رسالة من ثلاثة حائزين علي جوائز نوبل: “دعوا المحكمة الجنائية الدولية تؤدي دورها”
بقلم: وانغاري مآثاي، ولي سوينكا، ديسموند توتو
نيروبي: يونيو “آي بي إس”
تجتمع الدول الأفريقية هذا الأسبوع في أديس أبابا “لتبادل وجهات النظر” بشأن المحكمة الجنائية الدولية. وسيوفر الإجتماع أرضية لمعارضي المحكمة في أفريقيا فيما سيهدف إلي بث الخلاف بين مؤيديها، وذلك إنطلاقا من إتهاماتها للرئيس السوداني عمر البشير بإرتكاب جرائم حرب.
والبادي هو أن الإجتماع ينعقد بدفعة من الزعماء الأفارقة الذين يدعون أن المحكمة الجنائية الدولية تستهدف قادة أفريقيا ظلما وتنخرط في شكل جديد من أشكال الإستعمار الغربي. إنهم يدعون أن إتهام الرئيس عمر البشير سيحول دون إستتباب السلام في السودان. لكن التركيز الحقيقي هو علي حماية الرئيس السوداني الذي أٌتهم بأسوأ أنواع البشاعة.
إننا نشعر بالقلق العميق حيال العنف والتشريد والقمع الجاري في السودان، ونساند دور المحكمة الجنائية الدولية في إقرار السلام والمسائلة لأهالي السودان.
ونأمل أن تسهم المحكمة في كسر حلقات العنف وثقافة الصمت في إقليم دارفور بهذا البلد، ونحث المجتمع الدولي وكل جيران السودان وأصدقائها علي الإنضمام لمساندة دور المحكمة في السودان.
كما أننا نشعر بالآسي العميق تجاه رد الحكومة السودانية علي إصدار مذكرة إعتقال في حق الرئيس عمر البشير في الرابع من مارس 2009.
فقد عرضت الحكومة السودانية سكان المنطقة المقدر عددهم بنحو 4,7 مليون نسمة يعيشون علي معونات الطعام والدواء والماء، عرضتهم للمزيد من الأخطار جراء طردها المنظمات الإنسانية غير الحكومية والعاملين في مجال الإغاثة في منطقة دارفور البائسة، علما بأن المنظمات المطرودة تتولي 50 في المائة علي الأقل من هذه المعونات.
ينبغي علي المجتمع الدولي أن يسعي لإيجاد وسيلة للمضي قدما ومساعدة كل أهالي دارفور بل وكل السودانيين علي بلوغ العدالة والسلام.
نناشد القادة والزعماء تكثيف جهود التفاوض علي إنهاء العنف في دارفور، مع إشراك الجماعات المسلحة والحكومة السودانية بصورة نشطة.
ويجب أن تجلس نساء السودان، اللائي مهدن الطريق نحو السلام عبر حوارهن وجهودهن التشاورية، يجب أن يجلسن علي مائدة السلام.
ونؤمن بضرورة دمج جهود تحقيق التقدم علي مسار محادثات السلام، مع جهود المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة.
فبعد ما يزيد علي خمس سنوات من العنف البشع وإنعدام الآمان والتشرد والعنف الجنسي الفظ، يستحق شعب دارفور ولا سيما النساء، أكثر من أسياد حرب يغفرون بعضهم للبعض الآخر أعمال العنف التي إرتكبوها أساسا ضد النساء والأطفال وغيرهم من الأهالي غير المقاتلين.
لا يمكن تحقيق السلام دون عدالة، ولقد أعرب شعب درافور بجلاء عن رغبته في إقرار العدالة والمسئولية، بل ويستحق ذلك كل الإستحقاق.
ونحن علي قناعة بأن المحكمة الجنائية الدولية هي أداة فعالة لتحقيق العدالة علي الصعيد العالمي، ووقف الموت والدمار الذي يسببهما هذا النزاع العنيف وإستغلال السلطة. إن ضحايا أي دولة كانت يستحقون أن تتحقق العدالة. والمحكمة الجنائية الدولية هي محفل من لا محفل له.
سيكون من المخزي حقا لو جاءت إجتماعات أديس أبابا هذا الأسبوع لتوهن إمكانيات المحكمة الجنائية الدولية قبل إتاحة الفرصة لها لكي تحققها.
فليس لدي قادة القارة الحقيقيين ما يخشونه من المحكمة الجنائية الدولية.
إننا في حاجة إلي مؤسسات قوية وحكم رشيد وحماية حقوق الإنسان، بغية معالجة التحديات العديدة التي نواجهها في أفريقيا، ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس دورا هاما إذا ما أتحنا الفرصة لها.
ومن ثم، نأمل أن تفعل الدول الأفريقية المجتمعة هذا الأسبوع مجرد ذلك، وأن تترك للمحكمة الجنائية الدولية لتؤدي دورها.
* وانغاري مآثاي، الحائزة علي جائزة نوبل للسلام لعام 2004 والمؤسسة المشاركة لمبادرة نساء نوبل، وهي جمعية تأسست عام 2006 على يد ست سيدات حائزات على جائزة نوبل للسلام، وكذلك حركة “الحزام الأخضر” (غريينبيلت) – ولي سوينكا، الحائز علي جائزة نوبل للآداب لعام 1986 – الأسقف ديسموند توتو، الحائز علي جائزة نوبل للسلام لعام 1984.(آي بي إس / 2009