قدمت حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، بزعامة دكتور خليل إبراهيم، رؤيتها لحل مشكلة الإقليم إلى الحكومة السودانية، ونفت في الوقت ذاته أنها تجري «طبخة» مع الخرطوم من وراء أهل دارفور، مؤكدة استعدادها لتحقيق السلام الشامل والعادل في الإقليم، في الوقت الذي عبّر فيه وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري أحمد بن عبد الله آل محمود عن تفاؤله بتحقيق السلام في دارفور. وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن خلافات مكتومة بين طرابلس وواشنطن حول كيفية توحيد فصائل حركات دارفور تحت لافتة واحدة، تمهيدا لإطلاق مفاوضات سلام.
وأبلغ الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة، أحمد حسين آدم، «الشرق الأوسط» أن لقاء جرى بين رئيس حركته الدكتور خليل إبراهيم، ومستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور، الدكتور غازي صلاح الدين، في العاصمة التشادية أنجمينا، يُعتبر هو اللقاء الأول بين الرجلين منذ تَسلّم غازي صلاح الدين مهامه في ملف دارفور، وأن اللقاء تم بتنسيق من وزير الخارجية التشادي موسى فكي، والوسيط المشترك للسلام في دارفور جبريل باسولي، وقال إن رئيس الحركة قدم شرحا عاما حول كيفية حل جذور المشكلة، وأضاف: «نحن نبحث عن السلام، ونريد أن نعرف كيف تفكر الحكومة في عملية السلام»، وتابع: «ليس هناك جديد نتج من هذا اللقاء، وسلمنا غازي صلاح الدين رؤيتنا لحل الأزمة، وقد وعد بإجراء مشاورات مع قيادته في الخرطوم والرد علينا عبر الوسطاء، لكن لم يتم تحديد موعد لذلك»، مشيرا إلى أن رؤية الحركة سبق لها أن قامت بتسليمها وطرحها للكثير من الجهات والمنابر. وشدد على أن اللقاء لم يتباحث فيه الطرفان أي مناقشات، ونفى أن يكون اللقاء محاولة من حركته لإعداد «طبخة» مشتركة مع الخرطوم لحل ثنائي مع الحركة، وقال «نحن لسنا مع طبخات الحكومة، ولا نعمل تحت الطاولة أو غيرها، قضيتنا واضحة، والحكومة تعلم ذلك، وليس لدينا ما نخبئه، والآن نتحدث إليكم عما دار في اللقاء». وقال آدم إن الورقة التي قدمتها حركته تشمل حل جذور المشكلة، الوضع الإنساني في عودة النازحين واللاجئين وتعويضهم ورؤية مستقبلهم، ملفات السلطة والثورة والترتيبات الأمنية. وأضاف أنه من السابق لأوانه معرفة ما إن كانت الحكومة ترحب باللقاء أم خلاف ذلك. إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة في الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» أن بين ليبيا والإدارة الأميركية خلافات مكتومة حول كيفية توحيد حركات دارفور تحت لافتة واحدة تمهيدا للدخول في مفاوضات السلام بين الحكومة والحركات المسلحة. ودللت على ذلك برعاية المبعوث الأميركي للسودان للقاء بين مجموعة من قيادات حركات دارفور في العاصمة التشادية أنجمينا بغرض توحيدها، وفي الوقت ذاته تستضيف ليبيا قيادات من الحركات ذاتها في مدينة الكفرة الليبية للغرض ذاته. ونفت وجود أي تنسيق بين الطرفين حول لقاءات توحيد الحركات، وقالت إن: «كل طرف يعتقد أن ما يقوم به هو الأساس لحل المشكلة».
وفيما كشفت المصادر عن تأجيل اجتماع «تشاوري» في العاصمة القطرية الدوحة بين الحكومة والحركات المسلحة إلى «أجل غير مسمى»، نوهت المصادر بـ«احتمال كبير بتأجيل جولة مفاوضات سلام دارفور في الدوحة، المقرر لها الأسبوع المقبل». وقالت المصادر إن المبعوث الأميركي سكوت غرايشن ومساعدته كيني ياي ينظمان منذ أيام لقاء للتوحيد بين أكثر من 6 حركات مسلحة في دارفور من بينها حركة التحرير – الوحدة، ومجموعة جوبا بزعامة أحمد عبد الشافي، والجبهة المتحدة بزعامة بحر أبو قردة، والعدل والمساواة بزعامة إدريس أزرق، وجبهة القوى القومية بزعامة الزيدي، وفصائل أخرى، وذلك من أجل التوصل، في نهاية اللقاءات التي لم تحدد لها مدة زمنية لنهاياتها، إلى اتفاق يمثل رؤية موحدة للحركات تدخل بها الجولة المقبلة لمفاوضات دارفور.
وأعلن أن 6 من حركات دارفور، وقعت أمس اتفاقا في ليبيا تحت مسمى «حركة جيش تحرير السودان – القوى الثورية» تشمل وحدة عسكرية وسياسية، والتعاون لإقرار اتفاق سلام عادل، وتمسكت الحركات بوحدة البلاد أرضا وشعبا، فيما قالت المصادر إن هذه الفصائل هي ذاتها المجتمعة في أنجمينا الآن، غير أن سفير السودان في طرابلس محمد الأمين الكارب، اعتبر أن الاتفاق إسهام من ليبيا في توحيد حركات دارفور لإنجاح مفاوضات الدوحة مشيرا إلى أن الجماهيرية وعدت بذلك منذ عامين. ونصت وثيقة الاتفاق بين الفصائل الـ6 على ضرورة «الانخراط في جولة المفاوضات المقبلة، وبحث أوجه القضية مع المجتمع الدارفوري».
ومن جهته رحب الوسيط المشترك بصيغة الاتفاق، وأكد أن عزم الحركات على الانخراط في جولة المفاوضات يعتبر تمهيدا للطريق أمام الوصول إلى حل لأزمة دارفور.
من جهة أخرى افتتح وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، أحمد بن عبد الله آل محمود، والوسيط الدولي للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة جبريل باسولي، أمس في الدوحة، ورشة العمل للخبراء الدوليين حول عملية السلام في دارفور، وتسعى الورشة التي تستمر يوما واحدا للوصول إلى رؤية وتوصيات محددة بشأن وجهة نظر الوساطة وخططها لمراحل السلام القادمة في دارفور، ومناقشة سبل توفير الدعم والمساعدة لجهود الوساطة وتسهيل فرص تحقيق التقدم نحو اتفاقية سلام شاملة في دارفور. وتتناول المناقشات خطوات تعميق وتوسيع التوافق في المجتمع المدني الدارفوري، والعلاقة بين السودان وتشاد وخطوات تحسين الأوضاع في دارفور بما يؤدي إلى الأمن والاستقرار والرفاهية في الإقليم
مصطفى سري الخرطوم
«الشرق الأوسط»