علي يد البشير سيصبح السودان بلاد اندلس ثانية
بقلم:شول طون ملوال بورجوك
علي النحو الذي نراه وعلي الشاكلة التي تسير عليه الامور ، اجواء ومناخات الصراع السياسي والمسلح، منطلقياته وافرازته، في السودان الشمالي لا احد يجزم ويضمن بقاء اجزاءه الحالية وحدة سياسية متماسكة..فتلك الارهاصات والمقدمات التي سبقت انفصال الجنوب و ادت الي رفض الجنوبيين البقاء في كيان واحد في دولة السودان بعد اكثر من نصف قرن..
هي الان تتكرر وبصورة اكثر وضوحا وجلاءا عند الجنوبيين الجدد( جنوب النيل الازرق،جنوب كردفان ودارفور).. الجنوبيون القدم لم يقرروا استقطاع مساحة الجنوب والذهاب بإدارتها بعيدا عن الخرطوم بمجرد ان فكرة الانفصال فجأة هبطت بمخيلاتهم واختمرت فغدوا بها مهوسين ولكن كانت هناك من الاسباب والمسوغات الملحة ما اجبرهم علي الحديث جهارا وسماع الخرطوم مظالمهم ولكن عندما لم يعط الاباطرة هناك الامر قليلا من الاهتمام والاحترام وقع ما حدث .ويقيننا ايضا ان عقلية الخرطوم لم تتغير ولن تأخذ من ذهاب الجنوب درسا يستفاد منه وبالتالي لن تأتي ايضا بجديد مفيد لاصلاح حال ما تبقي من السودان بل المرشح ان يظل نمط ومنهج التفكير عندها نفس المنهج الذي سلكته حكوماتها في سودان ما بعد الاستقلال والذي كانت ولا تزال شيمة اهله في جل اوقاتهم العراك والخصام فالقتال . تبادل الحكام هناك الكراسي في القصر الجمهوري من وقت لاخر مرة يستولون علي الكراسي و يجلس عليها ليلا والناس نيام وتارة اخري زيفا عبر ديمقراطية طقوس وادعاء بعضهم في اجواها أن دماءهم دماء تنسب الي نسل قدوس!
يحدث هذا وذاك ولكن التفكير السياسي هناك واحدٌ عقيمٌ جامدٌ جاحدٌ لما هو واقع السودان الحقيقي شعبه وميراثه ، يفوت زمان هذا ويأتي مثله ولكن يظل زيدٌ زيد ا في قصر الحكام بالخرطوم..
السودان الشمالي يحتاج الي معجزة سماوية عاجلة كي يبقي المتبقي منه في كيان واحد ، وحدة سياسية التي عنوانها السودان بعد ذهاب الجنوب.. .. يمم الجنوب الي حيث أُرِيدُ ان يذهب وتنفس السعداء بعد انفصاله من كان هناك يظن ويعتقد ان الجزء الجنوبي من السودان كان منبت الداء المزمن الذي استوطن في جسد بقية اركان السودان وبما انه الان قد بتر كما ظنوا فستتعافي تماما الاجزاء المتبقية وستشرق شمس السودان كل يوم وكل صباح بنور ابلج واغر…
قيل ان التاريخ يعيد انتاج بعض احداثه ، يجترها من ماض قريب او سحيق ، و يبدو كذلك انه يعيد انتاج نسخ البشر الذين تم وقوع الوقائع التاريخية بين ايديهم كي تكتمل حبكة الاحداث في مسرح التاريخ بالصوت والصورة .. اخشي ان يكون بني الانقاذ في السودان نسخة اخري لفلول ملوك بني الامية الذين شيعت جثة بلاد الاندلس في عهدهم!!!..فبينما سرادق الماَتم لا تزال منصوبة في بيوت الخلصاء الشماليين الوطنيين وفي افئدتهم حزنا علي فقد جزء عزيز من وطنهم وذهابه الي حاله ،نري بني الانقاذ علي طرف مختلف نقيض ، بجانبهم لا يزالون يرددون ازهايج الفرح وكأنهم خرجوا للتو من معركة كانت شرسة وفيها انتصروا ،يرقصون مرحا ان بتروا عضوا زعموا ان كان لهم مصدر الالم والوجع!!!..
لم يتنبؤا بما سوف يحدث و يلوح في الافق لو ارتحل الجنوبيون القدم لم يستقرؤا انه سيظهر جنوبيون جدد لان الجنوبيين القدم لم يثوروا فقط لمجرد انهم يسمون جنوبيون بل لاسباب مرتبطة بالاضطهاد في كل مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية واضيف اليها الاضطهاد الديني بصورة اكثر وضوحا في عهد بني الانقاذ…ظهرت اصوات الجنوبيين الجدد وصورهم لان الظلال و الضجيج الاعظم قد اختفي و تواري بإنفصال الجنوب.. نفس الاسباب التي كانت قائمة في الجنوب القديم قائمة في جنوب الشمال الجديد..تهميش وتمييز عرقي, تعالي عرقي فارغ المضمون، تحكم فئة قليلة جدا في كل اسباب الحياة والرفاهية في الدولة، محاباة و معاضدة عنصر حتي لو كان ظالما علي عنصر اخر ان نشب بين الاثنين بعض الخلاف ،ادعاء الحاكمون، هناك وتعرَفون مَنْ هم ، بان يوم السودان وغده عندهم فقط، بايديهم تحرر شهادة الوطنية الصادقة ، ماركتهم التجارية حصريا مسجلة باسمهم واما من سواهم من السودانيين فهم عملاء وخونة وتلك طبعهم دوما!!! وهكذا ظهر الجنوبيون الجدد لان حليمة الخرطوم لم تترك عادتها القديمة اصلا حتي تعود اليها!!!
انا اعرف بإستقراء ، ولست طبعا بعراف،اعرف ماذا سيقول من سيأتي من اجيال المستقبل لهذا النسل الحاكم ، إن تشتت السودان الي دويلات متناهية الصغر ،يذهب كل بكيانه الصغير و بعنوانه الجديد الصغير ليكتب مؤرخوهم لاحقا يوما ما أن كانت لهم دولة هنا ، بهذه البقعة، في القرن كذا الميلادي الموافق كذا الهجري وكانت تسمي بجمهورية السودان!!! سيكتب احفاد من سيندثر سودان الحاضر بين ايديهم في دواوينهم الشعرية اشعارا تذرف دموعا، مبكية تبكي مجدا كان هناك وقد ضاع فاندثر وسوف يقرأ احفادك أنت في ادبهم الشعبي كلاما جله عتاب علي من ضيعوا مملكتهم الجميلة والمفقودة .. سيكتبون يوما: هنا كان لنا فردوس، وقد ضاع من بين ايدي جدودنا ، هنا كان قد حكم اجدادنا بلاد الزنج بلاد السودان، بلاد الدينكا والفور والفونج والنوبة والمساليت والنوير والزغاوة…….. سيشيرون باصابعهم والندم بينٌ علي علي اسارير وجوههم الي اطلال القصر الجمهوري الحالي الكائن علي ضفاف النيل الازرق فيقولون: إن داخل هذا المتبقي من القصر كان يجلس اخر رئيس لما عرف حينذاك بجمهورية السودان وكان اخر حكامهم شخصا بديريا يسمي عمر حسن احمد البشير !!!!
[email protected]