سلطة الملابس في السودان تفضح نفسها..منظمات حقوق الإنسان تعلن عن مساندتها للصحفية السودانية

صاحبة قضية “البنطلون”: ملابسي محتشمة ومستعدة للجلد علناً
واصلت جماعات ومنظمات حقوق الإنسان متابعتها للقضية عن كثب. وفي هذا الإطار، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنه يشعر “بقلق بالغ” بشأن هذه القضية. وأضاف المسؤول الأممي في نيويورك بالقول: “إن الجلد مخالف لمعايير حقوق الإنسان العالمية. أدعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب جميع المعاهدات الدولية ذات الصلة”.

وفي الشأن ذاته، أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في السودان التي تتخذ من القاهرة مقراً لها، تضامنها مع الصحفية السودانية وطالبت بتعديل المادة 152 من قانون العقوبات، التي وصفتها بأنها “تكرس العنف ضد النساء”. وجاء في بيان الشبكة أنها تعرب عن “مساندتها التامة للصحفية السودانية وكافة النساء السودانيات اللاتي يتعرضن للاضطهاد والعنف بحماية قانونية”.

يُذكر أن حكومة الخرطوم تطبق الشريعة الإسلامية، وإن كان تطبيق التشريعات يتم بشكل غير منتظم.

وبينما ترتدي معظم النساء في الخرطوم الزي التقليدي، ترتدي النساء المنتميات للجنوب المسيحي سراويل فضفاضة وملابس غربية. غير أنه من النادر في السودان أن تتبنى امرأة سودانية مثل هذا الموقف العام فيما يتعلق بحقوقها في تحدي نمط الملابس المطبق.

وكالة الانباء الالمانية

سلطة الملابس في السودان تفضح نفسها

سلطات تتدخل في نوعية القماش الذي يرتديه الناس لا بد وأن تكون أما خالية شغل، أو خالية عقل.

ميدل ايست اونلاين -قد تبحث السلطات السودانية عن ذريعة لتحاشي محاكمة الصحافية لبنى حسين، إلا أن الفضيحة تمت. وما تزال هذه السيدة التي تعمل لدى مكتب الأمم المتحدة في الخرطوم تحرص على ان تتم محاكمتها، وان يتم جلدها علنا، لكي يرى العالم بأسره مدى السخف الذي “تتمتع” به سلطات تلاحق الناس على ما يرتدون، بينما لديها ملايين المشاكل التي لا تجد حلا.

السيدة حسين تُلاحق على ارتداء سروال يصل في طوله الى الكاحل. ولكن، وبما انه سروال، فقد وجد “المشرّع” السوداني انه لا يليق بإمرأة. أما الجزء الثاني من التهمة التي تواجهها حسين فهي ان قميصها “شفاف اكثر مما ينبغي”. وبطبيعة الحال، فان القميص لم يكن يكشف شيئا محظورا كشفه، إلا ان قماشته هي التي أرّقت المشرّع.

سلطات تتدخل في نوعية القماش الذي يرتديه الناس لا بد وأن تكون أما خالية شغل، أو خالية عقل.

وهناك من الحروب الأهلية في الشمال والجنوب والغرب والشرق ما يكفي ليجعل كل مسؤول في الحكومة مشغولا لمائة عام. ومع هذه المشاغل، فهناك ملايين المشردين وضحايا أعمال العنف، كما ان هناك الكثير من الازمات المتعلقة بالفقر والبطالة ونقص الاستثمارات وتراجع الاقتصاد والتضخم. أي أن لدى الحكومة السودانية وسلطاتها الأمنية والقضائية ما يستحق الإلتفات اليه. ولكنها لا تفعل لتثبت الشيء الواضح، هو انها ليست خالية مشاغل لتنشغل بتفاصيل التفاصيل، ولكنها تفعل ذلك لانها خالية عقل، وحجرته فارغة، إلا مما رزق الله من صغائر.

القصة بدأت بالبحث عن ذريعة لتشويه سمعة هذه الصحافية التي تكتب في صحيفة يسارية ناقدة لسياسات الحكومة. فلم يعثر عسس السلطات إلا ما يناسب صغر عقلها وعقلهم، فاتهموها بارتداء سروال وقميص “اكثر شفافية مما ينبغي”.

اليوم، وبعد أن تحولت القضية الى مصدر للعار بالنسبة للسلطات، فقد بدأت تبحث عن ذرائع لتحاشي المحاكمة، من قبيل القول ان وظيفة السيدة حسين في مكتب الأمم المتحدة تحول دونها.

كان يجب على هذه السلطات، وهي ترى فضيحتها، ان تسحب القضية وأن تتخلى عن ملاحقة “المتهمة”، وان تقدم اعتذارا صريحا، ليس للسيدة حسين وحدها بل ولكل النساء اللواتي يجدن أنفسهن يرغبن باختيار اقمشة ملابسهن من دون ان يكون هناك شرطي يقرر لهن ما هي درجة “الشفافية” المقبولة بالنسبة له.

كان يجب على السلطات السودانية ان تقول بينها وبين نفسها: عندي عقل، وعقلي يقول لي انه ليس من المناسب ان أتدخل في ما يلبس الناس.

كما كان يجب ان تقول لنفسها: عندي مشاغل أهم، وتذهب لتهتم بها، تاركة الناس يحيرون في ما يلبسون وفي ما يأكلون، وتكف عن التدخل في شؤونهم الشخصية.

وبالأحرى، فلو كانت هذه السلطات تملك من الشعور بالمسؤولية مثقال ذرة، لكانت ما نامت الليل على ملايين الأطفال والنساء والشيوخ الذين يتضورون جوعا ولا يجدون ما يستر اجسادهم.

ولكن لا بد للمرء ان يستنتج: وجود ملايين الجياع والمشردين والفقراء، هو أمر طبيعي لوجود سلطات تختار للناس ملابسهم. فلو لم يكن السخف هو الشيء المهيمن على عقلية السلطات، هل كان سيحصل كل ما يحصل الآن في السودان؟

صاحبة قضية “البنطلون”: ملابسي محتشمة ومستعدة للجلد علناً

دبي (CNN)– شددت الصحفية السودانية لبنى أحمد الحسين، في تصريحات لـCNN بالعربية الخميس، على رفضها الاستفادة من الحصانة الدولية، كموظفة بالأمم المتحدة، لتجنب معاقبتها بالجلد، بسبب ارتدائها “بنطلون”، مؤكدة أن ملابسها “محتشمة” وترتديها الآلاف غيرها.

وقالت الصحفية السودانية إنها اختارت أن تتخلى عن الحصانة التي تتمتع بها كونها موظفة بالمكتب الإعلامي التابع لبعثة الأمم المتحدة في الخرطوم، بعدما منحها القاضي الخيار في الاحتفاظ بحصانتها أو التخلي عنها، معربة عن رغبتها في أن تجري محاكمتها كمواطنة عادية، بهدف “إظهار ما تعانيه المرأة في السودان.”

كما أبدت رغبتها في أن يتم توقيع عقوبة الجلد عليها، في حالة إدانتها، علناً، مشيرة إلى أنها أرسلت آلاف الدعوات إلى نشطاء دوليين وسودانيين لحضور محاكمتها، في خطوة تهدف إلى الضغط على حكومة الخرطوم لتجميد العمل بالمادة 152 من قانون العقوبات، التي تجري المحاكمة بموجبها.

وفيما اعتبرت لبنى أن هذه المادة، التي تقضي بجلد النساء، تخالف الدستور وتتجاوز الحريات، ومن شأنها تكريس العقوبة على فتيات أخريات”، فقد وصف محاميها نبيل أديب المادة نفسها بأنها “ليست لها أهمية، بل مخزية ومثيرة للخجل، كما أنها تتضمن كثير من الانتهاكات”، داعياً السلطات السودانية إلى ضرورة وقف العمل بها.

وخلال الجلسة الأولى التي عقدتها المحكمة الأربعاء، حضرت لبنى مرتدية نفس الملابس التي ضبطتها الشرطة بها، وهي عبارة عن بنطلون فضفاض، ووشاح تقليدي يخفي معظم ملابسها، وأكدت أنها غير مذنبة، معتبرةً أن ملابسها لائقة، وترتدينها الآلاف غيرها، كما أنها ترفض معاقبتها بالجلد.

وقالت في تصريحاتها لـCNN بالعربية عبر الهاتف من الخرطوم، إنها حضرت جلسة المحكمة برفقة محامي الدفاع الخاص بها، ومحامي آخر يتبع لبعثة الأمم المتحدة، والذي طالب المحكمة بتفعيل الاتفاق الموقع بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة، والذي يقضي بعدم محاكمة الموظفين الأممين إلا بعد إجراءات معينة.

وذكرت أن المحكمة خيرتها بين الاحتفاظ بحصانتها أو التخلي عنها عبر الاستقالة من الأمم المتحدة، إلا أنها اختارت أن تواصل عملها دون حصانة، كما أكدت أنها ستعود إلى العمل بشكل فاعل في مهنة الصحافة، وعبرت عن امتنانها للمنظمات التي ساندتها، قائلة إنها لمست “دعماً شعبيا فاق التوقعات.”

وقرر رئيس المحكمة تأجيل نظر القضية إلى الرابع من أغسطس/ آب المقبل، بعدما طعن ممثل الإدعاء في طلب قدمه محامي بعثة الأمم المتحدة، بدعوى أن “المتهمة” عندما تم إلقاء القبض عليها لم تفيد بأنها تعمل لدى المنظمة الدولية، كما أنها لم تقدم بطاقة رسمية تفيد بذلك.

وكانت الشرطة السودانية قد ألقت القبض على لبنى الحسين مع 18 فتاة أخرى، منهن مسيحيات من جنوب السودان، في الثالث من يوليو/ تموز الجاري، أثناء حفل عام، تطبيقاً لمادة في القانون تعتبر “ارتداء ملابس مخالفة للنظام العام والآداب، موجباً للجلد.”

ولكن لبنى، التي عادت إلى منزلها بالخرطوم بعد جلسة المحاكمة، قالت لـCNN في وقت سابق الأربعاء، إن السلطات أطلقت سراح ست فتيات، بينما تم جلد عشر أخريات، بـ40 جلدة، فيما رفضت هي واثنتان أخرتان تلك الاتهامات، وطلبن محامين وإحالة القضية إلى المحكمة.

من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه إزاء ما تتعرض له الصحفية السودانية، وقال إنه ملتزم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الموظفة بالمنظمة الدولية ومنع تعرضها للخطر، معتبراً أن عقوبة الجلد “ضد المعايير الدولية لحقوق الإنسان.”

ويجرى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في شمال السودان، بينما جرى إعفاء الجنوب، الذي تقطنه أغلبية مسيحية أو وثنية، من هذه الأحكام، وفقاً لاتفاقية السلام الموقعة عام 2005، التي أنهت حرباً أهلية دامت عقوداً بين الشمال والجنوب.

وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قد أعربت عن قلقها تجاه قرار إحالة الصحفية لبنى الحسين للمحاكمة بتهمة “ارتداء ملابس تخدش الحياء والذوق”، معتبرة أن قانون النظام العام هناك شرع لـ”اضطهاد وإذلال وتقييد حرية المرأة، ومنعها من المشاركة في الحياة العامة بطريقة تكشف عن ذهن بوليسي.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *