سوداني يقاتل النظام بالبندقية وبتدريس التلاميذ في شرق جبل مرة

يعلم طلابه بناء السودان عبر ” النضال” في المدرسة لا في الجبهة
 لم يتصور مصطفي أنه قد يحمل في أحد الأيام سلاحا لقتال نظام الرئيس عمر البشير, لكن رؤية طفل ينزف حتي الموت بين ذراعي والديه دفعته الي ترك دراسته والانضمام الي قوي المعارضة المسلحة في السودان.
وعند انطلاق الاحتجاجات ضد نظام الرئيس البشير في سبتمبر 2013 كان الشاب طالب في كلية التربية في السنة الثانية في جامعة الفاشر, ولم يكن أتم العشرين من عمره. بعد ذلك بدأ الكثيرون من أبناء جيله يلتحقون بالحركات المسلحة المتمردة التي تقاتل مليشيات النظام. وفي نفس العام الماضي قرر ترك دراسته, والانضمام الي صفوف حركة/جيش تحرير السودان.
ويقول الشاب الذي يبلغ من العمر واحدا وعشرين عاما, وهو يرتدي ملابس سوداء ونظارة ” تطوعت في مركز الصحي الميداني في شرق جبل مرة لأنني كنت متأكدا أنني لست جيدا في القتال”.
ويروي مصطفي, الذي أطلق لحية خفيفة, وصوته يرتعش لزملائه ” كنا نعالج كل يوم أطفالا ونساء وكبارا في السن أصيبوا بجروح فظيعة جراء القصف(…) لم أتخيل أبدا أن الحروب بهذا السوء(…) أبدا”. ورأي الشاب في أحد الأيام رجلا فقد رجليه جراء قصف الجوي يجلس في مؤخرة شاحنة وصلت الي مركز الصحي وبين ذراعيه ابنه الصغير الذي ينزف بغزارة من بطنه المبقور. ولم يكن بالإمكان القيام بشئ لإنقاذ حياة الطفل الذي كان بحاجة الي إجراء عملية جراحية طارئة.
ويقاتل الشاب منذ يناير الماضي في شرق جبل مرة ضمن قوات حركة/جيش تحرير السودان, أحد تشكيلات ” الجبهة الثورية السودانية” في دارفور. وفي الأشهر الماضية, قرر مصطفي استخدام الكتاب الي جانب البندقية, كما يقول, إذ بدأ في تدريس مادة الأحياء للتلاميذ في قرية ” فانقا” التي تسيطر عليها مقاتلو المعارضة.. يؤكد ” أنا أكثر فائدة هنا من كوني مقاتلا علي الجبهة”.  وفي درس عن الجاز التنفسي, يشرح الشاب للتلاميذ تتراوح أعمارهم ما بين عشرة واثنين عشر عاما كيفية دخول الأكسجين الي الجسم وخروج ثاني أكسيد الكربون منه قائلا ” شهيق.. زفير”.
ولا يحب مصطفي الحديث عن الحرب, حيث ما زالت تطارده ذكري أول رجل قتله وتمنعه من النوم. ويتابع ” أفكر في ذلك الرجل وأدعو له ولأسرته. لست فخورا بأنني قتلته, لكن في وقت الحرب ليس لدينا الخيار. في كل مرة أضغط علي الزناد أقتل عدوا وأنقذ حياة في المقابل”.
واعتاد تلاميذ علي رؤيته يصل الي المدرسة أيام الأحد والاثنين والثلاثاء وبيده بندقيته, وهو أمر يثير فضولهم. ويؤكد ” لا أتحدث عن الذي آراه أو أقوم به.. يطلب مني الأولاد أن أخبرهم بماذا يحدث في القتال لكنني أخبرهم دائما بأنني آمل أن يكبروا وألا يضطروا لحمل السلاح”. ويشرح لطلابه ” نضالكم ليس علي الجبهة ولكن في المدرسة, تعلموا من أجل بناء السودان”.
 
ويحلم مصطفي بالسودان يتخذ الناس فيها قراراتهم ” حيث نكون احرارا في الاختيار وارتكاب الأخطاء”. وأضاف ” لخمسة وعشرون عاما كانوا يقررون عنا” في إشارة الي نظام الرئيس عمر البشير وبعد الحرب يأمل مصطفي في أنهاء دراسته الجامعية ليصبح معلما بعد أن يصبح السودان ” ديمقراطية ترتكز علي مبادئ حقوق الانسان”. ويقول ” أدرك أن أهم شئ هو تعليم الأجيال الجديدة لبناء البلاد وهذا ما أريد فعله”.          
[email protected]
                                                                                                      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *