مبارك أردول
(1)
شكري للجيش الإسرائيلي لا يمتد أبداً لشكر دولة إسرائيل ولا لسياساتها، الشكر هنا محدود للعملية التي تمت يوم أمس وأفرحتنا جميعا كأناس أكتوينا من التصدير الإيراني لوسائل القتل والعنف والإبادة ضد شعوب السودان ومصر وإسرائيل معاً، قد يكون غريباً لماذا أقتصر شكري على عملية الجيش الإسرائيلي في عرض البحر الأحمر فقط دون أن يمتد لسياسات دولة اسرائيل المسئولة من هذا الجيش ؟ دعوني أخبركم بأن هنالك معاناة صامتة يعاني منها الالاف من اللاجئيين وخاصة الأفارقة والسودانيين على وجه الخصوص في دولة إسرائيل، تقوم سياسات هذه الدولة بفرض خيارين لهؤلا اللاجئيين لا ثالث لهم، الأول هو البقاء في سجونهم الي أجل غير مسمى أو الترحيل القسري الي دولهم بغض النظر عن الذي سيحدث لهم حال وصولهم اليها، هذا ناهيك عن المعاملات العنصرية التي يعاني من الأفارقة والسودانيين جميعاً لا لشئ إلا لسواد بشرتهم التي تختلف منهم، هذه عنصرية مضادة يقومون بها فالشعب اليهودي هو أكثر شعب تشرد وعانى من العنصرية فعليه أن يكون أكثر المتعاطفيين مع المشردين وأكثر قبولا بهم لاسباب تتماثل مع التي عانوا منها من قبل، لا يمكن أن يسكت العالم تجاه هذه المعاملة التي تخرق كل القوانيين والأعراف الدولية المعمول بها في هذه المسألة، أقول لمن يؤيدون سياسة دولة إسرائيل ليس حباً فيها وإنما كرهاً للعرب عليهم مراجعة حساباتهم فالعنصرية مبدئياً مرفوضة حتى ولو مارسها عليك إخوتك. فشكري ممتد لكل من قام أو نوى (نية ساكت) بتعطيل القدرات العسكرية لنظام الإنقاذ.
(2)
العملية التي تمت يوم أمس عملية نوعية وتدل على حرص ويقظة الأجهزة الأمنية والإستخبارتية الإسرائيلية (وربما أخرون) وحقيقة يستحق من نفذ هذه العملية أن يعطي أعلى الأوسمة والأنواط المعمول بها في هذا الحقل، ليس من دولة إسرائيل فحسب وإنما من شعوب السودان المهمشين في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وحتى وسط الخرطوم لأن الرصاص والسلاح ما عاد يستخدم في الهامش وحده الأن، كما يجب على الشعب المصري أن يحتفل بإجهاض هذه العملية لأن الإسلاميين المتشديين كانوا في إنتظارها لتنفيذ عملياتهم العسكرية في صحراء سينا والعمليات الأرهابية في وسط البلد (مصر)، أيضا الشعب الفلسطيني عليه أن يحتفل لأن جزء من هذا السلاح سوف يهرب ويقع في يد حماس والتي سوف تتفوق بها على الفصائل الفلسطينية الأخري وخاص على منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) ويبتذونها بذلك ويخلقون أوضاع أمنية كارثية نتيجة التصعيد العسكري الذي سيشهده قطاع غزة والضفة الغربية معاً، أما الشعب الإسرائيلي فهم عليهم الإحتفال الكبير لإجهاضهم لهذه العملية وفضحهم لدول المصدر والممر معا وكذلك تنبيههم بأن البحر لا يمكن أن يعطى الضهر (الظهر) .
(3)
السيد وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم وربما البشير نفسه كانوا متواجديين أنذاك في بورتسودان، تحت غطأ تخريج دفعة من قوات البحرية السودانية، ولكن في الحقيقة إنها زيارة إستقبال لهذه الشحنة بنفسهم، ولكنهم عادوا بخفي حنين، متوعدين خصومهم الثوار بصيف ساخن وأشياء أخري، وفي الأمر غضب وإحباط كبيرين لفقدانهم لهذه الشحنة (السمينة) التي تمنينا إمتلاكها حتى نحن، فالتصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع أيام إنهيار الجولة الرابعة للتفاوض مع الحركة الشعبية شمال ووعده بسحق الحركة الشعبية وجيشها وكذلك التصريحات الممتالية من الجيش السوداني أيام إنطلاق الجولة الخامسة بأنهم قادرين على أن يجلبوا السلام بالسلاح قبل المفاوضين في أديس، لم تكن من فراغ وإنما لعلمهم من إقتراب هذه الشحنة (السمينة) للمواني السودانية ليستعدوا بها مبكراً لعمليات الصيف القادم والتي إجهضت في عرض البحر.
الأسلحة التي عرضت في الإعلام الإسرائيلي والتي كانت على متن هذه السفينة هي نفس الأسلحة التي تستخدمها القوات المسلحة السودانية في عملياتها ضد الشعب السوداني وربما هناك نسخ مطورة منها، ففي بداية الحرب في جبال النوبة 2011م كانت قوات الجيش الشعبي إستولت على قاعدة عسكرية كاملة للجيش السوداني تتبع لقوات الفرقة الخاصة (100) في عمليات منطقة الحمرة شرق كادقلي، وجدنا أغلب هذه الأسلحة مصنعة في إيران والصين خاصة الهاونات ودانات مدفع الار بي جي -7 والتي كتب عليها باللغة الفارسية (صناع جمهوري إسلامى إيراني ) والألغام البشرية الأرضية والتي كتب عليها بالفارسية (مين ضد نفر بدالي) وصواريخ شهاب الإيرانية بعيدة المدى وصورايخ ويشي الصينية والتي تطلق من قواعدها جنوب مدينة كادقلي ليلاً تجاه المناطق التي تسيطر عليها الحركة في البرام وأم دورين وهيبان، هذا ناهيك من الرشاشات الصغيرة والخفيفة التي لا حصر لها والأن في يد الجيش الشعبي.
النظام السوداني حاول إنكار هذه الشحنة ولكننا نؤكد (قطع شك) إن هذا الأسلحة كانت للنظام السوداني والمتشديين المصريين وكذلك حركة حماس، لأنه ببساطة لا يصعب للإستخبارات التي تتبعت هذه السفينة منذ تحركها الي أن إتسلمتها (بحالة جيدة) وبدون مقاومة وفي مكان مهم ليس صعب عليها تحديد وجهة ومحل تفريغ هذه الشحنة.
(4)
النظام في الخرطوم مازال يؤمن بالعنف والحسم العسكري، ودعوات الحوار التي يطلقها هي فقط لشغل الراي العام السوداني لسببن أولها لإجهاض نماذج الثورة الداخلية التي حدثت في سبتمبر 2013م المنصرم، وكذلك لإيقاف أي عمليات صيفية مضادة يقوم بها الثوار خاصة بعد صد هجومهم الصيفي بهزيمة قوات حميدتي الأخيرة، ريثما يستعد النظام بتجنيد قوات جديدة وتسليحها إستعداداً للصيف القادم.
[email protected]