المصدر: الخرطوم- طارق عثمان
في منتصف العام 2006 استيقظت الخرطوم على نبأ أكبر اعتداء علي حرية الصحافة والصحافيين إثر العثور على رئيس تحرير صحيفة »الوفاق« محمد طه محمد أحمد مقتولًا وممثلاً به بعد أن اختطفه مجهولون.
سيناريو آخر ضد الصحافيين كان مسرحه صحيفة »التيار« المستقلة التي تعرضت مساء السبت وقبيل لحظات الإفطار بدقائق إلى اعتداء نفذه مسلحون باقتحامهم مقر الصحيفة وهم ملثمي الوجوه، طالبوا من كان بها بعدم الحركة، وانهالوا على مالك ورئيس تحرير الصحيفة ضرباً مبرحاً نقل على اثره إلى المستشفى لتلقي العلاج، كما حطم المسلحون أجهزة الصحيفة ونهبوا هواتف العاملين فيها من الصحافيين وهربوا دون أن يجدوا أدنى مطاردة من قبل الأجهزة الأمنية.
الحادثة وجدت استهجان جميع الأوساط في السودان، كونها حدثت وسط العاصمة الخرطوم وعلى بعد أمتار من القصر الرئاسي والقيادة العامة وأكاديمية الأمن العليا، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً خطيراً دق جرس الإنذار حول قضية الأمن في الخرطوم.
ويقول الصحافي والكاتب السوداني فيصل محمد صالح لـ»البيان« إن السودان لم يشهد حادثة بهذا السوء عدا اغتيال الصحافي محمد طه محمد أحمد صاحب »الوفاق«، ووصف صالح الاعتداء على رئيس تحرير صحيفة »التيار« عثمان ميرغني بأنه يدق جرس الإنذار حول احتمالات الأمن في العاصمة، حيث إن مجموعة مسلحة بسيارات من دون أرقام لوحات تفعل ما تفعل وتهرب دون أن يعترضها أحد من القوات النظامية وفي قلب العاصمة، معتبراً ذلك مؤشراً خطيراً على انفلات الأمن بالعاصمة، وتساءل: »كيف لمجموعة تحمل السلاح وتستغل سيارات تشبه تلك التي عند الأجهزة الأمنية؟!«.
ويرى صالح أن المؤشر الثاني الذي يقود إلى حادث الاعتداء على رئيس تحرير صحيفة في الخرطوم يتمثل في تنامي ظاهرة الاعتداء على حرية الصحافة والصحافيين، سواء من قبل أجهزة الدولة أو الأفراد.
بدوره، اتهم المقدم معاش علي ميرغني، وهو شقيق رئيس تحرير التيار المعتدى عليه وكاتب بالصحيفة، جهات داخل الأجهزة الأمنية بتنفيذ الاعتداء، باعتبار أن السيارات التي استقلتها المجموعة غير مسموح إلا لأجهزة محددة باستخدامها، إلى جانب أن مقر الصحيفة يتوسط عدداً من مقار الأجهزة الأمنية، إلى جانب قربه من منزل الرئيس بالقيادة العامة والقصر الرئاسي، ولم يستبعد ميرغني في حديث لـ»البيان« أن يكون في الأمر مؤامرة، سيما وأن هناك عدة قرائن تشير إلى أن هناك شيئاً ما دبر بليل للإيقاع بصاحب »التيار«، إذا ما تم استصحاب آرائه حول إسرائيل وسبب انتصارها على العرب رغم أن تعداد سكانها لا يتجاوز الـخمسة ملايين فقط مقارنة بـ(200) مليون تعداد العرب، وما أعقب ذلك من حملة صحافية يقول شقيق ميرغني إنها منظمة نفذها كتاب صحافيون منسوبون لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ضد رئيس تحرير التيار ووصفه بالداعي للتطبيع مع إسرائيل، الأمر الذي ألب ضده الكثير من الرأي العام السوداني باعتباره مبشرا بالنموذج الإسرائيلي.