– موقف حزب المؤتمر الشعبي من الانفصال
– مصير السلطة المركزية وأسباب أفضلية الانفصال
– مستقبل الدولة المنتظرة في الجنوب
– قضية دارفور وأخطاء الحكم والأحزاب في السودان
علي الظفيري: أيها السادة نصف قرن من الزمان ولم يطب للدولة في السودان استقرار، تجرعت البلاد وصفات السياسة جربتها جميعا من يسارها إلى أقصى اليمين فما كان لها إلا أن تودع الوحدة بعد التفريط بمكاسبها، أتم السودانيون ما أراده الآخرون بامتياز وغدا وبعد أن تذهب سكرة التقسيم في البلاد تجيء أسئلة كبرى، كيف هو حال كل شطر بعد أن تشظى؟ وهل تتفشى عدوى التفتيت في ما تبقى من البلاد؟ فدارفور وكردفان وبلاد الشرق وقبائل الجنوب تسأل السؤال ذاته سؤال الهوية الذي ما وجدت له السلطة جوابا طوال عقود الحكم المتعاقبة على البلاد. والليلة أيها الإخوة نبحث في مستقبل السودان على بوابة الاستفتاء المصيري المنتظر، فأهلا ومرحبا بكم. معنا للغوص في عمق هذه القضية الدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان، مرحبا بك دكتور. ربما يكون حديثنا هذا هو الحديث لك كمواطن في سودان موحد نتمناه شفافا وصريحا وعميقا أيضا.
حسن الترابي: قبل يومين كان يوم عيد استقلالنا الأخير بلدا واحدا.
موقف حزب المؤتمر الشعبي من الانفصال
علي الظفيري: ما موقفك دكتور، ما موقف حزب المؤتمر الشعبي من الانفصال، انفصال الجنوب؟
حسن الترابي: بالنظر إلى المثال نحن طبعا نؤمن بوحدة بني الإنسان مهما اختلفت ألوانهم وألسنتهم ومهما تباعدت بهم الأرض ينبغي دائما أن يتجاوروا ويتواصلوا ويتزاوجوا ويتشاركوا ويتعاملوا يعني هذه السنة الأمثل في كل الديانات التي تجمع الناس لعبادة رب واحد، وأصبحت الآن تجربة الإنسان حتى في الغرب يعني الآن كلها تسعى نحو التوحد، وسائل الاتصال الحديثة -الحمد لله- توفرت لنا، لا وسائل النقل بل وسائل الاتصال الإلكتروني، فالوحدة الآن حتى الشعوب الأوروبية التي جاءت واحتربت عقودا من.. وقرونا من الحروب الدينية ثم الحروب التي اسمها عالمية وهي حروب تخصهم بالطبع، الآن أدركوا أن هذا الاختصام ليس إلا تهالكا وتساقطا.
علي الظفيري: هذا على سبيل المثال.
حسن الترابي: فاقتربوا من مثال الإنسان. ونحن كذلك حاولنا أن نفعل ذلك في السودان إذا أقمنا حزبا سياسيا تحزبنا ينبغي أن نعبر عن معاني الوحدة هذه أيضا بأن نجعله منبسطا في كل السودان، غالبا القوى السياسية إما شمالية محضة أو هي جنوبية محضة وهي عسير عليها أن تتحدث عن الوحدة وهي لا تتوحد في نفسها، لذلك نحن نؤمن بالوحدة ولكن الوحدة بالطبع إذا كانت قائمة على الإكراه قائمة على الضيق وتعسر بين المتوحدين أن.. ولا بأس يتفرق.. كلا من ساعته لأن الحرية هي أصل في الوجود كذلك.
علي الظفيري: إذاً في ظل هذا الوضع أنتم في ظل المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي تؤيدون هذا الفكاك الذي يحدث بين شطري السودان؟
حسن الترابي: هذه الإرادة نعم، الله سبحانه وتعالى يدعونا أن نتحد بهدايته عبادة له ولكن في هذه الحياة الدنيا أيضا لا يكرهنا على ذلك ولا يجبرنا أحد على ذلك، يترك لنا الحرية إذا شئنا.
علي الظفيري: دكتور كما أشرت أنت رجل وحدوي، وحدوي بشكل عام يعني من ناحية المبدأ ووحدوي أيضا على الصعيد السوداني وأنت أحد الرموز رموز الإسلام السياسي والرموز الفكرية أيضا للفكر الإسلامي بشكل عام، عادة المنطلقات تكون لا تقبل مثل هذا الأمر، هل تقبل أنت هذا الأمر نكاية -كما يشاع- نكاية بالسلطة القائمة أم من باب العداوة لها من باب الذهاب إلى كل ما يبغضها؟
حسن الترابي: لكن أنا لا أنشغل بمكايدات لسلطة عارضة، هذه وحدة السودان أو تفاصله هذه قضية مصيرية في السودان هي تتجاوز كل علاقاتنا اليومية وحياتنا نفسها يعني ولكن بالرغم من أن القوى السياسية التي نمثلها قائمة في كل الجنوب ونحن في سبيل قضية الجنوب والعدالة له سجنا ثلاثين شهرا وحل حزبنا..
علي الظفيري (مقاطعا): في عام 2000.
حسن الترابي: فلذلك العلاقة بيننا وبينه أوثق علاقة على صعيد القوى السياسية.
علي الظفيري: يعني هذا هو دكتور تحديدا، يعني أنت الرجل الذي يفترض به أولا حزبك يتكون من جنوبيين وشماليين وأنت كنت دائما علاقة جيدة في الفترة الأخيرة على الأقل مع الجنوب وبالتالي ربما كان الأولى التمسك أو النضال حتى اللحظة الأخيرة مع تماسك الوحدة أو الشطرين.
حسن الترابي: من العسير أن تحاجهم يعني منذ أكثر من نصف قرن من الزمان مهما أورث الإنجليز من شيء من المجانبة لأنهم عزلوا الجنوب عنا ثم لما فتحوا الباب وجدنا الفوارق فاحشة بيننا وبينهم ولكن منذئذ كان ممكنا أن نربط هذه القارة الواسعة كما يرتبط جسم الإنسان..
علي الظفيري (مقاطعا): في بداية الاستقلال.
حسن الترابي: منذئذ كان ينبغي درجا أن نربطها بالمواصلات وأن نفتح للناس أن يسافر بعضهم إلى بلاد بعض وأن يتزاوجوا بعد ذلك ويتجاوروا لأسسنا مجتمعا متوحدا متضامنا تقوم عليه بعد ذلك سلطة سياسية واحدة بالطبع ولكن نحن في الشمال انعزلنا عنهم شيئا ما وأصبح الصراع كله بيننا والسلطة كلها بيننا بين القوى الشمالية كيف تنفصل وكيف تتحد وأصبحت وجهتنا كذلك شمالا وشرقا لا نحو الجنوب ولا من وراء الجنوب.
علي الظفيري: إذاً في ظل هذا يكون الانفصال نتيجة طبيعية. سؤالي دكتور إذا كنت أنت مع هذا الأمر بمعنى مع حق تقرير المصير طالما ثمة ظلم تعرض له الجنوب طوال نصف قرن، أيضا هناك ظلم في دارفور وهناك إقرار بأن هناك إشكالية حقيقية، هل أنت مع حق تقرير المصير والانفصال في دارفور مثلا؟
حسن الترابي: والله يا أخي المعاقدة كلها العقد بيننا وبين الله العقيدة نفسها حرة والعقيدة التزاوج ليس لأحد أن يجبر أحد على ذلك، والسياسة كذلك والتجارة كذلك فالمواطنة عقد بين الناس إذا كان طرفاه.. حتى الفرد ممكن أن يخرج من السودان ويبقى..
علي الظفيري (مقاطعا): أنت مع استقلال دارفور والشرق واستقلال الغرب؟
حسن الترابي: الحرية، ولكنني أسأل أنه إذا ترتب على الحرية أن يفارقني المرء يعني ولكن أود أن نتشارك إذا كان من الجنس الآخر أن نتزاوج وأن نتحد معا ولكن آسى لأن يخرج منا هذا الخروج بخطأ لا نلوم به التاريخ الاستعماري القديم وورثناه فعلا ولا حتى دخول فعلا قوى استعمارية لها مصالح في إقامة سد في النيل الذي ربط بين شمال إفريقيا وقلب إفريقيا وبالطبع العالم كله متدافع، إذا ضعفت المنطقة الهبوب تهب عليها بأهوائها.
علي الظفيري: دكتور أريد أن أنتقل إلى قضية الجنوب ما بعد الانفصال والشمال أيضا ما بعد الانفصال لكن من هذه.. وأنت لك أثرك الفكري والسياسي في المنطقة والعالم بشكل كبير، أولا هناك ملاحظة يعني الوحدة لا تحدث بشكل اختياري لا تحدث بالورود عادة هناك عمل جبري تنتج عنه وحدة الدول، هل أفهم من حديثك أن لو مطالبة في دارفور تحدثت عن استقلال وأمر شبيه بالجنوب حزب المؤتمر الشعبي سيقف مؤيدا أو لن يعارض هذا المطلب؟
حسن الترابي: دارفور أيضا لنا قواعد في دارفور ودارفور ليست كالجنوب بل هي ممتدة وسط السودان إلى أقصى شرق السودان، الولاية التي تجاور إثيوبيا غالبها أصلها من دارفور جاؤوا قديما للجهاد أيام المهدية من غزو أحيك غربيا على السودان من هنالك، هم ينتشرون كانوا معنا في زراعة القطن التي كنا نعول عليها هم منتشرون فيها، وهذه الدعوة مهما كانت مظالمهم واشتدت مطالبهم واحتدت حتى احتربنا احتربت معهم السلطة السياسية ولكن إلى الآن رفع قضية تقرير مصير ما تزال..
علي الظفيري: مبكرة؟
حسن الترابي: يعني قليلة قليلة.
علي الظفيري: إذا ما رفعت دكتور؟
حسن الترابي: بالطبع إذا كتلة عامة من البشر هكذا.. إذا كنا نأذن للفرد أن يخرج من حل الشركة بيننا وبينه، بالطبع إذا كان أمة من الناس في منطقة كاملة كانت لها طوعا الخيار بأن تتعازل مع الآخرين..
علي الظفيري (مقاطعا): أين منطق الدولة دكتور؟ إذاً كل قبيلة كل دين كل مذهب كل طائفة كل هوية وإثنية مختلفة ترفع شعار الانفصال تتفتت الدول!
حسن الترابي: يا أخي يعني نحن ينبغي أن نستحي نحن المسلمين خاصة كان المسلمون قديما أمة واحدة وكانوا يحسبون أنهم يعني يمثلهم رمز واحد هو أمير الإسلام فتمتد أذرعه وعلاقاته وتنفتح على التبادل الثقافي والتجاري بين كل الساحة ولكن ماذا جرى لها بعد ذلك؟ قامت طبعا لإخفاقنا السياسي نحن قامت فينا العصبيات القومية والعصبيات القطرية تمزقنا الآن، حتى العرب انظر كيف مزقوا ورضوا بهذا التمزق، والأفارقة كذلك مزقوا، الغرب لا يريد أن يجمع كتلا حتى تقاومه ولكن يؤثر أن تكون قطعا صغارا حتى يبتلع كل واحدة.
مصير السلطة المركزية وأسباب أفضلية الانفصال
علي الظفيري: دكتور السلطة القائمة الآن السلطة المركزية في السودان إذا ما تم الانفصال ما هو مصيرها المباشر برأيك، بلد ينفصل فماذا يفترض أن يحدث لهذه السلطة المركزية القائمة؟
حسن الترابي: أهل السودان حديثا لأن السودان قارة مترامية والكل ينهم بالمحلي، إذا حدثتهم عن الخطر القادم في الجنوب وأنه يتزايد وأنذرتهم لوقت مبكر ما كانوا يعنون بذلك كثيرا ولكن الآن بدأ الهم يحيط بهم وبدأ الفزع من انفصال الجنوب كله، قطعة واسعة من الأرض يسكنها أكثر من ثمانية ملايين وهي أرض في متاع الدنيا ومصالحها بالطبع ذات فوائد وأرض أيضا للمد والتعامل الثقافي العربي وما يحمله من رسالات، هذه كلها فرص سانحة، أن تضيع على أهل السودان الفزع اشتد ولذلك الغضب مشتد جدا ويعلمون أن لا سيما إذا كانت العلاقات لم تنته إلى جوار لم يتفارقا بإحسان كما أمر الله حتى إذا أمرنا في الزوجية أن نتفرق بالإحسان بالمعروف ولكن تفارقنا بمشادة بعد ذلك قد يوحي كذلك لدارفور التي كانت دولة مستقلة يعني بالطبع، الجنوب لم يكن دولة مستقلة، وهي تستعر فيها حرب ومقاومة الآن والمفاوضات إلى الآن لم تحط بكل الأزمة.
علي الظفيري: تدعم المفاوضات دكتور حسن؟
حسن الترابي: بالطبع أحاول كل المحاولات.
علي الظفيري: يقال إن لك كلمة أو تأثيرا على بعض الفصائل التي تتفاوض مع الحكومة السودانية وأنك إن تدخلت بشخصك وبحزبك ربما يتغير مسار هذا التفاوض.
حسن الترابي: لكن هذه دعاية أطلقت على بعض الذين كانوا في حركة الإسلام عموما حتى لا يجدوا دعما في الغرب حتى يضيفهم الغرب إلى معطف الإسلام الذي يتخذون منه موقفا متجانبا ولكن كان هو حقيقة هو كنا والسلطة ونحن وهو وقائد كتلة العدل والمساواة كنا جماعة واحدة وكنا عندما حكمت نريد نمطا للحكم الإسلامي يقوم على الحرية مثل المدينة تماما فيه من يطعن في الدين من كان يطعن بلسانه ترد بلسانك لا ترد عليه ضربا ولا بالقوة وكذلك فيه الشورى وفيه المساواة بين الناس وفيه اللامركزية، هو خرج على هذه القضايا..
علي الظفيري: إلا أنهم من تلاميذيك ومريديك.
حسن الترابي: نعم نعم، نحن خرجنا سياسة يعني ونحتمل السجون بعد السجون بعد السجون ولكن هو خرج يحمل البندقية.
علي الظفيري: ألا تمون يعني كما يقال بالدارجة أن لك مونة أو لك على الأقل أثرا كلمة على هذه الفصائل؟
حسن الترابي: لأن رأينا واحد يعني وجهة المجتمع أين تصير واحدة ولكن نريد أن تنبسط على نمط الدولة الإسلامية المنبسطة لا مركزية وشورى وعدالة..
علي الظفيري (مقاطعا): كان سؤالي تحديدا قبل ذلك حول السلطة الآن القائمة الحكم القائم في السودان، إذا حدث حادث قطار تستقيل وزارة كارثة كبرى ربما تستقيل الحكومة، الآن انفصل البلد انقسم إلى شطرين، برأيك ما هو مستقبل السلطة التي تحكم السودان الآن؟
حسن الترابي: هذه طبعا الدول القائمة على الشورى والديمقراطية اللي تستشعر المسؤولية إذا وقع أي ما وقع في المنطقة التي يسأل منها وزير هو يستقيل تماما، يحتمل هذه المسؤولية حتى لو لم يباشرها هو بسببه، لكن هذه دولة عسكرية بالطبع تقوم على القوة ولكن الفزع الذي يصيب أهل السودان والذي قد يصيبهم كذلك إذا تداعى الأمر نحو الغرب ونحو الشرق في السودان وإذا فقدنا غالب ثروة البترول وهي الدخل الأساسي في موازنة الدولة وأصبحوا بعد ذلك يستدركونها بضرائب على السودان ستقوم فينا قائمة الضغوط الاقتصادية.
علي الظفيري: 80% من النفط الحالي هو في الجنوب.
حسن الترابي: نعم.
علي الظفيري: 20%.
حسن الترابي: نعم.
علي الظفيري: وأنت قلت إن لشمال السودان حق الأجرة، أجرة النقل فقط.
حسن الترابي: نعم, وذلك لكن يعني القضية ستكون أولا في بنية الدولة الإسلامية ثالثا في المعاش ورابعا أصلها في اليأس، كيف يتبدل الحكام كيف يتعاقبون، هؤلاء الانتخابات الأخيرة أثبتت للناس أنهم يريدون احتكار السلطة يعني.. قوة..
علي الظفيري: هل من تحرك أنتم لكم كحزب معارض بعد الاستفتاء وإذا كان الاختيار طبعا بالانفصال؟
حسن الترابي: الآن كل القوى السياسية الآن المعارضة جربت كثيرا الحوار مع هذا النظام ثنائيا أحيانا يراضونه ويحاورونه وأحيانا جماعيا وما أجدى الحوار أصلا، وجربوا كذلك العلاقة مع الشريك لعله يتوسط وجربوا الدخول في وساطات أيضا خارجية ولكن ما أجدت وجربوا الانتخابات لعلها تعدل الميزان شيئا ما ليصبروا عليه ولكن ما نفع ذلك ولذلك استيقنوا بأنه لا مجال أصلا إلا أن يتبدل الحكم وأن يتغير، وأن يتغير بحركة الشعب.
علي الظفيري: لن يبدل نفسه هذا الحكم دكتور حسن فبرأيك كيف سيتبدل وخاصة أن حديثا عن حراك للمعارضة ربما يسهم في تبديله؟
حسن الترابي: ما تقول قد يصح لأنه لم يتعظ بما جرى من استعمال القوة نحو الجنوب، أدى إلى جفوته وانفصاله وسلط الضوء..
علي الظفيري (مقاطعا): ولكنك كنت شريكا في استعمال القوة ضد الجنوب في يوم من الأيام؟
حسن الترابي: لا، لأن الجنوب طبعا أحيانا يأتي أهل الجنوب وأحيانا يمدهم مدد من الخارج ونعلم أن مدد الخارج لا يبالي نصرة هذا على هذا يريد هذه الدول الإفريقية كلها أن تصطرع تقتتل وتفنى يعني.
علي الظفيري: لكن أقصد كنت جزءا من شرعية القتال بل الجزء الرئيسي من شرعية قتال الجنوبيين والدعوة لقتالهم تحت عناوين طبعا دينية.
حسن الترابي: غير نمط القتال العسكري وقتال السحق والمحق، كان قتالا رضويا ضد أي قوات تريد أن تدفعهم لكن نريد أن نجلس على المائدة كي نعدل معهم.
علي الظفيري: طيب هذا جزء من التاريخ سنعود له كما اتفقنا في الجزء الثاني. سؤال ثمانية دويلات توقعت أن ينقسم إليها السودان، يعني هذا التصريح مخيف حقيقة دكتور.
حسن الترابي: نعم، السودان أصله ليس بقوم، ما هم قوم رسخ تاريخهم حتى تتمتن بينهم رابطة الوطن الواحد، هو كانت أراض فقط ولكن من القرن 19 فتحت من تلقاء الشمال لتأمين منابع الجنوب بسند من العون الفني الغربي كذلك انبسطت هذه الأرض كلها في منظومة واحدة وبعد ذلك انهار السودان في هذه المنظومة وبعد ذلك عادوا وكسروا هذه الدولة الإسلامية دولة المهدية الإسلامية في هذه المنظومة ومنذئذ.. وعزل الجنوب عقودا من الزمان فهذا هو البلد يعني.
علي الظفيري: طيب دكتور هذا تبرير للانفصال تبرير للدويلات الثمان مثلا؟
حسن الترابي: لا، هذا ليس تبريرا لكن شرح أنه ما عندنا رابطة قومية راسخة في نفوسنا بتاريخ حتى نقول نحن قومية واحدة مهما اختلفنا واصطنعنا على المذهبيات وعلى السياسات لا نتفرق لأن رابطا في جذورنا يمتن العلاقة بيننا.
علي الظفيري: طيب ماذا يوقف من هذا السيناريو المرعب؟ كيف يمكن أن نبتعد شمال السودان عن هذا السيناريو المرعب؟
حسن الترابي: لا بد أن يرجع إلى الحرية لأن هذا الشعب لم يعهد في تاريخه مثل الحكم الفرعوني مثلا الذي يربط البلد كلها تحت سلطة فرعون واحد أو الحكم السلطاني عامة الطاغوتي الذي يربط البلد بقهر فبعد حين متطاولة من الزمن قد تصل هذه بقومية ومصالح واحدة وبتواصل وتزاوج وتواشج بينهم، ولكن السودان لا بد أن تبسط فيه الحرية، لا يتحدون إلا طبعا، إذا حاولت أن تكرههم إذا رضوا يرضون حينا ما ثم ينقلبون عليك هذه أولا، وثانيا أيما حكم يقوم لا بد يقوم على الشورى والشركة بينهم، نوابهم كذلك طوعا من كل ناحية وأيما رأس على الدولة لا بد أن ينتخب ويدرك أنه يمثل كل ركن من أركان البلاد، فبغير هذه اللامركزية والحرية والشورية لن تقوم للسودان قائمة.
علي الظفيري: إذا ما انطلقنا من الواقع يعني عادة نحن نعرف هذه المنطقة وكيف تجري فيها الأمور لا يتوقع أحد أن يجري هذا الأمر باختيار، وأنت أيضا دكتور حسن كنت يوما ما على رأس مشروع سياسي في السودان مشروع سلطة في السودان وربما لم يحدث هذا الأمر وسنتأتي إلى هذا التفصيل، لكن السيناريو لن يحدث تلقائيا موضوع الحرية موضوع إدارة الدولة بطريقة أفضل مما هي عليه، هناك سيناريو آخر أن ربما انقضاضا سيكون على السلطة بعد الانقسام وضعف السلطة المركزية في الشمال من أطراف قد يكون لها علاقات جيدة بالجنوب والجنوبيين وبدارفور وببعض القوى الموجودة في دارفور، قيل إن حزب المؤتمر الشعبي مثلا مثال على هذا الأمر، هل تتوقع انقضاضا على السلطة وإسقاط يعني على هذا الشكل أقصد..
حسن الترابي: يعني علمتنا التجارب من قبل أنه نحن أردنا أن نبلغ السلطة بالنظام الشوروي الديمقراطي ولكن كلما اقتربنا إلى السلطة الغرب أثاره الفزع، هو يؤمن بالديمقراطية مبدأ ولكن المبدأ الأقوى منه الذي يغلبه إذا أفرزت الديمقراطية إرادة وطنية لا سيما الإرادة الإسلامية لا بد أن تقهر تماما بالقوة.
علي الظفيري: لذلك اختفيتم بعدين خلال سنتين أو ثلاث سنوات..
حسن الترابي: ولم يفعلها في السودان، نفعلها في بلاد عربية مشهورة يعني بلاد غير عربية في تركيا في الجزائر في بلاد أخرى. ونحن كذلك حاولنا مرة بعد مرة أن نقترب إلى السلطة ونلقى نصيبنا المتزايد درجا ولكن كل مرة يتسلط علينا الغرب.
علي الظفيري: الآن دكتور يعني هذا الأمر جعل منك تحديدا لا تفكر في السلطة لا تفكر ولا حتى حزبكم؟
حسن الترابي: أفكر أن إرادة الشعب لا بد أن تعبر عنها السلطة ولكن كما دخل الرسول عليه الصلاة والسلام المدينة طوعا حتى لو كان الأمر يقتضي مدى أطول ولكن الخطر على السودان الآن إذا أدرك العالم حولنا -ونحن طبعا لنا جيرة كثيفة- أننا في هذه الحال من خلل الروابط بيننا بالطبع سيدخل فينا الداخلون بالطبع يعني منطقة الضغط الواطي تأتيها الرياح ستأتينا الرياح كذلك لتفرق، هذا البلد فيه خطر أنه مد للعروبة كذلك يتوغل في إفريقيا ومد أيضا لما تحمل العروبة من رسالة الإسلام وطبعا الدول العظمى لها مصالح وبعض الدول حتى العربية المسلمة لا تريد نمطا مثلا شورويا حرا لأنه نمط غير شائع في صفنا فبين هؤلاء وأولئك سيدخل داخلون على السودان.
علي الظفيري: دكتور في إشارتك لقضية الانفصال وإيمانك به تحدثت طبعا عن مسألة ما تعرض له الجنوب وبالتالي هو نتيجة طبيعية لهذا الفكاك ولكنك لم تشر للدور الغربي، تحديدا الولايات المتحدة الأميركية مهتمة بانفصال الجنوب أكثر من الجنوب نفسه ربما، إسرائيل ثبت الدور الذي لعبته في الجنوب وفي دارفور، تحديدا أيضا في قضية دارفور لم تشر لهما بشكل كبير.
حسن الترابي: أنا لا أريد أن أشير لهما لأن الناس يفرطون دائما كلما أصابتهم مصيبة.
علي الظفيري: لكن لا إفراط ولا تفريط.
حسن الترابي: كلما أصابتهم مصيبة يردونها إلى الغير {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ..}[الشورى:30] حتى الآخر لن يجد فيك فرصة سانحة ومجالا إلا إذا ضعفت أنت بالطبع. وصحيح ما تقول بعض الشيء، الغرب يقول إننا لا نريد حربا أخرى مثل الحروب التي جرت في شرق إفريقيا انتهت إلى إبادات جماعية ولا نريد حربا تقتل الملايين بين الشمال والجنوب فمن الخير أن يرد الأمر إلى إرادة البشر وتقرير مصيرهم، إذا تفاصلا يتفاصلان عن رضا وعن سلام وإذا تواصلا يؤسسا عقدهما لا على الجبر العسكري ولكن على التراضي، وأنا نفسي أنا لا أريد أن نقيم دولة..
علي الظفيري (مقاطعا): برأيك يقبل الغرب بأن تكون نتيجة الاستفتاء بخلاف الانفصال؟
حسن الترابي: واطمئن الآن.. نحن كلنا.. نحن مثلا حزبنا الآن عقد اجتماعا واسعا كأنه حجة وداع لإخواننا من الجنوب، كلهم جاؤوا من الجنوب عشرات، حجة وداع لهم..
علي الظفيري (مقاطعا): قبل أربعة أيام.
حسن الترابي: وأنفسهم لن يصوتوا للوحدة، سيصوتون للانفصال والمسلمون في الجنوب لن يصوتوا للوحدة لأن الآن المد مد نحو الهوية والعدل والوطن وضد الظالم الذي في الشمال أصبحت ريحا عاصفة كل من وقف في وجهها قد يلقى عليه بصفة الخيانة والغدر وقد يصاب الإسلام كما أصيب من قبل حتى في اتفاقية السلام المسلمون ينظرون إليهم كأنهم عملاء للظالم المستبد علينا الذي يحتقرنا ويستكبر علينا، فنحن كلنا الآن مع حتى حزبنا في الجنوب..
علي الظفيري: مع الانفصال.
حسن الترابي: مع صوت الاستقلال نسميه ونكرمه.
علي الظفيري: نعم عبد الله دينق نائبك في حزب المؤتمر كان ضيفي قبل فترة وكان يتحدث عن إيجابيات الانفصال. تحدثت دكتور حسن عن الشمال وكأنه الشيطان يعني إدارة الشمال، نود أن نشير إلى ماهية الجنوب ما هي الجنة المنتظرة للجنوبيين ما هو حال الجنوب وقبائل الجنوب وعلاقات الجنوب البينية وديمقراطية الجنوب أيضا ولكن بعد فاصل قصير فتفضلوا مشاهدنا الكرام بالبقاء معنا.
[فاصل إعلاني]
مستقبل الدولة المنتظرة في الجنوب
علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام حلقة اليوم من في العمق تبحث مستقبل السودان مع الدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، مرحبا بك مجددا. دكتور الكل يتحدث عن الشمال والظالم والتخلص من الظالم يعني وكأن دولة الجنوب المنتظرة هي تلك الجنة التي سينعم الكل فيها بحقوق متساوية، ما هو شكل الدولة القادمة في الجنوب وإدارتها أيضا على الصعيد الداخلي، لدينا دكتاتور آخر هو الحركة الشعبية؟
حسن الترابي: نعم، نحن زرناهم حزبا وتحدثنا إليهم لا حديث السياسي مع السياسي بالتحفظات الدبلوماسية ولكن حديثا عفوا وتحدثنا مع الشعوب كذلك في كنائسهم وفي مساجدهم وفي بيوتهم وحدثناهم أنه حتى إذا كان يوحدكم الآن وحدة العدو الذي تهدفون إلى..
علي الظفيري (مقاطعا): بعد ذلك تختلف الأمور.
حسن الترابي: ونضرب لهم مثالا حتى لا يحسبوا أننا نقصدهم هم، قلنا لهم الأفغان كذلك عندما كان بينهم الروس كانوا جبهة واحدة لما ذهب الروس أصبح بعضهم على بعض، الثورة الفرنسية كانت على النبلاء لما ذهب النبلاء مقتلين أو هاربين وقعت بينهم الواقعة بين الثورة نفسها، فنحن نخشى عليكم أن تقوم فيكم قبلية فيكم قبائل أن تستعر فيكم روح القبلية في أنفسكم وأنت شعب بعد التحرر، التحرر الآن يعني فرحة تحمل كل الشعب معا.
علي الظفيري: مثل استقلال الدول العربية في مطلع القرن العشرين.
حسن الترابي: نعم. لكن مباشرة بعد التحرير يأتي التعمير، الناس يسألون عن مطالبهم نريد تعليما مبسوطا نريد..
علي الظفيري (مقاطعا): الآن دكتور ترى أن هناك استئثارا بالسلطة من قبل الحركة الشعبية؟
حسن الترابي: نعم.
علي الظفيري: هناك استئثار واضح.
حسن الترابي: نعم لأنه جيش تحرير في الواقع.
علي الظفيري: بعد ذلك، إذا كان الآن استئثار في مرحلة التحرر فما بعد التحرر؟
حسن الترابي: جمعت كل الأحزاب بما فيهم حزبنا نحن كذلك هناك وقالت لهم بعد.. إذا انتهينا إلى نتيجة الاستقلال نجمع حكومة تجمع كل القوى السياسية لحين تصير وتعقد انتخابات عامة حرة بيننا ومن بعد ذلك نضع دستورنا معا، فحتى رأس الدولة نفسه حدثهم أنه لربما هو وقد يعني أدى شوطه في تكاليف المجاهدة في سبيل بلده قد يبتعد قد يعتزل.
علي الظفيري: تنتظر خطوة مقابلة من الطرف الآخر شريك الحكم الحالي الرئيس البشير؟
حسن الترابي: لا، يقول نحن باقون في السلطة يخرج النواب الذين خرجت دوائرهم من أرض الوطن ويبقون هم ويضعون الدستور هم ويمضون خمس سنوات ليأتي نفس المشهد الذي شهدناه في انتخابات..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب في الجنوب نبقى في الجنوب، الدنكا ستحكم القبيلة الأكبر ونفس.. يعني نفس الإشكالية القائمة الآن؟
حسن الترابي: لن تستطيع أن تحكم وحدها، يعني هي الدنكا معها قبيلة أخرى قوية هي النوير القبائل النيلية، القبائل الاستوائية لها بعض شيء من الغيرة عليها وكثير من القبائل الأخرى إذا كلها ائتمرت علها ستحيل الجنوب إلى فتن وتخشى هي من أن أعداءها حولها لا سيما في الشمال يمكن أن يمدوا هذه الفتنة بالوقود ولذلك لربما والله أعلم لربما ينتهون إلى رشد. نحن حتى في استقلال السودان مررنا بنفس النتيجة..
علي الظفيري (مقاطعا): تحتاجون إلى خمسين سنة.
حسن الترابي: إما وحدة وادي النيل أو الاستقلال، لما انتهينا من القرار إلى استقلال كامل سألنا الأحزاب ماذا تفعلون للسودان؟ كانوا مفلسين ما كان لهم منهج، المنهج كله الهم كله يعتكف فقط على قضية تقرير المصير وحولنا بلد أخرى خرجت -طبعا نحن لسنا البلد الإفريقي الأول يعني الذي يخرج- هي أريتيريا وخرجت أضعف من الجنوب ما كان فيها شرطي واحد ولا خدمة مدنية واحدة وكانت تعول على السودان في الجوازات وفي العملة وفي..
علي الظفيري (مقاطعا): تتوقع دكتور أن تنشأ حرب جنوبية شمالية قياسا على مشكلة أبييه وقبائل المسيرية والقبائل الحدودية وعدم تحديد ملامح وضعية الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب، كل هذه الأمور؟
حسن الترابي: أهل الجنوب قالوها أكثر من مرة نحن همنا أن ننهض بالجنوب الذي ليس فيه شيء أصلا يقتضي علينا يقتضي علينا أن نفرغ كل طاقتنا لا لمحاربة الآخر وننفقها كلها بل في إنشاء بلدنا والنهوض بها، والشمال كذلك لا يستطيع أن يحارب الجنوب.
علي الظفيري: من سيكون في وضع أقوى -بتقييمك كسياسي- الجنوب أم الشمال؟
حسن الترابي: طبعا الشمال لأنه البلد الأقوى الأكبر الأعظم ولكن الشمال نفسه إذا بدأ يحارب الجنوب طبعا يحارب دولا كبرى لأنه في عشرة آلاف يحرسون السلام وكل مساقات السلام حتى تقرير المصير عشرة آلاف جندي دولي عالمي معناها نقاتل العالم كله، ولن نقاتل متمردين هذه المرة سنقاتل جيشا نظاميا بقوته الجوية..
علي الظفيري: لديه 80% من عائدات النفط الآن.
حسن الترابي: وأمد كذلك من الغرب بأسلحة جوية وأرضية.
علي الظفيري: شكل علاقة الجنوب الدكتور حسن الترابي علاقاته السياسية علاقاته بشكل عام مع الشمال ومع المحيط العربي برأيك كيف سيكون شكل هذه العلاقة؟
حسن الترابي: أولا الجنوب كله تعرب لغة تخاطب، هم الآن جنحوا إلى أن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة تكاد تكون الأولى في التعليم ولكن كلهم بتحدثون اللغة العربية لغة التخاطب بين القبائل غير المتعلمة، إذا أردت أن تخاطب العامة فخاطبهم بالعربية إلا أن تخاطب قبيلتك برطانتك الخاصة أو تخاطب المثقفين ربما بالإنجليزية هذه واحدة، وثانيا هم يريدون تنمية ويعلمون أن البلاد العربية لها وفرات من الأموال تستثمر في أوروبا والآن يتحدثون إلينا كثيرا، نحن لنا علاقات بالدول الإفريقية التي تجاورنا سوف نصلكم بها إن شاء الله، نرجوا أن تصلونا بالإخوة العرب وألا يحسبوا أننا زنوج يعني كرهنا العروبة والعرب وابتعدنا منهم، يعني أن يأتوا إلى بلدنا ليستثمروا أموالهم ونعلم أنه ليست لهم مقاصد استعمارية إذا جاؤوا سيأتوه..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب لما يقول وزير إعلام سوداني يقول إنه والله إقاماتهم ستنتهي وجنسياتهم ستنتهي ولن نعطيهم إبرة واحدة يعني شيء من هذا القبيل للجنوبيين في الشمال كيف سيؤثر هذا على العلاقة في ظل إرث من القتال والتصادم؟
حسن الترابي: حتى لو تجاوزوا علاقاتهم مع الشمال هم سيحفظون علاقاتهم مع البلاد العربية الأخرى، مصر تحفظ معهم علاقة لأن النيل يمر بالجنوب أولا فلها علاقات الآن طيران وعلاقات تعليمية وعلاقات مدد كهربائي ومدد ديون وهبات وكذلك البلاد العربية سافروا إلى كل البلاد العربية الآن.
علي الظفيري: كيف تقيم الدور الذي قامت به مصر في هذه القضية والتأثير ومحاولتها وموقفها أصلا في قضية انفصال جنوب السودان كيف تراه؟
حسن الترابي: مصر لم يؤذن لها أن تدخل كثيرا في تسوية قضية الجنوب.
علي الظفيري: من يجب أن يأذن لها؟
حسن الترابي: الغربيون والأفارقة..
علي الظفيري (مقاطعا): ألا تعد قضية الجنوب والسودان تحديدا قضية أمن قومي بالنسبة لمصر؟
حسن الترابي: بالطبع ولكن كل المفاوضات التي جاء فيها مندوبون من كل بلاد الأرض مصر عزلت منها تماما.
علي الظفيري: سخرت من مقترح الكونفدرالية الذي قاله وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.
حسن الترابي: الكونفدرالية هي علاقة بين الدول المستقلة الآن لا تسمى كونفدرالية في العالم، لا توجد علاقة في العالم واحدة تسمى كونفدرالية هذه الكلمة خلاص يعني..
علي الظفيري: من القرن التاسع عشر.
حسن الترابي: انتهت في قانوننا الدستوري لأنها كونفدرالية نابليونية. الآن سويسرا هي دولة فيدرالية تسمى كونفدرالية في التاريخ القديم ولكن الآن الدولة إما سوق مشتركة أو تجارة حرة أو منظومة كالمنظومة الأوروبية معا وقد ترتبط وتشتد الرابطة نحو شيء ما هو موحد بينهم لكن الدول المستقلة بجيوشها.
قضية دارفور وأخطاء الحكم والأحزاب في السودان
علي الظفيري: هل يمكن أن تكون دول جوار شمال السودان حزاما ضد شمال السودان بعد انفصال الجنوب؟
حسن الترابي: أي الدول تكون؟
علي الظفيري: كل دول الجوار الإفريقية تحديدا زائدا دولة الجنوب.
حسن الترابي: طبعا إذا أسأنا المعاملة مع دارفور طبعا لا يمكن أن تفصل بين دارفور وبين الشيء هذا، الشعب واحد، هذه الحدود التي رسمها الاستعمار ليست إلا حدودا وهمية، كل القبائل والشعوب تمتد واللغات والأشكال والأجناس فإذا خاصمنا دارفور أخرجت منا خصما سنخاصم كذلك غرب إفريقيا.
علي الظفيري: طيب دكتور هناك عملية تفاوض بين..
حسن الترابي: وإذا خاصمنا الشرق أيضا سنخاصم معنى ذلك الشرق..
علي الظفيري: طيب إذاً دارفور مركزية في قضية الاستقرار. عملية التفاوض تقودها قطر منذ فترة بين الحكم في السودان والفصائل في دارفور ماذا ينقص هذه العملية حتى تنجز أو تتم للآخر وتنجز مهمتها؟
حسن الترابي: نحن حسبنا أنه لا سيما بعد حل قضية الجنوب، لنا نموذج، اعطوا إقليما واحدا وولايات لم لا نعطي دارفور وهي نفس العدد إلا قليلا، الفرق أنهم مسلمون فقط.
علي الظفيري: وبعد ذلك يطالبون بدولة مستقلة أو بالانفصال.
حسن الترابي: أعطيناهم نائب رئيس للجمهورية أيضا بسلطان لا ينتظر يعني حتى يفوض له الرئيس شيئا، وأعطيناهم فيدرالية هم يحكمون مستقلين تماما منذ بضع سنوات منذ الاتفاقية تماما الآن، والدول الغربية لها قناصل كأنها وزرات خارجية ولهم مكاتب في أيما بلد حتى إذا كان سفيرنا هنالك منهم لكن هنالك مكتب آخر هو مكتبهم هم مع الدولة في أميركا أو في أوروبا أو في أيما بلد آخر، فواقع الأمر كان ينبغي أن نتعظ بقضية الجنوب وألا نكررها كذلك ولكن الآن الإستراتيجية الجديدة صوبت كلها نحو أن نأخذ القوات واستقرت وقضينا على الجنوب وارتحنا منه كأننا ارتحنا منه يعني ونصوبها نحو دارفور والمفاوضات هنا الحكومة خرجت منها يعني بين يدي أن تبلغ درجة ما بين حركة ما على الأقل والوفد الحكومي.
علي الظفيري: حكم الإنقاذ الذي بدأ منذ عام 1989 وحتى اليوم دكتور حسن الترابي وأنت عراب هذا المشروع السياسي الإسلامي يعني حتى قيل إنها أهم ثورة في العالم في العالم السني تحديدا، اليوم ينجز مهمة الانفصال ويقف على بوابة ثمانية دول محتملة كما صرحت أكثر من مرة، كيف ترى هذه التجربة التي زرعت أساساتها وربما تغيرت وانحرفت في مسارات أخرى بعد ذلك؟
حسن الترابي: لا أستطع أن أنظر إلى تاريخ الإسلام وأنظر إلى الفتنة الكبرى التي وقعت بعد سنوات قليلة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وكيف بدأت تمزق العالم الإسلامي ولكن أن يقوم الإسلام قائمة مشهودة الآن في هذا العالم الحديث الذي يراقب قومة الإسلام، المسلمون كلهم ينعطفون إليه والآخرون كذلك يرتعبون منه، إذا قامت فيه دولة فاسدة تحسب هذه على الإسلام وإذا قامت فيه دولة تمزق ولا توحد تحسب على الإسلام وإذا قامت فيه دولة طغيان تسجن وتعتقل الناس تحسب على الإسلام دولة طغيان لا دولة ديمقراطية وشورى، وإذا كانت مع جيرانها لها علاقات حسن الجوار “الجار ذو الجبة والجار الجنب” فالعلاقات توتر وكل الجيران هذه قضية يعني يأسى لها المرء يعني لأنه نحن قمنا بتجربة ما كان لنا من تجربة قريبة منها حتى نقتدي بها، هي أول تجربة وقعت في كثير من الأخطاء ولكن إن شاء الله سنكتب تاريخها بصدق، بصدق إن شاء الله حتى يتعظ الذين.. حركات الإسلام الآن أصبحت مدا في العالم كله حتى لا تقع فيه مثل هذه المسائل إن شاء الله.
علي الظفيري: يعني في كل مرة أتساءل أنا كنت طبعا أنت في كل مرة ترد على هذا التساؤل أو الاتهام بشكل فربما هذا الرد يعني هو شيء جديد وغريب ولافت، السؤال بعيدا عن أخطائهم هم، أين أخطأتم أنتم تحديدا حتى انحرفت الأمور إلى هذا المسار؟
حسن الترابي: والله صادرنا كثيرا يعني قامت بخطة خطة موضوعة أنه في حين.. أنها لا بد أن تقوم مجهولة لأنها إذا قامت طفلة معروف بهويتها الدينية ستوأد الغرب لا يبالي أصلا.
علي الظفيري: فاختبأتم قليلا.
حسن الترابي: اختبأنا قليلا ولكن في مرحلة الاختباء كان الشكل عسكريا كأنما أي انقلاب عسكري آخر حتى يوزع لها الناس وفعلا جاء زعل الجيران العرب والغرب والأفارقة ولكن نسينا أن الحكم فتنة ويفسد صاحبه وعندما وضعنا بين أيديهم الخطوط لتحرير الصحف ثم تحرير الأحزاب ثم انتخابات كل الناس من شيخ الحلة إلى شيخ.. إلى الولاية إلى رئيسها إلى الشيخ ووضع دستور هي حريات للناس وهكذا وعدالة لا مركزية ودور عندئذ القبضة العسكرية التي تريد دائما طبعا أن تضبط وأن تحتكر وأن تقبض على كل شيء ولا تبسطه أبدا غلب علينا وهذا الذي أخرجنا يعني إحنا ما خرجنا لأننا اصطرعنا على سلطان يعني، اصطرعنا على نظم الدولة..
علي الظفيري: هذا ما يطرح دكتور حسن أنه لم يكن صراعا بين تنويرين وإصلاحيين وأصحاب مشروع وعسكريين إنما كان صراعا بين طرفين تقاتلا على السلطة.
حسن الترابي: كلا كلا، اختلفنا نحن على قضية الحريات للناس، كدولة المدينة كانت حرة لليهودي وللمنافق ويفعل ما يشاء يؤذون الرسول ويقولون {..إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء..}[آل عمران:181] لا يسجنون، يرد عليهم بكلمة الحق درءا للباطل وكانت لهم كان حزب الشيطان قائما أولئك حزب الشيطان ما قال الله لما لم يسجلوا لما لم يحل الحزب ويحاكم أهله، قال لا تجد قوما يوادونهم فقط فقط، واللامركزية طبقها الرسول، طوائف اليهود لهم حكمهم وحاكمهم وتعليمهم والدولة واحدة أمة واحدة ضد الخارج ضد القرشيين وضد الرومان وضد الفرس، يعني نريد مبادئ الدولة الراشدة الإسلامية لتقوم على الشورى وانتخاب.. حتى إمام الصلاة ننتخبه نحن كل الحياة والأسرة تقوم على الشورى..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب إذاً أنتم أخطأتم دكتور بأنكم تركتم الأمر لهم.
حسن الترابي: لهم نعم. حينا ما وصبرنا أنهم حديثو عهد..
علي الظفيري (مقاطعا): وانقلب السحر على الساحر.
حسن الترابي: نعم. ولكن..
علي الظفيري (مقاطعا): كان سحرا دكتور؟
حسن الترابي: لما قرأنا التاريخ وجدنا في تاريخ الإسلام كله وقع ذلك، يعني منذ قديم الزمان عمر بن الخطاب وهو رجل ذو بصيرة أحيانا يقول القول حتى إذا خالفت الرسول ويأتي القرآن معه ولذلك عزل خالد بن الوليد لما بدأ يتعاظم.
علي الظفيري: لكن دكتور أنت تصورهم كأنهم مجموعة من العسكر، هناك أبناء الحركة الإسلامية اليوم موجودون في السلطة منذ فترة طويلة.
حسن الترابي: طبعا الذين يقودون القوى الأساسية هم قوى العسكر ولكن آخرون بالطبع كان دائما.. فرعون لم يكن وحده {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ..}[الزخرف:54] يعني دائما يكون معه قوارين وتجار يريدون مصالحهم وقوارين من قوم موسى ولكن يبغون وهوارين من الوزراء، هامان كان..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب دكتور أين أخطؤوا هم؟ قلت نحن أخطأنا بأننا سلمنا الأمر لهم قليلا وصبرتوهم وانقلب السحر على الساحر، أين أخطؤوا هم من تولوا الحكم في السودان منذ ذلك الزمان وحتى اليوم مما أدى إلى انفصال الجنوب وربما يفتح الباب على انفصالات وانقسامات أخرى؟
حسن الترابي: اتخذوا الكبت والضبط والاعتقالات وكبت الصحف وكبت الأحزاب حينا ما فخرجت قوى سياسية وكلها ائتلفت في ليبيا أو في المنافي وحدها وأسعرت حربا على السودان من كل نواحيه كذلك وتحالف معه جون غرنغ كذلك وثانيا أنها قبضت كل السودان في قضبة مركزية كأيام البريطانيين، والسودان قارة لا يمكن أن تضبطها هكذا ولذلك بدأت تنزع الأطراف لهويتها ولاستقلالها وتخشى أن ينساها المركز البعيد ويظلمها هكذا وبدأ الفساد كذلك يدب لأن الناس لا يُسألون، حتى النبي صلى الله عليه وسلم “ما كان لنبي أن يقول ما أنت بجبار”، “شاورهم في الأمر”، “وأمرت لأعدل بينكم”، يعني نحن هذه الأخطاء بدأت تدب شيئا فشيئا ونصبر على قليل ولكن لا ندري أن السرطان إذا صادرته بغير علاج أو بغير فصل وبغير بتر حتى أحيانا للعضو الذي أصابه السرطان..
علي الظفيري (مقاطعا): دكتور في قراءة أيضا في ما تبقى من الوقت كمقالة مثلا الأستاذ الدكتور الطيب زين العابدين تحدث عن ثلاثة وعود مثل وعد الرئيس البشير عن تشديد وتطبيق الحدود الدينية، الحديث عن التجار والفاسدين وما إلى ذلك الحد، الوعيد حول الجانب الأمني وأيضا تشديد قبضة الأمن، برأيك ما هو وضع ما هي حالة الحكم الآن القائم في الشمال تحديدا كيف يرقب ما يجري وما هي خطوته أو خطواته القادمة برأيك؟
حسن الترابي: التوجه الإسلامي أصبح توجها في كل العالم الإسلامي القديم هذا، النزعات الاشتراكية والوطنية القديمة يعني خمدت شيئا ما فأصبح الإسلاميون من أيام ما كانوا بعضهم غلاة وبعضهم متطرفون وبعضهم عاقلون ومعتدلون فأصبح الناس لهذا الشعار المنتشر كلهم ينتسبون إليه، هذه الشريعة التي يتحدث هنا طبقها نويري من قبل، حرم الخمر فقط وقال إن الربا حرام ولكنه..
علي الظفيري: استمر به.
حسن الترابي: قولا لا فعلا، قولا لا فعلا، وهذا لم يفعل جديدا ونحن نقول له الدين الشريعة تأتي من السماء تقع على الحاكم..
علي الظفيري (مقاطعا): طبعا أنت كنت يعني أيضا جزءا من حالة تطبيق الشريعة في عهد النويري؟
حسن الترابي: أيدنا ولكن قلنا له إن الشريعة تقتضي عليك أنت ألا تكون جبارا وأن تتحول من عسكري جبروت عسكري إلى حريات وألا تكون مركزيا..
علي الظفيري (مقاطعا): يعني الملاحظ دكتور حسن أن كل خطأ مفصلي في السياسة السودانية المعاصرة يكون الدكتور حسن الترابي شريكا فيه أو قريبا منه في الفترة الأولى في حكم الإنقاذ في عهد جعفر النميري في تشكيل الحركة الإسلامية في كل ما تعرض له السودان في الفترة الأولى.
حسن الترابي: الفاصل بيني وبين النميري كانت تلك الأيام لأنه جاء من الغرب صوت قال له هؤلاء لا بد أن تقضي عليهم وإلا لفعلنا بك كما فعلنا بعيدي أمين جنوبك، وفعلا قضى علينا ثم ذهب إلى أميركا ولم يعد، رحمه الله هو الآن توفي.
علي الظفيري: حدثتني دكتور -عادة لا نشير لأي حديث يسبق البرنامج هذا استثناء- لكن حدثتني قبل قليل عن أفكار ومشاريع بحثية وتأليفية لك هل ستتفرغ لها قريبا هل ستتفرغ لهذا الجانب الفكري والمميز أيضا في شخصية الترابي أم يستمر نشاطك السياسي في الأيام القادمة حبلى ربما بتغيير في البلاد؟
حسن الترابي: أولا من العسير في المجتمع السوداني أن تتفرغ حتى مشاغل المجتمع..
علي الظفيري: إلا في السجن كما ذكرت.
حسن الترابي: نعم، وثانيا الآن في هذه المرحلة وهي المرحلة الساخنة، المرحلة التي تقتضي على القادة الرمزيين لا بد أن يتقدموا لا أن يعتزلوا السياسة.
علي الظفيري: ماذا تحمل في ذهنك دكتور لقادم الأيام؟
حسن الترابي: ربما السجون ربما شيء أشد من السجون على كثيرين يعني وأنا سجنت وخرجت وهكذا أصبح لي سنة في حياتي، ولكن حتى السجن أحيانا لا أدري هو يعني مهما كرهه الآخرون {..فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}[النساء:19]
علي الظفيري: على صعيد الحراك السياسي ماذا تحمل للسودان ماذا يحمل حزب المؤتمر الشعبي المعارض للسودان بعد أيام على الاستفتاء المنتظر؟
حسن الترابي: هو يحمل له أولا أن تكون العلاقات الشعبية بين الجنوب والشمال وثيقة ونحن أوثق صلة بالشعب الجنوبي وتكون حتى في قبائل الجوار العلاقات لا تكون متوترة أبدا، وإنما هو الجوار جوار..
علي الظفيري: في الشمال دكتور؟
حسن الترابي: في الشمال كذلك لا بد أن يعود النمط الذي ندعو إليه والذي يوافقنا الناس من دوافع ليبرالية أحيانا، دوافع لا دينية ولكن كل الناس يقولون لا بد من الديمقراطية لا بد من الحريات لا بد من.. على كل حال كل يأتي من مأتاه ويقصد مقصده..
علي الظفيري: أليس من الأجدى الآن تحييد يافطة الإسلام السياسي بأي شكل من الأشكال بعد هذه التجربة برأيك دكتور حسن؟
حسن الترابي: الإسلام إذا استعمل..
علي الظفيري: السياسي وليس الإسلام.
حسن الترابي: لا إذا كان استبعد من أن يخرجنا من هذه الورطة التي ورط بها السودان بأشد مما تورط منذ استقلاله لا خير فيه أصلا، نحن كلما اشتدت أزمتنا نسأل الله يعني، الناس في المركب طبعا حتى الجاهليين إذا اشتدت بهم العواصف بالطبع يسألون الله إذا وقعوا في البر بعد ذلك ينسون الله سبحانه وتعالى يعني، ولكن نحن الآن أشد ما نكون حاجة لأن نرجع لأصول الدين.
علي الظفيري: دولة علمانية ديمقراطية مدنية بحتة بعيدا عن الأيديولوجيا بعيدا عن توظيف الأديان بطريقة دائما تكون خاطئة وليس أحيانا، ليس هو الحل للسودان؟
حسن الترابي: انظر إلى الدول العلمانية الأخرى يا أخي ما القوميات مزقتها والقبليات مزقتها والعنصريات والمصالح والقوى السياسية انظر إلى العالم.
علي الظفيري: مع دولة إسلامية في الشمال دكتور؟
حسن الترابي: نعم بالطبع لا بد لدولة إسلامية والجنوبيون بالمناسبة لم يخرجوا كارهين للإسلام، كارهين للمسلمين الذين ظلموهم، صدقني، صدقني، طبعا في الغرب من الخير أن تقول هذه الكلمة لتروج كلمتك، لكن هم ما خرجوا يكرهون الإسلام عينا ولكن يكرهون المسلمين الذين ورطوا في هذه الظلامات في وجههم.
علي الظفيري: دكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض شكرا جزيلا لك على مشاركتنا هذه الحلقة وأمنياتنا للسودان بشماله وجنوبه كل التوفيق.
حسن الترابي: نسأل الله.
علي الظفيري: مشاهدينا الكرام التحيات موصولة لكم أيضا من زملائي عبد الهادي العبيدلي مخرج برنامج في العمق وداود سليمان منتج البرنامج. البريد، [email protected]
نرجو فقط أن يوضع عنوان في العمق في كل رسالة حتى نستطيع تمييز الرسائل. الأسبوع المقبل لنا لقاء بإذن الله مع موضوع جديد نغوص في أعماقه إن وفقنا، في أمان الله.
الجزيرة نت