شاعر الشعب “هاشم صديق” في الحوار (الضجة)
يفتح قلبه لـ(المجهر): ( 1 – 2 )
حوار – صديق دلاي
أخذ الزمان حقه وافياً، حتى الشارب والحدقات وثبات الخطوة ورفع السبابة، فتحولت القامة إلى وقار محدد له طول وعرض، وعيون “هاشـم صديق” الواقدة فيها ألف حكاية مرتجلة ، ومع ذلك بلور العيون هو وحده لم ينحن لصولة الزمن ولم يتحول لميعة سائلة. مشـى يفتح الرحاب بانحناءة تشبه الاعتذار، ومع ابتسامة البيوت، يتحول “هاشم” بملامح الآباء، لرجـل معذب تحت وطأة حرمان مبدع من جماهيره ، قدّم لنا الحلوى على طريقة ناس أم درمـان، لو نزلت دموعه لزغردنا جراء الفرح والتعاطف.. لما لا ، وقد كان حزمة موال قديم فـي زمن غريب، وكان الاعتذار يزيد لجيلنا المحروم من عشرات المسرحيات والمسلسلات من تأليفه لو كان الزمان.. والأقدار والرجال (غير) جدد طلاء الحيطان بجير أخضر، منـزله مــن الداخل نظيف بأثاث جيد، ثمة تجرد مثل الحداد ، وعلى مرمى حجر يوجد سـوق (بانت)، محتسباً مالكه الأول ضجيجه وحكاياته، وأنسه الشفيف، ويكفي “هاشم” لوعة رحيل أمه “آمنة”، مع عشرات الأحبة غادروا الحياة حتى ظن أن بعدهم سينهار العالم.. وتشـابه الزمن في الحارة، وأصبح كل السطح كصفحة البحر، إذ حاربت السلطة المبدعين بسبب حالة مزاجية .
جلسنا أمامه، وكان ممدداً على كرسي القماش، ثمة أنفة من وجدانه تدق السماء، ربما كان يقرأ فينا الشارع العام ، وحال عموم الشعب ، وكذب من يقول سمعته مقهقهاً قبل عام أو عشرة أعوام ، كان يبتسم بصعوبة وصفاء ، وبذلك الندم المعصور من القضايا العادلة في زمن خشن الملمس .
* تبدو من ملامحك رجلاً طيباً.. لكن الكثيرين يصفونك بالنرجسي؟
– النرجسية هي عشق الذات و(أنا لي سنوات ما قاعد أمرق من بيتي، أنا تطير عيشتي) ويمكن دي سمعة الاسم ورهبته و(أنا زول بيكره النجومية بالمعنى الغربي) )Untouchable) ومهموم بقضايا الناس فكيف أترفع عليهم؟!
* علاقاتك محدودة وأنت نجم يا “هاشم”؟
– أنا أحب البسطاء وأعمل حسابي من كبار المسؤولين، فالعلاقة معهم زي التهمة تجدهم مهتمين بناحية الاستقطاب ( يعصروا ليك حاجة ) وأنا أموت ولا أفعل هذه الأفاعيل (أنا دغري و شريف) .
* هل تظن أن لك أعداء يتربصون بك؟
– أحافظ على شعرة معاوية، ولكن هناك من يختلف معك، عاوز يشوهك، يريدون اغتيال شخصية “هاشم”، قدراته وإمكانياته، ودخلت معارك شرسة كثيرة وواحدة منها مع خمس صحف
* وإنت برضو يا “هاشم” (زعال)؟
– أنا صاحب رسالة لها علاقة بالحق والخير والجمال، ومن الطبيعي أن يكون قطب الصراع الثاني أعداء من أراذل البشر، ودائماً أي صاحب رسالة نبيلة من الممكن أن (يتعذب) رغم أنني صاحب رسالة صغيرة.
* لو في زول كورك في أضانك .. ما هو إحساسك باسمك؟
– الاجابة فيها قدر من الطرافة .. كان عندي اسمين حبوبتي أم أبوي ( ختمية ) كانت تحج لكسلا وحلة الختمية سمتني ( هاشم ) وحبوبتي أم أبوي أقرب لـ ” البرعي ” سمتني ” “عبدالرحيم ” في كل مراحل المدرسة ومنذ دخولي معهد الموسيقي انتصر ” هاشم ” علي ” عبدلرحيم ” .
* متى وعيت باسم “هاشم”؟
(- أحب أكون صريح، وأنا في سنين النضج، ( يعجبني “هاشم” بدون ألقاب. قد لا تصدق أنني ذهبت لـ”كمال حسن بخيت” وهو من أصدقاء العمر الجميل ورجوته ألا يسميني (شاعر الشعب)، كنت شايفها كتيرة علي، عاوز ينادوني بـ”هاشم” بدون ألقاب لأنو فيها قــدر من الإنصاف والواقعية.. وأحمد الله ما عملت رسالة دكتوراة.. مش تبخيس ولكنها بالنسبة لـي مثل (الكرافتة) على العنق لدى الآخرين وفي تقديري أنها لاتشبه المبدعين.
* شايف اعتقاد الناس فيك شنو؟
– الناس يريدونك نظيفاً وقوياً وأن تكون منتبهاً لكل خطوة تخطوها خشية أن تتهم بـ(بيع القضية) .
* ما خايف من الموت؟
(- إذا فهمت سؤالك ( كل ما العمر بيمشي تجد أن الإنسان يشعر بالحياة قصيرة، والحياة ذاتها مسرحية لها بداية ووسط ونهاية. وأنا متصالح مع فكرة الموت بعد رحيل القريبين مني ( أمي وأبوي)، وكنت أظن لو ماتت أمي العالم حينتهي
* هل يستمر الوجود بإحساس شاعر يترقب الموت؟
– دي أنا واعي بيها شديد ودا طبيعي، وأنا أقوم بتدريس طلابي السيرة الذاتية لواحـد من أساطين الإبداع، متى ولد ومتى مات ولكن وجوده الحقيقي هو إبداعه، وأنا أعلم أن الرحلة مهما تطول فهــي قصيرة، وكتبت (بين النيل وحمد النيل) لأقول إن كتابي في الدنيا هو دواويني، مسرحياتي ومسلسلاتي ومقالاتي السياسية، ومواقفي السياسية
* ليه سجلت (40) حلقة عن نفسك؟
– عشان لما أرحل من الدنيا دي يضعوا أقوالي وأعمالي على الأرضية الصحيحة، لكي تُفهم بدقة وفي محيطها. بعمل كدا لأني واعي أن وجود الزول بعد يمشي سينخفض الحزن ويعلو صوت (الحراز والمطر) – أعني الأبداع- ستكون الـ(40) حلقة تأميناً لمواقفــي بعظمة لساني، (مين حا يغالط) ويدرسني من منظور يميني أو ماركسي
*انظر لـ”هاشم” بالمعنى الوجودي؟
(- سؤال جميل.. ( وجود المبدع هو إبداعه. “الطيب صالح” غير المرئي يخفت ويعلو في (موسم الهجرة) التي شغلت الناس
* في صورة منسية “هاشم” وأنت في حولية الختمية مع حبوبتك بجبة الأطفال والطاقية وفي يدك حلوى وتضحك؟
– دي البيئة وتعلمت من أبوي الشعر ولم يكن شاعراً، كان يحب الأثاث الملون ويحتفظ بكل الأسطوانات الغنائية لفناني (الحقيبة). بيتنا كان من الزبالة، وكان يعمل (خضرجي) وصاحب قهوة في ركن الوزارة
* ما هي أول قصيدة كتبتها اقتنعت بعدها أنك شاعر؟
– قل لي أول قصيدة قرأتها وهي عن أحداث توريت 1955م، كتبها “إلياس محمد خير”، كان عندنا ناس ماتوا في توريت
* هذا أبوك.. أين الحاجة “آمنة”؟
– أمي عندها موهبة السجع، تحبني شديد، لأنني جئت بعد ولدين ماتوا، وربطوا لي حجل خوفاً من العين، كانت خائفة أموت زيهم، رضعتني أكتر من عامين عشان كدا عضمي هسع قوي
* سجع حاجة “آمنة” زي شنو؟
(- هاشم يا ولدة الرحمن مما قام ما درجوه سكران( أبوي.. أمي.. حبوباتي ديل ناس عندهم عبق عجيب وكان لازم يتشكل منهم شاعر.
* إنتو من بانت.. أهل أم درمان؟
وعشان كدا ناس الموردة سموها (الرجال بانت)، كانت خلاء فسيحاً، يشوفوهم رهاب رهاب، وناس أبوي بنوا سوق بانت
*حدثنا عن هاشم الطفل الذي يلبس (السروال والفانلة) في بانت القديمة؟
– – بصراحة كنت (مسكين) جداً، كان خالي يحذر أمي أن لا أصير (عوير) وأن أحتك مع أولاد وأطفال الحلة. وفعلاً كنت أقعد في حر الشمس لا أتحرك إلا إذا جاء واحد وساقني، كنت لا أتكلم وحركتي بطيئة في أي شيء.
* صحي كنت كدا يا “هاشم”؟
– كنت غريباً وفجأة دخلت روضة مختلطة عملتها “أم الحسن مختار”.. وهي ختمية صاحبة حبوباتي، وهي أول من أنشأ روضة مختلطة وكانت تحضر لنا السينما المتجولة و«خضـر الحاوي» “أم الحسن”هي التي أدخلتني الإذاعة. وفي الروضة تحولت لزول (شفت) وشيطان وبديت أمثل الكابوي ودخلت الأولية.
*دعنا نقفز إلى (قطر الهم) أول إنتاج درامي لموهبة “هاشم صديق” .. أليس كذلك؟
– دا صحيح وفيه: (وزي ما الدنيا سكة طويلة مرة تعدي مرة تهدي مرة تدور.. عمــي الزين محكر في قطر الهم يشرق يوم يغرب يوم شهور ودهور…) كان فعلاً القطر حاجة عجيبة بوفيه سنطور، وبيع ومحبة وعالم طيب وحنون. وبعد الوعي رأيت أن حبوبتي كان عندها إيمان فيهو تطرف (تأليه السادة)، وكانت من الأولية تسوقني للسيدة (فلانة) للتبرك، كانوا يحلون الشخص محل الخالق.
* كيف كان أول يوم مدرسي في حياتك؟
– كانت أبو عنجة الأولية، ريحة البوهية الجديدة والجير والسقف المنحدر، كنا نشيل عفش المدرسة للمبنى الجديد، وفينا إحساس بالرهبة والخوف. كنت أحس بالرهبة حتى أيـام أنا طالب في المعهد، من الدكاترة مثل “محمد إبراهيم الشوش” الذي درسني النقد، كنت أخاف من المعلم والسبورة .
* في المعهد كنت نجماً وتخاف من “الشوش” بعقدة المدرسة؟
– نجم معروف ولكنني أحس بالرهبة والمسؤولية، وعشان خفت من الملاحــق اجتهدت
وجيت( الأول) علي دفعتي ، وكنت محظوظاً فقد درسني ” علي عبدالله يعقوب ” ( عربي ) و ” أبوبكر خالد ” و ” مبارك حسن خليفة ” الذي اكتشف موهبتي الشعرية .
* ألم تحتقر بعض الأساتذة وأنت مشحون بطاقة المبدع الذي يرى أعمق وأكثر من اللازم؟
– أبداً ما جاني إحساس زي دا) وكيف أقول كلام في هؤلاء أو أقول “العبادي” أحسن مــن ” أبو الروس” أو ” الدوش ” أحسن من ” حميد ” ، ( وفي الابداع أحس فيها بظلم ومبالغة وغير موضوعية ).
*التجويد قيمة متوقعة في أي ميدان؟
– نعم (في النقد) ممكن وبمعايير الدراسة والتحليل
* والقعدات؟
– تقصد شنو؟
* أقصد القعدات مع المثقفين.. تلك القبيلة الخاصة؟
– – لا أحب جلسات (بعض) المثقفين لأنها باب من أبواب النميمة. هم يحسبون أنفسهم أوصياء، وأنصاف آلهة، يحاكمون كل شيء بشطط، وما حصل قعدت معاهم مرتاح البال، وأحس معهم بقدر كبير من عدم السلام النفسي .
* دا أكتر من انطباع؟
– هم يمشون بالطول (مافي أحسن منهم)، يسمون أمثالي بالذي (باع القضية)، ولا يعلمون أن النضال ليس في السجون التي هي مجرد استراحة، إنما النضال تفكيك الصخرة الشمولية باختراق مداخلها، والاقتحام، وبالتالي أنا لا أشبههم، (وفيهم ناس مزعجين) يقومون بدور القضاة .
* يمكن ليهم رؤية في مبادراتك؟
” الهندي ” يلومونني أنني أنشر بجريدة (المجهر)، ولا يعلمون كيف يتعامل معي أستاذ ” بالطريقة المهذبة فيما نختلف فيه ونصل لطريق مناسب، تُنشر بعده القصيدة، ولا يعلمون بالطريقة الراقية التي يرسل لي بها مستحقاتي المالية .. إنه يحترمني من كل النواحي، لماذا لماذا أرفضه ومعه “عادل الباز” وغيرهما من الإسلاميين الموضوعيين .
* تدعي أن علاقتك بالناس العاديين أكثر وأعمق؟
– الجلوس مع غير المبدعين مفيد وأخاف من البسطاء وأرهبهم وهم جمهوري وموضوعي، هم مثقفون بالفطرة، ومنهم البسيط الخطير في تحليل الواقع السياسي، وتحس معاهم أن حواء والدة.
* لماذا لديك حساسية خاصة مع النميمة؟
– بالحس الديني العادي، أكره الطعن في الضهر
* أين يوجد الخلل إن كان المثقفون بهذا السوء؟
– الخلل السياسة ، وسياسة بعض الأحزاب أعطت طابعاً لعلاقة الابداع بالنضال .. طابع لا يتماشي مع كل العصور ، والأخوة الشيوعيون تطرفهم كان واضحاً في محاكمة الآخرين منذ الستينات .
* كنت منظماً يا “هاشم” وكان لونك أحمر؟
– لا.. أنا من ما قمت كنت أنفر من الانضمام لأي تنظيم، لأنها تكتفني وتخنقني، والتنظيم يعمل للمبدع إعاقة حقيقية، وهناك قرار اتخذته وأنا صغير ألا.. اتنظم إلى الأبد.
* ولكن إبداعك غير محايد؟
– الإبداع لايكون محايداً، عندي تجربة مسرحية هي مسرحية (نبتة حبيبتي) وهي تحتمل أكثر من وجهة نظر، وأقول للتاريخ أحزنني وعي بعض الشيوعيين حينما أزعجهم رضا بعض الاتجاهات كالإسلاميين من مضمون المسرحية، وبعـــدها طلبوا منا – الجبهة الديمقراطية – أنا و”مكي سنادة” أن نأتي لندوة بجامعة الخرطوم لنخبر الإســلاميين أن المسرحية لا علاقة لهم بها، وقلت لهم وروني ياتو كاتب في التاريخ جابوه عشان يفسـر شغلو على طريقتكم؟!!
* كأنك “فارماس” في المسرحية والحقيقة؟
– نعم، وظيفة “فارماس” في المسرحية تحريك الجماهير وإيقاظ وعيهم
* نقدر نقول “هاشم” و”فارماس” أخوان؟
” – هاشم” تطير عيشتو
* إذا لم تكن شيوعياً لماذا طالبوك بإعلان الرسالة للإسلاميين؟
– بصورة أو بأخرى أنا مع التقدمية، أنا زول ديمقراطي، لكن غير منظم وواقف براي، وضهري للحيطة ودي جابت لي الكفوة، وعندي الشعر، ماعندي حزب ولا دبابة.
* شعرك ومواقفك ولغتك مع الغبش والغلابى وبالتالي أنت أقرب للماركسية؟
– الغبش واقع طبقي، والماركسية اهتمت أكثر من غيرها بهؤلاء الناس، وأنا لم استخدمها بالمفهوم الماركسي، لأنو أبوي كان (خضرجي) وعندو قهـوة، ولم يكن شــيوعياً. وهم يتسرعون لمحاكمة الآخرين، وكأنو (لا ولدن براهم بطون أمات ولا صبح النضال ساحة)
* إنت زعلان يا “هاشم”؟
– أنا مش زعلان، ولكن إذا فهمنا صك البراءة في السبعينيات كان بهذا الشكل فكيف يكون الآن؟
* أخبرتني أنك قرأت قصيدة (القرنتية) بعد تجاوب الشعب الكبير.. فماذا وجدت فيها من أسرار؟
– اتخلعت لما لقيتها مالية الدنيا، قرأتها واكتشفت حاجات كتيرة، كيمياء الإبداع غريبة يا «صديق»، واحد من القراء قال لي: دا كلو طلعتو من موت حيوان يا “هاشم”؟!، وتاني واحد قال: لو ما خايف أقول يا “هاشم” إنت لافيها!! (يعني بلف سيجارة ).
* الناس لم ترض بلفظة (الجقة) في قصيدتك الجديدة (طيارة جات بفوق).. عدّوه شيئاً لا يشبه “هاشم”؟
– أنا ناقد أجد العذر لبعض الناس، ولفظ (الجقة) أخرج من سياقه تماماً
* ناس الأمن ما استدعوك؟
– حصل كتير وكنت أجد منهم أغرب سؤال (ليه كتبت كدا؟)، وأشرح لهم في الأول كيف يكون الإبداع. بعض ناس الأمن كانوا خجلانين يحققوا معاي، ومنهم من يقول لي أنا أحبك، أحفظ شعرك، ويعتذر لي، وأقول له (دا شغلك وداك شغلي أيه المشكلة).. واحترامي للبعض لا يقل لأنه إسلامي، والنضال مش هدوم مكوية، لابد أن تتعرض لتحقيقات ومطبات .
* هل تنصحهم إن وجدت إلى ذلك سبيلاً؟
– في إطار المناقشة أقول لهم إن المبدع يساعدكم تشــوفوا الحتة الضلمـة في المجتمع، ويوصل صوت الشارع والجعانين والونسة عن الواقع السياسي، والشعر يوفر لكم الإضاءة الفاقعة مجازاً وتقريراً.
* الغريب – على الأقل للسلطات والحكومة – أن المبدع دائماً معارض؟
– المبدعون أفضل للسلطة، أية سلطة، من المنافقين وكُتّاب التقارير
* بانت أو غير بانت الحياة تغيرت يا “هاشم”؟
– والله العظيم، ودا قسم، أنا أعرف عائلات محترمة ما عندها الملح الليطعموا بيهو بليلة العيش، حتى الملح يا “دلاي” كمل من البيوت.
* لماذا تنكر على الدوام أن تذكر اسم المرأة التي كتبت فيها قصيدة (حاجة فيك) وغناها “مصطفى سيد أحمد”؟
– لم أخفها عن خوف، إنما أخلاقياً لا يمكن أن أتحدث عن امرأة ملتزمة بحياة زوجية، وتربيتي لا تسمح.
* كم من النساء مررن بـ”هاشم” في حياته الطويلة؟
– حياتي مليئة بالمرأة، وكانت الصديقات أفضل وأجمل وأحلى. ولي صديقات أحدق في عقولهن أكثر من أجسادهن، والمرأة جزء من خيوط محبتي بالله. وأنا (مشروق بالمرأة ) الكويسة، وتعيس في تجاربي الزوجية، وأنقذتني الصديقات من ذلك الجحيم
* ما هي الأسرار في حياتك؟
-( السؤال وقع لي).. أنا ما مثالي ولكن لا أحب الأسرار الخاصة بالعائلات والناس، فقط أحب سماع بعض الأسرار لأستفيد منها في كتابة الدراما والشعر، ومرات أفتــح خشمي بالدهشة!!.
* وين بت الحلة يا ود (بانت القديمة)؟
– آهـ ثم آهـ من زمن بت الحلة، الزمن الجميل، قبل تكوين مظاهر الرجولة، نلعب البلي والسك سك، وفي الحفلة ننتظر الأوامر بتوصيل بنات الحلة لذويهن، صديقة أختك هي أختك، وأقصى ما نفعله تبادل الجوابات أو المعاينة في الحفلة، وإذا وصلنا البت لا تفتح معها كلمة احتراماً للمهمة التي كنا ننتظرها طويلاً، وكنا نسمع دعاء الأمات يطق آذاننا، وكنا ندق من يشاغل بنات فريقنا .
* واليوم لا يشبه البارحة؟
اليوم.. أسهل صيد أخت الصديق، وبت الأهل وبت الفريق.. وفي كل زقاق ذئب.. غابت النخوة وغاب أخوان “فاطنة”
* هل تقدم النصائح لبنات العائلة؟
– لا واحدة ترضى منهن النصيحة، ولا أستطيع أن أقدم أي نصيحة لأي زول في العائلة
* المرأة في حياة “هاشم”؟
– ( صمت طويلاً).. المرأة كينونة متأصلة لا تفارق خيالي، وفي نساء لا أستطيع نسيانهن، مثل تجربتي الأولى في الحب، لما كان الحب أماناً وخفقاناً، لا تقبيل ولا ملامسة كنا تقريباً قدر بعض، تسرعت أنوثتها وتزوجت واختفت، لكني ألاقيها فترات متباعدة. الغــريب أن هـذه المرأة تذكرني بريحة اللمبة، تعرف ليه؟ عشان أنا وهي كنا بنذاكر مع بعض، هي من أسرة فقيرة بيتهم ما فيهو كهرباء، كان زمن لمبة السراج (القماش).
* وإذا قابلتها بعد نصف ساعة من الآن؟
حدث أن جاءت تشيل الفاتحة في وفاة أختي، قعدنا واجترينا الذكريات، ريحة اللمبة والزمن الجميل، بكت وقالت لي: صحيت فيني حاجات جميلة ماموجودة في الزمن دا
* من هي تلك المرأة يا “هاشم”؟
– هي معروفة، استضافوها قبل أيام وقالت ما قلته عن بنات الفريق – كان حارسنا وفارسنا هو “هاشم صديق”
* و”ليلى المغربي”؟
“- ليلى المغربي” بقول ليك عديل، كان عندي عجلة صغيرة وكنت أغشاها في البيت وأردفها معاي للإذاعة.. كنا أطفالاً .
* ثم صارت” ليلى المغربي” نجمة مثلك.. فتاة وامرأة؟
– يا سلام على “ليلى”، هي مبدعة منذ الطفولة تطورت بسرعة، امرأة باســقة، حية، تحس بالسلام النفسي وتفهم معها أنك مع كينونة وفنانة، فارقتها زمناً، وكنا في السـجن ومن خلال الراديو تصبّح علينا بصوتها القوي في برنامجها الصباحي.
شاعر الشعب “هاشم صديق” في الحوار (الضجة)
يفتح قلبه لـ(المجهر): ( 2 – 2 )
* قرأت قصة طه القرشي في المستشفي واتغشيت مع المغشوشين ؟
– كنا نصدق أساتذتنا وهم ما كانوا عارفين .
* من هم أندادك في قراءة القصص والأدب علي زمنكم ؟
– كنا ثلاثة أنا وكمال الجزولي وشخص آخر هو عثمان حامد سليمان كتب رواية جميــلة (مريم عسل الجنوب ) فازت بجائزة أعلي الكتب توزيعاً في 1998م في معرض الشارقة … كنا نقرأ تحت عمود الكهرباء.
* أين بوفيه وزارة الزراعة ألم تساعد أباك ؟
– ( زمن يا صديق لادي ) ما زلت أذكر الكرسي الفي البرندا زي كائن حي كنت أجي شايل النتيجة لابوي وأقرأ للموظفين قصيدة توريت ، كان الترماج حكاية والتاكسي الطرحة .
* دا أفتكر زمن الخنفس وبنطلون الشارلستون وبص أبو رجيلة ؟
– لم ألبس الشارلستون كنت أرتدي القمصان الحمراء أحياناً .
* ما نوع علاقتك بالألوان ؟
– علاقتي بالألوان شوية غريبة كنت أحب اللون الأحمر ولكن تركته بمدلولاته الشيوعية لون ( البلو ) لون الفضاء المفتوح وهذا الفراغ الممتد غير المتناهي ، الفضاء والبحر لهما علاقة بالحرية … الأزرق أحبه .
* أي شافع في بانت والموردة له علاقة ما بـ ( خور أبوعنجة ) ؟
– تلك أيام الشيطنة ، غرقنا مرات وطلعونا… لما يكون مليان الخور نمشي نعوم ونتمرمق في الرملة عشان ما يظهر أثر البحر ولكن الأباء يكشفون اللعبة ليظهــر غباش البحــر ونضرب ضرباً مبرحاً .
* لسه نحن بنطالب بما وراء ( حاجة فيك ) ؟
– الاعتراف البسيط لـ ( حاجة فيك ) أنها حالة وجد صوفي وأحس أنها كينونة روح انسانية غير عادية ما زولة من لحم ودم …. انسانة رائعة .
* الايمان بالله مع بقية الغيبيات هل للشعراء أي اضافة ؟
– موضوع ربنا غير الايمان والخوف من بطشه مع محبتك ليهو … الزول المؤمن يكون مرتاح لوجود الله ودا بيعمل ليهو توازن في الدنيا ، تتكلم معاهو ما بيرد ، يشــوفك ولا تشوفه، شيء يشبه العاطفة الصافية( الوجد الصوفي ) والتخاطر بالحاسة السادسة الخارقة، وعشان كدا الحلاج كان صادقاً .
* ننزل شوية من السماء للناس كيف تبدو علاقتك مع الأسواق ؟
– يا حليل سوق بانت وكان عندنا دكان هنا ولكن حصل فيهو خدعة … أجرته الوالدة لواحد قام شالو خليناهو زي ما خلينا حاجات كتيرة في الدنيا دي .. خليناهو لي ربنا .
* وسوق أمدرمان بالتحديد ؟
– في سوق أمدرمان تلبس أحسن ما عندك وتمشي لقهوة جورج مشرقي تلاقي حسن عبدالمجيد والسر قدور والفاضل سعيد وابراهيم حجازي ومع الشاي باللبن المقنن تحلي الحياة ونمشي سينما برمبل ونركب التاكسي الطراحة في الرجعة للبيت.
* ماهو أول انتصار لهاشم تذوق فيه الأمجاد ؟
– كان الاحتفال بنجاح ( الملحمة ) .. نشيد قصة ثورة
* وين الجماعة ديل علي المك وصلاح أحمد ابراهيم ؟
– لم ألتق صلاح في حياتي بالرغم من تقديمه لديواني كلام للحلوة ( الطبعة الأولي ) وعلي المك كان جيلاً آخر كنت ألاقيه في دار النشر فقط .
* مين الحلوة دي يا هاشم ؟ ( في كلام للحلوة ) ؟
– الحلوة دي أول تجربة زوجية لي .
* قاعد تكتب القصيدة في جو معين ؟
– دا كلام فاضي ساكت … الانفعال يأتي بدون اذن ولا وقت ولا جو وحتي في الأحداث العاصفة لا تكتب تحتها مباشرة فلم أكتب عن وفاة الوالدة الا بعد عام ( أتراح الحول الأول).
* هل هناك قصيدة استعصت علي الاكتمال ؟
– في قصيدة تميتها بعد عامين ومرات تحصل حاجات غريبة مرقت مرة من مكتب قريب من جامعة النيلين …. زعلت من زول وكان عندي احساس زي العالم دا مات … مشيت لحدي برج البركة بي كرعي من الزعل … مشوار طويل … وصلت مكتب صديقة جابت لــي عصير وطلبت منها ورق وقهوة وأن تغلق علي المكتب المجاور وكتبت قصيدة (انتبه ) .
* هل هناك قصيدة أرهقتك جسمانياً أثناء كتابتها ؟
– الغريب والبحر
* كيف جئت للشعر الغنائي ؟
– ما قصدت أكون شاعراً غنائياً فأنا أكتب الشعر كشاعر يكتب في كل شي وعن كل شـي ولكن ( همس الشوق ) شالها ود اللمين من ديواني كلام للحلوة و(حاجة فيك ) غلبت كتير من المغنين وجاءني مصطفي سيدأحمد وقال لي أنا عاوز الكلمات دي أغنيها … وأضحكي شالها أبوعركي باختياره .
* لو في واحد عزيز طلب منك تكتب قصيدة في الحال ؟
– أنا ما مصنع بتاع شعر وفي شعر زي حلاوة قطن يقال لينسي أنا أكتب بمسؤولية ولست شاعراً بالمعني التقريري وسمكري كلمات .
* هل تستمع لقصائد أخري تهزك من جوة ؟
– مرة كنا في الميدان الشرقي مجموعة من الشعراء الكبار قدمونا بما يليق هاشم والقدال وأزهري ولكن حينما قرأ أحد الطلاب أبياتاً لمحمد الحسن سالم حميد وهو يقدمه أنا هاشم صديق شعرة جلدي قامت وما أفتكر حواء ستلد زي حميد .
* هل لديك قصيدة مغناة غير راض عنها ؟
– خليها لانو ما عاوز أشوش علي أذن الناس وذوقهم
* مَنَ من الذين غنوا كلماتك وكانوا عشرة علي عشرة ؟
– بصراحة بصراحة دا ود اللمين وبالغ في كلام للحلوة وأنا أعرف انو سجلها بتنازلات موسيقية وهو زول خطير واذا غني ( أقيف وسط البلد وأهتف ) يبدو وكأنه يهتف فعلاً لا مجازاً ويتميز عن غيره بحسه الدرامي ويكفي تلحينه الجريدة لفضل الله محمد لكنه لـم يستثمر عمره صاح كان من الممكن أن يقدم أكثر مما قدمه .
* واذا قارناه مع وردي ؟
– موسيقياً وردي ما قدر ود اللمين
* ومحجوب شريف ؟
دا قلل كراهية الناس وحساسيتهم من الحزب الشيوعي … وهو نصف الحزب لدي الجماهير … ولوكان ممكن اتنظم في الحزب الشيوعي كان دا حيكون عشان محجوب .
* قاعد تدخل حفلات لتستمع لكلماتك المغناة ؟
– لم أدخل سوي مرة واحدة في قاعة الصداقة سمعت فيها كلام للحلوة لمحمد الأمين ، ومرة حضرت حفل لعركي غني فيه ( كل البنات أمونة يا خرتوم ) .
* كيف بكيت حميد ؟
– منعوني بعض الناس أمشي خوفاً علي صحتي ولكن آسيا ربيع ساقتني المشرحة وبكيت ومشيت المقابر وصليت عليهو واذا حاول بعض الشيوعين محاربته فموته كان انتصـاراً لكونه شاعراً للشعب والشاعر لا يسقط برأي الحزب الفلاني فيه بل يسقط بأدواتة .
* أعلنت الا يقف علي مهدي علي قبرك ليقول تلك الكلمات في حقك ( ليه كدا يا هاشم ) ؟
– عاوز الناس تحترم حياة مبدعيها ، زيدان دا كان معزول في الحاج يوسف في وقت كان المسؤولون عن الفن والثقافة يسدون آذانهم عن طلب أي مساعدة لعلاج زيدان وأول ما مات ورحل جاءوا يبكون .. ولولا أن أبوعركي زاره واكتشف أنه مريض ساقوا للسلاح الطبـي ( وأبو عركي عندوا حاجات زي دي ) ما كان اتعرف مرض زيدان .
* نرتاح شوية من الآلام دي ( كيف هاشم مع العيد ) ؟
العيد كان فرحاً طاغياً ولكن الناس راحت منها حاجة كدا … ما قادرة تفرح .. وبدأت أنا أصاب بكآبة حتي في العيد ( ما عدنا نفرح زي زمان ) والماضي هو جوهر السـودان ، السياسة خلتنا في السهلة والموضوع أكبر من معارضة .. السودان زي راح .
* وأنت هنا في بيتك ماذا تسمع عن الناس والمجتمع ؟
– أسمع قصصا حزينة … ( الزنا ) سببه الجوع .. وأنا اذا جاءتني فتاة أنوم معها مقابل أن تأكـل وجبة لو كنت الفحل الأوحد في العالم الفيني بتروح وبتطهرني وأقول ليها انتي أختي اذا كنتي محتاجة لاي قروش تعالي شيليها وأبعدي من الطريق دا.
* نقول شنو علي الحال يا شاعر يا رقيق ؟
– تصور في الغرب البنقول عليهو كافر لم يحصل في مدرســة مجانين زي مدرســة الدرست فيها أن نامت فتاة مع من لا تحبه .E15
* الحل شنو ؟
– القاع خرب وحصل ليهو Damage للبني آدم والدنيا بقت ما عندها أمان ، القروش والسُلطة والجاه ابتلاء زي الفقر والمرض
* كيف تقرأ موقف القرآن من الشعر ؟
– في شبهة حول الشعراء مرتبطة بالمزاج القبلي حتي المتنبي حسبوها عليهو يهجو ويشكر مع جزل العطاء أو حبسه وربنا أنصف الشعراء بالاستثناء ( الا الذين آمنو ) وبسألك انت رأيك شنو في الشعراء من الصحابة ؟.
* من تحب من الصحابة ( القريب لقلبك )
– عبدالله بن رواحة كان يطوف بالكعبة وهو يمسك بلجام ناقة الرسول ( ص) عنــد الطواف.. ويقول الشعر نهره عمر بن الخطاب ولكن الرسول ( صلي الله عليه وسلم ) زجر الخطاب وبالسودانية قال ليهو خليهو يقول عشان يغيظ الكفار وبالمناسبة ربنا عندو رأي بس في الشعر الكعب .
* ما رأيك في فيلم الرسالة ؟
– ما عجبني لأنو الشخصية المحورية وهي الرسول (ص) يظهر بالصوت فقط ودي ثغرة فنية قاتلة .
* ولكن لا يجوز أن يظهر النبي محمد هذا مستحيل ؟
خلاص يتركوا الفكرة من الأصل والدراما ليست رجساً من عمل الشيطان وقصة سيدنا يوسف في القرآن دليل واضح .
* الاسلاميون عندهم رأي آخر ؟
– الاسلاميون بيتكلموا عن حاجات لا يفهمونها .. لأزم أجيب شرير بأسلحته في مواجهة الخير .. والصـراع عادل والخير ينتصر بأدواته نحن لسنا أطفالاً في هذا الموضــوع وأفتكر مسرحية خطوبة سهير اسلامية وحمدناالله عاوز يقول الخمر حرام لانها تدمر الأسرة عن طريق افساد الخطوبة ذاتها.. ولكنهم لا يفهمون .
* عندك تجارب مع عقل الاسلاميين في التلفزيون ؟
مرة اخترت فيلم غربي وفيه مشهد فيه خمر حذفوه فماذا أقول أنا في التحليل الدرامي .
* لماذا اذن يحاربون الدراما ؟
– لانها المدخل للحرية والديمقراطية لأنها رأي ورأي آخر ، لاحظ خلق الله ابليس فابي السجود لآدام .. أعطاه الله فرصة أخري يقول رأيه .. دي كلها دراما .. وربنا ربط بين الحرية والمسئولية … أعطي ابليس الحرية علي أن يكون مسؤولاً أمامه يو القيامة علي أفعاله .. فهل يريد بعض الاسلاميين أن يكونوا أكثر تقديراً للحرية والرأي الآخر من الله سبحانه وتعالي نفسه ؟!!
* دراما 2000 لم تظهر ؟
– كانت فرصة أشرح فيها الحاصل ولكنهم لم يتركوني ( ديل كتلونا بالمغصة ) .
* كتير من الأراء السالبة عن الممثل السوداني انو زي العوير في أدائه الأدوار ( برضو دي الحكومة واالانقاذ )؟
– دا هسع مش زمان .. ونحن مسؤولين عن أي تقييم لمثل أولادنا في فرقة الأصدقاء مثلاً .. ديل أصحاب مدرسة رائعة في التمثيل .. وكثير من مديري التلفزيون لا يعرفون ابسـط الأشياء عن الدراما ومرة الممثل المحترم المرحوم عوض صديق حضن طفلة في مشــهد فتمت مساءلته لانه لايجوز ذلك ان لم تكن ابنته الحقيقية وفي أوضة النوم تلبــس الزوجة العباية و محجبة وهناك سؤال في برنامج يبحث عن فتوي ( ما حكم المرأة التي تمثل زوجة لرجل غير زوجها الحقيقي ) .. يأخي في مدير تلفزيون قام بايقاف فيلم عن الحيــوان فيه النعام بجري بالسرعة البطيئة … سألوه لي ؟ قال كرعين النعام الطوال ديــل ( سيكس ) ومثيرات .. عليك الله أنا أمشي وين .. ومن اليوم داك كل ما أشوف لي صورة نعامة أقرأ آية الكرسي … دا شيء الانسان الأول ما فكر فيهو !!
* اذن السياسيين هم مشكلة ؟
– السياسيون يعوزهم الخيال ما عندهم قدرة يشوفوا في الضلمة ويخافوا من المبدعين هـم عاوزين ابداع فيه موالاة
* هل تعتبر رحيل المبدع مصيبة كالعالم الشرعي ؟
– رحيل المبدع مصيبة لانهم قلة ويجعلون الحياة تسحتق أن تعاش بالنسبة للناس.
* وديكتاتورية المبدع ؟
– هي ليست وانما هي اصرار للدفاع عن الخير والحقيقة باستماتة .. ديكتاتورية تدافع عن الحقيقة باستماتة والمبدع زي الطريدة تخاف منه السُلطة وتحاول أن تقتنصه لانه يعريها والمبدع يطارد الحرية لأنها أنفاسه .
* شفت جيلنا كيف ؟
– بالعكس حيطلع من الخمج والطين والوحل ويتحول لتيار مفيد وقوي … أنا متفائل .
* زمن فيه الغنا الهابط والمخدرات في المدرسة والجامعة ؟
– حتي عُتاة المثقفين يستمعون للغنا الهابط في السر وللنكتة البذيئة لدي زول رزين تجعله ينفجر بالضحك .
* انت يا هاشم كان عمرك في اكتوبر 64 ، 14 سنة كيف كتبت الملحمة ؟
– أنا جوة عندي صفحة بيضاء تتسجل فيها الأحداث بروح الطفل ، كنا أنا وأخوي في ساحة القصر سمعنا الرصاص .. ( الملحمة ) كتبتها عام 1968م بعد الثورة بي أربعة سنين .
* نسينا الأولاد ، أولاد هاشم أبو لينة طبعاً ؟
– عندي أيمن وهيثم ولينة وقصي .
* وفي الدوحة تعرفت علي الطيب صالح ؟
– سمع بي وطلب زيارتي بجلالة قدره ، حسيت بخوف ورهبة ، الرجل فيه مهابة غريبة، سمع مني أكتر مما تكلم ، سألني ليه النظام بيحارب الشعر بالضراوة دي وطلب مني قراية قرينتية بصوتي كما سمع قصيدة اجترار .
* ما الغريب في شخصيته من قريب ؟
– متواضع زي المحرج من علمه واسمه ومكانته وسألني ليه عاوز تمشي السودان وطلب من أخيه بشير أن يجهز لي اقامة ان أردت سألته لماذا لا يريد أن يرجع للسودان فأجابني ما عندي فيهو حاجة أنا أحمله في قلبي فقط كان شخصاً صاحب مهابة .
* عاوزين اعتراف شجاع ؟
– أعترف أنا هاشم عندي شي لا يمتليء هو ابتلاء من الله سبحانه وتالي …عندي جـوع عاطفي ما لقيت علاقة عاطفية تملاهو … عاوز حضور من نوع تاني .. وجــدته فـي صديقاتي … ولم أجده في زوجاتي اللائي يسألنني عن ( سرحاني ) وكيف زول زيي مـا يسرح .( مش الحمدلله ما بسرح طوالي ) .
*الانقاذ ؟
الانقاذ أخذت أجمل سنين عمري ونضجي.. ولا أسامحهم ليوم القيامة ، شالت مني الحاجات دي كلها وغيبوا 19 سنة من عمري .
* عاوز ترحل من البلد نهائياً ؟
جرحوني وظلموني وحاصروني .. خلوني ما أشتاق لوطني .. ولن أعود مرة أخري وبلاد الله واسعة وأنا مارق مارق والطبيب حذرني من الزعل ولا أستطيع أن أكون محايداً ومامنعوني أن أقدمه في وطني سوف أقدمه من الخارج وسوف يصل للناس هنا .. والوسائل كتيرة .
* مصدر رزقك شنو يا هاشم ( معليش للسؤال )
– الحمدلله مستورة و ( يضحك ) ما شايف الجير الجديد دا
* حتشتاق لينا ؟
– Never .. ولا لي أهلي .. أنا حسه في مطب نفسي خطير .. أدعو الله أن يخرجني منه.
* التسوية طريق ثالث ؟
– أموت ولا أستسلم ( عاوز حقي كامل من الذين ظلموني ) وأنا لا أحب البطولات ولكني لم أخذل أحد احترمني وعرفني من خلال مواقفي .
* هل في فرصة زواج تاني لتنجو من الوحدة دي ؟
– الوحدة أفضل من التعاسة الزوجية … ولكن طالما هناك ( حياة ) فهناك أمل وأنا الحمدلله لا أعرف اليأس.
شعر : هاشم صديق
إتعلمت منك يا مُدَرِسّه
يا شوارع
كيفن أجْمع وعي وفكره
وتبقى مبدا.
وكيفن أدرس
كيفن أحسِب
قَبل أبدا
وكيفن أطرح
كُل خاين في بلدنا
من عددنا
وكيفن أكتِب
وكيفن أسمَع
وكيفن أقرا.
……….
إتعلمت منك يا مُدَرِسّه
يا شوارع
كيفن أسأل لما تغلبني المعاني
وياتو مرجع من دروسك
بلقى فيهو المعنى تاني
وكيفن أصمُد
لما تجتاحنا العواصِف
وكيفن أحمل راية اسمك
بيها صابر وديمة واقف
………..
إتعلمت منك يا مُدَرِسّه
يا شوارع
كيفن أضحك للبنادق
لما تَعْدِل
طلقة .. طلقة
وكيفن أبصُق في المشانق
لما تَختَا
وكيفن اختار البعَجبِك
وكيفن أرفض
وكيفن أبقى.
……….
والليلة مالِك
يا مُدَرِسّة يا شوارع؟!
ساكتة مالك؟!
هيجي … موجي
اتحركي … اتكلمي
عِيدي عرسك يا شوارع
وبي دمانا اتحنني
وماتحزني
ما تحزني
ما تحزني
الدم حريرتك
والهتاف إيقاع رقيصك
والغضب كُلّ الغضب
تاجك ضريرِتك
………..
ساكتة مالك
يا شوارع يا مُدَرِسّة
والكلام حقك كتابنا
وسيفنا ده البعرف خلاصنا
ساكتة مالك؟!
والكلام أصبح رخيص
جوّه الدفاتِر
للبِزيفوا والمنافقين
والعسَاكِر
وللزمان كان في صفوفنا
وباع قَسَمنا وفاتنا ناكر
…………
يا شوارع يا مُدَرِسّة
زيدي درسك وعَلِّمينا
وأبقِي ديمة المعنى فينا
خير يدفق
ونور بيشرِق
في البوادي وفي المدينة
وقولي لي تاريخنا سجِّل:
لو غلطنا
تاني صَحَحْنا وصحينا
ولو زمان سوونا مُتنَا
حصة من درسِك حيينا
بس يا شوارع فتّحي
واتكلمي و إتفجري
وهُزي المدينة
……….
يا شوارع يا مُدَرِسّة
يا ما إتعلمنا منك
التجارب هيْ الإجابة
والمبادئ معنى حاسِم
وما ها ترنيمة وكتابة
والخزاين في قصُور السادة
خيرك
وإنتي خيرك للغلابة
وليهو بنخوض الحرابه
ولسّه قولي وعلمينا
الدروس الليله واجبة
وإنتي في دروسك أمينة
إتحركي وما تخذلينا
اتكلمي وما تخذلينا
هزي سيفك وخلّصينا
من لصوص آخرالزمان
الهاصو في جامع المدينة
وريحينا
يا شوارع
يا مُدَرِسه
يا أمينة.
https://www.youtube.com/watch?v=cFk26GmSD4I