القبائل العربية في أبيي ترفض قانون الاستفتاء بشأن المنطقة الغنية بالنفط وتحذر من العواقب
اعتبر ساسة سودانيون أن هذا العام هو الأخطر على السودان، لأنه يواجه خلاله ثلاث قضايا متعلقة بمصيره، وهي حل أزمة دارفور، وإجراء الانتخابات، وتعزيز وحدة السودان على أسس جديدة. في وقت طالبت فيه قبيلة المسيرية ذات الأصول العربية والتي تتنازع مع قبيلة الدينكا الأفريقية السيادة على منطقة أبيي الغنية بالنفط المتاخمة للجنوب، بإعادة قانون استفتاء المنطقة الذي أجازه البرلمان الأسبوع الماضي والقاضي بإعطاء الدينكا وحدهم حق تقرير مصير المنطقة إما بالانضمام إلى الشمال أو الجنوب، وهو ما ترفضه قبيلة المسيرية، وحذرت من أن كل الخيارات مفتوحة دون أن تحددها.
وقال أتيم قرنق، نائب رئيس البرلمان والقيادي في الحركة الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا العام هو الأخطر على السودان لأنه يواجه خلاله ثلاث قضايا رئيسية، وهي حل أزمة دارفور، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وأن يعمل جميع السودانيين على تعزيز الوحدة بين الشمال والجنوب. وأضاف «مستقبل السودان مظلم إذا فشل في حل هذه المشاكل خاصة إذا انفصل الجنوب، لأن أجزاء أخرى ستنفصل». وقال «عند استقلال السودان عام 1956 كان نداء ذلك الجيل هو السودان للسودانيين والانتماء إليه بالمواطنة بالحقوق والواجبات نفسها»، وتابع «لكن بعد الاستقلال مباشرة حدث تحول كبير في ذلك الشعار وأصبح لكي تكون سودانيا أن تكون عربيا مسلما، وهو أعلى درجة من المسلم غير العربي، وأعلى من غير المسلم وغير العربي». وقال إن «هذا التقسيم هو الذي قاد إلى انقسام السودان منذ وقت مبكر لأن السودانيين لم يتفقوا على هويتهم».
وأضاف «فقدنا المساواة والعدالة التي أدت إلى فقدان الحرية الذي دفع إلى اندلاع الحرب في الجنوب واستمرت لـ50 عاما، والآن أمامنا حرب دارفور دائرة»، داعيا إلى أن يعبر السودانيون عن انتمائهم لهويتهم قبل أي جهة أخرى، وأن يتساوى الجميع في دولة تحترم الثقافات واللغات والتعدد العرقي والديني، وتابع «هذا هو الذي يمكن أن يحقق السلام والاستقرار والوحدة على أسس جديدة، لأننا نحتاج للاعتراف بهوياتنا المتنوعة».
من جانبه، قال مساعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي المعارض الدكتور علي الحاج محمد، لـ«الشرق الأوسط»، إن عمر دولة السودان بشكلها الحالي قبل وبعد الاستقلال لم يصل إلى المائة عام، خاصة أن دارفور انضمت إلى الدولة بحدودها الحالية عام 1916. وأضاف أن «عام 2016 يمكن أن نصل إلى المائة عام، ولذلك السودان دولة ناشئة وتكوينها هش». وقال إن كل الحكومات الوطنية فشلت في وضع أسس سليمة للوحدة. وأضاف أن كل المؤشرات تتوقع أن الجنوبيين سينفصلون عن الدولة الحالية، وأن انفصال الجنوب سيقود إلى انفصال أطراف أخرى في السودان. وتابع «نتمنى أن تتحقق الوحدة لكن الانفصال سيقع.. فماذا نحن فاعلون؟». وقال «يجب أن نكون إيجابيين مع الجنوبيين عندما يختارون الانفصال، وأن نعتبرهم دولة مجاورة وإخوة لنا، لأن المصالح المشتركة بين الشمال والجنوب قوية وكبيرة». من جهة أخرى، دعت قيادات من قبلية المسيرية إلى تصحيح قانون استفتاء أبيي الذي أجازه البرلمان الأسبوع الماضي، وطالبت بإعادته إلى البرلمان أسوة بقانون استفتاء تقرير المصير للجنوب الذي كان قد أجيز ثم أعيد مرة أخرى بعد انسحاب الحركة الشعبية والأحزاب الجنوبية. وقالت قيادات المسيرية إن استفتاء أبيي يتنافي مع قرار هيئة التحكيم الدولية في لاهاي التي حددت منطقة أبيي، كما أن القانون يتنافى مع اتفاقية السلام الشامل، بحسب قيادات المسيرية الذين حذروا من مغبة عدم التراجع باعتبار أن جميع الخيارات مفتوحة وما زالت مطروحة في منضدة المسيرية.
وكشف رئيس جبهة تنمية أبيي محمد عمر الأنصاري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن تنوير قدمته قيادات المسيرية أمس، طرحه ممثلو القبيلة في البرلمان، وهم القيادي بالمؤتمر الوطني السفير الدرديري محمد أحمد، والفريق مهدي بابو نمر، والطاهر الرقيق، والأمير حريكة عز الدين، ومحمد عبد الله ودابوك، تناولوا خلاله أسباب انسحابهم من جلسة إجازة مشروع قانون استفتاء أبيي، وقال إن المشروع تجاوز المادة 183/3 من الدستور الانتقالي وبروتوكول أبيي، واتفاقية السلام الشامل، متهما المؤتمر الوطني بتأجيج فتنة بين المسيرية والدينكا بسبب منح الطرف الثاني حق التصويت ومنع المسيرية من ذلك الحق، مشيرا إلى أن رئيس البرلمان احمد إبراهيم الطاهر والقيادي بالمؤتمر الوطني إبراهيم غندور ربما مورست عليهما ضغوط، حيث رفض الطاهر سماع رؤية ممثلي المسيرية في الهيئة التشريعية. وقال إن غندور أبلغهم بأن المؤتمر الوطني مع الحركة، رغم أن رئيس كتلة الحركة ياسر عرمان تجاوب مع مقترحهم الذي رفضه الوطني.
وشدد الأنصاري على ضرورة إعادة قانون استفتاء أبيي أسوة بما تم بشأن استفتاء الجنوب الذي تمت عمليات التصويت عليه ثانية داخل قبة البرلمان، محذرا من مغبة عدم تصحيح الوضع، وقال «أرضنا وسنبقى فيها، ولن يستطيع أحد أن يطردنا منها». وأضاف أن وفدا ممثلا لقبيلة المسيرية سيتلقي بالرئيس السوداني عمر البشير لإطلاعه على رؤية أبناء المنطقة حول قانون الاستفتاء الذي تم تمريره داخل البرلمان، مطالبا بإرجاع القانون.
لندن: الشرق الاوسط