طور جديد في التاريخ الإنساني : ولو رئيساً أمريكياً، وكنت من مرتكبي التعذيب، فخذ حذرك!
(حريات)
الغى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش زيارته الى سويسرا، التي كان مخططاً لها 12 فبراير، خوفاً من دعوى قضائية عن التعذيب ضده، تتولاها عدد من منظمات حقوق الانسان.
وكان من المقرر ان يقدم اثنان من ضحايا التعذيب شكوى ضد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق جورج بوش في جنيف بسويسرا يوم 7 فبراير، مع أكثر من 2500 صفحة من الوثائق الداعمة.
وكان بوش يعتزم القاء خطاب في مناسبة في جنيف في 12 فبراير. ويتطلب القانون السويسري وجود المُعذِّب (مرتكب التعذيب) على الأراضي السويسرية كشرط للبدء في الإجراءات الأولية للتحقيق. وعندما الغى بوش زيارته لسويسرا خوفاً من الملاحقة القانونية، اعلنت منظمات حقوق الانسان التي تتولى القضية الأمر على الملأ، وذكرت بأن إتهام بوش بالتعذيب سيكون في انتظاره متى ما جاء مرة أخرى.
وبحسب خبراء قانونيين لدى مركز الحقوق الدستورية (CCR) – ومقره الرئيسي في نيويورك – ، والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الانسان (ECCHR)، – ومقره الرئيسي في برلين بألمانيا – بحسب خبراء المركزين فإن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لا يتمتع بأي حصانة تحت إتفاقية مناهضة التعذيب (CAT).
وقالت كاترين غالقر – خبيرة قانونية لدى (CCR) ونائبة رئيس الفيدرالية العالمية لحقوق الانسان (FIDH)- : (الغمر بالمياه تعذيب، وأقر بوش دون أي إحساس بالندم، بأنه وافق على إستخدامه).
وأضافت : (اتفاقية مناهضة التعذيب ذات نطاق واسع في الوصول، هذه القضية تم تحضيرها، وستنتظره في رحلته القادمة)، وقالت (ان المُعذِّبين، – حتى لو كانوا رؤساء للولايات المتحدة – لا بد أن يقدموا للمساءلة والمحاكمة، وحصانة بوش لا بد أن تتوقف).
واعلن المركزان انه اذا فشلت الولايات المتحدة في الايفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، فإن الدول الموقعة الأخرى، ايضاً ملزمة بملاحقة أو تسليم مرتكبي التعذيب الذين يطأون أراضيها.
وفي بيان نهاية الاسبوع الماضي، ذكرت المجموعات التي نظمت رفع القضية (مهما كان بوش ومضيفيه يقولون، ليس لدينا شك بانه الغى زيارته لسويسرا لتجنب البلاغ المرفوع. والرسالة من المجتمع المدني واضحة: (اذا كنت من مرتكبي التعذيب، فخذ حذرك حين تخطط لسفرك).
وتقضي الدعوى التي كان من المخطط تقديمها يوم الاثنين بان الضحايا تم تعذيبهم كجزء من برنامج ادارة بوش الموثق جيداً. فقد اعترف بوش بفخر في مذكراته المنشورة حديثاً بأنه حين سئل عما اذا كان (الغمر بالمياه) يعتبر تعذيباً، أجاب (بحق انه صحيح) (damn right).
ويوافق الاثنين 7 من فبراير الذكرى التاسعة لقرار بوش القاضي بأن (اتفاقية جنيف) حول معاملة الأسرى لا تنطبق على (المقاتلين الأعداء).
وبحسب صحيفة الاتهام التي اعدها المركزان الحقوقيان فإن بوش مسؤول بصفته الشخصية وبصفته كرئيس (مسئولية القيادة) عن افعال مرؤوسيه التي امر بها أو صادق أو تغاضى عنها او حرض عليها. وكذلك عن الأفعال التي فشل في ايقافها أو ايقاع العقوبة على مرتكبيها.
وقد ايدت الدعوى ضد بوش 60 منظمة حقوق انسان، وشخصيات عالمية بارزة من بينها المقرر السابق للأمم المتحدة المختص بقضايا التعذيب ثيو فان بوفن، ومقرر الأمم المتحدة السابق المختص بإستقلال القضاء ليوندرو ديسبوي، والحائزة على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي، والحائز على جائزة نوبل للسلام بيريز اسكوفيل.
وعلق ناشط من نشطاء حقوق الانسان السودانيين بأن ملاحقة جورج بوش الرئيس السابق لأقوى دولة في العالم، واضطراره لإلغاء زيارته الى سويسرا، يؤشران لبداية الدخول في مرحلة جديدة في التاريخ الانساني، حيث لا أحد يفلت من المساءلة، وتعبِّر المحكمة الجنائية الدولية ICC عن هذا التطور الإنساني والأخلاقي الهام، ولو في شكله الجنيني.
وأضاف بأنه إذا كان لدى بوش وهو رئيس سابق لأغنى وأغنى دولة أسباب تدعوه للقلق من هذا التطور الإنساني، فمن باب اولى أن تتضاعف أسباب القلق لطغاة دول أقل نفوذاً، مثل المشير البشير، خصوصاً وقد إرتكب جرائم أكثر جسامة، فتقدر الأمم المتحدة ضحايا دارفور بـ (300) الف قتيل، إضافة الى الفظائع الأخرى التي جرت في الإقليم، من حرق للقرى وقطع للأشجار ودفن للآبار، وإغتصاب للنساء، وتشريد أكثر من مليوني نازح ولاجيء. ويتحمل البشير المسئولية الشخصية ومسئولية الرئيس (عن افعال مرؤوسيه التي امر بها أو صادق أو تغاضى عنها او حرض عليها، وكذلك عن الأفعال التي فشل في ايقافها أو ايقاع العقوبة على مرتكبيها) كما ذكر المركزان الحقوقيان البارزان.