محمدين محمد إسحق القيادي بحركة العدل والمساواة السودانية يكتب:-
لا جديد تحت الشمس.. بلى هناك جديد تحت الشمس!
تابعنا طوال الأشهر الماضية الحملة الاعلامية الشرسة اللا أخلاقية التي استهدفت د. جبريل ابراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي وحركة العدل والمساواة السودانية التي يترأسها.
الحملة بدأت ببث الأكاذيب والشائعات قبل قرارات عبد الفتاح في ٢٥ اكتوبر من العام الماضي. والواضح أن تلك الحملة تقف وراءها جهات عدة وغرف اعلامية متخصصة في الداخل والخارج.
والحقيقة التي يجب الا تغيب عن البال أن الاستهداف ليس له صلة بقرارات رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في فض الشراكة مع المكون المدني الممثل في الحرية والتغيير المجلس المركزي. بل إن استهداف حركة العدل والمساواة السودانية قد بدأ منذ انطلاقة الثورة المسلحة في دارفور في العام ٢٠٠٣. وقد لجأت قوي المعارضة للنظام وقتها علي اتباع سياسة فرق تسد بين حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة وتقسيمهما علي أسس ايدولوجية واثنية. ففيما عمدت قوي المركز تلك الي وصم الثانية وقياداتها بأنها مجرد امتداد للمؤتمر الشعبي وانها مجرد أداة من أدوات زعيمها الراحل د. حسن الترابي لتصفية حساباته مع تلاميذه الذين انقلبوا عليه. وقد اثبتت الوقائع التاريخية اللاحقة خطل هذا القول.. ولكن من يقنع الديك بذلك؟ .. وفي الناحية الاخري كان هناك تشجيع وتماهٍ واضح مع حركة تحرير السودان وتوصيفها بأنها حركة أقرب لهوي اليسار السوداني استناداً علي خلفيات قائدها عبد الواحد النور اليسارية.
هذا المخطط الخبيث لم يقف عند هذا الحد بل ذهب الي أبعد من ذلك ليكمل مخططات حكومة المؤتمر الوطني في إيقاع الفتنة بين المكونات الاجتماعية الدارفورية ما بين عرب موالين للسلطة وزرقة خارجين عليها. اذ لا فرق هنا فقوي المعارضة في المركز الحاكم لعبت نفس الكرت في معسكر الثوار انفسهم وذلك بين تقسيمهم ما بين فور وزغاوة ووفقأ لهذا تمت شيطنة الزغاوي د. خليل إبراهيم وفقأ لاثنيته لا ثوريته.. وفي هذا كان من الصعوبة تحديد الفرق بين هل المعارض المركزي هو موال للنظام أو معارض له.. وفي نفس الوقت كان اعلام الحكومة السودانية وقتها يروج لدولة الزغاوة الكبري عبر منشورات الزغاوي التائب سليمان ديار عن مؤامرات اهله علي اهل دارفور والسودان.. ويلاحظ أن هذه المنشورات لتلك الشخصية الوهمية عادت الي الوجود مرة اخري في إطار شيطنة حركة العدل والمساواة السودانية ورئيسها.. لا جديد تحت الشمس!
اذاً عملية الشيطنة (قديمة متجددة.. مستمرة).. ولكن لماذا حركة العدل والمساواة السودانية تحديداً؟
أهم اسباب هذا الاستهداف الممنهج يرجع الي ان حركة العدل والمساواة تعتبر هي المٌهدِد الحقيقي (للمركز المعارض) المقابل (للمركز الحاكم) وقتها وستظل كذلك.. وهي الحركة الأكثر ديناميكية وتنظيماً ومعرفة بدهاليز وألاعيب المركز الحاكم والمعارض معاً..
– السبب الثاني يرجع الي مشروع حركة العدل والمساواة السودانية بخلاف انه قومي فهو لا يستهدف المركز الحاكم فقط بل يستهدف كذلك المركز المعارض.. والدليل علي ذلك أن (الكتاب الأسود) المنطلق الفكري والتأسيسي الأول للحركة لم يكتف بتعرية نظام المؤتمر الوطني الحاكم وقتها بل عري كذلك كل النظام المركزي الحزبي والعسكري منذ الاستقلال. بل وذهب أبعد من ذلك ووضع كل ذلك في شكل احصاءات دقيقة وبجهد فكري وتحليلي كبير للازمة السودانية منذ الاستقلال وحتي الوقت الحاضر. وهذا شيء لم تقم به اياً من حركات دارفور الثورية الاخري. فحركة تحرير السودان مثلاً والتي تعتبر لدي البعض حركة تمثل قبيلة الفور اتت جراء الغبن والظلم الذي لحق بهذا الكيان منذ صراعه مع قوي التجمع العربي في فترة الديمقراطية الثالثة وهو صراع من أجل السيطرة على الأرض والموارد. وخلال فترة الثورة ضد نظام البشير كان خطاب الأرض والحواكير هو السائد. فيما كان خطاب حركة العدل والمساواة السودانية يتحدث عن الدولة ومؤسساتها والازمة السودانية بشكلها العام.
الملاحظ هنا أن المرء يقف إزاء حركة ثورية خطابها واهدافها ومنطلقاتها وتاسيسها انبني علي المحلية فيما بدأت الاخري ومنذ التأسيس التمهيدي لها في الإطار القومي. اذاً الخطر المستقبلي للمركز المعارض الذي كان يسعي لوراثة المركز الحاكم- (والذي حدث لاحقاً) هو في مشروع حركة العدل والمساواة السودانية. الهدف الجوهري بالتالي لتلك القوي وريثة حكومة المؤتمر الوطني منذ البداية وحتي اليوم وفي (الغد) الا يكون لحركة العدل والمساواة السودانية اي وجود في الساحة السودانية علي المنظور القريب او البعيد. وهي عملت ووطنت نفسها علي هذا الأساس قبل مفاوضات جوبا في المشاورات والورش التي جرت في أثيوبيا وجمهورية مصر وجنوب السودان. وفي اثناء المفاوضات سعت وبكل ما تستطيع من جهد علي افشال المفاوضات. وحين فشلت في ذلك لجات الي تقسيم القوي الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، وفي هذا افلحت في استقطاب البعض من قوي الكفاح المسلح الي صفها وفي نفس الوقت عملت علي تهميش حركة العدل والمساواة السودانية مقابل استقطاب اطراف اخري من الموقعين علي اتفاق جوبا. لا جديد تحت الشمس نفس سياسة السيد المستعمر القديم – فرق تسد- الجديد فقط أن هذا المُتسيّدْ الجديد يعتبر نفسه هو الوريث الشرعي لذلك المستعمر القديم.. بالتالي هو الشعب وهو الثورة وهو الدولة ولا نريكم الا ما نري. وهذا ما لن يكون او يحدث ابداً. فإحدي ايجابيات ثورات الهامش المسلحة انها وضعت اساساً جديداً لهذا السودان لا يصلح فيه إعادة تدوير خطاب المركز القائم علي الاستعلاء والوصاية علي الآخرين. هذا هو الجديد تحت شمس السودان!