بابكر حمدين
لجأ أهل السودان مضطرين لتأسيس مكوناتهم الثورية وأستخدام القوة في وجه النظام الإنقلابي الجائر ليس عصياناً فوضوياً لأن الحرب ليست امراً سهلاً فهي تقتضي التضحية بأاغلي ما يملكه الإنسان (النفس) لكن حالة القمع والإستبداد والإضطهاد والعنصرية والمحسوبية والمعاملات القاسية التي إنتهجها النظام في إدارته لشئون البلاد ورفضه القاطع لأي حلول سلمية أجبرنا علي الدفاع عن أنفسنا ووطننا والكفاح من أجل غايات أخلاقية وطنية مشروعة مرتبطة بكرامتنا الإنسانية ..الحرية ..الامن ..الطعام..الديمقراطية.. العدالة ..المواطنة المتساوية.
هذا الحق العادل كلفنا فاتورة باهظة شملت الإبادة الجماعية والأسر والإعتقال وهجران الديار ونهب الممتلكات ومعاناة طويل إمتدت آثارها إجتماعاً وإمنياً وإقتصادياً وسياسيا
حرب نشعر بوطأتها لأننا وقودها وندرك ونقدر حجم التضحيات الجبارة التي دفعها شعبنا فكان مهرها أرتال من الشهداء الأبطال والجرحي الشجعان الصامدين ومن المؤكد أن ثمنها سوف يكون إنهاء كافة إشكال المظالم ورد كامل الحقوق غير منقوصة وسلام دائم يعم ربوع الوطن سلام العزة والكبرياء والشموخ والتحول الديمقراطي الكامل المفضي للتغيير البنيوي الذي يضمن إعادة هيكلة الدولة لصالح الجميع.
هذا النظام المتعجرف لم يقبل علي طاولة المفاوضات رغبة منه أو قناعة لكن نضال شعبنا كان السبب في إخضاعه علي الجلوس والإقرار بحل الأزمة رغم سوء نيته والواضح في كل الجولات .
وإلتقته حركة العدل والمساواة السودانية في أكثر من منبر علي الصعيد الإقليمي والدولي لأنها تبحث عن حلول للأزمة تجنب البلاد ويلات الحروب لكنه لا يمتلك الإرادة السياسية الكافية لصنع السلام المنشود وظل يماطل ويراوغ ويخادع لثلاثة عشر عاما وقع فيها إتفاقيات هزيلة وهشة ومغشوشة لاتخاطب جذور المشكلة لذلك فشلت فشلاً ذريعا على مستوى الأرض لأنها لم تتضمن في ثناياها إستحقاقات السلام العادل فكانت حبر على ورق .
أما رهانه الاساسي يرتكز على الحلول العسكرية والأمنية رغم إستحالتها لكنه متمادي في مكائده الشريرة وهي عشم إبليس في الجنة لأن التأريخ علمنا بأن إرادة الشعوب لا تقهر مطلقا.
اثير غبار حول التوقيع علي الخارطة من بعض القوى السياسية إلا أننا لانري في التفاوض عيباً طالما يمكن أن يوصلنا إلى حلول نتجاوز بها خلافاتنا السياسية ومن حق أي قوى أن تتحفظ أو ترفض وفق تقديرها للأمور ومعروف أن التفاوض ليس بدعة اليوم فهو منهج قديم متجدد مستمد من تاريخنا الحضاري والسياسي لذلك وقتما إدعي النظام بأنه علي إستعداد لإجراء تفاوض جاد من أجل السلام الجاد نفاوضه بلا تردد بل بمقدار الشجاعة التي قاتلنا بها ليس خوفاً لكن حقنا للدماء لأننا ندرك بأن البندقية ليست غاية في حد زأتها لكنها وسيلة أما إذا أصر علي تعنته حتماً سنقاتله بلا هوادة وهو يعلم ذلك حقاً.
نلاحظ بعض الأصوات الناقدة لهذه الخطوة تتناول الأمور من غير دقة وربما تتعمد في ذلك فكأن التوقيع علي الخارطة يعني لهم التوقيع علي إتفاقية سلام نهائية وإنتقال القوى الموقعة الي الخرطوم فوراً اليوم قبل بكره.
مع أن الخارطة مجرد جدول يوضح القضايا محل التفاوض تبدأ بوقف العدائيات وصولًا للإتفاق الإنساني الذي يضمن إيصال الإغاثة للمتضررين في مناطق الحرب يليه إتفاق الترتيبات السياسية والأمنية وخصوصيات المناطق وقضايا النازحين واللاجئين والأراضي والأعمار والتعويضات إلخ… ثم المؤتمر التحضيري للحوار والإتفاق حول إجراءاته حتي يكون حواراً متكافئ منتج لمناقشة القضايا القومية .
هذا الإختزال والتشويه من هذه القوى وبعض الذين يسمون أنفسهم بالناشطين يودون النيل من الخارطة وقوي نداء السودان التي وقعت عليها بنظر حزبية ضيقة لدرجة أنهم أطلقوا تهمة الخيانة على الموقعين في الخارطة
فنقول لهم اتركوا المزايدات السياسية وممارسة الوصاية وعملية إحتكار الوطنية والحقيقة المطلقة وإدعاء الحرص علي قضايا الشعب أكثر من الآخرين هذا سلوك غير مقبول فيه شئ من التوهم والمكابرة .
حركة العدل والمساواة وقوي نداء السودان لديهم طرح ورؤية متكاملة لحل الأزمة السودانية ويقدرون مصالح شعبهم ويتعاملون مع قضيته بتجرد ومصداقية ومايرمون إليه تفاوض من أجل السلام الحقيقي الذي يوقف الحرب وينهي حقبة الحكم الشمولي في البلاد ويؤدي إلى إنتقال ديمقراطي وليس سلام الجماعات والأشخاص المدفعون بالمصالح الشخصية
وإذا رفض النظام ذلك فمابيدنا شئ غير مواصلة كفاحنا الثوري حتى النصر
كماحصل في عام 2010 م إبان التوقيع على الإتفاق الإطاري بين الحكومة والحركة في الدوحة وعندما خرق النظام الإتفاق فما كان أمامنا إلا إستئناف القتال وقدمنا آلاف الشهداء الأبرار بما فيهم القائد المؤسس المشير الدكتور خليل إبراهيم وزي مابقول المثل المطر بركب الصعاب.
فعلى القوى السياسية الناقدة ان تكف عن هذه الإنتقادات الغير مبررة وإذا كانت فعلا تنوي إسقاط النظام فلا أحد يمنعها الجماهير موجودة والشوارع مفتوحة فلا نغطي عجزنا بالنقد على الخارطة .