كلمة الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي لتحرير السُّودان (شمال) في ذكرى حركة العدل والمساواة السُّودانيَّة ب"يوم الشهداء" في لندن

..
كلمة الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي لتحرير السُّودان (شمال)

نحيكم باسم الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي لتحرير السُّودان (شمال)، ونحي شهداء حركة العدل والمساواة السُّودانيَّة في “عملية الذراع الطويلة” العام 2008م، ونحي كذلك شهداء دارفور منذ نشوب العدائيَّات في الإقليم العام 2003م حتى تأريخ هذا اليوم، والمجد والخلود لشهداء الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي لتحرير السُّودان (شمال)، وشهداء حركة وجيش تحرير السُّودان (جناح مني أركو مناوي) وحركة وجيش تحرير السُّودان (جناح عبد الواحد محمد نور) وشهداء كافة الفصائل المنضوية تحت لواء الجبهة الثوريَّة السُّودانيَّة، وهم يقودون أشرس العمليات التحرريَّة في جنوب كردفان والنيل والأزرق ودارفور وشمال كردفان.  نحيكم في هذه الذكرى ب”يوم الشهداء”، وبخاصة في مدينة أم درمان، تلك المعركة التي استبسل فيها مناضلو حركة العدل والمساواة في محاولة منهم لتجفيف منابع الإرهاب.
وعودة إلى تأريخ السُّودان الحديث، فقد قامت قوات الإمام المهدي من غرب السُّودان – وتحديداً كردفان ودارفور – واجتاحت العاصمة العام 1885م، وذلك لإزالة نظام الاستعمار التركي-المصري الذي كان جاثماً على البلاد والعباد منذ أكثر من ست حقب، يبيع أبناء السُّودان كرقيق في أسواق النخاسة، ويرهقهم بالضرائب الباهظة، وينشر فيهم الفساد والمحسوبيَّة والرَّشوة وغيرها من الممارسات اللاأخلاقيَّة الأخرى.  إذن “عملية الذراع الطويلة” كانت استعادة لتأريخ السُّودان الحديث ليبرهن أهل الغرب عامة ودارفور خاصة بأنَّهم لم يرضوا بالضيم، ولهم الاستعداد كل الاستعداد لاستلهام الهمم، والنهوض لمقاومة العناصر المسبِّبة لهذا الظلم.  وقد أبلى مقاتلو حركة العدل والمساواة في المعركة يومذاك بلاءاً حسناً، وكان وسطهم القائد الشهيد الدكتور خليل إبراهيم محمد، والذي عرفناه زميلاً لنا بجامعة الجزيرة في مستهل الثمانينيَّات.  وكالإمام المهدي نفسه الذي لم يقبع في شيكان بعد سقوط مدينة الأبيض وهزيمة قوات هكس باشا العام 1883م، أو الخليفة عبد الله التعايشي الذي لم يتخلف في دار التعايشة بدارفور، بل قادا العمليات العسكريَّة بنفسيهما، حتى حرروا الخرطوم العام 1885م.  هكذا قاد القائد الشهيد الدكتور خليل إبراهيم محمد جيشه بنفسه نحو أم درمان، يوجِّههم يمنة ويسرة، وكان شعارهم “كل القوة خرطوم جوه” نهاراً جهاراً، وذلك بعزيمة رجل وإصرار مناضل.
فحال الحكومة السُّودانيَّة اليوم أشبه بحكومة التركيَّة السابقة، والظروف الاقتصاديَّة بلغت حداً لا يُطاق، وما وفاة أكثر من 60 شخصاً عندما انهار عليهم منجم الذهب بمنطقة جبل عامر بإقليم دارفور في يوم الاثنين 29 نيسان (أبريل) 2013م، إلا دليلاً على الظروف المعيشيَّة الصعبة التي يعيشها أهل السُّودان، والتي فشلت الحكومة في توفير سبل عيش كريم لهم.  بل تصر الحكومة على استمرار حروب سابقة، وتأجيج حروب جديدة.  فالآن قد مضى أكثر من عشر سنوات على الحرب الأهليَّة في دارفور، ومضى ما يقارب العامين على الحرب الجديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
أما فيما يختص بانتهاكات حقوق الإنسان في السُّودان فلم تكف الحكومة على قصف الأهداف المدنية في جنوب كردفان  والنيل الأزرق، ولم تسمح للمنظات الإنسانيَّة بإيصال الغذاء والدواء والكساء إلى المناطق المتأثرة بالحرب، ولم تتوقف عن قصف اللاجئين من النُّوبة في جمهوريَّة جنوب السُّودان أو أهالي النيل الأزرق الفارين من ويلات الحرب في المنطقة، ولم توقف  الاعتقالات العشوائيَّة للناشطات  والناشطين السياسيين، وبالطبع هناك الأبرياء منهن ومنهم، ولم تتوقف عن استهداف طلاب دارفور في الجامعات والمعاهد العليا (جامعة الجزيرة، وجامعة الخرطوم، جامعة سنار – على سبيل المثال لا الحصر)، كما أنّ السلطات الأمنيَّة قد لجأت إلى اعتقال عدد من أعضاء الحركة الشعبيَّة وما يزالوا الآن حبيسين في سجون السُّودان.   ومع ذلك أشاعت الحكومة سيادة القبليَّة، وأدمنت إذكاء نيران الفتن العرقيَّة، وكممت أفواه الصحافيين، وأغلقت المراكز الثقافيَّة، وصادرت ممتلكاتها.
علاوة على ذلك أمست الاغتيالات من قبل السلطات الأمنيَّة تتم مع سبق الإصرار والترصد، وما مقتل الطالب محمد عبد الباقي في تظاهرة سلميَّة خرج لها أهل أم دوم في يوم الجمعة 26 نيسان (أبريل) 2013م ضد سياسات الحكومة في بيع أراضيهم للمستثمرين الأجانب إلا صورة بشعة من جرائم النظام ضد مواطنيها العزل.  وفي يوم الأربعاء 1 أيار (مايو) 2013م قامت السلطات الأمنيَّة باعتقالات واسعة ضد أبناء النُّوبة المسيحيين في الخرطوم وولايتي جنوب وشمال كردفان.   وكذلك يعتبر مقتل سلطان دينكا نغوك كوال دينق مجوك في يوم السبت 4 أيار (مايو) 2013م بواسطة ميليشيات المؤتمر الوطني إلا محاولة من النظام لإشعال الفتنة وإحياء عناصر الصراع في منطقة أبيي، والأدهى والأمر أنَّ هذا الحدث المروع قد جاء ولم يجف المداد الذي وُقِّع به الاتفاقات الثنائيَّة بين جمهوريتي السُّودان وجنوب السُّودان في أديس أبابا في شهر آذار (مارس) 2013م.  وفي يوم 6 أيار (مايو) بدأت المحاكمات الجائرة بولاية النيل الأزرق لأكثر من 85 مدنيَّاً تحت مزاعم الانتماء إلى الحركة الشعبيَّة لتحرير السُّودان (شمال).   بيد أنَّ الأنكى والأمر في الأمر تلكم المجازر التي تمَّت في حق أكثر من 200 مواطن أعزل وجرح الآلاف منهم في مدن السُّودان المختلفة حين انتفضت الجماهير في تظاهرات سلميَّة ضد زيادة أسعار السلع الاستهلاكيَّة، ورفع الدَّعم عن الوقود في أيلول (سبتمبر) 2013م.
إزاء هذا كله ما المطلوب منا نحن بالخارج إذن؟  نحن كسُّودانيين على وجه العموم، وأهل الهامش على وجه الخصوص ينبغي علينا القيام بالواجبات الآتية:
(1)    ينبغي على كل فرد مخاطبة النائب البرلماني في الدائرة الجغرافيَّة التي هو فيها بخطاب يوضح فيها الحال السُّودانيَّة، مع التركيز على إبراز انتهاكات حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانيَّة، ومطالبته بعمل شيء ما في مجلس العموم البريطاني تجاه أهل السُّودان.
(2)    مخاطبة رئيس الورزاء مباشرة بخطاب يحمل نفس المضمون أعلاه.
(3)    مخاطبة الاتحاد الأوربي ومجلس الأمن وحكومات الدول الغربيَّة عامة وتبصيرهم بالحال التي وصل إليها السُّودان، وبخاصة في مجال حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانيَّة المترديَّة بسبب الحروب الأهليَّة المتفاقمة والظروف الاقتصاديَّة المترديَّة، التي يعيشها أهل السُّودان.
(4)    مخاطبة الجهات المذكورة أعلاه من خلال الأحزاب السياسيَّة السُّودانيَّة الموجودة في المهجر، أو من خلال الروابط الإقليميَّة، أو تنظيمات المجتمع المدني.
(5)    استخدام الاحتجاجات والتظاهرات السلميَّة في المدن، وتسليم المذكرات للسلطات الحكوميَّة في بريطانيا.
(6)    التوسل لدي الحكومات والمنظمات العدليَّة العاملة في مجال حقوق الإنسان بالتدخل لمطالبة حكومة السُّودان بإطلاق سراح كافة المعتقلين من متهمي “عمليَّة الذراع الطويلة”، ونحن نعلم أنَّ أغلبهم قد ألقي القبض عليهم في شوارع العاصمة المسماة “قوميَّة” دون جرم جنوه، ودون أي دليل باشتراكهم في القتال داخل العاصمة، لذلك عجز القضاء السُّوداني – برغم من انحيازه لمؤسسة الدولة الغاشمة – في إثبات أيَّة تهمة ضدهم، ومع ذلك ما يزالوا قابعين في سجون النظام الظالم الغاشم في الخرطوم.
وقبل أن نختتم كلمتنا هذه، نود أن نشيد بمواقف أهل دارفور وصمودهم في الميدان لأكثر من حقبة، ونذكِّرهم بأنَّ وقفتهم الصلبة هذه أثبتت حقيقة أزليَّة، ألا وهي أنَّ الحلول الجزئيَّة ومحاولات شق الصفوف باتفاقات ثنائيَّة لا تخدم مصالح أهل دارفور في شيء.  وفي الختام أكرر التحايا لكم في هذا الجمع الكريم لتخليد ذكرى هؤلاء المناضلين والشهداء، وبخاصة في “عمليَّة الذراع الطويلة”، والذين ستظل شجاعتهم وفدائيتهم نبراساً وإلهاماً للأجيال المعاصرة والقادمة.
عاشت الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي لتحرير السُّودان (شمال)؛
عاشت حركة العدل والمساواة السُّودانيَّة؛
عاشت حركة وجيش تحرير السُّودان (جناح مني أركو مناوي)؛
عاشت حركة وجيش تحرير السُّودان (جناح عبد الواحد محمد نور)؛
وعاشت جميع الفصائل المنضوية تحت لواء الجبهة الثوريَّة السُّودانيَّة.
وأخيراً، أشكركم على حسن الاستماع
 ودمتم ذخراً للسُّودان الجديد الحر
والسلام عليكم ورحمة الله عليكم
الدكتور/ عمر مصطفى شركيان
رئيس مكتب الحركة الشعبيَّة لتحرير السُّودان (شمال) بالمملكة المتحدة وجمهوريَّة أيرلندا
لندن، الأحد، 22/12/2013م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *