دخل الحزب الشيوعي السوداني في مواجهة مع التكفيريين في السودان. وأصدرت رابطة دينية تضم متشددين دينيين وتكفيريين فتوى في بيان تكفر الحزب الشيوعي السوداني، وقالت «كل شيوعي كافر، خارج عن الإسلام وإن كان يصلي». واعتبرت «زواج الشيوعي من المسلمة زنا». فيما رد الحزب الشيوعي بغضب قائلا: «ليس من حق شخص أو مجموعة أن تكفر الآخرين». وبدأت المواجهة، عندما اتهم منسوبون للحزب الشيوعي السوداني مجموعة من الشباب يعتقد بأنهم تكفيريون ينتسبون إلى «الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان» هاجمت احتفالا للحزب الشيوعي في دار جديدة للحزب بضاحية «الجريف غرب» شرق العاصمة الخرطوم بأسلحة بيضاء. ونفى أمين الرابطة واقعة الهجوم وقال إن الاتهام «كذب وافتراء». وأفادت الأنباء أن ذوي «10» صبية بضاحية «الجريف غرب» دونوا بلاغات جنائية بقسم للشرطة في مواجهة منسوبين للحزب الشيوعي السوداني بتهمة الاعتداء بالضرب باستخدام «السيخ» ضد أبنائهم.
وتصنف الرابطة على أنها جماعة تكفيرية، تعمل في مواجهة أنصار الديمقراطية لليبرالية والشيوعيين والاشتراكيين، وهم خليط من السلفيين والإخوان المسلمين، ويطلق عليهم خبراء في مجال الحركات الدينية في السودان بـ«القطبيين»، نسبة إلى زعيم الإخوان المسلمين الراحل «سيد قطب»، الذي يرى أن أي حاكم لا يطبق الشريعة الإسلامية فهو كافر. ومن بين أنصار الرابطة أساتذة في الجامعات السودانية وأئمة مساجد عديدة في العاصمة الخرطوم. وقاموا بتكفير كل من ينتمي إلى الحركة الشعبية، وكل من يوجه التهنئة للمسيحيين في أعيادهم مثل «الكريسماس». ويعتقد خبراء في الخرطوم أن تفجيرات شهيرة وقعت في ضاحية سوبا جنوب الخرطوم العام قبل الماضي، واغتيال الدبلوماسي الأميركي وسائقه في الخرطوم العام الماضي، من «ثمرات» المجموعات التكفيرية في البلاد. وحمل بيان غاضب صادر من «الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان» فتوى تكفر الحزب الشيوعي السوداني، وقالت الرابطة في البيان، الذي صدر بمثابة الرد على اتهامات الشيوعي بعد حادثة «الجريف غرب»، إنه بناء على مبادئ الحزب الشيوعي التي تقول إن الدين وفكرة الله خرافة وإن المذهب الشيوعي هو الإلحاد بجانب إيمانه بثلاثة «ماركس ولينين وستالين» وكفرهم بالله والدين والملكية الخاصة، بناء على كل ذلك «فكل شيوعي كافر خارج عن الإسلام وإن كان يصلي، دائما أو أحيانا». وأضاف البيان أن الشيوعي «لا يزوج من بنات المسلمين، وإذا تزوج مسلمة فالزواج زنا، والأولاد أولاد زنا،، ولا تؤكل ذبيحة الشيوعي، ولا يغسل إذا مات، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يقبر في مقابر المسلمين، ولا يجوز لأبنائه المسلمين أن يرثوا منه لأنه لا يتوارث أهل ملتين، ولا يجوز زواج البنت الشيوعية من المسلم، وقربها زنا.
واستدعى بيان الرابطة حديثا سابقا قال إنه منسوب إلى الناطق الرسمي باسم الشيوعي السوداني المعارض، جاء فيه «في ظل دولة المواطنة سوف نعاقب ونسجن كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية»، ووصف بيان الرابطة حديث الناطق الشيوعي بأنه صلف وعنجهية، واعتبر بيان التكفيريين تصريحات الشيوعي «جزءا من الحرية التي كان يدعو لها ماركس ولينين». وقال إن الشيوعية لم تجلب للإنسانية سوى الدماء والموت والخوف واعتبرها مسؤولة عن موت «100» مليون شخص في العالم.
وأمن الدكتور علاء الدين الزاكي الأمين العام للرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان على الفتوى الواردة في البيان، وتساءل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: من يهدد كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية سوى أنه خارج عن الدين، وقال إن الحزب الشيوعي السوداني نهجه يصادم ويطعن في الشريعة الإسلامية، كما أن الديمقراطيين الليبراليين يقولون إن الحكم للشعب وليس لله، كما أنهم لا يؤمنون بالغيبيات، وأضاف «لذلك نحن ضدهم».
وشدد الزاكي، وهو أستاذ للدراسات الإسلامية في جامعة الخرطوم، على أن «الخلاف بين الرابطة والشيوعيين هو خلاف فكري، لاعلاقة له بالسياسة أو افتتاح دار»، وحسب الداعية السوداني الزاكي فإن الحزب الشيوعي السوداني عندما تم حله في الستينات من القرن الماضي كان ذلك بسبب حديث غير لائق من أحد منسوبيه في حق السيدة عائشة زوجة الرسول، صلى الله عليه وسلم. ووصف الزاكي الحزب الشيوعي بأنه «سرطان» يهدد الشريعة الإسلامية والمجتمع، ودعا الحزب إلى الحوار والنقاش والمناظرة «بدلا عن لجوء الحزب إلى الاعتداء على الشباب»، وقال «نحن مستعدون للمناظرة الآن».
ونفى الزاكي بشدة أن تكون جماعته في الرابطة تستخدم العنف وسيلة لفرض أفكارها، وقال إن العنف ليس من نهجنا، وأضاف «نحن ننتهج الحوار وسيلة للدعوة وأحكام الشريعة، كما نفى أن تكون مجموعة من شباب الرابطة استخدمت العنف ضد الشيوعيين في «الجريف غرب»، وروى ما حدث بالقول «كان هناك نحو 10 من الشباب يوزعون بيانا من الرابطة فهجم عليهم الشيوعيون الذين كانوا في الدار»، وحول اتهام الحزب الشيوعي للمجموعة بأنها كانت تحمل سكينا، قال الزاكي «هذا الاتهام كذب وافتراء»، وقال نحن ضد المواجهة «ولو كنا نعمل من أجل ذلك لدفعنا لهم نحو 1000 شاب بدلا عن 10 ولكن نحن ننتهج الحوار بالبرهان والحجة، وليس العنف وسيلة لنا في العمل الدعوي». وردا على سؤال، اعترف الزاكي بأن مجموعته بينهم «متفلتون»، وأضاف: هذا شيء طبيعي في كل كيان تجد من يتصرفون بطريقة فردية، وقال «هؤلاء المتفلتون موجودون في الحزب الشيوعي وفي أنصار السنة والحركة الإسلامية وغيرهم»، وشدد «نحن سلاحنا هو الشرع والتحاور بالتي هي أحسن في أي زمان وأي مكان». غير أنه استدرك أن الجهاد وسيلة شرعية تستخدم في حالة الدفاع عن النفس… وعلينا أن ندافع عن أنفسنا في حالة الاعتداء علينا». وفي بيان غاضب أصدره أمس، طالب الحزب الشيوعي الحكومة بمساءلة ومعاقبة دعاة الفتنة الدينية «مهما كانت مواقعهم»، وأهاب البيان بـ«جماهير قوى الاستنارة وكل القوى الديمقراطية بكشف نشاط المجموعات التكفيرية ومراميهم بهدف خلق وتشكيل رأي عام جماهيري واسع ضدها»، وحذر بأن جماهير الشعب لن تتردد في ارتياد الطريق ذاته الذي اختارته الجماهير الغفيرة التي حضرت فعالية افتتاح دار الحزب في الجريف غرب وهو طريق محاصرة ونزع سلاح مجموعة الهوس الديني وطردها خارج الدار».
الخرطوم: إسماعيل آدم
الشرق الاوسط