عبد الله بندا، وجيريو جاموس تفاوضهما الجنائية الدولية للمثول طوعاً أمام المحكمة بلاهاي

كشفت “العربية”، لأول مرة، هوية اثنين من قادة المتمردين الدارفوريين، اللذان تتفاوض معهما المحكمة الجنائية الدولية، منذ أشهر، للمثول طوعا أمامها في لاهاي، للإجابة عن أسئلة تتعلق بالهجوم على قوات الاتحاد الأفريقي في حسكنيتا الذي وقع في سبتمبر 2007، وفق ما أفادت مصادر مطلعة في الأمم المتحدة تحدثت إلى “العربية”، السبت 30-1-2010، بشرط عدم الكشف عن هويتها.

والمتمردان هما الزعيمين عبد الله بندا، وجيريو جاموس. وقد أصدر قضاة المحكمة مذكرتين سريتين باستدعائهما للمثول أمامهم والإجابة على أسئلة تتعلق بإتهام المدعي العام لهم بالمسؤولية عن مذبحة حسكنيتا التى راح ضحيتها 12 جنديا من الاتحاد الأفريقي، وأكثر من مئة دارفوري مع جرح مئات آخرين.

المحكمة أبقت على هوية هذين المتمردين الدارفوريين طي السرية، علماً أن المدعي العام لوي مورينو اوكامبو، يتهمهما، مع الزعيم المتمرد بحر إدريس أبو قردة، بالمسؤولية عن هذه المذبحة التي أدت أيضا إلى تشريد أكثر من 15 ألف دافوري، أبقت عليها في طي السرية.

وكان عبد الله بندا قائداً عسكرياً في واحدة من أكبر مجموعات التمرد في دارفور، وهي “حركة العدل والمساواة” التي يقودها خليل إبراهيم. ولكن في يوليو عام 2007 اختلف معه خليل إبراهيم وأقاله عن منصبه.

شمل الخلاف بين إبراهيم وبندا، أيضا، بحر إدريس أبو قردة، وكان ضمن نفس الحركة. حينها قرر بندا تشكيل مجموعة منشقة عن الحركة الأم، أطلق عليها اسم “حركة العدل والمساواة- القيادة المشتركة”.

أما أبو قردة فترأس “الجبهة المتحدة للمقاومة” التي تضم عددا من المجموعات المتمردة الصغيرة ومن بينها “حركة العدل والمساواة – القيادة المشتركة”.

أما المطلوب الثاني جيربو جاموس فلا يعرف عنه الكثير. فهو ينتمي إلى حركة “جيش تحرير السودان- فرع الوحدة”، ويعنقد أنه هو الذي شن الهجوم على قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في حسكنيتا، بالاشتراك مع مقاتلين من الحركتين اللتين يقودهما عبد الله بندا وبحر إدريس أبو قردة.

وذهب أبو قردة إلى لاهاي للإجابة عن أسئلة قضاة المحكمة الجنائية الدولية في جلستين اجرائيتين في شهري مايو وأكتوبر من عام 2009، وجادل ببراءته من هذه التهم الموجهة إليه، داخل قاعة المحكمة، وبعد ذلك خارجها من خلال مقابلة حصرية مع العربية في مايو 2009. أبو قردة أكد للعربية أنه مستعد للدفاع عن نفسه أمام المحكمة الجنائية إذا ما قرر قضاتها محاكمته بهذه التهم.

“العربية” كشفت عن هوية بحر إدريس أبو قردة قبل وصوله إلى لاهاي في مايو 2009، وأصر في مقابلته معنا على أن العدالة أمام القضاء الدولي أو المحلي النزيه، هي مسألة أساسية ومبدئية له ولجبهة المقاومة المتحدة التي يتزعمها، ومدرجة في بيانها السياسي.

وينتظر قرار قضاة المحكمة بشأن قضية أبو قردة، إذا وجد لدى المدعي العام أدلة كافية لتقديمه للمحاكمة بشأن المسؤولية عن مذبحة حسكنيتا، في شباط (فبراير) 2010، ما لم يقرر القضاة تمديد فترة دراستهم للأدلة المطروحة أمامهم لأكثر من مهلة الستين يوما الأصلية.

ومن الجدير بالذكر أن مكتب المدعي العام وعد أبو قردة، قبل قدومه إلى لاهاي، بحرية السفر ومغادرة هولندا بعد جلستي مايو وأكتوبر من العام الماضي.

لكن إذا جاء قرار القضاة هذه المرة بوجوب اعتقاله ومحاكمته، فستتغير قواعد اللعبة بأكملها. فكثيرون يشككون فيما إذا كان أبو قردة سيأتي طوعا إلى لاهاي، إذا ما جاء قرار القضاة هذه المرة على غير ما يهواه.

“العربية” علمت أيضا أن القضاة منحوا مكتب المدعي العام حتى الأربعاء المقبل، الثالث من شباط (فبراير)، لضمان مثول المتمردين بندا وجاموس طوعا أمامهم في لاهاي. مصادرنا أكدت لنا أن الرجلين سيغادران دارفور بحلول (اليوم) السبت 30 كانون الثاني (يناير).

الأربعاء المقبل سيكون يوما هاما أيضا لمحكمة الاستئناف التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، إذ أعلنت أنها ستبت في الثالث من فبراير في استئناف المدعي العام اوكامبو لقرارها في الرابع من مارس 2009 بصرف النظر عن التهم الثلاث التي وجهها اوكامبو إلى الرئيس عمر البشير بالإبادة الجماعية.

ويأمل أن يتوجه جاموس إلى العاصمة التشادية انجامينا، بينما يتوجه بندا إلى نيروبي، وبعدها يتوجه الرجلان جوا إلى لاهاي.

وأفادت المصادر لـ “العربية” أن الأمم المتحدة تلعب دورا في نقل أحد الرجلين أو كليهما من دارفور باستخدام طائرة هليكوبتر تابعة للأمم المتحدة.

ومن المعروف أن المدعي العام لوي مورينو أوكامبو قدم في نوفمبر 2008 طلبا إلى قضاة المحكمة بإصدار مذكرات إلقاء قبض بحق ثلاثة من المتمردين مع الإبقاء على سرية هويتهم. رد القضاة على طلبه كان توجيه مذكرات استدعاء للرجال الثلاثة للمثول طوعا أمامها ومواجهة التهم التي يكيلها لهم المدعي العام.

وكان مجلس الأمن قد رفع ملف دارفور بأكمله إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2005، ومنذ ذلك التاريخ طلب المدعي العام أوكامبو إصدار ست مذكرات إلقاء قبض. قضاة المحكمة أصدروا بالفعل ثلاث منها ضد الوزير السوداني أحمد هارون، وعلى قشيب الذي يصفونه بأنه أحد قادة الجنجويد. أما مذكرة الاعتقال الثالثة فأصدرتها المحكمة في مارس 2009 ضد الرئيس السوداني نفسه عمر البشير، وهي أول مرة تصدر مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية ضد رئيس في سدة الحكم.

وواجه اوكامبو انتقادات شديدة لتركيز جهوده على الحكومة السودانية وإهمال جرائم المتمردين، مما اضطره للتركيز على زعماء المتمردين الثلاثة. هويتا المتمردين بندا وجاموس ظلتا طي السرية والتكتم بسبب رغبة اوكامبو التركيز على قضية أبو قردة أولا.

والآن وباقتراب إنتهاء مهلة القضاة لمكتب المدعي العام بضمان مثول بندا وجاموس أمامهم بحلول الثالث من فبراير، تتكثف جهود مكتب المدعي العام لتحقيق ذلك، وإلا اضطر القضاة إلى أحد أمرين، إما تمديد هذه المهلة وهو أمر نستبعده وذلك لأن العربية علمت من مصادرها أن القضاة مددوا هذه المهلة خلال العام الماضي وربما أكثر من مرة، وهذا يترك الخيار الثاني وهو إصدار مذكرتي اعتقال بحق بندا وجاموس.
طلال الحاج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *