ردا على الدكتور عبد الوهاب الافندي: مغالطات سياسية وعسكرية مقصودة حول دارفور

ردا على الدكتور عبد الوهاب الافندي: مغالطات سياسية وعسكرية مقصودة حول دارفور

اود التعليق على ما نشره الدكتور عبد الوهاب الأفندي في موضوع بـ’القدس العربي’ بتاريخ 11 أغسطس الماضي عن الوضع في دارفور تحت عنوان : ‘الأمم المتحدة في دارفور: أزمة داخل أزمة’. ارى ان الدكتور عبد الوهاب الأفندي، لا يستنكف أن يسخر سلطته المعرفية، في قمع حقوق المستضعفين، فبين عشية وضحاحها، طفق يرى الباطل حقا، والحق باطلا!
دعنا نفكك جزيئات مقالته ‘الأمم المتحدة في دارفور: أزمة داخل أزمة’ لإماطة الأقنعة التي درج على إخفائها وراء السطور، ومحاولاته تقديم وجهة نظره، في قوالب على أنها مسلمات، حيث ذكر ‘وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة فإن عدد القتلى في كل دارفور خلال شهر يونيو المنصرم بلغ ستة عشر قتيلاً، غالبيتهم قضوا في جرائم قتل ذات طبيعة جنائية. ويذكر أن متوسط عدد القتلى الشهري في مدينة نيويورك مقر الأمم المتحدة يبلغ ثلاثة أضعاف هذا العدد. ما الفرق بين هذا القول، وقول المستشار د. مصطفى إسماعيل أن الذين قتلوا في دارفور خمس آلاف فقط؟ أين منطق المقارنة بين ضحايا حزب المؤتمر الوطني المنظمة في دارفور، وقتلى جرائم نيويورك، لولا الإستخفاف والإزدراء الفج لأهالي دارفور! لماذا تجاهل الأفندي إيراد عدد سكان نيويورك، وهل لو قتل ثلث سكانها يبرر للنظام قتل الأبرياء بدارفور؟ بلا أدنى شك لو أن نظام الإنقاذ يقتل شهريا ستة عشر شخصا من أهلنا بولاية نهر النيل لا سمح الله بمن فيهم أهالي الأفندي بمدينة بربر العتيقة، لكفر الدكتور بالإسلام السياسي، ولتغيرت معايير المقارنة لديه، وهنا يتجلى إفتقار الإنصاف لديه.
أبت نفسه إلا وأن تعزز محاولة النظام، للتملص من ممارسات ميليشياته الوحشية حين أورد ‘ذلك أن مصدر التهديد الأكبر في دارفور ليس جيشاً نظامياً كما في يوغسلافيا، بل ميليشيات قبلية لا حصر لها’، وهو العليم أن ميليشيات الرعب في دارفور سيئة الذكر، هي الجنجويد سابقا، وقد حاول النظام غسل ممارساتها البربرية فأطلق عليها إسم حرس الحدود، ولا تزال تعمل بنفس العقلية!
وإدعاء الدكتور بإنها ليست جيشا نظاميا، محاولة يائسة لكسر عنق الحقيقة، فهنالك إفادات موثقة ومكررة لوالي شمال دارفور، تأكد نظامية قوات حرس الحدود، وليس هنالك من يتعب نفسه لنفي علاقة الجنجويد بحرس الحدود، وإن كان الدكتور يستخف من طرف خفي بحركة العدل والمساواة وحركة التحرير، ويصف قواتهما الثورية بأنها ميليشيات قبلية لا حصر لها، فإن المقصود بالتهديد الأكبر أو المتوسط أو الأصغر في هذه الحالة يكون دارفور النظامية، وليست الشعبية، ولعلم الأفندي أن الجنجويد ميليشيات ليست قبلية، بل هم أفراد لحم رأس، غرر بهم النظام، ولا يمثلون قبائلهم، وقد تبرأت منهم إدارتهم الأهلية، وبالتدرج غلبت على أفرادهما مرتزقة قبائل النيجر، وإن كان الأفندي يعرف القبائل التي تروع ميليشياتها سكان دارفور، وتهدد أمن الولاية فليذكر بعضا منها.
يعظّم الدكتور الأفندي حكومة المؤتمر الوطني، ويعلي من شأنها، رغم أن قواته هي التي توفر الحماية لقوات اليوناميد بدافور، حيث ذكر ‘ولعل المفارقة هي أن هذه البعثة لم تصبح قادرة على العمل في دارفور إلا لأن سلطة الحكومة في مناطق عملها قائمة ونافذة، مما يتيح توفير الأمن لها. فهي تعتمد على سلطة الحكومة وتعاونها لبقائها، ولو سحب ذلك التعاون لكان الأمر مختلفاً تماماً.
نظام عجز عن توفير الأمن لمقار قواته الأمنية، وجيشها النظام في مقارها الرئيسية، كيف لهاأن يوفر الحماية لقوات فُرضت عليه؟ ألم يعلم الأفندي بالهجوم الثوري على قوات اليوناميد بحسكنيته؟ هل لديه أرقام بعدد الضحايا من القوات الحكومية التي كانت تسهر في حمايتها وقت الإنقضاض عليها؟ لا شك أن الإكاديمي المرموق، تاه في صياغة التقارير الأمنية، ولم تسعفه معرفته في الوصول لخلاصة منطقية، ولأن كراسته عن دارفور معظم صفحاتها فارغة، فهو يكتب من رأسه، ولا يعلم أن الحكومة ليست لديها قوات في مناطق ودعة، ودار السلام (كتال) ومهاجرية (قبل المعاركة الأخيرة) وعين سرو، وشرق الجبل، وجبل مون، والعطرون، والصياح على سبيل المثال، وأن القوات الثورية تعمل بالتنسيق مع قوات اليناميد في هذه المناطق، وليس هنالك عداء أو إستهداف لهم من قبل الثوار، وحادث حسكنية نتيجة حتمية لخطط السيد أداد التي يشيد بها الأفندي، والرامية إلى تلاحم قوات اليوناميد مع القوات النظام. ما يخفيه الأفندي في هذه الجزئية، تصوير الثوار وأهالي دارفور، أعداء لليوناميد، انهم يهددون أمنها في غياب النظام الهمام.
ويستمر الدكتور، بزعمه أن الثوار متلكئون في إحلال السلام بدافور، وليس النظام حيث قال ‘ذلك أن الرسائل المتشددة التي أرسلها مجلس الأمن، وترسلها قيادة البعثة الحالية، ستطمع الحركات الرافضة للسلام في تحرك أممي جاد يحسم الأمور هناك لصالحها، وهو سراب متوهم لا وجود له، ولكنه سيدفع تلك الحركات للتلكؤ أكثر في الاستجابة لنداءات السلام’ إيراد كلمة أكثر بعد التلكؤ في هذه الجملة جعلتها تفيد الآنية أيضا، ولنا أن نتساءل: هل لدى الأفندي ما يفيد أن النظام متسرع في إحلام السلام في دارفور؟ أم لديه دليل واحد يشير إلى جدية النظام، في إنهاء المأساة، من الذي تلكأ في تنفيذ إتفاق أبوجا، النظام أم من؟ ومن الذي سعى لشق الحركات؟ دعك من دارفور، من الذي يتلكأ في تنفيذ أتفاق الـ c.p.a؟
يقول لنا أن صورة الوضع في دافور، ليست بالقتامة التي تصورها البعثة اليوناميد، بعد تدويلها، بإدعاء إن هنالك بعض العناصر لهم مصلحة، في صبغها بألوان داكنة، فقد أورد ‘إن لبعض العناصر في اليوناميد مصلحة في رسم صورة قاتمة للأوضاع في دارفور’ لقد أصاب في هذا، لأنهم بشر مثله، ومثلما له مصلحة في إستمرار حكومة الإسلاميين، ويتحين فرصة تخليص الرئيس من خصومه، للعودة لقطاره.


إبراهيم سليمان – لندن
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *