بقلم: محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)
ﺃﻯ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻕ ﻟﻢ ﻧﻐﺎﺯﻝ ﺷﻤﺴﻬﺎ
ﻭﻧﻤﻴﻂ ﻋﻦ ﺯﻳﻒ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺧﻤﺎﺭﻫﺎ
ﺃﻯ ﺍﻟﻤﺸﺎﻧﻖ ﻟﻢ ﻧﺰﻟﺰﻝ ﺑﺎﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﻗﺎﺭﻫﺎ
ﺃﻯ ﺍﻷﻧﺎﺷﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺎﺕ ﻟﻢ ﺗﺸﺪﺩ
ﻷﻋﺮﺍﺱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﺸﺎﺷﺔ ﺃﻭﺗﺎﺭﻫﺎ
ﻧﺤﻦ ﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ
ﻧﺒﺎﻳﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺪﺍ ﻭﻭﺍﻟﺪﺍ
ﻧﺒﺎﻳﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻨﺒﻌﺎ ﻭﻣﻮﺭﺩﺍ
ﻧﺤﻦ ﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ
ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻜﺎﺩﺣﻮﻥ ﺍﻟﻄﻴﺒﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻠﻮﻥ
ﻧﺤﻦ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ (الحمراء)
تناقلت الأخبار مداخلة السيد/ جيرياما مامابولو رئيس بعثة الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) يوم الأثنين الماضي في إجتماع مجلس الأمن الدولي والتى طالبهم فيها بفرض عقوبات علي رئيس ومؤسس حركة/ جيش تحرير السودان الأستاذ/ عبد الواحد محمد أحمد النور ، وذكر بأنه نقل إلي مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي (نادي الرؤساء الأفارقة) أن جميع الجهود الرامية إلي إقناع عبد الواحد بالإنضمام لمساعي السلام قد فشلت ، وأضاف “من المستبعد جدا أن يغير هذا الموقف في أي وقت قريب ، وعلي مجلس الأمن التفكير في إتخاذ تدابير ضده”.
وتقول الأخبار “إن مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي قرر التفكير الجدى في إتخاذ الإجراءات المناسبة ضد أولئك الذين يواصلون عرقلة الجهود الرامية إلي تحقيق السلام والأمن الدائمين في دارفور ، وطلبوا من مجلس الأمن الدولي أن يحذو حذوهم ، ولا يمكن أن يكون هناك أي سبب لهذا المجلس ألا يتصرف ضد هذا السلوك العدائي العلني ، ووجوب أن يواجه عبد الواحد عواقب دوره المدمر (حسب زعمهم) “.
فالتهديدات التى أطلقها السيد/ جيرياما ومجلسه الأفريقي (نادي الرؤساء الأفارقة) ليست جديدة ، فمنذ مفاوضات أبوجا 2005 فعل الرئيس الأمريكي (بوش الأب) والرئيس النيجيري أوباسانجو نفس الشىء حتى وصم الرفيق عبد الواحد ب (مستر نو) لرفضه المتكرر لأي شروط أو إملاءات لا تتماشي وخط الحركة ومصالح الوطن ، ولغاية الآن حقائب الأستاذ عبد الواحد وجواز سفره ومقتنياته الشخصية محجوزة لدي السلطات النيجيرية في أبوجا دون أن ينحني أو يتنازل قيد عن قضايا شعبه الذي إنتخبه رئيسا وقائدا لسفينة التغيير.
عملت دوائر إقليمية ودولية تربطها مصالح بالخرطوم وبوسائل مختلفة علي تفكيك حركة/ جيش تحرير السودان بعد رفضها المتكرر لأي مساومة أو تسوية جزئية تبقي علي النظام ، وقد عمل المبعوث الأمريكي الأسبق سكود غريشن وبالتنسيق مع نظام الخرطوم وقوي إقليمية أخري علي تفكيك جيش الحركة وإبعاد القيادات العسكرية من الميدان تحت دعاوي مشاورات ولقاءات وووإلخ وتحريضها علي الإنشقاق ظنا منهم أن هكذا ممارسات يمكن أن تجبر الحركة للرضوخ للتسوية مع الخرطوم ، متناسين أن القضايا الحقيقية لا تذهب بذهاب حامليها والدليل يوجد الآن مئات المنشقين وعشرات الإتفاقيات مع نظام الخرطوم دون أن يؤثر ذلك علي صمود الثوار في الميادين او يثبط الجماهير من المطالبة بالتغيير والحرية ، بل تمددت مساحة الحرب لتشمل ولايات دارفور الخمس وولايات غرب وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
نعلم أن السيد جيرياما (في خشمو جراداي) لذا لا يتحدث إلا بما يطرب أذان نظام الخرطوم ليحافظ علي مكتسباته ومصالحه الشخصية مثله مثل السيد أمبيكي (السمسار) ونادي الرؤساء الأفارقة الذي يسمي بالإتحاد الافريقي وجل أعضائه علي شاكلة البشير مغضوب عليهم من شعوبهم ، وما يرددونه من أقوال ضد المحكمة الجنائية الدولية لا يعدو أن يكون (نباح الكلب خوفا علي ضنبو) وهم قد إرتكبوا ما إرتكبوا من جرائم وموبقات بحق شعوبهم ، فإذا كانت هناك عدالة دولية لكان هؤلاء في قوائم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية ، ولكن المؤسف أن الإمبريالية الغربية توظف هذه الجرائم التى تم إرتكابها من قبل هؤلاء الدكتاتوريين لتحقيق مصالحها الخاصة دون أدنى إعتبار للشعوب المقهورة وحقها في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية ، فالمسائل مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان لا تعدو أن تكون شعارات جوفاء منزوعة المضمون والمحتوي.
نسي السيد جيرياما أن هناك إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب قد إرتكبت ضد المدنيين العزل في إقليم دارفور وفي جبال النوبة والنيل الأزرق ، وأن مجلس الأمن الدولي الذي يطالبه بفرض عقوبات علي رئيس حركة تحرير السودان قد حول ملف جرائم دارفور الي المحكمة الجنائية الدولية والتى أصدرت مذكرتها بتوقيف البشير وخمسين من عصابته والمثول أمامها ، فإذا كان جادا فيما يقول فلماذا لم يطالب مجلس الأمن الدولي بالوفاء بإلتزاماته بالقبض علي المجرمين (الحقيقيين) الهاربين من العدالة الدولية ومحاكمتهم بدلا عن الدعوة إلي فرض عقوبات علي زعيم بريء لم يتهم من أي محكمة في العالم ولم يرتكب جريمة سوى إنه يطالب بما يطالب به شعبه في التغيير والحرية والكرامة وإنصاف الضحايا ومحاسبة المجرمين ، فالسيد جيرياما ينطبق عليه مثل البادية (الدّبرة في الجُواد جِيبُو الحُمار أكووه)؟!
فليعلم السيد جيرياما ومجلسه الأفريقي وكل العالم أن ما يقوله الأستاذ عبد الواحد نور وممانعته في التسوية مع النظام وفق شروط (الهبوط الناعم) ليس موقفا خاصا به بل هو موقف كل قيادات وأعضاء حركة/ جيش تحرير السودان التى إختارته رئيسا لها ، فإذا كنتم تعتقدون بأن العقبة هى عبد الواحد فإنكم مخطئون تماما وما عبد الواحد إلا فردا من مجموع الماجدات والأماجد في تحرير السودان والذين يتفقون مع قاله وما سوف يقوله طالما يهدف ذلك إلي إسقاط وتغيير النظام وعدم المساومة بقضايا الشعب.
ليست هناك جهة في العالم تستطيع فرض شروطها علي حركة/ جيش تحرير السودان ، وعندما قررنا حمل السلاح لإنتزاع حقوق شعبنا المشروعة ولبناء دولة المواطنة المتساوية لم نستشر السيد جيرياما ومجلسه الأفريقي أو مجلس الأمن الدولي أو غيرهم من دول وزعماء العالم ، ولا أحد عنده دينا علينا غير شعبنا السوداني العظيم.
مرحبا بالعقوبات من أي جهة كانت ، فالوعيد والتهديد لن يزيدنا إلا عنادا وتمسكا بحقنا المشروع في تغيير نظام البشير وبناء دولة الوطن علي أنقاض دولة الحزب والفرد في إطار سودان ديمقراطي علماني ليبرالي فيدرالي موحد تكون فيه المواطنة هي الأساس الأوحد لنيل الحقوق وأداء الواجبات.
عندما قررنا منازلة النظام الإسلاموى في الخرطوم كنا ندرك يقينا حجم التحديات والمصاعب والعقبات وتقاطعات المصالح الإقليمية والدولية وما سوف يواجهنا في رحلتنا الطويلة نحو الحرية والعدل والسلام والديمقراطية . ليس لدينا ما نخسره أو نخشي عليه ، ولا توجد عقوبات أقسي من التشريد القسري من الديار وقتل الأبرياء وحرق قراهم وممتلكاتهم وإغتصاب الحرائر وأن (الغريق لا يخشي من البلل).
نسي السيد جيرياما أن يحدث مجلس الأمن الدولي عن الجرائم الجارية التى يرتكبها نظام البشير في دارفور وآلاف المشردين الجدد دون مأوي أو غذاء أو دواء ، وأن نظام الخرطوم منع وصول المساعدات للمنكوبين بل ظل طوال السنوات الماضية يمنع وصول فريق بعثة اليوناميد من إلي المشردين في الجبال والوديان أو القري التي تم حرقها أو الوصول إلي المناطق التى إستخدام فيها السلاح الكيماوي كما أشار تقرير منظمة أمنستي إنترناشونال 2016 .
نعلم أن بعثة اليوناميد أصبحت أداة طيعة في يد الخرطوم ووتتستر علي جرائمه التى يرتكبها بحق المدنيين وتلفق التقارير وتخفي الحقائق علي الارض حتى تضمن عطايا البشير ، وقد فضحت المتحدثة السابقة لبعثة اليوناميد السيدة النبيلة عائشة البصري كل ما يدور داخل هذه البعثة من فساد. إن بعثة اليوناميد من الضعف بمكان فهي لا تستطيع حماية أفرادها من هجمات المليشيات الحكومية فأني لها توفير الحماية للمدنيين ؟!.
لا يوجد سلام في دارفور حتى تتم حمايته كما تزعم اليوناميد ، ولا يزال النزاع المسلح قائما ونظام الخرطوم مستمر في جرائمه وحلوله الأمنية التي أثبتت عجزها وفشلها ، فإذا كان السيد جيرياما يعني ما يقول فليطالب مجلس الأمن والعالم بإرسال قوات دولية ذات كفاءة وقدرة قتالية تستطيع فرض السلام علي الأرض وإجبار الخرطوم علي تسريح مليشياتها القبلية التى ترتكب الجرائم بحق المدنيين العزل وإطلاق سراح الأسري والمعتقلين وسجناء الرأي وإفساح الحريات العامة والخاصة وعدم مصادرة الصحف والتضييق حرية النشر وإنتهاك حقوق المرأة والمسيحيين في السودان وإلغاء قوانين النظام العام والشريعة الإسلامية والتى تتناقض مع مبادىء الأنسنة والشرعة الدولية.
إن حركة/ جيش تحرير السودان أكثر حركة تبحث عن السلام العادل والشامل الذي يخاطب جذور الأزمة السودانية ويضع حدا لنزيف الدم ويرسي مبادىء العدالة والمساواة والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب ، سلاما يراه المواطن السوداني رأي العين في قفة ملاحه وتعليم أبنائه وعلاج أسرته وتنمية منطقته وخدماته ، سلاما يأتي بالتغيير والديمقراطية والحريات الشخصية والعامة والتداول السلمي للسلطة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وفق أسس جديدة في ظل نظام حكم فيدرالي حقيقي يمكّن الأقاليم من حكم نفسها بنفسها والتمتع بموردها وتشارك في السلطة الإتحادية وفقا لحجم سكانها ، هذا هو السلام الذي نريده وظللنا نبحث عنه في أبشي الأولي والثانية 2003 وأنجمينا الأولي والثانية 2004 وسبعة جولات تفاوض في أبوجا 2005-2006 ولا نزال دون أن نجد طرفا جادا في الوصول إلي هكذا سلام حقيقي يلبي مطالب شعبنا وليس سلام محاصصة وإمتيازات تعالج قضايا الأشخاص وليس قضايا الوطن.
مبادئنا ومواقفنا غير قابلة للمساومة والبيع الرخيص ولسنا بصدد إرضاء أي طرف إقليمي أو دولي علي حساب قضايا شعبنا التى لا تقبل التنازل ، ومستعدين أن نخسر كل العالم ولا نخسر القيم والمبادىء التى مهرناها بالدماء والدموع.
قوموا إلي عقوباتكم حتى ترضي عنكم الإمبريالية العالمية وأذيالها من أنظمة الإستبداد وحتى لا تكون دعواتك هذه (عفِيّط جمال في طلحة).
25 اكتوبر 2018م