على من يضحك الوزير عوض الجاز ؟ محمد بشير ابونمو
اقتبست هذا العنوان من عنوان لخبر ورد فى احد المواقع الالكترونية ،وكان مرفق
مع الخبر فى الموقع الالكترونى المذكور الصورة الضاحكة المشهورة للدكتور عوض الجاز وزير النفط السودانى وبذلك قد تطابق العنوان مع الصورة بشكل كوميدى فى ظاهره وتراجيدى فى مضمونه ، وكان العنوان على النحو التالى : (على من يضحك عوض الجاز ؟ بعد اسابيع عصيبة لملم فيها الموضوع ، الجاز ينفي اعتقال نجله فى مطار دبى! ) المعروف ان عمار ابن الوزير عوض الجاز قد تداولت عنه الصحف والمواقع الالكترونية منذ اسابيع ، اخبارا مفادها انه قد تم احتجازه فى مطار دبى الدولى لحمله شنطا مليئة بالدولارات ، يقال انها بلغت العشرة ملايين دولار ، وقيل ان السلطات هناك قد اوقفته وساءلته عن مصدر هذا المبلغ الضخم ولماذا يتعب نفسه – وهو ابن الاكابر – حتى (يعتل ) هذه الاحمال الثقيلة فى المطارات لوحده ، والناس تعيش فى زمن يتحدث فيها علماء المال و الاقتصاد عن ال paperless economies او الاقتصاديات الخالية من تداول العملات الورقية (البنكنوت) ليستعاض عنها الدفع بالاجهزة الذكية والكمبيوترات وبالتالى لا يحتاج معه الشخص حتى الى حمل اوراق نقدية فى محفظته الخاصة و التى تسعها فقط جيبه الخلفى ، كما انه بالامكان الآن تحويل اى مبالغ الى اى مكان فى العالم من ارصدة الشخص البنكية فقط باعمال ذر الكمبيوتر ويكون الشخص ملقى فى سريره ، على شرط ان تكون هذه الارصدة (نظيفة) ، اى قانونية ولا تشوبها شائبة الغسيل او الفساد والسرقة . المفاجأة الداوية ان الوزير عوض الجاز قد ظهر (فقط) يوم امس فى صحافة الخرطوم ليقول ان ابنه عمار لن يفارق الخرطوم من قبل نشر هذه الاخبار “المغرضة ” وظل يتابع طوال هذه المدة الطويلة الاخبار المتداولة عنه من منزلهم الكائن فى الخرطوم ، بمعنى آخر ان عمار (لا سافر ولا شاف دبى طوال هذه المدة ) ، يا لذكاء الوزير عوض الجاز ويا لطول قنابيرنا نحن الشعب السودانى ! الولد عمار ابن الجاز كان بامكانه ان يذهب صباح اليوم التالى “للاشاعة” الى اقرب صحيفة من صحف الخرطوم ويجلس مع رئيس التحرير ويتناول معه فنجان القهوة ليستدعى رئيس التحرير على الفور مصور الصحيفة لاخذ صورة تذكارية لهما ويترك الباقى على رئيس التحرير المحترم ، ليكتب عنه فى اليوم التالى فى الصحفة الاولى نفيا قاطعا لهذا الخبر المغرض ويؤكد وجوده فى الخرطوم وليس (عالقا ) فى مطار دبى ، ليس ذلك فحسب ، وبل بامكان رئيس التحرير ان يكتب ان عمارا كان مشاركا فى المظاهرات الاخيرة ، وما المانع من ذلك الم يخرج الطيب مصطفى وامين بنانى فى مظاهرات “محمية ” غاب عنها عملاء الجبهة الثورية المخربين ؟! ثم ان رؤوساء تحرير صحف الخرطوم لا عمل لهم هذه الايام غير تلميع مسئولى الانقاذ وتنظيم حفلات التكريم لهم وتبرير جرائمهم او تسجيل زيارات جماعية لبيوت المسئولين الكبار وتلقى دروس مجانية عن فشل الاعلام فى عهد الانقاذ ، وبالتالى انجاز خبر ود الجاز يعتبر سبقا صحفيا فى تلك الايام لانه سيعرى بالتأكيد (المعارضة المغرضة) ، ولكن الجاز يفترض غباءنا دائما و”يمشيها ” علينا بهذه البساطة نحن الشعب السودانى ، ولكنه لم ينسى – اى الجاز – نفى الخبر الذى اوردته احدى الصحف المحلية قبل ايام من ان ابن الوزير لم يخالف القانون لانه يحمل تصديقا من بنك السودان لحمل تلك الشنط المليئة بالدولارات ، ولكن خبرا قصيرا نُشر فى صحيفة “الخليج تايمز ” الاماراتية قد نسف نفى الوزير بشكل فيه الكثير من الخبث المتعمد (جزاها الله عن الشعب السودانى كل خير ) لدرجة تأكيد وجود عمار الجاز فى مطار دبى اثناء تداول الخبر ، عكس حديث والده ، حيث قالت الصحيفة نقلا عن مصادر امنية فى مطار دبى : (انه لم يتم اعتقال عمار عوض الجاز لانه لم يكن يحمل شيئا غير قانونى ” ! ولان الجريدة الاماراتية قد اكدت بما لا يدع مجال للشك ان عمارا كان يحمل “احمالا قانونية ” ، وهذا يرجح موضوع وجود موافقة بنك السودان المركزى ، فيبقى اذن فى هذه الحالة التثبت فقط عن قانونية اصدار تصديق نقل عملة اجنبية من البنك المركزى وتسليمه لمواطن (عادى) ليعبر به الحدود بالكميات التى بحوزته مهما كبرت حجمه ، وذلك حسب لوائح وقوانين النقد الاجنبى فى السودان ، والتى تتغير وتتعدل بالطبع من وقت الى آخر وفق ظروف البلد والسياسات النقدية التى يرسمها البنك المركزى بالتنسيق مع وزارة المالية بشكل دورى . ولكن استميح القراء لادلو بشهادة هنا بحكم مهنتى المصرفية الطويلة وكموظف سابق فى البنك المركزى (بنك السودان ) ، فان معلوماتى تقول ، وبدرجة كبيرة من الدقة ، ان مهمة نقل العملات الاجنبية على نمط الشحن بالشنط ، يتولاها دائما موظفو البنك المركزى انفسهم او موظفو البنوك التجارية وبموافقة البنك المركزى دون سواهم من الناس ، وتلجأ البنوك (المركزية والتجارية على السواء ) الى هذا الاسلوب عندما لا توجد ارصدة كافية فى حسابات النوسترو الاخرى (Nostro accounts) – اى حسابات البنك الخارجية بالعملات الاجنبية – للبنك لتغطية حساب خارجى معين تابع للبنك (وليس لعميل) ، فيضطر البنك المركزى او التجارى الى تحويل النقد الاجنبى (Physical transfer) ونقله بالشنط عبر المطارات لتغذية حسابهم فى البلد المعنى بنفس العملة . ولكن لعلمنا التام ان ابن الوزير (عمار) لا يعمل فى اى مرفق مصرفى فى السودان ، لا مركزى و لا تجارى ، فيظل نقله للاموال بالشنط امر غير قانونى حتى ولو تم ذلك بموافقة البنك المركزى ، لان مثل هذه الموافقة تكون قد تمت نتيجة لفساد وعمل غير قانونى من مسئول قانونى فى البنك المركزى . محمد ب
شير ابونمولندن ، الثلاثاء 22 اكتوبر 2013