سفارة السودان في واشنطن: جهات ورطت السودان في قضية المدمرة «كول».. لأنه هدف سهل
رفضت المثول أمام محكمة تعويضات أميركية.. وقالت إن الخرطوم تواجه حملة «تشويه سمعة»
واشنطن: محمد علي صالح
بينما تنظر محكمة فيدرالية أميركية في زيادة تغريم السودان بسبب دوره المزعوم في تفجير المدمرة الأميركية «كول»، انتقدت سفارة السودان في واشنطن ما سمتها بـ«حملة تشويه سمعة» السودان. وقالت السفارة: «تستمر الحملة اللانهائية لتشويه سمعة السودان، وتدفع الذين وراءها لاتخاذ خطوات يائسة». وأضافت: «حتى الهجوم المؤسف على المدمرة الأميركية «كول» الذي قتل فيه 17 بحارا أميركيا صار فرصة يستغلها هؤلاء».
وكان قاضي محكمة فيدرالية في نورفولك (ولاية فرجينيا) أعلن الأسبوع الماضي، أنه سينظر في استئناف من محامين يمثلون عائلات ضحايا المدمرة، ويريدون مزيدا من التعويضات من حكومة السودان. أول مرة طلبت العائلات تعويضات بعد مرور 7 سنوات على انفجار المدمرة «كول»، الذي وقع في ميناء عدن في اليمن، في أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2000، بعد أن أصدرت لجنة تحقيق تقريرا بأن المسؤولين عن الانفجار كانوا في السودان، وأن السودان، بذلك، أسهم في العملية الإرهابية، وتم الحكم لها بنحو 3 ملايين دولار، تم دفعها أوائل العام الحالي من أموال الحكومة السودانية المجمدة بموجب العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان. وتحاول عائلات الضحايا رفع قضايا تعويض جديدة ضد حكومة السودان للحصول على مزيد من التعويضات. لكن سفارة السودان في واشنطن قالت أمس: «لم تنفجر المدمرة «كول» في مياه السودان. ولم يشترك مواطن سوداني في هذا التفجير البشع. ولا يوجد دليل واحد على دور السودان. واعتقل المتهمون وحوكموا في بلدهم (اليمن). ولم يدانوا السودان». وأضافت السفارة أن جهات معينة «ورطت السودان لأنه هدف سهل».
وانتقدت السفارة جانبا آخرا في الموضوع، وهو محاكمة السودان أمام محكمة أميركية. وقالت: «حسب القوانين الدولية، لا تسأل دولة مستقلة ذات سيادة أمام محكمة محلية أميركية». وأشارت السفارة إلى الهجوم الأميركي على مصنع الأدوية في الخرطوم سنة 1998، وقالت إن الحكومة الأميركية اعترفت بالهجوم، والذي قتل عددا من المدنيين. وسألت السفارة: «ماذا لو كانت محكمة سودانية أمرت باستخدام أموال أميركية في السودان لتعويض ضحايا الهجوم؟».
في الأسبوع الماضي، عندما وافق القاضي على النظر في إمكانية زيادة تعويضات عائلات ضحايا المدمرة «كول»، طلب من غريغ ستيلمان، محامي حكومة السودان، الرد على هذا الطلب الجديد. غير أن المحامي اشتكى من أن السفارة السودانية في واشنطن توقفت عن التعامل معه منذ أكثر من سنتين. وقال: «لم أجد أي شخص يرد على اتصالاتي التليفونية». وحذر من أن عدم الرد على طلب القاضي، سيكون معناه أن القاضي سيحكم لصالح عائلات الضحايا، وسيطلب مزيدا من التعويضات من حكومة السودان. وعن هذا الموضوع، قالت السفارة السودانية في واشنطن أمس إن السودان «انسحب» من ما سمتها السفارة «المحاكمة»، وذلك عندما «صار واضحا تسييس الحادث».
في بداية هذه السنة، أمر قاضي فيدرالي في نيويورك بنوكا أميركية كانت جمدت حسابات تابعة لحكومة السودان، بصرف 13 مليون دولار نقدا لثلاثة وثلاثين من ضحايا الهجوم، حسب قرار محكمة فيدرالية أخرى في سنة 2007. كانت المحكمة أمرت بتعويض ثمانية ملايين دولار، غير أن المبلغ زاد بسبب مرور الزمن وزيادة أعضاء العائلات المصابة، وبسبب زيادة سعر الفائدة خلال السنتين الماضيتين. وفي بداية الصيف، تسلم كل واحد من ثلاثة وثلاثين من أرامل وآباء وأمهات وأطفال الضحايا ما بين ربع مليون ومليون وربع المليون دولار. وكان القاضي قدر هذه المبالغ اعتمادا على حسابات عن الدخول التي كانت متوقعة لكل واحد من الضحايا خلال ما كان سيتبقى من حياته حسب العمر والمؤهلات والحالة الصحية.
لكن، كانت العائلات طلبت تعويضات تزيد عن مائة مليون دولار. وفي حملة علاقات عامة منظمة ومنسقة، وصلت العائلات إلى الكونغرس وأقنعته بإصدار قانون سنة 2008، اسمه «قانون ضحايا إرهاب تؤيده حكومات». ونص القانون، الذي وقع عليه الرئيس السابق بوش الابن، على السماح للعائلات، وغيرها، بالمطالبة بتعويضات عقابية بسبب ما لحق بهم من أذى ومعاناة نفسية. وألغى القانون الجديد قانونا قديما كان يمنع مثل هذا النوع من التعويضات عن المعاناة النفسية. غير أن القانون الجديد استثنى العراق، وذلك خوفا من رفع قضايا ضد القوات الأميركية هناك. بناء على القانون الجديد. عادت القضية إلى محكمة نورفولك التي أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستعيد النظر في موضوع التعويضات عن المعاناة النفسية. وطلبت من حكومة السودان تقديم رأيها في الموضوع.
الشرق الأوسط