ضابط سابق في الاستخبارات يروي علاقة الجنجويت والحكومة في دارفورالحلقة 3 حاتم تاج السر

ضابط سابق في الاستخبارات يروي علاقة الجنجويت والحكومة في دارفورالحلقة 3 حاتم تاج السر

 

معلومات عن مستريحة معقل الجنجويت:

تقع منطقة مستريحة على بعد 35 كيلومتراً في الاتجاه الشمالي الغربي من مدينة كبكابية بشمال دارفور وهي منطقة تابعة لقبيلة الفور وتعد منطقة رعوية وزراعية إستراتيجية إذ تقع بالقرب من جبل مرة وتجاورها أودية مثل وادي باري ووادي برقوو و في السنين الأخيرة احتلها فبائل الرحل( رزيقات الشمال) الذين كانوا يسكنون بالقرب من كتم واتخذوها معقلا رئيسيا لهم حيث توجد بالمنطقة دامرة كبيرة وفي عام 2003 تم تأسيس قيادة الجنجويت أو ما يسمى بحرس الحدود اليوم بالمستريحة وتنصيب موسى هلال قائدا لهذه المليشيات وذلك بعد تحالفهم مع الحكومة لمحاربة التمرد فكان هناك خمسة ضباط من الجيش والاستخبارات لتنظيم العمليات اللوجستية والمال والشؤون الإدارية و تأتي المروحيات من الفاشرمرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع،تحمل أسلحة وذخائر ونقود ومرتبات  الجنجويت إلى جانب زيارات متكررة لوفود من الخرطوم و قادة قيادات المناطق العسكرية في دارفور ( الفاشر ،نيالا ،الجنينة). أما الهادي ادم حامد وعبد الله على صافي النور وأحمد محمد هارون فيبقون هناك لمدة أربعة أيام أو أكثر عند كل رحلة لمتابعة تنفيذ العمليات العسكرية وغارات الجنجويت للبلدات والقرى، وقد أقيم في مستريحة معسكران للتدريب وذلك لدمج الجنجويت في القوات النظامية المختلفة أحدهما تحت إدارة شرطة الاحتياطي المركزي، يدرب فيه  لثلاثة أشهر على الأسلحة 200 – 250 رجل و في كل  دورة يوفد بعضهم ليحصلوا على مزيد من التدريب في الخرطوم وفي سوريا  ومعسكر آخر تحت أمرة الجيش و  يدوم هذا التدريب الأخير شهرا واحدا فقط  ضاماً 150 – 200 رجلا في كل مرة وفي البدء كان الجنجويت يسكنون تحت الأشجار وفي عام 2005 تم بناء معسكر كبير فيها كهرباء وتلفزيون وخيام ومكاتب للإدارة ومخازن ومستودعات للأسلحة والذخائر والمهمات العسكرية الأخرى وملاجئ  وبوابات للدخول والخروج .وفي مستريحة يتم إحضار أعداد كبيرة من الإبل والضأن عندما يخرج الجنجويت والجيش إلى العمليات وهي عبارة عن غنائم يتم نهبه من المواطنين بعد قتل السكان وتشريدهم  وحرق قراهم وهذه الإبل والضأن يتم تقسيمها إلى خمسة  أقسام ، قسم للجنجويت وقسم للمعارضة التشادية وقسم للجيش وقسم للشرطة و جزء بسيط ترسل إلى الخرطوم في شكل لحوم مبردة تكتب عليها (خيرات دارفور) ليتم توزيعها للدستوريين وكبار الضباط في  الاستخبارات والجيش . 

 

 

معنا أو ضدنا: تجربة الدروق وخلوة قرقو لتحفيظ القرآن

تم إرسال ثلاثة ضباط من المخابرات العسكرية من كبكابية إلى قبيلة الدروق إحدى القبائل الصغيرة في شمال دارفور وفي إجتماع مع أعيان القبيلة عرضوا عليهم 95 قطعة سلاح من طراز إيه كيه -47 وأموال وعربات ليتم تدريبهم لمدة 40 يوما في كبكابية، من ثم الإنضمام إلى المليشيات لمكافحة التمرد ولكن أعيان الدروق رفضوا العرض وقالوا للضباط الثلاثة (نحن ما نريد مشاكل ).

بعد ستة أسابيع من محاولة تجنيد الدروق قام المئات من عناصر الجنجويت وخلفهم قوات نظامية محمولة على متن شاحنات مدعومة بثلاثة طائرات مروحية بمهاجمة قرى الدروق في عملية دامت أربعة أيام قتل خلالها 120 شخص كان من بينهم خمسة وعشرون يصلون في المسجد وتشريد البقية وحرق قراهم ونهب ممتلكاتهم عقابا على رفضهم الانضمام إلى الجنجويت .

وبعد خمسة أيام من حادثة الدروق قامت الجنجويت بهجوم على خلوة قرقو لتحفيظ القرآن الواقعة على بعد عشرة كيلو متر من مستريحة في الاتجاه الجنوبي الشرقي بعد رفضهم الانضمام إلى قوات الدفاع الشعبي وإعلان الجهاد ضد المارقين والخارجين عن القانون من قطاع الطرق الذين تمردوا على الدولة فتم في هذه العملية تدمير خلوة قرقو وقتل 57 من طلاب (مهاجرين) والمدرسين(فكي) وعائلاتهم  وخلوة قرقو الآن مهجورة بعد نزوح سكانها إلى كبكابية .

 

 

المشرفون على الجنجويت

تنقسم عملية الإشراف على الجنجويد إلى :

المشرفون العسكريون:

1.    الفريق : عبد الرحيم محمد حسين ( وزير الدفاع ).

2.    الفريق : صلاح عبد الله قوش     ( مدير سابق لجهاز الأمن والمخابرات  ) .

3.    الفريق : عصمد عبد الرحمن      ( قائد الفرقة السادسة مشاة بالفاشر).

4.    الفريق : محمد أحمد الدابي         ( ضابط مقرب من البشير).

5.    الفريق : حسين عبد الله جبريل  :عضو مجلس الوطني  ( ابن عم موسى هلال ).

6.    الفريق : أدم حامد موسى : رئيس مجلس الولايات ( من أبناء الزيادية ـ دارفور ).

7.    اللواء  : الهادي أدم حامد : من أبنا بني حسين ( سريف بني حسين : دارفور).

8.    اللواء طيار : عبد الله علي صافي النور عضو مجلس الوطني ( ابن عم موسى هلال).

9.    اللواء : عبد الكريم عبد الله ( المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات ).

10.                      العميد : عواد بن عوف ( رئيس المخابرات بالفاشر).

11.                      العقيد : صلاح مصطفى من الاستخبارات ( قائد العام الحالي للجنجويت ).

12.                      المقدم : عبد الواحد سعيد علي سعد (قائد عام سابق للجنجويت ).

13.                      المقدم : عبد الرحيم محمد عبد الله   ( رئيس قسم العمليات في المستريحة).

المشرفون المدنيون

1.    أحمد محمد هارون (وزير الدولة بوزارة الداخلية سابقا).

2.    عبد الله علي مسار ( والي نهر النيل سابقا).

3.    عبد الحميد موسى كاشا (والي جنوب دارفور الحالي).

4.    علي محمود حسب الرسول (وزير المالية والاقتصاد الوطني الحالي ).

5.    موسى جالس ( ضابط بالمعاش رئيس إدارة أهلية لقبيلة البرقد ).

6.    حماد عبد الله جبريل ( ابن عم موسى هلال) .

7.    عثمان محمد يوسف كبر( والي شمال دارفور ).

8.    محمد سليمان رابح ( معتمد محلية الواحة ).

9.    محمد إبراهيم عزت ( مدير تنفيذي بمحلية الواحة).

10.     الحاج عطا المنان إدريس (والي جنوب دارفور السابق).

11.     الهادي مصطفى (مستشار والي بولاية شمال دارفور).

12.     الشرطاي جعفر عبد الحكم (والي غرب دارفور ).

 

 

بعض القادة الميدانيين للجنجويت

1.    موسى هلال عبد الله

2.    علي محمد علي (علي كوشيب)

3.    شكرت الله حمدنا ( قتل في معركة أبو قمرة )

4.    محمد حمدان دوغلو ( حميتي )

5.    سعيد عبد الله حسين

6.    محمد هادي عمير ( دغيرشو) قتل في حفل زفاف

7.    زكريا إسماعيل

8.    عمر هلال

9.    صالح قزازه

10.     مكاوي عبادي ( قتل في معركة ديسا)

 

هذه أسماء بعض المشرفين العسكريين والمدنيين وبعض زعماء الجنجويت الميدانيين ولدي المزيد إذا تطلب الأمر .

 

 

 

تمرد الجنجويت :محمد حمدان دوغلو “حميتي ”  نموذجا

على الرغم من حضور القبائل العربية في الخطوط الأمامية للحرب إلا أنهم غابوا عن محادثات السلام التي كانت تجري آنذاك في أبوجا باستثناء ما ندر بوصفهم أعضاء في وفدي الحكومة والمتمردين وقلقا منهم لعدم تمثيل الحكومة لمصالحهم ولوعيهم المتزايد من أن المجتمعات الرعوية لا تستطيع العيش من دون المجموعات المستقرة التي تمارس حرفة الزراعة والتي تعمل على تمكين الأسواق الريفية وتقديم خدمات الدعم لمسار هجرة الرعاة الرحل ، فقد حاول وفد من عشرة أشخاص منهم الانضمام إلى المحادثات في أكتوبر 2005 لكنه جرى إبعادهم فعادوا محذرين من أن العرب سيرفضون أي اتفاق لا يشترك فيه جميع المواطنين في دارفور لا سيما أولئك  الذين عانوا كثيرا من المتمردين .

بعد التوقيع على اتفاق سلام دارفور في أبوجا بتاريخ 5/5/2010 أكد شكوك الجنجويت من أن الحكومة سوف تضحي بهم لضمان بقاء نظامها السياسي حيث ألزم الاتفاق الخرطوم بتحييد ونزع سلاح الجنجويت والمليشيات المسلحة باعتبار ذلك خطة أولى نحو السلام بل بقبول خمسة آلاف من المتمردين في الجيش النظامي ومنهم برتب ضباط بعد تأهيلهم عسكريا كما أصبح أحد قادة التمرد وهو مني مناوي كبير مساعدي الرئيس وبما أن مسألة ملكية الأرض تقع في صميم الصراع المستمر فقد اعتبر الجنجويت اتفاق سلام دارفور مجحفا بحق الرعاة بعد إقرار الاتفاقية بنظام الملكية القبلية للأرض و بذلك فقد الجنجويت مكاسبهم التي جنوها من الحرب .

شرعت (الأبالة) تتحدث عن خيانة الحكومة وبدأت تتحدث عن خسائرها المتمثلة في الأرواح وقطعان الماشية وطرق الهجرة والتجارة والمرعى وادعوا بذلك أنهم عانوا أكثر من النازحين واللاجئين الذين كانوا يتلقون مساعدات دولية في المخيمات ، كما أن الهجراتهم إلى الشمال قد أعاقها حضور المتمردين في تلك المناطق وخاصة في ممر الفاشر نيالا وقطع الطرق الشمالية الغربية المتجهة إلى ليبيا ومصر فتحدد ذلك موقع قطعان الماشية بمناطق صغيرة المساحة نسبيا وتحولت بذالك الصراع إلى اشتباكات دموية بين البدو أنفسهم .

وفي ظل هذه الظروف شرع اثنان من زعماء الجنجويت هما موسى هلال عبد الله في ولاية شمال دارفور ومحمد حمدان دوغلو (حميتي ) في جنوب دارفور ، شرعا في التحوط من الوضع الضبابي فدخلا في محادثات سرية مع حركة  العدل والمساواة عبر وسطاء على أمل أن ينقذهما التحالف مع ضحاياهم من ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية وفي مارس 2006 وقع محمد حمدان دوغلو اتفاق عدم الاعتداء متبادل مع حركة العدل والمساواة وبعد شهرين وبالتحديد بعد 15 يوما من التوقيع على اتفاق سلام دارفور فعل موسى هلال الشيء ذاته .

وبتعثر دعم الحكومة لموسى هلال وتعرض علاقته مع الخرطوم لهزة المرحلة واجه موسى هلال انتقادا شديدا من رزيقات الشمال فوصفوه بأنه جلب الذميمة إلى قبيلة رزيقات الشمال (الأبالة) من دون فوائد دائمة وبدأ أفراد الجنجويت بالفرار بعد اتهام قادتهم بالفساد وإحتكار الوظائف العسكرية والمزايا الأخرى. ومع افتقار المنشقين إلى قائد وبرنامج سياسي انضم بعضهم إلى جماعات المرتزقة يعرضون خدماتهم إلى من يدفع ثمنا أعلى  أو المشاركة في أعمال قطاع الطرق وعمليات النهب والسلب والبعض الآخر أقام تحالفات مع المتمردين في إستراتيجيات قصيرة المدى لاكتساب تنازلات أو موارد من الحكومة أكثر من كونها قائمة على قناعة سياسية وآخرون انضموا إلى مجموعات مسلحة شكلها ناشطون سياسيون للمطالبة بتمثيل مستقبل العرب في أي محادثات سلام جديدة .

تابعت الاستخبارات العسكرية هذه التحركات وأبلغت الحكومة بخطورة هذه التحركات فقامت الحكومة بتقسيم الجنجويت تحت قيادة موسى هلال إلى مليشيات قبلية منفصلة وإعادة تنظيم مستريحة تحت إمرة قائد جديد من الاستخبارات العسكرية وهو العقيد صلاح مصطفى وجعلت لكل مجموعة معسكرها الخاص وتم تكليف عدد من الضباط من قيادة الجيش في الفاشر لقيادة هذه المجموعات حيث تم ترحيل مليشيات من قبيلة التاما إلى منطقة لاوت ونقل المليشيات المستعربة مثل القمر والتاما إلى منطقة أم شليل وكونت لمحمد هادي عمير (دغيرشو) لواء خاص لمليشيات قبيلة الماهرية مدرجين في صفوفه بقارة من عشائر النوايبة وهوتيا وترجم وصعدة وطلبة وسلامات وغيرها من مليشيات القبائل العربية التي تسكن حول جبل مرة ،كما تم استدعاء محمد حمدان دوغلو(حميتي ) إلى الخرطوم في سبتمبر 2006 لعقد اجتماعين مع الرئيس البشير ووزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين حيث عرضا عليه أسلحة وأموالا وسيارات لإيقاف هجوم المتمردين في ولاية شمال دارفور فقبل حميني العرض وانتقل بعد عودته من الخرطوم شمالا إذ جمع بين أعمال الحكومة وأعماله الخاصة المتمثلة في تصفية الحسابات القديمة مع بعض القبائل .

مع تنفيذ هذه السياسات الاحترازية من قبل الحكومة ،ارتفعت حدة التوتر بين المحاميد والماهرية خاصة في شهر إبريل 2007 عندما قتل محمد هادي عمير (دغيرشو) في حفل زفاف بعد أيام قليلة من قيام رجاله باعتقال 12 من رجالات موسى هلال بالقرب من منطقة قولو ، فسارعت الحكومة إلى عرض  الدية للماهرية ولكن الماهرية رفضت الدية متهمين موسى هلال بقتل  دغيرشو كما رفضت مزاعم موسى هلال الذي يقول بأن دغيرشو قتل سهوا بإطلاق أعيرة نارية احتفالية مطالبين بسد الثأر ( قتل موسى هلال) حيث قامت أعيان الماهرية بترحيل النساء والأطفال إلى بر الأمان في كتم وانتقل محمد حمدان صوب الشمال إلى مليط وهدد بضم لواء دغيرشو إلى المتمردين في جبل مرة إذا لم تقم الحكومة بإجراء تحقيق نزيه حول الحادث وإعطاء 500 من رجاله الرواتب والمتأخرات ودفع تعويضات لبعض الأسر المتضررة وإلى جانب إعطاء قبيلة الماهرية نظارة ومحلية منفصلة عن المحاميد ومن جانبه قام موسى هلال برفض هذه التهم والمطالب وطوق مجمعه بمتاريس من سيارات تويوتا لاند كروزر إلا أن وفدا رفع المستوى من الحكومة برئاسة عبد الله صافي النور وعثمان محمد يوسف كبر تمكن في مايو 2007 من طي صفحة الخلاف بعد أن أقسم موسى هلال على القرآن إنه ليس لديه ضلع في وفاة دغيرشو وقدمت الحكومة من جانبها  50 مركبة و500 ألف دولار للماهرية كتعويض .

اشتد مخاوف الجنجويت من وقوع خيانة من قبل الحكومة حين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال (علي كوشيب) وفشل الخرطوم في الوفاء بوعودها لتقديم الدعم للجنجويت في ظل التزايد المستمر لمطالب الجنجويت .

 

تمرد محمد حمدان دوغلوا ( حميتي)

وهو محمد حمدان دوغلو الملقب بالحميتي من فخذ أولاد منصور إحدى أفخاذ الماهرية  التي هاجرت من شمال دارفور في نهاية الثمانينات واستقرت في قرية دوقو للفور، الواقعة بالقرب من زالنجي  وسموها بأم القرى ويعتبر محمد حمدان من قادة الجنجويت المشهورين في القطاع الجنوبي الغربي .

كان تمرد حميتي معدا إعدادا جيدا ، إذ أخبر حميتي الحكومة بأنه سيشارك في الهجوم على جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة في منطقة حسكنيتة وبعد تسلمه الوسائل اللوجستية للهجوم وهي عبارة عن 70 عربة ناقلة الجنود وأسلحة ثقيلة وبنادق كلانشينكوف وبنادق قنص وقاذفات قنابل يدوية ( آربي جي ) ومركبات من طراز لاند كروزر تعلوها مدافع رشاشة ومدافع مضادة للدبابات وقاذفات صواريخ متعددة وصواريخ مضادة للطائرات ومدافع هاون وبنادق عديمة الارتداد من عيار 105 ملم ومعدات اتصال وأموال ووقود وذخائر ، بعد تسلمه هذه الأسلحة والمهمات الأخرى أعلن تمرده على الحكومة وأقام معسكرا في منطقة دوقو أو أم القرى معقل أولاد منصور الكائنة شمال غرب نيالا بالقرب من زالنجي وأطلق على حركته قوات ( الوعد الصادق) .

يقول حميتي إن السبب الرئيسي لتمرده هو تعيين الزغاوي مني مناوي في منصب كبير مساعدي الرئيس وعلى النقيض من ذلك فإن العرب الذين قاتلوا مع الحكومة لم يتلقوا حتى رواتبهم ولا تعويضات عن قتلاهم وجرحاهم في الحرب كما لم تقدم لهم الحكومة الخدمات الصحية أو البيطرية أو المدارس أو الماء ولم تف الحكومة بوعدها التي وعدت بها العرب ( الأرض) وأن طرق هجرة مواشيهم قد أغلقت بسبب وجود التمرد في تلك المناطق .

أحدث تمرد حيمتي أكبر تحول في التوازن العسكري في دارفور منذ بدء  الصراع كما إنه أدهش الخرطوم باعتبار أن عشيرة أولاد منصور من أوائل عملاء الحكومة حيث كانوا يهاجمون القرى الواقعة حول جبل مرة بدعم من القصف الجوي ومن أشهر هذه الهجمات الهجوم على قرية كدنجير حاضرة الشرطاي سليمان حسب الله وكان تمرد حيمتي هو الأعظم لكنه ليست المشكلة الوحيدة التي واجهت الحكومة فالفرار التدريجي للجنجويت صوب التمرد الذي بدأ منذ عام 2005م  فكانت تمرد مجموعة أطلقت على نفسها اسم ( الجندي المظلوم) وقامت بعمليات رئيسية ضد الحكومة في كبكابية وزالنجي وأجزاء من غرب دارفور ومع إزدياد عددهم زادت حاجتهم إلى الأموال والذخائر فقاموا بالهجوم على قوافل الحكومة ومراكز الشرطة ولكنهم عادوا إلى حظيرة الحكومة عندما عالجت الحكومة مطالبهم المالية واستندت إليهم مهمة الدفاع عن نيالا وزالنجي مع ارسال رواتب الجيش التي كانت تنقل براً  بنقلها عن طريق الجو  تفاديا من اعتداء هذه المليشيات في حال تأخر رواتبهم.

إن العديد من الجنجويت جندوا في 2006 بعد قرار مجلس الأمن رقم 1706 الذي خول بنشر ما يقرب من 26 ألفا من قوات الأممية وذلك خوفا من أن تكون هذه القوات بمثابة قوات شرطة للمحكمة الجنائية الدولية حيث أعدت الاستخبارات العسكرية خطة لمواجهة القرار من خلال زيادة تجنيد المليشيات القبلية بمن في ذالك القبائل العربية التي لم تشارك في الحرب في السابق، حيث كانوا يقولون للقبائل العربية بأن القوات الدولية ستحمل كل العرب مسؤولية الفظائع التي ارتكبت في دارفور ووعدوا بعض تلك القبائل بتحقيق التنمية الاجتماعية والتنقيب عن النفط في مناطقهم في حال انضمامهم إلى هذه المليشيات فانضمت بعضهم أملا في أن تفي الحكومة بوعود التنمية والتنقيب في مناطقهم .

 

عودة محمد حمدان (حميتي) إلى حظيرة الحكومة

في مطلع سنة 2008 عاد محمد حمدان إلى حظيرة الحكومة بعدما فشل في إيجاد راع بديل لمجموعته بدلا من الحكومة فلقد رفضه ليبيا وتشاد والولايات المتحدة وحاولوا الانضمام إلى الحركات المسلحة المتمردة في دارفور ولكن دون جدوى .

لقد أقام محمد حمدان في  العزلة ستة أشهر يصرف على 4 ألف رجل إلا أن الكثير من رجاله قرروا   العودة تدريجيا إلى أسرهم وأصبحت العزلة وإنعدام التأييد واضحا إذ نفدت أموال حميتي وأصبح أمام حميتي خياران هما العودة إلى حظيرة الحكومة أو حدوث انقسامات في صفوف حركته وفي ظل هذه الظروف أجرت الحكومة اتصالات مكثفة لإعادة حميتي إلى الحظيرة .

 

صفقة العودة :

بعد مفاوضات دامت ثلاثة أسابيع توصلت الحكومة إلى اتفاق مع محمد حمدان ورجاله ومن مطالب حميتي التي وافقت الحكومة عليها :

1.    تنمية منطقة أم القرى التي تطلق عند قبيلة الفور بدوقو

2.    ترقية محمد حمدان إلى رتبة الفريق في الجيش السوداني

3.    تعيينه في منصب مثل منصب موسى هلال ( المنسق بين القبائل العربية والحكومة )

4.    نظارة لعمه جمعة دوغلو

5.    منصب مفوض لأخيه عبد الرحيم حمدان

6.    مبلغ نقدي مقداره مليار جنيه سوداني لمحمد حمدان

7.    نصف مليار جنيه آخر لتعويض المقاتلين وأسرهم

8.    دمج 3 آلاف من رجاله في الشرطة والجيش والقوات النظامية الأخرى مع قبول 200إلى 300 منهم في الضباط .

 

قبلت الحكومة المطالب وطلبت من محمد حمدان بإعادة الأسلحة الثقيلة التي  أعطيت لحميتي قبل الهجوم على حسكنيتة وهي عبارة عن خمسة قطعة من قاذفات الصواريخ المتعددة ووثلاثة مدافع مضاد للطائرات من طراز زو وعشرة دوشكا وثمانية وعشرون (آر بي جي) وألغام مختلفة الأحجام  فالتزم حميتي باعادة هذه الأسلحة وتنازل في الأخير عن مطلب ترقيته لرتبة الفريق لصغر عمره وكثرة التزاماته تجاه قبيلته .

وحاليا يعتبر محمد حمدان إحدى أقوى زعماء الجنجويت في دارفور خاصة بعد خضوع موسى هلال للرقابة المشددة من جانب الاستخبارات العسكرية واعتباره (غير موثوق) كما أصبحت الماهرية منظمة بشكل متزايد بعد إعتراف الحكومة بنظارة لهم في أم القرى أو دوقو التابعة للفور .

واليوم يمارس زعماء الماهرية الضغط على محمد حمدان لمغادرة جنوب دارفور والعودة إلى شمال دارفور لمساعدة القبيلة على إنفاذ مطالبتها بأراضي يدعون ملكيتهم لها منذ فترة وهي منطقة واسعة تمتد من (ديسا ) شمالا حتى الحدود الليبية وبذلك يمكن لحميتي الحصول على مائة نقطة مثلما هو الحال في أم القرى وسيتبعه أبناء الماهرية حسب قول أحد أعيان الماهرية في شمال دارفور وهذه المنطقة التي تتحدث عنها الماهرية هي منطقة (غرير) التي تقع إلى الشمال من مدينة كتم بشمال دارفور واسمها عند السكان الأصليين هي ( ديسا )و يقول البعض في دارفور أن المسميات الجديدة للمناطق مثل (عبدالفرسان ،دارالسلام ، أم القرى ، زمزم ، مستريحة ، كلمندو ، الواحة ..الخ) هي سياسة معتمدة من الخرطوم لتغيير هوية المناطق وإجراء تغيرات ديمغرافية وتوطين الرحل بإيجاد حواكير لهذه القبائل الراحلة، فتسمع في الإعلام أسماء لمحليات ومناطق لا يعرفها السكان مواقعها إلا بعد جهد جهيد حسب قولهم .

 

في الحلقات القادمة :

·        مراحل دمج الجنجويد في القوات النظامية المختلفة

·        للحكومة أسلحة أخرى في دارفور(الأيدز والمخدرات)

·        الثوار العرب : (جبهة القوى الثورية المتحدة) نموذجا

·        مواقف مشرفة من نظار العرب (سعيد مادبو ، محمدين الدود ، الهادي عيسى ) نموذجا

·        الخاتمة

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *