطنين الجُدد من السودان وإرجاعهم لدولهم بالصيغة التي توجد للسكان الأصليين كرامتهم وعِزتهم ، وذلك لوضع حد لضمان عدم نشوب الحرب مرة أُخري مستقبلاً.. من المهم جداً محاولة تضميد جراح الثكالي والمكلمين وتعويض سنين الحرمان من أساسيات الحياة ومحاولة ردم هوة (الفقد) التعليمي لأكثر من أربعة عشرة عاماً.
إنشاء نظام قضائي عادل بالبلاد سيساعد في استقرار الدولة – وأري – ضرورة إيجاد صيغ لحُكم ذاتي للمناطق المتضررة من سياسات النظام طيلة السنوات العشرة الماضية والتي كان حظها من حكومة المركز مزيد من القتل من عام لآخر.
التحركات التي بدأت بخطوات فعلية بذهاب غندور للقاء قادة الجبهة الثورية بألمانيا هي البداية الفِعلية لللقاءات العملية لإدخال الثورة المسلحة في الحوار الذي دعت له حكومة الخرطوم قبل شهور والذي سُمي بحوار الوثبة الذي يرمي المؤتمر الوطني من خلاله لـ (دغم) كل ألوان الطيف السياسي السوداني في الحوار لحل مشاكل البلاد حسب تصريحات قيادات الحزب الحاكم ، غير أن المعارضة تري أن حكومة البشير وكعادتها تسعي لإيجاد صيغة شرعية لها ومحاولة لصب مزيد من (أسمنت) التمكين لحكومة باتت في حالة إحتضار.
خارطة الطريق لجدول التفاوض بين الحكومة والجبهة الثورية – حسب مصادر ذات صلة – ستكون ضربة بدايتها اواخر هذا الشهر .. وسيكون جدولها كالآتي : ورشة عمل للحركات المسلحة في المانيا 8 أكتوبر، يليه لقاء الرئيس التشادي إدريس دبي مع الحركات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم10 اكتوبر، ثم لقاء البشير مع الاتحاد الافريقي والحركات في اديس ابابا 12 اكتوبر ، وستكون الخطوة العملية المُمهِّدة لمفاوضات حقيقية بتوقيع وقف العدائيات وانسياب المساعدات الانسانية مع الحركة الشعبية15 اكتوبر ، ويكون بداية التفاوض بين الحكومة والجبهة الثورية منتصف أكتوبر.. ( هذا هو الاطار العام اما التواريخ فقابلة للتعديل) حسب حديث المصدر.
كل هذا من مخرجات التحركات التي كانت تقوم بها مجموعات من الداخل والخارج ينتمي للحكومة أو المعارضة بوجهيها السلمي والمسلح مضاف لها تحركات فاعلين في الأُسرة الدولية. ولكن السؤال الذي لا توجد له إجابة في الوقت الحالي : هل سيتم وضع حد لجراحات الشعب المكلوم ؟؟!!. أم أنها فصل جديد من فصول المحاصصات التي إعتادت أن تقوم بها حكومة الخرطوم ؟؟!!. قريباً يتضح الأمر.