بقلم: حسن ابراهيم فضل
[email protected]
اختتم ممثلو الحكومة السودانية الانتقالية والحركة الشعبية شمال, بعد 4 ايام من النقاش, جلسات ورشة مفتوحة عقدت بجوبا عاصمة جنوب السودان , خلال الفترة من 29 اكتوبر الى 1 نوفمبر2020 , لمناقشة نقاط الاتفاق الذي تم بين السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك و القائد عبد العزيز ادم الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال في العاصمة الاثيوبية اديس اببا في الثالث من سبتمبر الماضي.
ووفقا لبيان الحركة الشعبية فان الورشة فشلت في تقريب وجهات النظر حول علاقة الدين بالدولة, رغم استعراض عدد من الخيارات والتجارب الواقعية في عدد من الدول التي لديها تنوع ثقافي وديني كالسودان , وان التجربة التركية كانت محل اتفاق كبير بين المشاركين من الخبراء والمسهلين ,حسب المتحدث باسم الحركة الشعبية, الاستاذ/ كوكو محمد جقدول ,مبررا اسباب الفشل الى عضو المجلس السيادي الفريق شمس الدين كباشي و اعتبر جقدول رفض علمانية الدولة كما جاء في اتفاق الحلو حمدوك في 3 سبتمبر الماضي, بمثابة رفض لعملية السلام. .
ان فشل هذه الورشة كان متوقعا لأسباب عديدة منها التباين في الشارع السوداني و اطراف السلطة في الخرطوم فضلا عن المعنيين بعملية السلام والمواطنين في المنطقتين حول القضية, وذلك وضح جليا من خلال ردود الافعال منذ توقيع الاتفاق في اديس اببا الى انعقاد تلك الورشة وفشلها في الوصول لتفاهمات ,ولعل ابرز تلك المواقف تصريح منسوب للفريق شمس الدين كباشي والذي قال :اتفاق حمدوك و الحلو حبر على ورق ,مبررا ذلك الى ان الاثنين لا يملكان حق علمنة الدولة من عدمها وان الامر يعود الى المؤسسات , وهو ذات المنحى الذي ذهب اليه السيد رئيس الوزراء في مسألة التطبيع مع اسرائيل خلال لقائه مع وزير الخارجية الامريكي ماك بومبيو في الخرطوم ,بمعنى ان الامور ذات الطابع القومي والجدلي يحسمها المجلس التشريعي والذي لم يكون بعد, رغم التناقض الكبير في موقف السيد رئيس الوزراء في التعاطي مع ملف التطبيع وعلمنة الدولة كلاهما محل تباين وخلاف وجدل مجتمعي حاد, يضاف الي ذلك ان الصورة الذهنية عن العلمانية ا لدى المواطن على الاقل لدى المسلمين منهم العلمانية هي الكلمة المقابلة للإسلام او بمعنى ادق هو الكفر وبموضوعية شديدة ان القضية بحاجة لعمل كبير في المجتمع في شرح العلمانية بشكل مبسط وبطريقة قاعدية اعني ان تبدأ من القاعدة الى اعلى الهرم وليس العكس, ما يثار اليوم من نقاش هو حوار نخب وخطاب فوقي لا يستصحب واقعنا الذي يشكل الامية نسبة عالية فيه فضلا عن ارث نظام شمولي أيدولجي شوه كل قيمة في المجتمع.
والحركة الشعبية اليوم معنية بالإجابة على سؤال جوهري حول أولويات انسان المنطقتين وما الذي تمثله العلمانية كحاجة مقابل ان يتوفر له اسباب البقاء حيا وهل السلام صنو العلمانية ؟ تمنيت لو جعلت الحركة الشعبية من هذه الورش منبرا مفتوحا لأهل المصلحة كما فعلت الجبهة الثورية في مؤتمري الفاشر للنازحين وللإدارات الاهلية ومنظمات المجتمع المدني لاختيار ممثليهم في المفاوضات , رغم ان مؤتمرا ثالثا كان مقررا لللاجئين حالت ظروف عديدة دون انعقاده رغم ذلك شارك عدد من اللاجئين في دول الجوار بشكل مباشر في جلسات التفاوض ,خاصة في ملف النازحين واللاجئين .
اعتقد الحركة الشعبية كانت امامها فرصة ذهبية لتقنع الشارع السوداني بوجاهة مطلبها عن علمانية الدولة و ان تعطي هذا المطلب مشروعية محروسة ,ويجعل من اهل المصلحة التقرير والدفاع عنه , وذلك من خلال عقد ورش الايام الرابع التي عقدت عن فصل الدين عن الدولة في مناطق مختلفة من جنوب كردفان والنيل الازرق يشارك فيه من دفعوا فاتورة الحرب ليقرروا فيه ,لا اعتقد ان اولويات اطفال هيبان وبوت الذين يأويهم الكهوف والخيران في الحر والبرد والامطار وخطر الوحوش والزواحف يكمن في علمانية الدولة او اسلاميته او تهويدة الدولة.
ولعل من ابرز تجليات ما نتحدث عنه ما حدث في دارفور ولجوء اعداد مقدرة من اهل الى دارفور الي اسرائيل لم تمنعهم لاءات الخرطوم ولا شعارات الشريعة الزائفة التي دفع انسان دارفور دمه من اجل ارساء دولة القمع والاستبداد, قد يختلف كثيرون حول هذه النقطة ولكنها الحقيقة , صندوق دعم الشريعة الذي اطلقه النظام في بداية التسعينات وكنا وقتها طلابا , الراحل ابو حمد حسب الله تبرع لذلك الصندوق باسم اهل دارفور ب500 مليون جنيه وقتها مبلغا كبيرا يكفي لعشرات المدارس في الاقليم , ولك ان تقارن بين الاقليم الاوسط أي الجزيرة وواليها كبلو دفع عشر المبلغ وظلت تبرعات المسؤولون في الانشطة المختلفة على ان تخصم من صندوق دعم الشريعة عرفتم كيف دعم اهل دارفور واسسوا للنظام الذي ابادهم.
لكن الحقيقة التي يجب ان نواجهها وبشجاعة هي ان لضحايا الحروب اولويات وبالتأكيد ليس من بينها العلمانية او الشريعة ,
ان قضية فصل الدين عن الدولة نوقشت وباستفاضة في اتفاق جوبا ضمن القضايا القومية وتصدر الاتفاق ونص صراحة في الفقرة السابعة من البند الاول من مبادي العامة على (الفصل التام بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة لضمان عدم استغلال الدين في السياسة ووقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الاديان وكريم المعتقدات ..الخ),وبالتالي طالما الامر يهم كل شرائح الشعب السوداني الموضوعية يحتم علينا ان نحتكم لصوت الاغلبية وان نرجئ الامر الى المؤتمر الدستوري الذي سيكون الفيصل في كثير من القضايا محل التباين.
حق انسان جنوب كردفان في الحياة حق فطري وابقاءهم احياء مقدم على أي اعتبارات اخرى.
بقلم: حسن ابراهيم فضل
أقلام متحدة