على ابوزيد على
فى شأن الحكم ان احد سلاطين وداى واجه معضلة استعصى عليه الخروج منها واستدعى كل قيادات السلطنة وطلب منهم ايجاد حل للمشكلة التى استعصت عليه وتحدث كل الوزرء والقادة مقدمين مقترحات الحل الا واحدا ظل صامتا لايبدى اهتماما بالامر الشئ الذى اغضب السلطان ووجه اليه تهمة انه لا يريد مساعدته وطلب منه ان يدلى برؤيته للحل .. اعتدل الرجل وقال للسلطان (سيدى الله ينصرك لو كان لى فهم اكثر منك لحل مشاكل الحكم فلماذا تكون انت السلطان وانا التابع)
اتى الرجل الحكيم فى ذلك الزمان بمعيار لاهلية الحاكم القائد من غير التوريث وشوكة القبيلة وها نحن فى عصرنا المتقدم فى المعرفة والحضارة وتطور انظمة الحكم والادارة والعقد الاجتماعى والديمقراطية وحقوق الانسان والحكم الرشيد تسفط كل عناصر اهلية تسنم الوظيفة العامة الاولى فى بعض ولايات السودان فى قبضة القبلية والتى هى فى ادنى سلم التمدين وتشل ارادة شعب السودان وتجفف اطرافه فى تطبيق انسب انظمة الحكم والادارة لبلد متعدد الثقافات والتنوع وقد توصل علماء الحكم والادارة ونتائج التجارب المعاصرة ان الحكم الاتحادى الذى اتخذه السودان هو الاقرب لوجدان اهل السودان ولمعالجة التهميش المناطقى للسودان المتمدد الاطراف وذاك بتنزيل السلطات الخدمية التنموية لاكثر المستويات استفادة واحتياجا وظلت الفدرالية فى العهد الوطنى المطلب الاساسى لنظام الحكم فى السودان ابتدءا من حرب الجنوب ومرورا بالحركات الاحتجاجية والمطلبية السلمية وحتى الحرب القائمة الان فى دارفور وبعض الولايات
ان قيمة الفيدارلية تتكمن فى افاذ ارادة الشعب وهى من الحقوق الاساسية فى منظومة حقوق الانسان والحكم الرشيد وهذه الارادة تحققها الاختيار الحر والشفاف لولاة الولايات ومشاركة المواطنين فى اختيار من يتولى امرهم واستئثار المركز بتعين الولاة كما هو مطروح الان يهد بناء الفيدرالية ويعيد سطوة المركز القابضة ولنا فى تجربة الحكم الاقليمى فى العهد المايوى محاولة الاقتراب من ارادة اهل الاقليم وذلك بترشيح ثلاثة اشخاص لمنصب حاكم الاقليم ومن ثم يقوم رئيس الجمهورية باختيار احدهم لتولى المنصب وهى تجربة شائهة مكنت من قبضة المركز وافشلت تجربة الحكم والاهداف المرجوة منه ونسوق مثالا بارزا هو ما حدث بين الرئيس الراحل نميرى والسيد دريج حاكم اقليم دارفور الذى اضطر للخروج من السودان والاقتراب من الحركة الجنوبية مستشارا لرئيسها الراحل قرنق
الدعوة لتعديل الدستور واعطاء الرئيس حق تعيين الولاة بدلا عن انتخابهم جاءت بمبررات تفشى القبلية والجهوية الناتجة من انتخاب الولاة ونحن جميعا ندرك ماساة القبيلة التى استشرت فى الوظيفة العامة العليا وما سببت القبيلة انتخاب ولاة عشائريين غير مؤهلين بكل المقاييس وما انتجت من تهتك فى النسيج الاجتماعى وما اشعلت من حروب قبلية مدمرة وعنصرية قبلية مارسها الولاة بين مكونات الولاية الواحدة بتعين الاقرباء فاقدى الاهلية فى الوظيفة العامة وقيادة الاجهزة السياسية على خلفية انتمائهم لقبيلة السيد الوالى والنتائج الحتمية المترتبة على فوضى الحكم فى الولايات المنكوبة تدنى مريع لفاعلية الاجهزة التنفيذية وتردى فى مؤسسات ومرافق الخدمات الاساسية وانكفاءة فى سياسة المجتمع فالوالى العشائرى يمن بتحقيق مكاسب للقبيلة والمجموعة القبلية المستفيدة تبذل الحماية والانتصار لولى النعمة ظالما او مظلوما
ان مواجهة القبيلة المستشرية فى الولايات البعيدة بدارفور وكردفان وبعض من ولايات الشرق لا تكون بتغيير الدستور من اجل اعطاء الرئيس جق تعين الولاة بدلا عن انتخابهم فالولاة العشائرين هم نتاج سلوك عميق فى التدافع السياسى اخذ به المركز منهجا لنصرة النظام دونكم بدعة البيعات القبلية والتاييد القبلى وابتداع مجالس شورى القبائل التى سيست القبيلة والبستها ثوب الحزبية وايضا المحاصصات فى الجهاز التنفيذى الاتحادى لمعادلة اثنية الحركات المسلحة الموقعة على السلام واثنية الرحل والامثلة تتوالى
ان البداية يجب ان تكون فى ازالة الاسباب الجذرية للمشكلة والتى تتعارض مع الدستور ونظام الدولة الحديثة والتى لا تحتاج الى تعديلات دستورية او قانونية فهى اصلا لا تستند الى قانون او لائحة ولتكن البداية قرار بحل كل مجالس شورى القبائل ومن ثم تطوير نظام الادارة الاهلية وحل والغاء امانات القبائل فى هياكل الاحزاب السياسية والغاء مبدأ المحاصصة فى المركز والولايات ومظاهر القبيلة فى الحياة العامة والممارسة السياسية ووضع شروط للمتقدمين للترشح لمنصب الوالى فى المؤهل العلمى الاكاديمى والخبرة المتدرجة والمبادأة وامانة تحمل المسئوولية بوعى دون محاباة او تمييز ولا تحرموا الشعب حق اختيار من يتولى امرهم
ولله الحمد
[email protected]