سلفا كير: لن نغير حتى «فاصلة» من القوانين محل الخلاف مع حزب البشير

السودانيون الجنوبيون في الخرطوم منقسمون بشأن فكرة الانفصال.. بعضهم مرتاح للعيش في الشمال

الخرطوم: لندن: الشرق الأوسط

قال النائب الأول للرئيس السوداني رئيس الحركة الشعبية سلفا كير إنه لن يسمح بتغيير حتى «فاصلة» في القوانين محل الخلاف بين حزبه وحزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه الرئيس عمر البشير، في إشارة إلى قوانين «الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان، والاستفتاء لمنطقة أبيي، والمشورة الشعبية لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق» التي سينظر فيها البرلمان غدا لإجازتها. وقال سلفا كير، وهو يخاطب حشدا من المصلين في كنيسة الأم تريزا في مدينة جوبا عاصمة الجنوب، بمناسبة عيد الميلاد، «لن نقبل زيادة أو نقصان شولة (فاصلة) في القوانين الموضوعة على طاولة البرلمان»، وشدد على أن إحداث أي تغيير في القوانين سيدفع به إلى السفر من جوبا إلى العاصمة الخرطوم للقاء الرئيس البشير بشأنها. وكانت خلافات اندلعت بين شريكي الحكم في البلاد: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، حول حذف فقرة من قانون الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان تتعلق بمشاركة الجنوبيين في عملية الاستفتاء، كادت أن تعصف بالشراكة بين الطرفين، غير أن حزب المؤتمر الوطني تراجع وأعاد المادة المحذوفة.

وحث سلفا كير على تنفيذ ما تبقى من اتفاق السلام الشامل، وجدد التأكيد بعدم العودة إلى الحرب مرة أخرى، وقال إن الإرادة السياسية للشريكين قادرة على تجاوز جميع العقبات التي تواجه اتفاقية السلام، وأكد ضرورة تحقيق المصالحة الشاملة بين أبناء الوطن، وحل أزمة دارفور. وهنأ سلفا كير، في كلمته المسيحيين والسودانيين كافة، بأعياد الميلاد، ودعا إلى تعزيز قيم التسامح والسلام والتعايش الديني بين أبناء الوطن، ونبذ العنف، والتوحد أمام التحديات التي تواجه البلاد.

من جهته، قال الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم إن نواب الحركة سيعودون إلى البرلمان لإجازة القوانين الثلاثة قبل الثلاثين من الشهر الحالي. وأضاف أن الجانبين اتفقا على ضرورة التأكد من هوية الجنوبيين المستقرين في شمال السودان قبل عام 1956 حسب مناطقهم الأصلية في الجنوب. وقال في كلمة في الكنيسة الأسقفية بالخرطوم بمناسبة أعياد الميلاد، إن مراكز ستشكل للتصويت بواقع مركز لكل 20 ألف جنوبي، بما في ذلك شمال السودان، وإن لم يتوفر هذا العدد من الناخبين في منطقة ما، فإن مركز الاقتراع سيكون في عاصمة الولاية أو المقاطعة، وأضاف أن حق الجنوبيين في التصويت سيكون مضمونا. وثمن اموم مشاركة الشماليين في حكومة الوحدة الوطنية وعلى رأسهم وزير الأوقاف، في احتفالات الكنيسة مما يدل على التعايش السلمي، وأضاف أن رسالة السلام لكل السودانيين أن يعيشوا في بلد يجمعهم جميعا دون أي تمييز، وقال إن السودان بلد لكل الأديان، داعيا إلى التضامن والاستقرار. إلى ذلك، كشف الأمين السياسي في المؤتمر الوطني الدكتور إبراهيم غندور أن المادة الجديدة التي ستضاف إلى قانون الاستفتاء «سوف توضح المطلوب في هذه القضية، وهو مكان اقتراع الجنوبيين»، لكنه رفض تقديم أي تفاصيل إضافية حول نص المادة. وأكد غندور أن كتلة حزبه ملتزمة بما تم التوصل إليه من اتفاق حول التعديل وبالقوانين المتبقية في طاولة البرلمان، ونفى بشدة وجود أي اتجاه لتعديل قانون الأمن الوطني الذي أجيز في البرلمان الأسبوع الماضي. وقال إن هذا القانون متفق عليه، وأي انتقادات له هي إما حزبية أو شخصية. وحول قانون استفتاء أبيي، قال غندور إن هذه القضية «فيها تعقيدات وكل كتلة لها رأي، لكن البرلمان بأغلبيته هو الذي سيجيز ما يمكن أن نسميه قانونا في النهاية».

وكانت الطوائف المسيحية بالسودان احتفلت بحلول أعياد الميلاد المجيد، وانتظمت احتفالات رسمية وشعبية بكافة مدن جنوب وشمال البلاد، وعبر مسؤولون وشعبيون عن فرحتهم بالعيد، متمنين أن تسود روح المحبة والوئام والسلام والتعايش السلمي أنحاء السودان، بينما ارتفعت أسعار عدد من السلع الأساسية والهدايا في الأسواق خاصة في الولايات الجنوبية.

وقام والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر، بزيارة إلى عدد من الكنائس الكاثوليكية الإنجيلية والأسقفية في الولاية، وقدم التهاني باسم الرئيس البشير للكاردينال «قبريال زبير واكو»، كبير الأساقفة ولكافة الأساقفة والمطارنة وعامة المسيحيين بأعياد الميلاد. وقال الخضر: «إننا نسعى أن تكون هذه المحبة دعما للسلام والوحدة، خاصة وأن بلادنا في أمسّ الحاجة لهذه المعاني في هذه المرحلة التاريخية التي يشهدها السودان العام القادم بحدوث الانتخابات، ليقدم للعالم أجمع نموذجا في الممارسة الحضارية في التداول السلمي للسلطة».

من جهة ثانية يبدي العديد من السودانيين الجنوبيين حماستهم لفكرة انفصال منطقتهم حتى لو كان هذا الاحتمال يقلق بعضهم الذين يفضلون الوحدة والعيش في الشمال. ويقيم 520 ألف سوداني جنوبي في شمال البلاد بحسب الإحصاء الذي نشر في مايو (أيار)، لكن العدد الفعلي أكبر بكثير بحسب الجنوبيين.

ويعرب صابر عزريا (21 عاما)، عن ارتباكه في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية. فهذا الطالب في الهندسة الذي ينتمي والده إلى الشمال ووالدته إلى الجنوب يؤكد أنه قد يقرر الانتماء إلى طرف واحد في حال تقسيم البلاد. واستطرد «يبدو الأمر كأنك تضع رجلا هنا ورجلا هناك». من جهتها، أكدت كواشي جيمس اموم بوضوحٍ تأييدها للانفصال. وقالت هذه الشابة وهي تستعد لحضور قداس في كاتدرائية القديس متى الكاثوليكية في الخرطوم «في جوبا (عاصمة جنوب السودان) أشعر أنني في داري، هنا أشعر أنني في بلد أجنبي. فنحن لدينا ثقافة ولغة ودين مختلف». وقال أنتوني غوني (45 عاما)، إنه ضاق ذرعا باعتباره مواطنا من الدرجة الثانية. وأكد هذا التقني «سأقول نعم للاستقلال لأنه لا عدالة في السودان. لقد أمضيت أكثر من عشرين عاما في الخرطوم لكننا نحن السودانيين الجنوبيين لا نعتبر سودانيين حقيقيين».

واستطرد غاتويش مويث بول (27 عاما): «أحمل دبلوما ولكن عندما أبحث عن عمل فإن أول سؤال يطرح علي هو: هل أنت مسيحي أم مسلم؟.. فكيف لا أغضب؟». ويقول مسيحيون كثيرون إنهم يقعون ضحية التمييز. وقال انجيلو ابراهام ماكوي «أعتقد أن عيشنا منفصلين وفي سلام أفضل من العيش معا ونحن غارقون في المشاكل» ملمحا إلى التوترات السياسية المستمرة. وأكد هذا المدرس أنه مستعد للذهاب للعيش في الجنوب السوداني متى أعلن استقلاله «مع أن حياتي هنا» في الشمال. وأضاف «يجب القيام بتضحيات»، مؤكدا أنه لا تساوره أي شكوك في أن جنوب السودان سيصبح دولة قابلة للاستمرار.

وفي كنيسة إنجيلية في العاصمة اعتبرت ليزا بيتر (21 عاما)، أن الفكرة جذابة لكنها تداركت أن القفز في المجهول أمر «مخيف». وفضلت ليزا أن يبقى «السودان موحدا» على غرار الطالبة غريس جيمس (16 عاما)، التي تؤكد أنها تشعر «بارتياح كبير في الشمال». وترى من مجموعة الأزمات الدولية أن تأييد الجنوبيين للاستقلال في 2011 هو أمر «شبه مؤكد».
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *