سعادة الوزير / علي محمود والدعوة الوطنية للملوخية

سعادة الوزير / علي محمود والدعوة الوطنية للملوخية

إنه من سواقط الزمن أن نعيش في مثل هذا الوقت الذي لم يعد فيه مسؤول بيت المال ليعرف كيف يعيش الشعب، وماذا يأكل وفيما ينوم وماهي المتطلبات الاساسية للشعب من المتطلبات غير الاساسية وماهي الوجبة الاساسية وماهي التحليه.
خرج علينا في الايام الماضية وبعد عقدين من الزمان وزير مالية الانقاذ وهو ينتح وينز ويرقش من الترف ليحدثنا عن التقشف في سبيل الوطن هذه المرة بدلاً عنما كانت عليه حال الضلال القديم في سبيل الله وكل شي لله .
خرج علينا الوزير ليحدثنا عن ضرورة عودة الشعب السوداني للكسرة والملوخية وهذا أمر خطير أن يخرج الكلام من وزير المالية للدولية السودانية، إن أتتنا هذه الدعوة من مشايخة الطرق الصوفية لنقول هذا من باب الزهد الواقعي وهو تعامل الشخص مع الواقع الذي يعيشه على قدر الحالة التي تفرضها عليه الحياة، فإن الطلاب في الخلوة يأكلون مما يتوفر لهم وليس مما لا يتوفر وهذا ليس بزهد ولكنه المستطاع أن يفرض عليهم ذلك، فالزهد أن يزهد الإنسان بما يملك وليس بما لا يملك كما هي حال التقشف التي دعى لها الوزير وفقاً للنظرية العلمية التي يعرفها سعادته.
ففي بريطانيا مثلاً عندما تدعو وزارة المالية على لسان وزيرها / أوسبون إلى التقشف فإنهم يقومون بتضريب السداسي في السباعي من المنصرفات اليومية والاسبوعية والشهرية الكافية للمواطن ثم يقررون قطع الفائض من كل فرد ليشكل ذلك رقما كبيراً في ميزانية بريطانيا، هذا مفهوم التقشف علمياً حسب المعرفة غير المتجذرة في الموضوعات الإقتصادية .
إذاً كيف نفسر دعوة وزير مالية السودان للتقشف ؟
قبل تفسير قصد الوزير من التقشف لابد أن نعرف أولاً حال اللذين دعاهم سعادته لذلك، وهذا يجعلنا نسأل البعض وليس الجميع ربما لان حالتهم قد تكون كحالة الوزير وربما حقيقة أن هذه الطبقة البرجوازية لا تعرف الواقع السوداني الكادح، وعدم سؤال جميع الناس ناتج عن أن الواحد في السودان يمسي فقيراً ويصبح غنياً من أنعم الشعب ثم ينوم صغيراً ليصبح كبيراً، وينوم خفيراً ليصبح وزيراً، ونحن ننوم ونتغلب نحلم بالمأوى ولقمة العيش الحلال فالسؤال هل كل الشعب السوداني لاقي الكسرة والملوخية ؟
الاجابة بالنسبة لي أنا وجيراني لا . وبالنسبة للسواد الاعظم فالحال حتماً تغني عن السؤال عندما نراهم يدافرون في الحافلات ويتجنبون ركوب الامجاد والهايس والرقشات والعديد منهم يتمشى على اربع، ومن انعم الله علية يتمشى على رجلين، تحسبهم يتريضون بمشيهم في الشوارع ولكن صدقوني بحكم التجربة إنهم لايجدون ما يدفعونه للكمساري وإنهم يتقشفون بالكماليات المتمثلة في الركوب ويدخرون ذلك لشوية حويجة للأطفال والله اعلم بالحال، هؤلاء عندما لا يكفي الملاح لشوية الكسيرة يتموها بالماء والملح ثم يربطون بطونهم ليشعروا بأنها تقيله ثم يحمدون الله على النعمة.
هؤلاء من يطالبهم السيد / الوزير بالتقشف ولايدري أن الكسرة بالملوخية بالنسبة لي وجيراني والسواد الاعظم إذا شبعنا منها فإنها ستكون المبتقى وليس أمراً في متناول اليد أو زائداً عن الحاجة حتى نتقشف منه، فإذا وجدنا شوية سكيكر ربما أنه يفيض عن الشاي نحاول ممارسة نظرية التقشف بعدم الإكثار من السكر في الشاي ليس خوفاً من السكري حمانا الله ولكن لنحلي به عندما يقصر الملاح وتبقى شوية كسرة فنخلطه مع شوية ملح وشوية زيت عشان يقفل النيه من الاكل الكتير لان كتر الاكل قال بسوي القمل .
ومع ذلك يطالبنا / الوزير بالتقشف ليزداد غناً، وبالجوع الذي لم يفارقنا إلا في المنام لنحلم بالعيش ليشبع هو، ثم يطالبنا بالكسرة بالملوخية التي لا يعرف إننا فارقنها لأكثر من عقدين من الزمان نصارع من أجل الوصول إليها وليس العوده، فعندما طالعنا موضوع الكسرة والملوخية فهمنا أن الوزير كان يقصد سد الفجوة التي ظلت تلاحقنا لسنين عجاف ويوصلنا لمستوى الكسرة والملوخية ولكن عندما عدت البيت مشياً لتغبير الارجل تقشفاً وشربت الشاي ابومريرة لنتصبر به علمت أن قصد الوزير كان النزول إلى الكسرة والملوخية وليس الصعود، فحمدت الله وشكرته بأني غير معني بهذا الخطاب لأني من أصحاب الصعود إلى ذلك وليس ممن ينزلون للمستوى الذي نتطلع إليه .
 فيا سعادة الوزير رجعونا للكسرة والملوخية ولكن ليس بالتقشف بتاعكم بل بإعادتنا إلى الزمن الذي وجدتمونا نأكل فيه الكسرة والملوخية ثم إنصرفوا صرف الله قلوبكم من حكمنا .
نتوقف هنا بوعد مني بإجراء مقارنة بين ما دخل جيبي في العام 2010 كله أي الموازنة العامة لجيبي وبين منصرفات يوم واحد لصاحب نظرية التقشف الوزير / علي محمود ، اوعدكم بكشف حساباتي وحساباتهم والحجة المبرورة للسيد / الرئيس
والحمد لله على كل حال
عبد الشكور الجزولي
21/11/2010 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *