قطر وملف دارفور
الدوحة المنبر الوحيد لحل قضية دارفور.. هذا القول لم يأت على لسان مسؤول قطري، انما جاء هذا التأكيد والاصرار على لسان جميع الفرقاء السودانيين المعنيين بقضية دارفور.
فخلال الفترة الماضية تابعت كما تابعتم جميعا التصريحات التي صدرت من قبل مسؤولين سودانيين وآخرين من احزاب وتنظيمات دارفورية على مختلف اطيافها وتوجهاتها، وهو اجماع يؤكد مجددا المصداقية والنزاهة التي تتمتع بها قطر وقيادتها، وثقة المجتمع الدولي في الدور والسياسة القطرية، وقدرتها على ادارة الملفات الصعبة بكل حكمة وحنكة.
الجهود التي تبذلها قطر اليوم على الساحة السودانية هي جزء من جهود ومساع ظلت قطر تقوم بها بكل صدق واخلاص طوال السنوات الماضية من اجل ايجاد استقرار اكبر في السودان الشقيق، وايجاد وحدة وتلاحم بين ابنائه في الداخل، واقامة علاقة طبيعية بين السودان وجيرانه، ونزع فتيل اي ازمة ناشئة، وهو ما جعلها تستطيع بفضل قيادتها الحكيمة، ونياتها الصافية والمخلصة ان تحقق نجاح يلي الآخر، سواء كان ذلك على صعيد الداخل السوداني او مع دول الجوار، اضافة الى مساعيها الحميدة لرأب الصدع بين دول في القرن الافريقي؛ وبالتالي فان الملفات الافريقية ليست بالامر الجديد على القيادة القطرية، فلديها دراية في التعامل مع قضايا هذه القارة.
ويحسب لقطر ان تحركها ومساعيها في لم الشمل العربي، ورأب الصدع بين الجيران، ودعمها للعمل العربي، وملفات الصلح التي انجزتها،..، لم تكن نابعة من اجندة خاصة تتحرك من اجلها، كما هو شأن البعض، انما جاءت كل هذه المساعي من اجل وحدة عربية، ومن اجل لملمة جراحنا العربية المتناثرة، ومن اجل نصرة شعوب هذه الامة، التي تئن من وطأة الخلافات والانشقاقات العربية العربية.
ويحسب لقطر كذلك انها تتعامل مع الجميع على قدم المساواة، وعلى مسافة واحدة، دون الانحياز الى طرف على حساب طرف آخر، وهو ما تؤكده كل هذه المصداقية العالية، والحضور الكبير بين جميع الاطراف، وثقة جميع الاطراف بنزاهة الدور القطري، وانها ترغب بعقد مفاوضاتها على الارض القطرية، ايمانا من هذه الاطراف بالحياد الكامل الذي تتمتع به القيادة القطرية، وحرصها على الوصول لمصالحة نقية من كل الشوائب، وبعيدة عن كل المصالح الخاصة.
اليوم المجموعات والتنظيمات في دارفور، وقبلها الحكومة السودانية تصر على ان الدوحة هي المكان المفضل والوحيد لعقد مفاوضاتها للوصول الى حلول مرضية لقضية دارفور، التي مضى عليها اكثر من خمس سنوات، وهي متفجرة وملتهبة، دون الوصول الى نزع فتيل هذه الازمة، اللهم الا حسن النية التي ابداها طرفا النزاع في الاتفاق الذي شهدته الدوحة في فبراير الماضي، واثمر ايضا عن افراج متبادل للاسرى بين طرفي النزاع، وهي نتيجة مبشرة وايجابية جدا، ومؤشر لتحقيق المزيد من الاختراقات لتقريب وجهات النظر بين جميع الاطراف، ومن ثم الوصول الى حل نهائي لهذه القضية التي تؤرق الانسان العربي، اسوة بالملف اللبناني ” المعقد ” الذي تم التوصل فيه الى حل بين جميع الفرقاء اللبنانيين على هذه الارض الطيبة.
وظلت قطر طوال السنوات الماضية تعمل بصمت، وتتحرك من اجل انتشال الواقع العربي من الوضع الذي هو فيه، ولم تمن يوما على احد بما تقوم به من جهود، ولم يصدر عنها تصريح او تلميح بالمن على الآخرين، بل ظلت تؤكد ان ما تقوم به لهو واجب وشعور بالمسؤولية تجاه اشقائنا وامتنا، وسخرت من اجل خدمة قضايا الامة كل امكاناتها، ولم تبخل بشيء من اجل ذلك، وجندت ابناءها في سبيل ذلك، وما الجهود الكبيرة والمقدرة التي يبذلها سعادة السيد احمد بن عبد الله آل محمود وزير الدولة للشؤون الخارجية في ملف دارفور، وتنقلاته وتحركاته الدؤوبة والمخلصة، الا نموذجا واحدا، وشاهدا على حرص القيادة القطرية لانجاح المفاوضات في هذا الملف الهام.
ان قطر اليوم تضع بصمة في مسيرة العمل العربي، وتقوم بعمل ريادي، ضاربة بذلك اروع الامثلة في خدمة قضايا الامة، والدفاع عن حقوقها، والسعي الجاد لاجتثاث بؤر التوتر والخلافات بين دولنا العربية، والبحث عن العلاج الجذري للمشاكل التي نعاني منها، والعمل على توحيد الصف العربي، والوقوف مع قضايا الامة بكل اخلاص وتجرد.
ما تأمله قطر، وما يأمله كل عربي مخلص اليوم هو عمل عربي مخلص، ونية صافية تجاه الآخر، من اجل حماية امتنا وبناء مستقبل لأجيالنا، فهل نجد ايادي عربية تتسابق لتتشابك مع الايادي القطرية الممدودة بكل حب واخلاص وصدق.. لانتشال الواقع العربي مما هو فيه؟.
جابر الحرمي
[email protected]
الشرق القطرية