بسم الله الرحمن الرحيم 0
السيد ثابو مبيكي بالله عليك قليلاً من الإنصاف والإحترام للدارفوريين !!
عبدالغني بريش اللايمى 000 الولايات المتحدة الأمريكية 0
قدمت ما تسمى بلجنة حكماء أفريقيا بشأن دارفور توصياتها في بداية أكتوبر 2009 حول السبل التي يمكن بها حل الأزمة في إقليم دارفور ، ومن بين تلك التوصيات ( انشاء محاكم مختلطة لمحاكمة مرتكبي جرائم دارفور ) ، ولجنة التحقيق تلك يرأسها الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثابو مبيكي وتضم في عضويتها ” بيير بويويا ” رئيس بورندي السابق والجنرال ” عبد السلامي أبو بكر ” رأس الدولة السابق لجمهورية نيجيريا الفيدرالية والحاجي ” كابر محمد ” مستشار مجلس الدولة السابق والمبعوث الخاص للرئيس السابق أوليسجون أوباسانجو بشأن محاكمة متهمي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور والقاضية ” فلورنس إنديبيلي مواشاندي مومبا ” ( زامبيا ) وقاضي المحكمة العليا ” أحمد ماهر ” السيد وزير خارجية مصر السابق ” وراكيا عبد الله عمر ” (الصومال) مدير الحقوق الإفريقية 0
والجدير بالذكر ان هذه اللجنة التابعة للإتحاد الأفريقي تمّ تكوينها بعد صدور مذكرة الإعتقال بحق الرئيس السوداني المتهم بقتل اكثر من مائتي الف من مواطنيه في اقليم دارفور غربي السودان ، وهذه المذكرة اعتبرها الإتحاد الأفريقي تدخلاً مباشراً للجنائية الدولية في الشئون الداخلية للدول الأفريقية ، كما اعتبرها سابقة تاريخية خطيرة ، بحجة ان الرئيس السوداني يتمتع بحصانة تحميه من الملاحقة الجنائية ، ولكل هذه الحجج وهي بالطبع غير مقنعة كوّن الإتحاد الأفريقي لجنته هذه ،، والقارئ الدارفوري صاحب الوجع والألم لا يحتاج إلى تنبيه من أحد ليعرف ان هدف هذه اللجنة في الأساس هو انقاذ عمر البشير من ورطته مع الجنائية الدولية وليس تحقيق العدالة وملاحقة الجناة ومعاقبتهم أمام محاكم تتصف بالنزاهة والشفافية 0
السؤال الذي يطرحه كل دارفوري ، بل كل سوداني شريف عند قراءته لتوصيات لجنة ” ثابو مبيكي ” هو أين كانت هذه اللجنة منذ ان بدأ النزاع في اقليم دارفور عام 2003 ؟ وهل من الإنصاف ان تُهُمل لجنة ثابو مبيكي اتهامات المدعي العام السيد لويس مورينو اوكامبو التي توصل إليها بعد تحقيقات ومقابلات دامت أكثر من ثلاث سنوات ، وبموجبها اصدر قضاة الجنائية الدولية الثلاث بلاهاي الهولندية مذكرة اعتقال بحق عمر البشير وآخرين بإرتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في اقليم دارفور ؟ 0
نادت لجنة ” ثابو مبيكي ” في توصياتها المقدمة للإتحاد الأفريقي في بداية أكتوبر بإنشاء محاكم مختلطة لمحاكمة المتهمين بإرتكاب جرائم في اقليم دارفور السوداني ، وهذه التوصية بكل صدق وأمانة تحول دون ملاحقة الرئيس عمر البشير وأصحابه 0
المحكمة الجنائية الدولية التي يرفضها الإتحاد الأفريقي هي في الاساس مكملة للمحاكم الوطنية وتحترام نظام العدل الجنائي الوطني ، ولا تتدخل في شئونه إلآ في حالات الجرائم التي تقع تحت سلطة المحكمة الجنائية الدولية ، لخطورتها وجسامتها ووحشيتها ، ولذا كان اهتمام ” ميثاق روما ” بها ، وهذه الجرائم البشعة هي :
* الجرائم ضد الانسانية
تعني اي فعل ارتكب ضمن اطار هجوم واسع النطاق موجه ضد اية مجموعة من السكان المدنيين كالقتل عمداً، الابادة ، الاسترقاق، الابعاد القسري للسكان، السجن والحرمان الشديد من الحرية البدنية ، التعذيب ، الاغتصاب او الاستعباد الجنسي ، او الاكراه على البغاء ، او الحمل القسري ، او التعقيم القسري ، او اي شكل من اشكال العنف الجنسي ، اضطهاد اية جماعة لاسباب سياسية او عرقية او قومية او اثنية او ثقافية او دينية او متعلقة بنوع الجنس ، الاختفاء القسري للاشخاص ، جريمة الفصل العنصري 0
* الإبادة الجماعية والتطهير العرقي
وهي ابادة إثنية بعينها وتطهيرها واهلاكها لأسباب سياسية 0
* جرائم الحرب
* الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب / أغسطس 1949 أي أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة مثل >
* القتل العمد 0
* التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية 0
* القيام عمدا بإحداث معاناة شديدة أو إصابات خطيرة بالجسم أو بالصحة 0
* التحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة 0
* تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية 0
* الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع 0
* تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم تلك وكذلك ضد الأفراد المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية 0
* تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق ضرر بأهداف مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطاً واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة 0
* مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء والتي لا تكون أهدافاً عسكرية بأية وسيلة كانت 0
* قتل أو جرح مقاتل ألقى سلاحه أو لم تعد لديه وسيلة للدفاع أو أستسلم مختاراً 0
* نهب أي بلدة أو مكان حتى لو تم الاستيلاء عليه عنوة 0
* استخدام السموم أو الأسلحة المسممة 0
* استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد أو الأجهزة 0
* استخدام الأسلحة أو القذائف أو المواد أو الأساليب التي تسبب بطبيعتها أضرارا زائدة أو آلاما لا لزوم لها أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة بشرط أن تكون هذه الأسلحة والقذائف والمواد والأساليب الحربية موضع حظر شامل وان تدرج في مرفق لهذا النظام الأساسي ،عن طريق تعديل يتفق والأحكام ذات الصلة الواردة في المادتين 121 و123 0
* الاعتداء علي كرامة الشخص ،وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة 0
* الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه علي البغاء أو الحمل القسري علي النحو المعرف في الفقرة 2 (و) من المادة 7 ، أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضا انتهاكا خطيرا لاتفاقيات جنيف 0
* تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غني عنها لبقائهم ، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية علي النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف 0
* 0000000000 الخ 0
الجرائم اعلاها وقعت بالفعل في دارفور ، ولأنها خطيرة وعظيمة خص بها ميثاق روما المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مرتكبيها ، وهنا لا مجال اطلاقا للحديث عن محاكم مختلطة أو أي محكمة غير الجنائية الدولية لملاحقة من قاموا بإرتكاب هذا النوع من الجرائم التي ترفضها ( الديانات السماوية ) ويندي لها جبين البشرية 0
الجرائم المرتكبة في اقليم دارفور غرب السودان وحشية تم توثيقها بتقنيات حديثة ” كالقمر الصناعي ” مثلا فلماذا تريد لجنة ثابو مبيكي وضع عقبات أمام المحكمة الجنائية الدولية ؟ ثم متى كان للعرب والأفارقة مصداقية فيما تتعلق بتحقق العدالة وملاحقة الجناة ، خاصة السياسيون وذوو السلطة والنفوذ والمال في أفريقيا والعالم العربي ؟ 0
السيد ثابو مبيكي الذي يتلقى أوامره من مكتب عمر البشير بالخرطوم يعلم تماما بأن حكومة السودان استخدمت مواداً مسرطنة في قصف المدنيين بالمدن الدارفورية المختلفة طيلة سنوات النزاع هناك ؟ وكانت مصادر طبية للمنظمات الغربية العاملة في دارفور في وقت سابق من العام 2008 قد ذكرت أن طبيعة الجروح والإصابات التي يصاب بها القتلى والجرحى في دارفور تشير إلى أنها إصابات غير عادية ، وتدل على أن نظام الخرطوم يستخدم أسلحة محرمة دوليًا ، ومع ذلك اقترح انشاء محكمة قد لا تستطيع مجرد استدعاء البشير وسؤاله عنها 0
لم يكن اهالي دارفور يصدقوا أن تصل الأمور بالإتحاد الأفريقي ولجنة ثابو مبيكي إلى درجة رفض قرار المحكمة الجنائية الدولية الخاص بمحاكمة المتهمين بإرتكاب جرائم في دارفور ، وتقديم توصية مضادة وهي إنشاء محكمة مختلطة بدلاً عنها ، وهذا الرفض يعتبر بكل المقاييس جريمة سياسية وأخلاقية غير مسبوقة 00 أن تبرّئ المجرم القاتل من دم القتيل ،،، وأي مجرم هذا ؟ إنه الرئيس السوداني عمر البشير ،،،، وأي قتيل هذا ؟ إنه المواطن الدارفوري البرئ الذي دافع عن أرضه وعرضه ومقدساته وكرامته 00 الخ ، فبعد أن تجندت جهود العديد من الدول العالمية والمنظمات الحقوقية الدولية والعالمية والإقليمية وغيرها لإحالة البشير وكُشيب وأحمد هارون على محكمة الجنايات الدولية إثر جرائمهم النكراء خلال الحرب على اقليم دارفور ، و بعد أن تكلل جهود المدعي العام الدولي السيد لويس مورينو اوكامبو بالنجاح وتم توجيه التُهم إليهم من قبل قضاة الجنائية بلاهاي 00 ها هو الإتحاد الأفريقي ولجنته الخائبة ، وبشكل غادر وقذر ، تطالب بغض النظر عن الجنائية الدولية وإنشاء محاكم مختلطة بديلاً عنها ، وهذا التصرف الأرعن هو في واقع الأمر دعوة لنسف العدالة 00 هكذا تريد لجنة ثابو مبيكي ان يعطي طوق النجاة للبشير وتجعله في مأمن من أي مساءلة قانونية 00 إنه الخزي و العار 0
لجنة حكماء أفريقيا بفعلتها تلك تتستّر على جرائم البشير وحكومته ، وهي بهذا تعرّت تماما ولم يعد لديها ما تتستر بها أمام المظلومين الدارفوريين ، وما خفى أعظم !! ، وما المحاكم المختلطة المقترحة إلاّ نوع من الخداع واللفّ والدوران ومحاولة بائسة يائسة مفضوحة لذرّ الرماد على العيون واستغفال الناس في السودان 0
لجنة ثابو مبيكي ضُبطت متلبسةً بإرتكاب جريمة خيانة القضية الدارفورية ، وذلك من خلال التستر على جرائم البشير والحول دون تقديمه للمحاكمة أمام الجنائية الدولية ، فقد استطاع الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثابو مبيكي ، مغالطة الحقائق وإتيان بمقترح تكوين محاكم مختلطة لمحاكمة البشير وأصحابه ، وهو يعلم علم اليقين ان محكمته هذه لا تجروء مهما كانت سلطتها محاكمة البشير ! ، لان الإتحاد الأفريقي أصلاً يرفض فكرة محلاحقة ومحاكمة رؤساء ما زالوا في الحكم على جرائمهم بحجة ” التمتع بالحصانة ” 0
ان مقترح لجنة حُكماء أفريقيا بتكوين محاكم مختلطة بدلاً عن المحكمة الجنائية الدولية ، ضربة موجعة للمجهودات التي قامت بها المنظمات الحقوقية والإنسانية ، والسيد لويس مورينو اوكامبو ، ومجهودات كل شرفاء العالم والسودان الذين لم يكلّوا من العمل بكل صبر وثبات على ملاحقة البشير وأصحابه المتهمين حتى ينالوا جزاء أعمالهم الوحشية في حق شعبنا وأهلنا في دارفور 00 ورغم خيانة الاتحاد الافريقي للدارفوريين إلآ ان هذه الخيانة لم تنقص من عزائمهم ، وسيواصلون مشوارهم مهما كانت العقبات والمحن حتى يتحقق هدفهم المنشود ، ومن ثم تقديم البشير وكشيب وهارون للجنائية الدولية لمعاقبتهم على افعالهم الشريرة 0
التوصيات التي تقدمت بها لجنة ثابو مبيكي للاتحاد الأفريقي ، ومن ثم للحكومة السودانية تمثل تجسيدا فاضحاً وصارخا وتحديا للعدالة الجنائية ، وتفتقد الى أي وازع أخلاقي أو إنساني ، وتشير دون أدنى شك إلى ان هذه اللجنة تم تمويلها من قبل حكومة الخرطوم ، وتؤكد من دون لف ودوران أن هدفها هو تبرئة عمر البشير المتهم بجرائم دارفور ، كما أن مساعيها تهدف إلى تصفية القضية الدارفورية برمتها ، لأن إنشاء محاكم مختلطة للبلطجية العرب والأفارقة لمحاكمة المتهمين بجرائم دارفور شئ مرفوض تماما 0
ختاما نقول ان العدالة لابد ان تتحقق قبل تحقيق أي عملية سلام في الدارفور 00 ونقصد بهذا انه لابد تقديم عمر البشير وأصحابه المتهمين بجرائم دارفور إلى العدالة أولاً إذا أراد الجميع إرساء سلام حقيقي شامل ومستدام في دارفور 00 والعدالة لا تتحقق هنا إلآ إذا قامت الجنائية الدولية بمحاكمة هؤلاء المتهمين 00 واقتراح إنشاء محاكم مختلطة بدلاً عن الجنائية الدولية مسخرة والضحك على الذقون ، لأن القانون الجنائي السوداني أصلاً لا يتضمن جرائم /الإبادة الجماعية / الحرب / جرائم ضد الإنسانية ، بل هذه الجرائم من إختصاص الجنائية الدولية وحدها لخطورتها وجسامتها 00 فهل أنصفت واحترمت لجنة ثابو مبيكي المظلومين قليلا وسحبت توصياتها ، وأفسحت المجال للجنائية الدولية لممارسة مهامها ، وملاحقة المتهمين بجرائم دارفور ؟ 0