ثروت قاسم
1- من هو سيريل سارتور ؟
في يوم الخميس 3 اغسطس 2017 ، اختار ترامب سيريل سارتور ، 57 سنة ، الامريكي الافريقي ، ليكون مدير قسم افريقيا في مجلس الامن الوطني الامريكي الذي يرأسه جون بولتون .
اهمية هذا الاختيار وتداعياته على السودان ، يمكن اختزاله في النقاط التالية :
واحد :
ربما لا يعرف ترامب اين تقع بلاد السودان ، وربما لم يسمع بالرئيس البشير . ولا غرو ولا عجب ، فالرئيس رولاند ريقان كان يفترض ان السودان من دول منطقة الكاريبي ؟
لهذا السبب ، وكما قال ترامب بعضمة لسانه ، فانه ىسوف يترك القرارات والدول الهامشية في ادارته لرجال ادارته ، ويركز هو على الامور والدول المهمة ، لانه للاسف لا يملك على اكثر من 24 ساعة في اليوم . فلذلك توصيات سيريل سارتر حول السودان سوف تجد الضؤ الاخضر في البيت الابيض ، لان رئيسه جون بولتون مشغول بايران ، وسوف يبصم على توصيات سيريل سارتر عمياناً ، فتصير قرارات رئاسية من ترامب . وعليه فسوف يكون لتوصيات سيريل اليد العليا ، وتجلد بالاتو الشيري اي قرارات مدابرة من وزارة الخارجية الامريكية .
عندما يزور سيريل سارتور السودان ، فكانما زاره ترامب ، فسيريل سارتور هو رجل ترامب في افريقيا وبالتالي في السودان .
اتنين :
اتى سيريل سارتر لموقعه الحالي من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية سي آي اي
Central Intelligence Agency CIA
حيث كان يعمل نائباً لمساعد مدير الوكالة ، ومسؤولاً عن قسم افريقيا ، وفيه السودان ، في الوكالة .
يطلقون على سيريل سارتور في البيت الابيض ، وقبل ذلك في الوكالة :
Mr. Africa
وام المصائب كما كان يقول المرحوم صدام … ام المصائب ان الوكالة ، بعكس وزارة الخارجية ، وبعكس اللوبيات ، تنظر بعين الرضا للرئيس البشير ونظامه ، وتعتبر قوش زولها في السودان ، رغم ان مكتب الوكالة في الخرطوم اكبر مكتب لها في افريقيا … اكبر من مكتبها في القاهرة .
كان سيريل سارتور الذي نظم لقوش زيارة رئاسة الوكالة في لانجلي ، بطائرة الوكالة الخاصة ، نقلته من الخرطوم الى واشنطون في 18 يونيو 2005 ، حيث كشف قوش جميع ملفاته بخصوص قادة الاسلام السياسي ، وبالاخص ابو مصعب الزرقاوي ، لقادة الوكالة ، وتمت مراسم تنصيب قوش كابن الوكالة البار ، والبصاص الاكبر .
تلاتة :
سيريل سارتور صديق قوش الروح بالروح ، لان قوش يغذيه ، ويغذي الوكالة بالمعلومات الاستخبارية الحساسة بصفة مُستدامة . ولهذا السبب ، اقترحت الوكالة وقبلها سيريل سارتور ، ان كان ثمة تغيير في السودان ، ان يحل قوش مكان الرئيس البشير . عارضت وزارة الخارجية الامريكية هذا الاقتراح لان قوش ضمن قائمة 51 اوكامبو الشهيرة ، واقترحت الدكتور غازي عتباني ، لانه لم يتلوث باوساخ الانقاذ ، ومقبول للاسلاميين داخل وخارج النظام ، ولتحالف قوى نداء السودان ، التحالف الام في السودان .
اربعة :
سمع سيريل سارتور نصيحة صديقه قوش ، ولم يقابل اياً من قادة المعارضة عند زيارته الخرطوم يوم الاثنين 18 فبراير 2018 ، قادماً من اديس ابابا ، حيث بصم بالعشرة على كل خطط وبرامج ابي احمد .
في كلمة كما في مية ، سوف يدعم سيريل سارتور الرئيس البشير حتى الثمالة ، اللهم الا اذا تواصلت ثورة 19 ديسمبر ، ووصلت الى مراحل حرجة ، عندها سوف يكتشف الرئيس البشير ، كما اكتشف الشاه قبله ، ان المتغطي بالامريكان … عريييييان ؟
2-يوم الزيارة ؟
في يومي الاثنين 18 والثلاثاء 19 فبراير 2019 ، وفي الخرطوم ، اجتمع سيريل سارتر، المساعد الخاص لترمب ، ومدير قسم افريقيا في مجلس الامن الوطني الامريكي بكبار المسؤولين عن السياسة الخارجية في نظام البشير ، وعلى راسهم الدكتور معتز موسى رئيس الوزراء ،والدكتورفيصل حسن ابراهيم ، مساعد الرئيس البشير ، والدكتور الدرديري محمد احمد وزير الخارجية ، والبرفسور ابراهيم احمد عمر ، رئيس المجلس الوطني .
يمكنك التكرم بمتابعة لقاء سيريل سارتور مع دكتور معتز موسى على الفيديو ، في الرابط ادناه :
بعدها صرح السيد سيريل سارتر تصريحات العصا القائمة والعصا النائمة … تصريحات ناعمة وفارغة من نوعية من يفسر الماء بعد الجهد بالماء .
في فبراير 2011 ، كانت إدارة أوباما تطلب من الرئيس المصري السابق مبارك الرحيل عن السلطة … الآن ، كما سمعنا أوباما يقولها، ويرددها، ويتمسك بها، ويدفع أركان إدارته إلى الترويج لها والدعوة إليها!
في فبراير 2019 ، يهدد ترامب باستعمال القوة العسكرية لتنحية رئيس فنزويلا الشرعي ، لانه يقمع شعبه .
ولكن سيريل سارتور جاء يقول كلاماً ناعماً لم يفلح في تغطية دعمه المطلق للرئيس البشير ونظامه الباغي ، وبالتالي دعم ترامب الاوتوماتيكي .
طالب سيريل سارتور نظام البشير أن يسمح بحرية التعبير للمتظاهرين السلميين ، وطالب المتظاهرين ان يحافظوا على سلمية المظاهرات ، مكرراً ما قاله وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو من وارسو يوم الخميس 14 فبراير 2019 ، من انه لا حلول خارجية يمكن فرضها على الرئيس البشير للتغيير ، إن كان ثمة تغيير .
نسي سيريل سارتور الحلول الخارجية التي ترغم ادارة ترامب الجميع لقبولها في فنزويلا ، وفي سوريا ، وغيرهما من بلاد الرحمن .
طلب سيريل سارتور من الرئيس البشير ان يتحلى بالمزيد من الصبر ، على امل الوصول الى حل جذري وسياسي للازمة ، بينه وبين الذين يطالبون برحيله . كما لم ينس سيريل سارتور ان يذكر نظام البشير بان استمرار القبضة الحديدية والعنف المفرط من جانب قوات الامن ضد المتظاهرين السلميين ، ربما كانت له تداعياته السلبية على تخطيط ادارة ترامب شطب نظام البشير من قائمة وزارة الخارجية الامريكية التي تحتوي على الدول الداعمة للارهاب ، التي تحتوي على ايران وسوريا وكوريا الشمالية .
دعا سيريل سارتور الرئيس البشيران يتدبر النموذج الموريتاني حيث رفض الرئيس محمد ولد عبدالعزيز تعديل الدستور ليسمح له بولاية رئاسية ثالثة … على امل وضع قوش محل الرئيس البشير ، ويستمر النظام ، بدون شخص الرئيس البشير .
اكد قوش لسيريل سارتور ان هذه المظاهرات الحالية مجرد حدث
Event
سوف تنتهي إن عاجلاً ام آجلاً ، ويستمر النظام في الحكم . نفى قوش ان تكون هذه المظاهرات عملية مُستدامة
Process
لن تنتهي الا بتغيير النظام في المبنى والمعنى ، كما يؤكد السيد الامام ؟
بعدها قال سيريل سارتور ، لوسائط الاعلام ، وهو يحاول اخفاء دعمه للرئيس البشير :
“من غير المقبول مطلقاً أن تستخدم قوات الأمن القوة المفرطة لقمع المتظاهرين، إضافة إلى التوقيفات من دون اتهامات وكذلك اللجوء إلى العنف والتعذيب … بالتأكيد، ليس هناك أي سبب لقتل أي كان … ان التطورات التي تشهدها البلاد حاليا تهدد عملية التفاوض بين الولايات المتحدة وحكومة السودان والتي قد تؤدي إلى شطب السودان من قائمة الدول التي تدعم الإرهاب”.
كلامات لذر الرماد في العيون ؟
في يوم الاربعاء 20 فبراير 2019 ، في المجلس الوطني ، اكد قوش على مقولات صديقه سيريل سارتور ، بان قال نصاً :
ما استطيع أن أؤكده أن هناك مبادرات كثيرة مطروحة في الساحة ، ويجب أن يعلم الجميع أن أي مبادرة تخرج على الشرعية الموجودة ليس لها أي مكان .
ترجمة كلامات قوش، والتي هي كلامات الرئيس البشير، بعربي الدروشاب ان الشرعية تفرض على اصحاب المبادرات ان تقتصر مبادراتهم على خوض انتخابات 2020 ، وان يسعوا للتغيير من خلال صندوق الاقتراع ، ومنازلة الرئيس البشير في ساحة انتخابات 2020 ، وليس من خلال التظاهر في الشوارع ، لان الرئيس البشير رئيس ديمقراطي ، ويؤمن بالديمقراطية كمرجعية حصرية للتدوال السلمي للسلطة .
اعتذر سيريل سارتور عن مقابلة الرئيس البشير ، كما اعتذر في نوفمبر 2017 ، جون سوليفان مساعد وزير الخارجية الامريكي ، بسبب امر القبض الذي يتدلى من على عنق الرئيس البشير . تعود الرئيس البشير على هذا الاذلال الامريكي في عقر داره ، ولم يغضب كما غضب غضبته الجعولية في نوفمبر 2017 … الغضبة التي قذفت به وقتها الى سوتشي مستجدياً دعم الرئيس بوتين ، ضد الامريكان الذين يريدون به شراً .
يعرف الرئيس البشير ان سيريل سارتور في سفينته .
ولكن سيريل سارتور زودها حبتين ، باعتذاره عن مقابلة زعماء المعارضة ، كما قابل زعماء النظام . برر سارتور عدم مقابلته لزعماء المعارضة بانهم ضعفاء ومنقسمون على انفسهم ، ولكل واحد منهم مبادرة منفصلة ومستقلة ، وكانهم في اوكازيون مبادرات . ولم يفلح الحراك الشبابي في توحيد صفوفهم ، بل فرقهم ايدي سبأ . قال سيريل سارتور ان الشرط الاساسي الضامن للتغيير هو توحيد مكونات المعارضة في جسم واحد ، براس واحد ، يتفق عليه الجميع ، كما في حالة فنزويلا والجزائر . اما ان يكون عدد الجنرالات في المعارضة اكثر من عدد الجنود ، فهذه روشتة بدواء يضمن للرئيس البشير الاستمرار في السلطة لما بعد 2020 .
كلامات امريكانية تفضح رغبة ادارة ترامب في ان يستمر الرئيس البشير فرعوناً على بلاد السودان ، حتى يسهل ابتزازه بامر القبض ، فيعمل الرئيس البشير على إنفاذ الاجندة الامريكية .
وهذا هو المطلوب امريكانياً ، وليس التحول الديمقراطي ، وضمان حقوق الانسان ، وبسط الحريات ، فهذه وتلك كماليات لاهل بلاد السودان .
في هذا السياق ، يمكنك يا حبيب ، التكرم بمراجعة الفيديو السماعي على الرابط ادناه :
ثروت قاسم
Facebook.com/TharwatGasimOfficial