سوف ابدأ هذه السطور بقاعدة عسكرية تقول : عليك القيام باعمال تصرف انظار العدو بعيداً عن الهدف الرئيسي الذي تريده.
إستفاد نظام المجرم عمر البشير من تجاربه السابقة وإستقباله لرموز الارهاب في بداية تسعينيات القرن الماضي، والحرب الكونية ضد الارهاب، وضع السودان ضمن محور الشر المعروف بدعم الإرهاب، لدور جماعة البشير المحوري في حركة الارهاب حول العالم.
وبعد ان إتضحت رؤية توجه الربيع العربي وقفز جماعة الاخوان وسيطرتها علي المشهد، في مصر وتونس وليبيا، جعل نظام البشير اكثر طمأنينة، فتسابق قادة نظام الابادة الجماعية بجناحيه الوطني والشعبي لتثبيت حكم الاخوان وذلك لتجربتهم في السودان، وبدأوا في عرض تدريب الشباب وطلاب الجامعات لإدارة مجتمعاتهم بالطريقة التي تم تنفيذها في السودان، ونصحوا التنظيم في مصر بسرعة السيطرة علي مفاصل الدولة المتمثلة في الجيش والخدمة المدنية والقضاء والبدء في تصفية كل ما هو عصى علي الجماعة السيطرة عليه من مؤسسات.
نشوة الانتصار وصعود الاخوان في مصر خاصة بعملية ديمقراطية، جعلا نظرة الاخوان المصريين لنظرائهم في السودان نظرة استعلائية فيها نوع من الغرور والدونية نظراً لإختلاف طريقة الوصول الي سدة الحكم، وإتضح لنا ذلك في اول لقاء مع مسؤول العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة في داره بوسط البلد لنوضح لهم ما يفعله المجرم عمر البشير ونظامه بالشعب السوداني من قتل وحرق للقرى والمدن وقتل المتظاهرين وطلاب الجامعات وإغتصاب للنساء والفساد الممنهج لكسر إرادة الناس بالفقر والجوع والمرض، وكل ذلك يتم بإسم الدين، كان المسؤول الاخواني مستمعاً جيداً، وكان اول كلامه سؤال عن موعد الانتخابات القادمة في السودان، فقاطعه احد الاخوة الحضور بغضب شديد ولهجة حادة، يؤسفنا ان تسأل عن انتخابات يتم تزويرها قبل بدايتها وانتم في مصر قمتم بثورة لرفض تزوير الانتخابات ومن المعروف ان انتخابات نظام مبارك قد إقتربت فلماذا لم تنتطروا بثورتكم حتي تجرى الانتخابات، ورد بهدوء وإعتذار عن السؤال، فمن حديثه كانو بحاجة ليجملوا نظام متسخ ومتعفن بأي عملية وإن كانت مزورة حتي لا يحسب عليهم بأنهم يتعاونون مع نظام استلم السلطة بإنقلاب علي الشرعية ويقتل شعبه، ولكن إرادة الشعب المصري للحياة جعلت استجابة القدر ان يذهب بهم وجماعتهم الي الجحيم.
فعدم الاستماع الجيد للاخوان في مصر لتجربة اخوانهم في السودان وبعد سقوطهم في مصر بثورة شعبية عارمة تدخل التنظيم الدولي لوضع حد للخلاف بين جناحي الحركة الاسلامية في السودان، وتم تنزيل ذلك بتكليف يرقى لدرجة الطاعة الكاملة للعودة والمصالحة، لإستشعارهم الخطر وذلك لصعوبة السيطرة علي تونس والوضع الهش في ليبيا والحرب الشعبية في كل دول المنطقة علي الجماعة.
للأسف ما يقوم به نظام الابادة الجماعية الآن في السودان بدعوى الحوار هو يصب في مصلحة التمكين للجماعة، وبدهاء ومكر إستطاعوا ان يسوقوا لفكرة ضالة تم نسج خيوطها خارج السودان والاشراف المباشر للتنظيم الدولي عليها بتمويل قطري.
وفي صفقة سرية تمت بين البشير والامير تميم بإستقبال السودان لكوادر الاخوان المسلمين حول العالم وبالاخص المصريين الغير معروفين من القيادات الشابة، حتي يتمكنوا من مواجهة المرحلة القادمة في مصر والمنطقة وذلك لخوف السودان من الظهور الاعلامي للقادة المعروفين مما يتسبب في جلب انظار العالم كما حدث في الماضي.
لكل من وقع في فخ وثبة البشير.. ما هي إلا عملية تمويهية لصرف الانظار عن إعادة انتاج نظام الجماعة الضالة الذي لفظته كل المنطة ، فالبشير اداة طيعة في يد التنظيم الدولي الارهابي فهو يعمل من اجله ولا صلة لشعب السودان بما يدور.
ويبقى السودان الحاضن القديم الجديد للإرهاب بصورة جديدة وتكتيك جديد …
خليل محمد سليمان
[email protected]