الحديث عن السلطة والحكم لا يمكن ان يناقش بتلك الخفه والسطحية لان امر السلطة يترتب عليه امن واستقرار الحياة وسلامة الدولة وسيادتها يعتبر السودان اكثر الدول في منطقة تجريبا لانماط الحكم المختلفة من دولة مركزية قابضة الى أقاليم وأنظمة عسكرية شمولية كان لها كبير الأثر في تدمير الحياة السياسية وتجريفها مما ساهم في تخلف تطور العملية السياسية بالإضافة لعوامل اجتماعية أخرى٠
كثر في الاوانه الأخيرة بشكل ملحوظ الدعوة إلى تبني خيار الدولة الفيدرالية لازالة الغبن السياسي والتهميش وكأن لم يكن النظام الفيدرالي مطبق في عهد الانقاذ وبشكل صارم لدرجة اخذ منحى اثنيآ اشبه بحكم القبيلة والمشيخات في كثير من أطراف السودان هذا الازمة وليد شرعي كبر ونما في كنف المناطقية المنغلقة أثر تجربة الحكم الفيدرالي في تلك الفترة
هذا لا يعني بكل تاكيد بان النظام الفيدرالي لا يحقق العدالة السياسية والاقتصادية اذا وفرت له شروط نجاحه من قوانين واضحة وصارمة تبين ما هو فيدرالي و اقليمي من مؤسسات وسلطات سياسية داخل الاقليم بجانب تحديد شكل الفيدرالية على انها سياسية وليست قبلية اثنية وتجريم الحديث عنها بشكل اثني لان اي اتجاه لبناء فيدرالية اثنية ليست مهدد للدولة فحسب بل يتعدها الى تهديد المجموعات السكانية نفسها وخطر قيام الحروب على اساس عرقي سيكون اكثر احتمالية من اي وقت مضى رغم اننا شهدنا مثل هذه الحروب في دارفور وصراع الحواكير اذا صح التعبير بين مجموعات لا تمتلك الحواكير ومجموعات من السكان الأصليين هذا هو الصراع الخفي الذي كان بدور بشكل غير واضح بالنسبة لمعظم المتابعين جوهر الصراع كان على الأرض وهذا ما كان يظهر في أحاديث قيادات المليشيا حتى وان لم يعبر عنه بصورة رسمية لدى قياداتها ٠
النظام الفيدرالي يحتاج لدرجة من الوعي السياسي من النخب السياسية والثقافية والإعلامية بضوابط اخلاقية عالية لكن عندما تنجر هذه النخب خلف هذه الدعاوي بصورة اشبه بالصبيانية والمراهقة السياسية لدرء شبهات التهميش ودعاوي الاقليم لاقامة النظام الفيدرالي كأنه شي يخرج من الحقائب لتقديمه للناس هذه خفه وعدم قراءة لمآلات مثل هكذا توجهات بلا رؤية هذا بالضبط ما حدث في اثيوبيا بعد إسقاط نظام الدرغي اعتمد في ١٩٩٥ عبر الدستور التوجه نحو الفيدرالية الاثنية التي تعبر سببآ أساسيا لما تعيشه اثيوبيا من حالة التفكك وخطر انهيار الدولة هذا غير الحروب التي كان تخاض على اساس عرقي حاد مم قسم المجتمعات والمناطق تقسيما حادآ جعل امر التعايش السياسي والاجتماعي بالغ التعقيد خارج إطار النظام الاثني الذي طبق ٠
اذا كان لابد من الذهاب نحو الحكم الفيدرالي يجب أن يكون بشكل يسمح بتطور العملية السياسية في المركز والأقاليم بعيدا عن الاثنية ويمنع بالقانون قيام اي كيان سياسي اثني عرقي لضمان الحياة السياسية ومنعا للاتجاه نحو دولة القبيلة.