حتى “نقد”سيحكم بالشريعة الإسلامية
إذا انفصل الجنوب .. الوضع في الشمال سيكون بطّال
طالبت أمريكا برفع العقوبات عن السودان
بنوم وأنا ضميري مرتاح جدا
ردود أفعال وأصداء واسعة النطاق جعلت رنين هاتفي المحمول يدق منذ السابعة صباح أمس لتتوالي بعدها الاتصالات بهدف التعليق على الحلقة الأولى من حوار السوداني مع النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت، من مختلف الجهات سياسية وإعلامية ولم يستثن منها قراء الصحيفة الكرام، كان كل ذلك ناتج عن أجوبة أطلقها رئيس الحركة اعتبرها البعض صادمة ، وحمَّلها آخرون بعيداً عن ما رمت إليه لأنها جاءت صريحة وواضحة ولمست أهم قضايا البلاد في هذا التوقيت الحرج حول المصير القادم وجهتها (السوداني) أسئلة في الجزء الأول من الحوار ليفجر الرجل في حديثه عدة مفآجات، كان لو اكتفى بصمته لاستمرت كجزء من الراهن السياسي… ثلاثتها (نفي ما حدث.. واتهم الآخر.. أوقال ما يريد)، فكل ما أعلنه سلفاكير في الحوار ربما يقلب الطاولة أو يغير توازنها على أقل تقدير.. فهو وبموقعه الأول بحكومة الجنوب..أكثر من يعلم وآخر من يتحدث ليقول القليل.
وعبارات سلفا في هذا الحوار لا تقبل التأويل..ففي جزم بالنفي المؤكد وتأكيد صريح لما يرى كانت الحلقة السابقة، ويواصل بذات النهج فيما يلي من حديث والذي لن يكون أهون إن لم يكن أقسى من تلك، سلفاكير تحدث عن من يرى أنهم يحاولون تصفيته وعرج على العلاقات السودانية الأمريكية كاشفاً بوضوح شروط واشنطن لرفع العقوبات عن السودان وتحدث كير بذات الصراحة عن شكل العلاقة بين الشمال والجنوب فى حال الانفصال التفاصيل فى السطور القادمة ، عبر هذا الحوار.. ببساطة وقوة ونوع من الثقة.. وكأنما يريد أن يعيد اصطفاف المواقف.. سواء داخل حركته وحكومته أو لشريكه في الاتفاقية وللآخرين بلا استثناء.. فماذا قال…!؟
حاورته بالخرطوم : رفيدة ياسين
* فخامة النائب الأول هناك جهات تتهم الحركة الشعبية بعدم إجراء استفتاء حر ونزيه.. ما تعليقك على هذا الأمر؟
رد بسخرية: “ده كلام دعاية ساي بيقولوا ناس الخرطوم وبيروجوا ليو”.. لكنه غير حقيقي.
* البعض أيضا يتهم الجيش الشعبي بفرض سيطرته أيام الانتخابات بالضغط على المواطنين أثناء التصويت، وهناك مخاوف الآن من تكرار هذا الوضع في عملية الاستفتاء…؟
بالفعل قيل ذلك في فترة الانتخابات، والآن أيضاً يقولون أن الجيش الشعبي سيستخدم قواته ليجبر المواطنين للتصويت للانفصال لكن هذا كلام غير صحيح، بل هو مجرد دعاية رخيصة للتشويش على عملية الاستفتاء، لكن في حقيقة الأمر الجيش الشعبي ليس له علاقة بتأمين الاستفتاء من الأساس، وإنما رجال الشرطة والأمن هم المعنيون بذلك.
* وما هي ضماناتكم إذن لإثبات نزاهة الاستفتاء خاصة وأن جهات دولية وإقليمية أعربت عن قلقها بهذا الشأن؟
هناك ضمانات لأن هناك مختصين بالمسؤولية هم الذين سيقوموا بالإشراف على عملية الاستفتاء، كما أن هناك عدداً من المراقبين الأجانب، والمؤتمر الوطني نفسه سيذهب للجنوب حينها، وكل الجهات المحايدة بالإضافة للمنظمات، أما الجيش الشعبي فسيكون مثله مثل بقية المواطنين العاديين في الجنوب، سيقوموا بالتصويت أيضاً، وكل منهم سيختار ما يريد سواء كان وحدة أو انفصال…”لكن كلام إنهم هيمشوا عشان يهددوا الناس بالسلاح ده مافي.. البوليس هم الذي سيحرس الصناديق”، هذه كلها ضمانات لا نظن إنه من المفترض أن تكون هناك ضمانات أخرى غير ذلك.
* هل قدمتم هذه الضمانات لجهات دولية وإقليمية لإزالة هذه المخاوف؟
قال بإصرار: قدمنا ضمانات للجميع للأمريكان والمصريين والمؤتمر الوطني نفسه.. ولا توجد دواعي لهذه المخاوف “لأنه بعد ده كله إحنا البنخاف”.
* ماذا تعني بـ “إحنا البنخاف”…؟
لأنه بعد تقديم كل هذه الضمانات إذا ظلت الأحاديث تتردد عن عدم نزاهة الاستفتاء، سنعتبر هذه محاولات لعرقلة إجرائه.
* إذا تطرقنا لقضية أبيي البعض يرى أنه لن يتم إجراء الاستفتاء في المنطقة متزامناً مع استفتاء الجنوب؟
رد بهدوء بالغ: والله أنا شخصياً واثق من نفسي ومن الكلام البقولو ليكي ده إنه الاستفتاء ده هيقوم في أبيي في نفس الوقت المقرر له استفتاء الجنوب.
* وما مصدر هذه الثقة والخلاف ما زال قائماً حولها، وهل يمكن أن يتم ذلك بدون الشريك الآخر في الحكم؟
رد مقاطعاً: أنا أدرك جيداً ما أقوله الآن قضية أبيي سيتم حلها مع المؤتمر الوطني، وأنا واثق من حديثي هذا أن هذه القضية سيتم حلها قريباً جداً.
* بالنسبة لمباحثات أديس أبابا تم تعليقها لأجل غير مسمى ما هو موقف الشريكين منها الآن؟
مباحثات أديس أبابا تم تأجيلها لأننا لم نتفق على شيء معين، وما زال الخلاف بيننا وبين المؤتمر الوطني قائماً حول أبيي وترسيم الحدود وإجراءات ما بعد الاستفتاء وأيضاً بشكل عام لم نصل لصيغة مشتركة في الحوار من الممكن أن نتقدم بها إلى الأمام، لأنه إذا الجنوب انفصل ستكون هنالك أسئلة كثيرة “كيف سيكون شكل ارتباط الجنوب مع الشمال، سياسياً واقتصادياً وأمنيا؟؟؟”، كل هذه قضايا أساسية جدا يجب أن نتفق عليها قبل أن نذهب إلى هناك.
* ومتى سيتم استئناف المباحثات مرة أخرى؟
نحن وجهنا في اجتماع الرئاسة أمس الأول اللجان لكي تستمر في عملها من الجانبين، والمكتب القيادي للمؤتمر الوطني سيجتمع ليصدر قراراته ومواقفه، وأنا مع الحركة الشعبية في المكتب السياسي سنخرج بمواقفنا أيضاً ونقود الرأيين، بعد ذلك يمكن أن نذهب إلى أديس أبابا في المرحلة المقبلة.
* هدد مسؤول العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي السيناتور جون كيري خلال زيارته الأخيرة للسودان بفرض مزيد من العقوبات على السودان في حال عدم توصل الشريكين لاتفاق حول القضايا الخلافية بينهما؟
لم يبلغني جون كيري بذلك أثناء لقائي به، لكن ما جرى بيننا من نقاشات كان حول تخفيف العقوبات، فأنا شخصياً ناقشت معه العقوبات القائمة الآن على السودان، وطلبت منه رفعها وإعطاء السودان حرية، وتحدثت معه حول المساعدة في الديون لأن المؤتمر الوطني والشمال كله خائف الآن من تداعيات انفصال الجنوب… وتابع قائلاً: “لأنو إذا الجنوب انفصل سيكون عندهم عقوبات وعندهم ديون والجنوب هيشيل أغلبية البترول، ده لو ما كله، إذن الانفصال هيخلي الشمال في مشكلة وممكن يقع في ورطة، والوضع السياسي في الشمال سيكون بطال، ويكون في توتر شديد”.
* وماذا كان رد فعل جون كيري على هذه المطالب؟
قال وهو يعقد حاجبيه: “جون كيري قالي ده داير شغل في الكونجرس”، لكن من ناحية العقوبات قال أيضاً إنه من الممكن أن يتم العمل في الفترة المقبلة في هذا الجانب لكي يقوم الكونغرس برفع هذه العقوبات، وأنا طلبت منه رفع العقوبات ضد السودان.. وقلت: “إنو ما في داعي لمسألة الديون دي في هذا التوقيت”.
* وهل أعطاك وعوداً محددة بهذا الشأن؟
رد بشكل قاطع: “لالا.. لم يعطني وعود، لكنه قال إنهم يريدون من المؤتمر الوطني أن يحل أولاً مشكلات السودان ويقدم تنازلات”، يعني الأمريكان وضعوا شروطاً لرفع العقوبات عن السودان.
* وما هي هذه الشروط؟
أن ينفذ أولاً الاستفتاء، ويحل مشكلة أبيي.. وأيضا طالبونا نحن والمؤتمر الوطني بالذهاب لحل مشكلة دارفور.. بهذه الأشياء سترفع العقوبات.
* من خلال واقع الأحوال في الجنوب الآن هل ما زال هناك أمل في الوحدة؟
لست أنا من يعرف ذلك، فالشعب هو الذي يقرر مصير الجنوب.. لأني أملك صوتاً واحداً، “حتى لو أنا عاوز وحدة والشعب كله داير يصوت للانفصال صوتي ما بيغير النتيجة”.
* وما هي اتجاهات الشارع الجنوبي كما يبدو لك؟
“الكلام البعرفو” إن الأغلبية في الجنوب دايرين انفصال.
* ترددت أنباء أن سلاطين القبائل قاموا بتهديدك بالقتل إذا تحدثت عن الوحدة؟
هذا غير حقيقي، نتيجة الاستفتاء سيحددها شعب الجنوب وليس سلفاكير، وأنا ذاتي اختارني في الحكم شعب الجنوب، وحتى لو تكلمت عن الوحدة لا يمكن أن يقتلوني، لأن صوتي وحده لا يمكن أن يحقق الوحدة.
* وماذا بعد انفصال الجنوب؟
لو الجنوب انفصل “ما هيرحل من محله”، وستظل العلاقات طيبة وجيدة بين الشمال والجنوب وستكون هناك مصالح مشتركة.
* وكيف تتوقع شكل العلاقة بين الشمال والجنوب حال الانفصال..؟
أنا شخصياً أريد أن تكون العلاقات بين الشمال والجنوب أخوية، وأن تكون علاقة متينة جداً وأن نتعايش سوياً ونتشارك في كل شيء، الجنوب سيكون جنوب بالاسم والشمال سيكون شمال بالاسم فقط.. وفي الحدود لن يكون هناك حائط أو جدار عازل لكي يحجز الناس ويمنعهم من الحركة بين الشمال والجنوب، بل ستبقى الحدود مفتوحة كما هي الآن، وسيكون هناك تبادل تجاري، والعلاقات بين الناس ستستمر، ومن يريد قضاء وقته مع أصدقائه في الجنوب فمرحباً به، نريد أن تكون العلاقات حميمية بين الشمال والجنوب، وأن يجد الشمالي في الجنوب حرية تامة في الحركة والتعايش والتعامل.
* والعكس أيضا بالنسبة للجنوبيين في الشمال…
قال مقاطعاً بضحكة ساخرة: “طبعاً هنا في الشمال أنا متأكد أنهم ما حيعملوا كده”.
* أريد توضيحاً أكثر..؟
أنا ما ضامن حقوق الجنوبيين في الشمال إذا وقع الانفصال.
* وما هي دلالات هذه التوقعات من خلال ما يجري الآن؟
الآن يوجد جنوبيون في السجون، ولا يريدون إطلاق سراحهم، “لأنهم عملوا مريسة أو أي جريمة تانية”.
* ولماذا لا يريد المؤتمر الوطني إطلاق سراح هؤلاء أو تسليمهم للحركة في رأيك؟
إذا لم يكون من أجل الضغط علينا، فربما تكون الأسباب هي الكراهية والمشكلات، “وفي ناس بيسووا في فتنة هنا في المؤتمر الوطني”، “وهناك جنوبيين يتم ضربهم في الشوارع بيدقوهم الشماليين”.
* من هذه الجهات تحديداً؟
لا أدري من هم تحديداً.
* هل تعني جهات متشددة في المؤتمر الوطني؟
قلت ليكي لا أدري من يفعل ذلك، “وفي الشمال نحنا ما عارفين منو متشدد ومنو ما متشدد، وده ياتو حزب”، لأن كل الأحزاب الموجودة في الشمال قاعدتهم إسلامية والفرق بينهم وبين المؤتمر الوطني أنه على كرسي الحكم.
* وماذا عن بقية أحزاب المعارضة؟
“أحزاب الشمال كلها تشبه بعض… يعني إذا الصادق المهدي برضه لو جلس في الكرسي ما هيشيل الشريعة، ولو جاء أيضاً محمد عثمان الميرغني أو الترابي سيظل الوضع على ما هو عليه، حتى محمد إبراهيم نقد لو جاء إلى الحكم والشيوعيون أنفسهم سيحكمون بالشريعة الاسلامية أيضاً”.
* لماذا كثر الكلام في الفترة الأخيرة حول محاولات لتصفيتك؟
أنا قائد مسؤول، حتى وإن كان الجنوب الآن ليس دولة مستقلة إلا أنني الرجل الأول في الجنوب، وهناك من يطمح للوصول لهذا المنصب، ولكي يصل هؤلاء إلى منصبي.. الأمر يتطلب تصفيتي “لأنو الكرسي ما بيشيل نفرين في وقت واحد.. لكن بيشيل زول واحد”.
* هل تتهم جهات محددة..؟
أنا لا أتهم أحد وأي قائد مستهدف، فإذا كانوا من يريدون تصفيتي جنوبيين، فأقول لهم أنتم الآن مستعجلين “لأنهم دايرين متين أنا اطلع من الكرسي عشان يحلوا محلي ويقعدوا مكاني”، وإذا كانوا هؤلاء من شمال السودان، فأنا أرى سببهم هو أنهم “ما مبسوطين مني”، أو غير راضين عن طريقتي لإدارة وقيادة الجنوب لأنهم عندما “يقولوا لي كلام ما صاح أنا ما بقبله”، لكن هناك آخرين يقومون بإملاء القرارات عليهم “إنت امشي كده، وإنت أمشي أعمل كده، ويردوا “حاضر، نعم، جداً، أوكي”،.. لكن أنا ما بعمل كده، كل حسب أجندته، “لو في ناس زعلانين مني، لأني ما بنفذ أجندتهم ممكن يحاولوا يصفوني”، كل هذه أسباب لتصفيتي.
* هل تشعر أنك مستهدف طوال الوقت؟
أي قائد مستهدف، ولا استطيع أن أقول أنني بالذات مستهدف لأنني أعلم أنني سوف أموت في يوم من الأيام، كان زول قتلني أو مافي زول قتلني، “ربنا عنده يوم بتاعي محدد”.
* الجهات التي تتوقع أنها ذات مصلحة في تصفيتك داخلية أم خارجية؟
لا أعرف.
* هل إحساسك هذا مبني على معلومات أو دلائل أو محاولات لاغتيالك؟
لن أعلق..
* بصراحة هل تشعر بالاطمئنان قبل أن تخلد للنوم؟
بنوم مطمئن، فأنا ما عندي أي مشكلة مع زول.
* هل تنام وأنت مرتاح الضمير حول شكل قيادتك للجنوب؟
بنوم وأنا ضميري مرتاح جداً، حتى لو جاء أحدهم ليقتلني أنا ما عندي مشكلة لمواجهة هذا الأمر.
السوداني
حاورته بالخرطوم: رفيدة ياسين